مجلة البيان للبرقوقي/العدد 37/متفرقات
→ باب النقد | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 37 متفرقات [[مؤلف:|]] |
مطبوعات جديدة ← |
بتاريخ: 1 - 12 - 1917 |
الامبراطور الجديد في الصين
وصلت منذ أيام الأنباء تترى من الصين بأن القلاقل مستحكمة والاضطراب سائد على حدود الامبراطورية، والسبب في ذلك ظهور رجل غريب لا يعرف أصله ولا يدرك سره يطالب بلقب الامبراطور في قبائله وفي الأمة الصينية بأسرها، واسم هذا الرجل القديس توشا وقد اعتاد أن يأكل لحوم النمر والذئاب والفهود وقلب الإنسان.
وقد ضرب للناس اليوم الثامن والعشرين من الشهر العربي الخامس من هذا العام موعداً لارتقائه.
وفي يوم تتويجه ذبحت ألف رأس من الماشية وأعدت ثمانمائة دن من الخمر للمأدبة الواجبة لأتباعه، وقد عين له مجلساً من الوزراء، وديواناً للحكم، يوفد الولاة إلى البلاد، والعمال إلى الأقاليم لحكمها.
وقد أصدر مجلس العقوبة منشوراً بالعقوبات المختلفة التي يوقعها على المجرمين والمخالفين لأحكام القوانين، فإذا قبض على إنسان وهو يشرب الأفيون، قطعت شفتاه، والرجل الذي يرجف في المدينة بالإشاعات جزاؤه قطع لسانه، والرجل الذي يسمع وهو يقسم أو يحلف، تنتزع سن من أسنانه، أما اللصوص فتقطع أيديهم.
وقد صدر أخيراً قرار آخر يقضي بجعل هو كنغ حاضرة الامبراطور السماوي الجديد وخلاصة المبادئ التي يريد إنفاذها في الصين تحريم الأفيون وتشجيع القوم على الشغل في المناجم والبحث عن الذهب والمعادن ونشر التعليم الإجباري.
ومن هذا نرى أن الرجل خليط من الشر والخير، وصورة غريبة من الصور الإنسانية الموحشة من ناحية الجميلة من الأخرى.
برلمان من سبعة أشخاص
في صميم المحيط الهادئ، تقوم جزيرة معتزلة وحيدة صغيرة، هي جزيرة بتكيرن وهي في منتصف الطريق بين أستراليا وأمريكا الجنوبية ومساحتها لا تزيد عن ميلين مربعين وسكانها مائة وتسع وستون نفساً، ولهم برلمان مؤلف من سبعة أعضاء ولهم رئيس ونائب رئيس وقاض، يحكمون في أمور المملكة ونظامها وكل شاب يجوز الربيع الثامن عش يصبح ذا حق في الانتخاب، والانتخابات تجري شفوية لا كتابة ولا تحرير.
والغريب أنه قد يمضي عام كامل دون أن تقف سفينة البريد بأرضهم وقد حدث أن مضى ستة وعشرون عاماً لم يقف فيها بشاطئها إلا سفينتان فقط!!
مكتب الغسالين
لعل أكبر كتاب في الدنيا حجماً وأكثر صفحات هو دفتر قيد أسماء الغسالين الموجود في سكوتلاند يارد دار الشرطة في لندن، فهو يتألف من اثني عشر مجلداً ضخماً، يحتوي جميع الأدلة والبيان الذي تستطيع بواسطته أن تقتفي آثار صاحب أي قطعة من القماش أو الملابس وصلت إلى دكان غسال من الغسالين، وقد تمكنت الشرطة من الاهتداء إلى ألوف من المجرمين، فاقتص العدل والقانون منهم، بفضل هذا الكتاب القيم، ولاسيما عندما يحاول القتلة والمجرمون أن يخفوا آثار جرائمهم، بأن يفصلوا الرأس عن البدن ويهربوا بها لواذاً مختفين، ولعل أكبر حادثة من هذا القبيل، ما وقع أخيراً في لندن إذ عثر ببدن امرأة قتيلة، لا تبين معالم وجهها، عند شاطئ النهر، فلم يكن من الشرطة إلا أن زاروا أربعمائة حانوت من حوانيت الغسل والكي للاهتداء إلى صاحبة الملابس التي وجدت على المرأة القتيلة، وأخيراً دل البحث الدقيق على حانوت صغير في أقصى المدينة، اعتادت القتيلة أن تبعث إليه بأثوابها لغسلها وكيها، وعلموا أن الاسم هو مسز بنت، فلم يمض ساعات، حتى عرفت المرأة، وعرف زوجها واهتدى إلى أنه القاتل، فقد ظن هذا الأحمق أنه قد محا كل أثر لجريمته، وصرف كل شبهة، فاتخذ لها مسكناً على شاطئ النهر باسم مستعار، ثم أخذها بعد هدأة من الليل للنزهة عند البحر، وخنقها بكل سكون ورقة ولطف، وهو يوهمها أنه يريد تقبيلها.
ولكنه نسي أن هناك جاسوساً صامتاً صغيراً في دار الشرطة هو كتاب الغسالين.