مجلة البيان للبرقوقي/العدد 4/نوابغ الكلم وروائع الحكم
→ مقدمة تاريخ أداب العرب | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 4 نوابغ الكلم وروائع الحكم [[مؤلف:|]] |
الحب والزواج ← |
بتاريخ: 20 - 12 - 1911 |
حكم روشفكول
فرنسوا دوق دي لاروشفكول من أكبر نبلاء فرنسا ولد في 15 ديسمبر سنة 1615 وتوفي سنة 1680، عاصر ريشليو ومازارين وكان له شأن معهما، وقد نجذته الشدائد وقومته الزعازع فتلقن الحكمة من أستاذ الدهر. وهذه الشذرات التي ننقل عنها هي كل ما ساهم به في سوق الأدب. قال فولتير إنها من الكتابات التي تساعد على تهذيب ذوق الأمة الفرنسوية وتبث فيه روح الضبط والتدقيق وقال الدكتور جونسون النقاد الإنكليزي أنه الكتاب الفذ الذي خطته بنان رجل من الظرفاء على أنه جدير بغيرة الأدباء والمؤلفين وكتب عنه اللورد شستر فيلد في رسائله المشهورة إلى ولده فقال لا أوصيك بغير كتاب روشفكول لتدرس فيه طباع الناس وأسرار ضمائرهم قبل أن تبلغ بك السن أن تدركها بالمعاشرة والاختبار وقال هلام المؤرخ والأديب المعروف ينبغي أن يتلوه الفليسوف بشيء من الاعجاب:
(1) ليست فضائلنا إلا رذائل متنقبة.
(2) إن الذي تدعوه فضيلة ليس إلا أعمالا ومآرب شتى ساقها الاتفاق أو زواج بينها حذقنا في تدبير مبتغياتنا فكثيراً ما تصدر الشجاعة والعفة لا عن قوة النفس في الرجال ولا عن طهارتها في النساء.
(3) إن حب المرء لذاته أخدع له من أكبر الخادعين والمتزلفين.
(4) لايتوقف استمرار عواطفنا على ارادتنا إلا كما يتوقف عليها استمرار حياتنا.
(5) قد تنجح العواطف أضدادها. فيغري الجشع بالسخاء ويؤدي السخاء إلى الشجع وإن المرء ليصير صلباً في ضعفه، جسوراً في خوفه بعض الأحيان.
(6) المرء أسرع إلى نسيان الاساءة منه إلى الاحتفاظ بالحسنة بل ربما وجدته يبغض المحسن إليه ويتناسى بغض المسيء إليه. ويظهر أن الشعور بضرورة الانتقام للأذى أو مكافأة الإحسان نوع من الرق لا تطيق النفوس البقاء في ربقته.
(7) يبدي بعض المحكوم عليهم بالقتل ثباتاً أمام الموت واستخفافاً به، يشيحون عنه لا استهانة برهبته ولكن فراراً من مواجهته. وكأن هذا الثبات عصابة يسدلونها على عقوله كتلك التي تسدل على أعينهم قبل إمضاء الأمر فيهم.
(8) إن الفضائل التي تعوزنا لوقاية أنفسنا في وسط النعيم لا جرم تكون أكبر من تلك التي تعوزنا لوقاية أنفسنا في وسط المحنة والشقاء.
(9) ان نقائصنا لا تجلب إلينا من البغض والاضطهاد ما تجلبه إلينا محامدنا.
(10) لم نكن قط سعداء أو تعساء كما نتصور في أنفسنا.
(11) مهما عظمت المواهب التي تمنحها الطبيعة أفذاذ الرجال، فليس بها وحدها بل باشتراك الصدف وعناية الجد معها، ينشأ الرجل العظيم.
(12) إن التقزز الذي يبديه الفلاسفة والحكماء للغنى ومتاع الحياة إنما هو ميل خفي إلى الاقتصاص لأنفسهم من ظلم الحظ لهم باحتقار تلك النعم التي حرمهم إياها. أو هو إحساس يرفعون به أنفسهم عن ضعة الفقر. أو هو طريق خلفية يصلون منها إلى ما هم قاصرون عن بلوغه على سروات الطريق.
(13) لم يعمل الحق الصراح من الخير للعالم قدر ما عمل الحق المموه من الضرر له.
(14) متى وجد الحب فلا شيء يكتمه أمداً طويلاً. ومتى فتر فلا شيء يمارى في إظهاره.
(15) إذا نحن حكمنا على العشق بما ينجم عنه في بعض الأحوال فأنا نراه إلى أن يكون بغضاً أقرب منه إلى أن يدعى حباً.
(16) ليس حذر الشيخوخة بأقرب إلى الصواب في أكثر المواقف من تهجم الشباب.
(17) البعد قد يمحو العواطف الهنية ولكنه ينمي القويّ منها. كالريح تطفي القنديل وتضرم الحريق.
(18) يصعب علينا أن نحب من لا قدر له في أعيننا وأصعب منه حبنا لمن نرى له من القدر فوق ما نرى لذواتنا.
(19) ليس وفاء أكثر الناس إلا طمعاً في الاستزادة من النفع.
(20) إني لا أرى أكثر فضليات النساء إلا كالكنوز المخبرءة، بقيت مصونة من أيدي السرقة لأنهم لم ينقبوا عنها.
عباس محود العقاد
حكم لأفلاطون قال لا تصحبوا الأشرار فإنهم يمنون عليكم بالسلامة منهم. وقال إذا أقبلت الدولة خدمت الشهوات العقول وإذا أدبرت خدمت العقول الشهوات وقال لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم. وقال لا تطلب سرعة العمل واطلب تجويده فإن الناس ليس يسألون في كم فرغ من هذا العمل وإنما يسألون عن جودته. وقال لا تحقرن صغيراً يحتمل الزيادة.