الرئيسيةبحث

كتاب حجة الوداع/الفصل الثاني

الفصل الثاني الأدلة على أعمال الحج

هذا حين نأخذ إن شاء الله عز وجل في ذكر الأحاديث الشواهد لكل ما ذكرنا .

أما قولنا : أعلم رسول الله ﷺ الناس أنه حاج ، ثم خرج عليه السلام عامدا إلى مكة عام حجة الوداع التي لم يحج من المدينة منذ هاجر ﷺ إليها غيرها .

الحديث الأول

فلما حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ، حدثنا محمد بن يوسف الفربري ، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا زهير وهو ابن معاوية ، حدثنا أبو إسحاق هو السبيعي قال : حدثني زيد بن أرقم ، أن النبيﷺ غزا تسع عشرة غزوة ، وأنه حج بعدما هاجر حجة واحدة ، ولم يحج بعدها : حجة الوداع .

الحديث الثاني

ولما حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى البغدادي ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، وأبو بكر بن أبي شيبة جميعا عن حاتم هو ابن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة ، رسول الله ﷺ ، فقال بيده يعقد تسعا ، فقال إن رسول الله ﷺ مكث تسع سنين لم يحج ، ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله ﷺ حاج ، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ﷺ ، ويعمل مثل عمله .

وذكر باقي الحديث مما سنذكره في مواضعه إن شاء الله وأما قولنا : إنه ﷺ أمر بالحج معه فأصاب الناس بالمدينة جدري أو حصبة ، فأخبر ﷺ أن عمرة في رمضان كحجة ، وأن الحج من سبل الله .

الحديث الثالث

فلما أخبرنا أحمد بن عمر العذري ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي الكسائي ، أخبرنا العباس بن محمد الرافقي ، حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء القتيبي الرقي ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن إسحاق ، حدثني عيسى بن معقل بن أبي معقل ، أخو بني أسد بن خزيمة ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أم معقل ، جدة عيسى بن معقل قالت : لما تهيأ رسول الله ﷺ لحجة الوداع أمر الناس بالخروج معه ، أصابتهم هذه القرحة الجدري أو الحصبة ، قالت : فدخل ما شاء الله أن يدخل لمرض أبي معقل ، ومرضت معه ، وذكرت حديثا طويلا ، فقالت : قال رسول الله ﷺ : « إذا فاتتك حجة معنا يا أم معقل فاعتمري عمرة في رمضان فإنها حجة » .

الحديث الرابع

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن عوف الطائي ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عيسى بن معقل بن أم معقل الأسدي ، أسد خزيمة ، قال : حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، قالت : لما حج رسول الله ﷺ حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله ، فأصابنا مرض ، وهلك أبو معقل وخرج رسول الله ﷺ فلما فرغ جئته ، فقال : « ما منعك أن تخرجي معنا ؟ » فقالت : لقد تهيأنا فهلك أبو معقل ، وكان لنا جمل هو الذي يحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله ، قال : « فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل الله فأما إذا فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها كحجة » .

أخبرني أحمد بن عمر ، حدثنا أحمد بن محمد غندر ، حدثنا خلف بن قاسم ، حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلي ، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عيسى بن معقل بن أبي معقل ، حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن جدته أم معقل ، فذكر هذا الحديث بنصه .

الحديث الخامس

ثم قال ابن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبيه أبي بكر ، قال كنت في الناس مع مروان حين دخل عليها ، يعني على أم معقل فسمعناها تحدث بهذا الحديث ، فكان أبو بكر لا يعتمر إلا في العشر الأواخر من رمضان لذلك من حديث أم معقل .

الحديث السادس

وأما قولنا فأخذ على طريق الشجرة فلما حدثنا حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أنس بن عياض ، عن عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس ، وأن رسول الله ﷺ كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة ، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي ، وبات حتى يصبح وأما قولنا : وذلك يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة . فقد ذكرنا أن ذلك كان في السنة العاشرة في الحديث الذي أوردناه آنفا من طريق جابر .

الحديث السابع

ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا الحسن بن صباح ، سمع جعفر بن عون ، حدثنا أبو العميس ، أخبرنا قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب ، أن رجلا ، من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو علينا - معشر اليهود - أنزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، فقال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على رسول الله ﷺ : وهو قائم بعرفة يوم الجمعة .

الحديث الثامن

ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا موسى بن عقبة ، أخبرني كريب ، عن ابن عباس ، قال : انطلق النبي ﷺ من المدينة بعدما ترجل وادهن ، ولبس إزاره ورداءه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب على راحلته حتى استوى على البيداء وذلك لخمس بقين من ذي القعدة فقدم مكة أربع ليال خلون من ذي الحجة .

الحديث التاسع

ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك ، قال : صلى رسول الله ﷺ ونحن معه الظهر بالمدينة أربعا ، والعصر بذي الحليفة ركعتين ، ثم بات بها حتى أصبح ، ثم ركب حتى استوت به راحلته على البيداء ، فحمد الله عز وجل ، وسبح ، ثم أهل بحج وعمرة ، فقد نص ابن عباس كما ترى على أن اندفاعه ﷺ من ذي الحليفة كان لخمس بقين من ذي القعدة ، ونص أنس على أنه ﷺ خرج من المدينة نهارا بعد أن صلى بها الظهر ، وصلى العصر بذي الحليفة وبات بها فكان ذلك بلا شك لست بقين من ذي القعدة ، وقد نص عمر كما ترى على أن يوم عرفة كان في تلك الحجة يوم جمعة ، ويوم عرفة هو التاسع من ذي الحجة ، فإذا كان اليوم التاسع من ذي الحجة يوم الجمعة فاستهلال ذي الحجة بلا شك كان ليلة الخميس .

وإذا كان أول أيامه يوم الخميس بلا شك فآخر ذي القعدة كان اليوم الذي قبل يوم الخميس المذكور بلا شك ، فهو باليقين يوم الأربعاء .

وإذا كان آخر يوم من ذي القعدة يوم الأربعاء وكان خروجه ﷺ من المدينة لست ليال بقين لذي القعدة كما ذكرنا فكان خروجه ﷺ من المدينة يوم الخميس بلا شك لأن الباقي بعد يوم الخميس من ذي القعدة المذكورة ست ليال ، وهي ليلة الجمعة ، وليلة السبت ، وليلة الأحد ، وليلة الإثنين ، وليلة الثلاثاء ، وليلة الأربعاء ، وهي آخر ليال ذي القعدة كما ذكرنا وأما قولنا : نهارا بعد أن ترجل وادهن وبعد أن صلى الظهر بالمدينة ، والعصر من ذلك اليوم بذي الحليفة ، وبات بذي الحليفة ليلة الجمعة .

فلما ذكرناه آنفا من حديث أنس من صلاتهم معه ﷺ بالمدينة الظهر أربعا ، وبذي الحليفة العصر ركعتين .

ولما ذكرناه أيضا في الفصل الذي قبل هذا الفصل في حديث ابن عباس من الترجل والادهان .

وأما المبيت بذي الحليفة فقد ذكرناه أيضا في الفصل الذي قبل هذا في حديث أنس .

وأما مبيته ﷺ بها ليلة الجمعة فإنه قد صح كما ذكرنا أن خروجه ﷺ كان يوم الخميس إلى ذي الحليفة ، وبات بها فهي ليلة الجمعة بلا شك وأما قولنا : وطاف على نسائه ثم اغتسل تلك الليلة ، وصلى بها الصبح .

الحديث العاشر

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي ، حدثنا خالد يعني ابن الحارث ، حدثنا شعبة ، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن عائشة ، أنها قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ ، ثم يطوف على نسائه ، ثم يصبح محرما ينضح طيبا .

ولما ذكرناه آنفا أنه ﷺ بات بذي الحليفة حتى أصبح .

الحديث الحادي عشر

ولما حدثناه عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا محمد بن معاوية المرواني ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسحاق بن راهويه ، أخبرنا النضر بن شميل ، حدثنا أشعث يعني ابن عبد الملك الحمراني ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، عن أنس ، أن رسول الله ﷺ صلى الظهر بالبيداء ، ثم ركب ، وصعد جبل البيداء ، وأهل بالحج والعمرة حين صلى الظهر .

ففي هذا الحديث بيان أنه ﷺ صلى الظهر بالبيداء ، وقد ذكرنا أنه أصبح بذي الحليفة ، والبيداء قريب من ذي الحليفة ، فصح أنه ﷺ بقي بعد الإصباح بذي الحليفة حينا طويلا إلى قبل الظهر ، فتيقنا أنه ﷺ صلى الصبح بها .

وأما الاغتسال فلا شك فيه عند مسلم ، بعد طوافه على نسائه .

وليس حديث الحسن عن أنس هذا مخالفا لما نورده من إهلاله ﷺ من مسجد ذي الحليفة ؛ لأنه ﷺ أهل من مواضع شتى ، فصدق كل صاحبه ؛ لأنه حكى ما سمع ، وللزائد فضل مشاهدته وعلمه على ما يشاهده غيره ، وبالله التوفيق وأما قولنا : ثم طيبته ﷺ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بيديها بذريرة وبطيب فيه مسك ، ثم أحرم ولم يغسل الطيب عن نفسه .

الحديث الثاني عشر

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا محمد بن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة ، أنه سمع عروة ، والقاسم بن محمد ، يخبران أن عائشة قالت : طيبت رسول الله ﷺ بيدي بذريرة في حجة الوداع للحل والإحرام .

الحديث الثالث عشر

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، أخبرني أحمد بن منيع ، ويعقوب الدورقي ، قال : حدثنا هشام ، أخبرنا منصور ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ قبل أن يحرم ويحل ، ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك .

الحديث الرابع عشر

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، زوج النبي ﷺ قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه حين يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت .

وروى أيضا عروة مثل ذلك نصا .

الحديث الخامس عشر

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثني أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن منصور ، عن سعيد بن جبير ، قال في حديث : حدثنا إبراهيم النخعي ، حدثني الأسود ، قال : قالت عائشة : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله ﷺ وهو محرم .

الحديث السادس عشر

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وزهير بن حرب ، قالا : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله ﷺ وهو يلبي .

الحديث السابع عشر

وبه إلى مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد الواحد ، . قال مسلم : وحدثناه إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، قال : حدثنا سفيان هو الثوري ، كلاهما عن الحسن بن عبيد الله ، حدثنا إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله ﷺ وهو محرم .

الحديث الثامن عشر

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن غيلان المروزي ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، أنبأنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في أصول شعر رسول الله ﷺ وهو محرم .

الحديث التاسع عشر

حدثنا أحمد بن قاسم ، قال : حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم ، قال : حدثني جدي ، قاسم بن أصبغ البياني ، حدثنا أبو إسماعيل هو الترمذي محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن إبراهيم النخعي ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : رأيت الطيب في مفرق رسول الله ﷺ بعد ثالثة وهو محرم وأما قولنا : ثم لبد رأسه ، وقلد بدنته بنعلين ، وأشعرها في جانبها الأيمن ، وسلت الدم عنها ، وكانت هدي تطوع ، وكان عليه السلام ساق الهدي مع نفسه ، ثم ركب راحلته .

الحديث العشرون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام هو الدستوائي ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ابن عباس ، أن نبي الله ﷺ لما أتى ذا الحليفة دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم ، وقلدها نعلين ، ثم ركب راحلته .

الحديث الحادي والعشرون

وحدثنا أيضا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي أبو حفص الفلاس ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ لما كان بذي الحليفة أمر ببدنته فأشعر في سنامها من الشق الأيمن ، ثم سلت الدم عنها ، وقلدها نعلين ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الثاني والعشرون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، قال : تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى ، فساق معه الهدي من ذي الحليفة ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الثالث والعشرون

وبه إلى مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن حفصة ، زوج النبي ﷺ قالت : يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت ؟ قال : « إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر » ففي هذا ذكر التلبيد .

الحديث الرابع والعشرون

وبه إلى مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، عن حاتم بن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة ، رسول الله ﷺ ، فذكر الحديث ، وفيه : أن رسول الله ﷺ نحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أعطى عليا رضي الله عنه فنحر ما غبر ، وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ، فهذا بيان أنه كان تطوعا ، ولو كان فرضا ما أكل منه ﷺ ، وأيضا فلا خلاف بين أحد في أنه لا يكون مقدار هذا العدد الكثير واجبا ، فصح أنه كان تطوعا وأما قولنا : وأهل ﷺ حين انبعثت به راحلته من عند مسجد ذي الحليفة بالقران ، وقال ﷺ : « لبيك عمرة وحجا » .

الحديث الخامس والعشرون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا وضع رجله في الغرز ، وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة .

الحديث السادس والعشرون

ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، عن أبي إسحاق البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أنه سمع أباه ، يقول : ما أهل رسول الله ﷺ إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة ، هكذا نص الحديث .

الحديث السابع والعشرون

ولما حدثناه الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، فذكر الحديث ، وفيه : ثم أهل ﷺ بحج وعمرة وذكر باقي الحديث .

الحديث الثامن والعشرون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا هشيم ، حدثنا حميد ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « لبيك عمرة وحجا » .

الحديث التاسع والعشرون

ولما حدثناه حمام بن أحمد ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشيم ، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاق ، وحميد الطويل ، وعبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك ، أنهم سمعوه يقول : سمعت النبي ﷺ يلبي بالعمرة والحج جميعا يقول : « لبيك عمرة وحجا ، لبيك عمرة وحجة » .

وقد روي هذا أيضا عن عائشة ، وابن عمر ، وجابر ، وغيرهم وأما قولنا : وقال ﷺ بذي الحليفة للناس : { من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل } .

الحديث الثلاثون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف بن نامي ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان هو ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ فقال : « من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل » .

الحديث الحادي والثلاثون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد قال أبو داود : حدثنا أيضا ، موسى بن إسماعيل قال : حدثنا وهيب بن خالد ، وحماد بن سلمة ، قالوا كلهم عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ موافين هلال ذي الحجة ، فلما كان بذي الحليفة قال : « من شاء أن يهل بحج فليهل ، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل » وأما قولنا : وكان معه ﷺ من الناس جموع لا يحصيها إلا خالقهم ورازقهم عز وجل .

الحديث الثاني والثلاثون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، وذكر ، حجة النبي ﷺ فقال : ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش ، وعن يمينه مثل ذلك ، وعن يساره مثل ذلك ، ومن خلفه مثل ذلك وأما قولنا : وكان معه ، ثم لبى ﷺ فقال : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » .

وقد روي أنه ﷺ زاد على ذلك فقال : « لبيك إله الحق » ، وأتاه جبريل ﷺ فأمره أن يأمر أصحابه بأن يرفعوا أصواتهم بالتلبية .

الحديث الثالث والثلاثون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : إن سالم بن عبد الله أخبرني ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يهل ملبدا يقول : « لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك » . لا يزيد على هؤلاء الكلمات .

الحديث الرابع والثلاثون

ولما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : كان من تلبية النبي ﷺ: « لبيك إله الحق » . قال أحمد بن شعيب : لا أعلم أحدا أسند هذا الحديث إلا عبد الله بن الفضل ، وهو ثقة . قال أبو محمد : زيادة الثقة مقبولة ، وابن عمر اقتصر على ما سمع وليس مغيب ما ذكره أبو هريرة عن علم ابن عمر حجة على علم أبي هريرة ، وكلاهما قال ما سمع بلا شك .

الحديث الخامس والثلاثون

أخبرني أحمد بن قاسم ، قال لي أبي قاسم بن محمد : قال لي جدي قاسم بن أصبغ : حدثنا ابن وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا وكيع ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال في تلبيته : « لبيك إله الحق لبيك » .

الحديث السادس والثلاثون

حدثنا عبد الله ، ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، هو ابن راهويه ، أخبرنا سفيان هو ابن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، رضي الله عنه ، عن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، عن رسول الله ﷺ قال : « » جاءني جبريل فقال : يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية « » وأما قولنا : وولدت أسماء بنت عميس الخثعمية زوج أبي بكر رضي الله عنه بالشجرة محمد بن أبي بكر ، فأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم وتهل .

الحديث السابع والثلاثون

فلما حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن عبد الله بن عمر ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله ﷺ أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل .

الحديث الثامن والثلاثون

ولما حدثنا أيضا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديث حجة الوداع : أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى ذا الحليفة ، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله ﷺ كيف تصنع ؟ فقال : « اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي » وأما قولنا : ونهض ﷺ واستهل هلال ذي الحجة ليلة الخميس اليوم الثامن من خروجه ﷺ من المدينة ، فقد أثبتنا فيما حل من هذا الكتاب أنه ﷺ خرج من المدينة يوم الخميس لست بقين لذي القعدة ، فانسلخ ذو القعدة بلا شك يوم الأربعاء ، فاستهل ذو الحجة بلا شك ليلة الخميس كما قلنا ، وأيضا فقد صح أن يوم عرفة كان في تلك الحجة يوم الجمعة فكان استهلال ذي الحجة بلا شك ليلة الخميس ؛ لأن يوم عرفة هو التاسع من ذي الحجة . وأما قولنا : فلما كان بسرف حاضت عائشة رضي الله عنها وكانت قد أهلت بعمرة ، فأمرها رسول الله ﷺ أن تنقض رأسها وتمتشط ، وتدع العمرة وتتركها وترفضها ، وأن تدخل على العمرة حجا وتعمل جميع أعمال الحج حاشا الطواف بالبيت ما لم تطهر .

الحديث التاسع والثلاثون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني حسن بن علي الحلواني ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني إبراهيم بن نافع ، حدثني عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عائشة ، أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله ﷺ : « يجزئ عنك طوافك بالبيت عن حجتك وعمرتك » .

الحديث الأربعون

ولما حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق بن السليم ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت : لبثنا بالحج حتى إذا كنت بسرف حضت ، فدخلت على رسول الله ﷺ وأنا أبكي ، فقال : « ما يبكيك يا عائشة ؟ » قلت : حضت ، ليتني لم أكن حججت ، فقال : « سبحان الله إنما ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم انسكي المناسك كلها ، غير أن لا تطوفي البيت » .

الحديث الحادي والأربعون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث هو ابن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أنه قال : أقبلنا مع رسول الله ﷺ مهلين بحج مفردا ، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت ، وذكر الحديث ، وفيه : ثم دخل رسول الله ﷺ على عائشة فوجدها تبكي قال : « ما شأنك ؟ » قالت : شأني قد حضت وقد حل الناس ، ولم أحلل ، ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن ، فقال : « إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ثم أهلي بالحج » ، ففعلت ووقفت المواقف كلها ، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة ، وبالصفا والمروة ، ثم قال عليه السلام : « قد حللت من حجك وعمرتك جميعا » . فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت ، قال : « فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم » .

الحديث الثاني والأربعون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا بهز هو ابن أسد ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن عائشة ، : أنها أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها ، وقد أهلت بالحج فقال لها النبي ﷺ يوم النفر : « يسعك طوافك لحجك وعمرتك » ، فأبت فبعثها مع عبد الرحمن بن أبي بكر أخيها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج . فهذه الأحاديث تبين سائر الأحاديث التي فيها : « انقضي رأسك ، وامتشطي ، وأهلي بالحج ودعي العمرة فلعل الله يرزقك إياها » ؛ لأن نقض الرأس والامتشاط ليس بحرام على المحرم ، وليس فسخا لإحرامه . وقوله ﷺ : « دعي العمرة » إنما معناه : دعي عمل العمرة الذي هو الطواف والسعي ، أي : أخري فلعل الله تعالى يعينك حتى تطوفي وتسعي فتقضي عمرتك وحجك معا ، كما نص ﷺ في الأحاديث التي ذكرنا ، وليس في شيء من الأحاديث أنها أحلت من عمرتها بل فيها أنها لم تحل ، فصح ما ذكرنا من أنها قرنت الحج إلى العمرة بلا شك وأما قولنا : إنه ﷺ قال وهو بسرف لأصحابه : « من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان معه هدي فلا » ، فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ، ومنهم من تمادى على إحرامه بالحج ولم يجعلها عمرة ، وهذا فيمن لا هدي معه ، وأما من معه الهدي فلم يبح له أن يحل إحرامه لعمرة فقط .

الحديث الثالث والأربعون

فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ مهلين بالحج في أشهر الحج ، وفي حرم الحج ، وليالي الحج ، حتى نزلنا بسرف فخرج إلى أصحابه فقال : « من لم يكن منكم معه هدي فأحب أن يجعلها عمرة فليفعل ، ومن كان منكم معه هدي فلا » ، فمنهم الآخذ بها والتارك لها ممن لم يكن معه هدي . هذا نص الحديث وأما قولنا : إنه ﷺ أمر في بعض طريقه ذلك من معه الهدي من أصحابه رضي الله عنهم بأن يقرنوا الحج مع العمرة .

الحديث الرابع والأربعون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا » .

الحديث الخامس والأربعون

وحدثناه أيضا ، حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن محمد بن علي الباجي ، حدثنا أحمد بن خالد ، حدثنا عبيد الله ، محمد الكشوري حدثنا محمد بن يوسف الحذاقي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مالك ، ومعمر ، كلاهما عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ولا يحل حتى يحل منهما جميعا » .

الحديث السادس والأربعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ موافين هلال ذي الحجة ، فلما كان بذي الحليفة قال : « من شاء أن يهل بحج فليهل ، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل ، فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة » وأما قولنا : ونهض عليه السلام إلى أن نزل بذي طوى فبات بها ليلة الأحد لأربع خلون لذي الحجة ، وصلى الصبح بذي طوى ، ودخل مكة نهارا من أعلاها من الثنية العليا من كداء صبيحة يوم الأحد المذكور .

الحديث السابع والأربعون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثنا أنس يعني ابن عياض ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر ، حدثهم أن رسول الله ﷺ كان ينزل بذي طوى ويبيت بها حتى يصلي الصبح حين يقدم مكة .

الحديث الثامن والأربعون

ولما حدثناه أيضا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا حماد ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ، ويغتسل ويدخل مكة نهارا ويذكر أن رسول الله ﷺ فعله .

الحديث التاسع والأربعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبدة بن عبد الله البصري ، أخبرنا سويد بن عمرو ، أخبرنا زهير بن معاوية ، حدثنا موسى بن عقبة ، حدثني نافع ، أن عبد الله بن عمر ، حدثه أن رسول الله ﷺ كان ينزل بذي طوى يبيت به حتى يصلي الصبح حين يقدم إلى مكة ، ومصلى رسول الله ﷺ على أكمة غليظة ، وليس على المسجد الذي بني ثم ، ولكن أسفل من ذلك على أكمة خشنة غليظة .

الحديث الخمسون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الحادي والخمسون

ولما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي ﷺ دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي عند البطحاء .

الحديث الثاني والخمسون

حدثنا حمام ، ، حدثنا الأصيلي ، حدثنا أبو زيد ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي ﷺ لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها .

الحديث الثالث والخمسون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني عطاء ، سمعت جابر بن عبد الله قال : أهللنا أصحاب محمد ﷺ بالحج خالصا وحده ، وقدم رسول الله ﷺ صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمرنا أن نحل ، فقلنا : لما لم تكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نفضي إلى نسائنا ، وذكر باقي الحديث . وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب أن يوم عرفة كان في ذلك الشهر يوم الجمعة ، وأن استهلال ذي الحجة كان ليلة الخميس ، فإذا كان ذلك وقدم ﷺ مكة صبح رابعة خلت من ذي الحجة فذلك بلا شك صبيحة يوم الأحد ، وبينهم يومئذ وبين عرفة خمس ليال كما ذكر جابر ، وهي ليلة الإثنين ، وليلة الثلاثاء ، وليلة الأربعاء ، وليلة الخميس ، وليلة الجمعة وأما قولنا : فاستلم ﷺ الحجر الأسود ثم طاف بالكعبة سبعا ، رمل ثلاثا منها ومشى أربعا يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل طوفة منها وقال بينهما ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) ، ولا يمس الركنين اللذين في الحجر ثم صلى عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين يقرأ فيهما مع أم القرآن ( قل يا أيها الكافرون ) ، و ( قل هو الله أحد ) جعل المقام بينه وبين الكعبة وقرأ ﷺ إذ أتى المقام قبل أن يركع ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ، ثم رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم خرج إلى الصفا فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) : « أبدأ بما بدأ الله به » ، فطاف ﷺ بين الصفا والمروة سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشي أربعا إذا رقي على الصفا استقبل الكعبة ، ونظر إلى البيت ، ووحد الله تعالى وكبره ، وقال : « لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » ، ثم يدعو ثم يفعل على المروة مثل ذلك .

الحديث الرابع والخمسون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أنه أخبره عن حجة النبي ، ﷺ وذكر الحديث . وفيه : حتى إذا أتينا البيت معه يعني النبي ﷺاستلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم فقرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فجعل المقام بينه وبين البيت .

الحديث الخامس والخمسون

حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا محمد بن معاوية المرواني ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير ، عن الوليد بن مسلم ، عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، أن رسول الله ﷺ لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد ثم عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج إلى الصفا .

الحديث السادس والخمسون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن عباد ، حدثنا حاتم هو ابن إسماعيل ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشي أربعة ، ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة .

الحديث السابع والخمسون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا خالد بن الحارث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، ذكر أن رسول الله ﷺكان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني .

الحديث الثامن والخمسون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله ﷺلا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة .

الحديث التاسع والخمسون

حدثنا حمام ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا ابن أيمن ، حدثنا أحمد بن محمد البرني ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن السائب بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر : « اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار » .

الحديث الستون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن عبيد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .

الحديث الحادي والستون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، أنه حدثه عن حجة الوداع ، فذكر الحديث . وفيه : ثم رجع يعني رسول الله ﷺ إلى الركن فاستلمه ، ثم رجع من الباب إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) « أبدأ بما بدأ الله به » ، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » . ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى حتى إذا أتى المروة ففعل على المروة مثل ما فعل على الصفا .

الحديث الثاني والستون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، حدثنا جابر ، أن رسول الله ﷺ نزل يعني عن الصفا حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى .

الحديث الثالث والستون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، أبو الطاهر وحرملة ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، أن رسول الله ﷺ طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الحجر بمحجن . وروته أيضا عائشة وأبو الطفيل .

الحديث الرابع والستون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا محمد يعني ابن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : طاف رسول الله ﷺ في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس ، وليشرف ، ولم يطف رسول الله ﷺ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا .

الحديث الخامس والستون

وحدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر البصري ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى هو القطان ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : طاف رسول الله ﷺ في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة . قال أبو محمد رحمه الله : ليس ما ذكر من أنه ﷺ طاف بين الصفا والمروة راكبا بمعارض لما ذكر في بعض ما أوردنا من الأحاديث من قول الراوي : انصبت قدماه ؛ لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله ، وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده ، وكذلك ذكر الرمل يعني رمل الدابة براكبها وقد جاء النص كما ترى أنه ﷺ لم يطف في تلك الحجة بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة راكبا ، وإنما لم نقطع على أن الطواف الأول بالبيت هو الذي طافه ﷺ راكبا ؛ لأنه عليه السلام قد طاف بالبيت في تلك الحجة مرارا ، منها طوافه الأول وطواف الإفاضة ، وطواف الوداع ، فالله أعلم أي تلك الأطواف كان راكبا .

الحديث السادس والستون

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، أنه سمع ابن عمر ، يقول : قدم النبي ﷺ فطاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، وطاف بين الصفا والمروة سبعا .

الحديث السابع والستون

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله ، أن ابن عمر قال ، فذكر الحديث . وفيه : أن رسول الله ﷺ طاف حين قدم مكة واستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف ، ومشى أربعة ، فركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ، ثم سلم فانصرف ، ثم أتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط ، وذكر باقي الحديث ولم نجد عدد الرمل بين الصفا والمروة منصوصا ولكنه متفق عليه والله أعلم وأما قولنا : فلما أكمل ﷺ الطواف والسعي أمر كل من لا هدي معه بالإحلال حتما ولا بد ، قارنا كان أو مفردا أو معتمرا ، وأن يحلوا الحل كله ، من وطء النساء والطيب والمخيط ، وأن يبقوا كذلك إلى يوم التروية وهو يوم منى ، فيهلوا منه حينئذ بالحج ، ويحرموا حين نهوضهم إلى منى ، وأمر من معه الهدي بالبقاء على إحرامهم ، وقال لهم ﷺ حينئذ إذ تردد بعضهم : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي حتى اشتريته ، ولجعلتها عمرة ، ولأحللت كما أحللتم ، ولكني سقت الهدي فلا أحل حتى أنحر الهدي ، وكان أبو بكر وعمر والزبير وطلحة وعلي ورجال من أهل الوفر ساقوا الهدي فلم يحلوا ، وبقوا محرمين كما بقي هو ﷺ محرما ؛ لأنه ﷺ كان ساق الهدي مع نفسه ، وكن أمهات المؤمنين لم يسقن هديا فأحللن ، وكن قارنات بين حج وعمرة ، وكذلك فاطمة بنت النبي ﷺ أيضا ، وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه أحلها ، وشكا علي فاطمة إلى النبي ﷺ إذ أحلت ، فصدقها النبي ﷺ في أنه هو ﷺ أمرها بذلك ، وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكناني فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ألعامنا أم للأبد ؟ ولنا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله ﷺ بين الصفا والمروة أصابعه ، وقال : » بل لأبد الأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة « ، وأمر ﷺ من جاء إلى الحج على غير الطريق التي أتى ﷺ عليها ممن أهل بإهلال كإهلاله ﷺ بأن يثبتوا على أحوالهم ، فمن ساق الهدي منهم لم يحل فكان علي في أهل هذه الصفة ، وأمر من كان منهم لم يسق الهدي أن يحل فكان أبو موسى الأشعري من أهل هذه الصفة ، وبهذين الأمرين أمر ﷺ أيضا كل من أتى معه .

الحديث الثامن والستون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أنه أخبره عن حجة النبي ، صلى الله عليه وسلم فقال : حتى إذا كان آخر طواف على المروة قال ﷺ : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله متعتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ فشبك رسول الله ﷺ أصابعه واحدة في الأخرى وقال : » دخلت العمرة في الحج مرتين ، لا بل لأبد أبد .

الحديث التاسع والستون

ولما حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر قال في صفة حج النبي ﷺ: لما قدم النبي ﷺ مكة قال للناس : « من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت ، والصفا والمروة ، وليقصر وليحلل ، ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله » .

الحديث السبعون

حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عطاء ، عن جابر ، وعن طاوس ، عن ابن عباس ، قالا : قدم النبي ﷺ صبح رابعة من ذي الحجة ، يهلون بالحج لا يخلطه شيء ، فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة وأن نحل إلى نسائنا ، ففشت في ذلك القالة . قال عطاء : قال جابر : فيروح أحدنا إلى منى ، وذكره يقطر منيا ، قال جابر : بكفه ، فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال : « بلغني أن قوما يقولون كذا وكذا والله لأنا أبر وأتقى لله منهم ، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، ولولا أن معي الهدي لأحللت » . فقام سراقة بن جعشم فقال : يا رسول الله شيء لنا أم للأبد ؟ فقال : « لا بل للأبد » .

الحديث الحادي والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث هو ابن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أنه قال : أقبلنا مهلين مع رسول الله ﷺ بحج مفردا ، وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت ، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة ، فأمرنا رسول الله ﷺ أن يحل منا من لم يكن معه هدي ، قال : فقلنا : حل ماذا ؟ قال : الحل كله فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا ، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع أميال ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الثاني والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا موسى بن نافع ، قال : دخلت على عطاء بن أبي رباح ، فقال عطاء : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري ، أنه حج مع رسول الله ﷺ عام ساق الهدي معه ، وقد أهلوا بالحج مفردا فقال رسول الله ﷺ : « أحلوا من إحرامكم ، فطوفوا بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، وقصروا وأقيموا حلالا ، حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة » ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الثالث والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن عائشة ، أنها قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وذكر باقي الحديث .

الحديث الرابع والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا سليمان بن عبيد الله الغيلاني ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ لا نذكر إلا الحج ، وذكرت الحديث . وفيه : فلما قدمت مكة قال رسول الله ﷺ لأصحابه : « اجعلوها عمرة » ، فأحل الناس إلا من كان معه الهدي ، قالت وكان الهدي مع رسول الله ﷺ ، وأبي بكر ، وعمر ، وذوي اليسارة ، ثم أهلوا حين راحوا ، وذكرت باقي الحديث .

الحديث الخامس والسبعون

حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عثمان هو ابن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا أنه الحج ، فلما قدمنا تطوفنا بالبيت فأمر رسول الله ﷺ من لم يكن ساق الهدي أن يحل ، فحل من لم يكن ساق الهدي ، ونساؤه لم يسقن فأحللن .

الحديث السادس والسبعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية القرشي ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن يحيى المروزي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران ، قال : دخلت على أم سلمة زوج النبي ﷺ فقلت : أعتمر قبل أن أحج ؟ قالت : إن شئت فاعتمر قبل أن تحج ، وإن شئت فبعد أن تحج « قال : وسألت أمهات المؤمنين فقلن مثل ذلك ، فرجعت إليها فأخبرتها فقالت : نعم ، وأشفيك سمعت رسول الله ﷺ يقول : » أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج « . فلهذا قلنا : إنهن وفاطمة كن قارنات ، إذ لا يحل لمسلم أن يظن بهن عصيانا لرسول الله ﷺ ما أمرهن به ، وهن آل محمد على الحقيقة .

الحديث السابع والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، عن غندر ، عن شعبة ، عن الحكم هو ابن عتيبة ، عن علي بن الحسين ، عن ذكوان مولى عائشة ، عن عائشة ، قالت : فدخل علي رسول الله ﷺ وهو غضبان ، فقلت : « من أغضبك يا رسول الله ؟ أدخله الله النار ، قال : » أوما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون - قال الحكم : كأنهم يترددون أحسب - ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه ثم أحل كما حلوا .

الحديث الثامن والسبعون

حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، فذكر الحديث . وفيه : أنه ﷺ أهل بحج وعمرة ، وأهل الناس بهما ، فلما قدمنا أمر الناس بهما فحلوا ، حتى إذا كان يوم التروية أهلوا بالحج .

الحديث التاسع والسبعون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا ابن مهدي هو عبد الرحمن ، حدثنا سليم بن حيان هو أبو خالد الأحمر ، عن مروان الأصفر ، عن أنس ، أن رسول الله ﷺ قال : « لولا أن معي الهدي لأحللت » .

الحديث الثمانون

حدثنا أحمد بن عبد الله الطلمنكي ، حدثنا ابن مفرج ، حدثنا إبراهيم بن أحمد بن فراس ، حدثنا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري ، حدثنا إسحاق بن راهويه ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا الأشعث ، هو ابن عبد الملك الحمراني ، عن الحسن البصري ، عن أنس بن مالك ، قال : قدم رسول الله ﷺ وأصحابه وقد أهلوا بالحج والعمرة جميعا ، فأمرهم أن يحلوا بعدما طافوا بالبيت وسعوا ما بين الصفا والمروة ، وأن يجعلوها عمرة فكأنهم هابوا ذلك فقال لهم رسول الله ﷺ : « حلوا لولا أني سقت الهدي لحللت » ، قال : فحلوا وتمتعوا . قال أبو محمد : إنما أوردنا هذه الأحاديث بيانا : أن القارنين الذين لم يكن معهم هدي أحلوا أيضا كما أحل المفردون الذين لم يكن معهم ، وكمن ذكر في بعضها من اسم من كان معه الهدي .

الحديث الحادي والثمانون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، حدثني منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه ، صفية بنت شيبة ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ محرمين ، فقال رسول الله ﷺ : « من كان معه هدي فليقم على إحرامه ، ومن لم يكن معه هدي فليحلل » ، فلم يكن معي هدي فأحللت وكان مع الزبير فلم يحل .

الحديث الثاني والثمانون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : دخلت على جابر بن عبد الله فذكر الحديث . وفيه : أن جابرا قال له في وصف حجة النبي ﷺ : وقدم علي من اليمن يعني على النبي ببدن النبي ﷺ فوجد ، فاطمة فيمن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت أبي أمرني بهذا ، قال : فكان علي يقول بالعراق : فذهبت إلى رسول الله ﷺ محرشا على فاطمة الذي صنعت فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال ﷺ : « صدقت صدقت » .

الحديث الثالث والثمانون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبيد الله بن معاذ ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، حدثنا مسلم القري ، سمع ابن عباس ، يقول : أهل رسول الله ﷺ بعمرة ، وأهل أصحابه بحج ، فلم يحل النبي ﷺ ولا من ساق الهدي من أصحابه ، فكان طلحة بن عبيد الله ممن ساق الهدي فلم يحل .

الحديث الرابع والثمانون

حدثنا الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أبي موسى ، قال : بعثني النبي ﷺ إلى قومي باليمن ، فجئت وهو بالبطحاء فقال : « بم أهللت ؟ » فقلت : كإهلال النبي ﷺ قال : « هل معك من هدي ؟ » قلت : لا ، فأمرني فطفت بالبيت ثم بالصفا والمروة ، ثم أمرني فأحللت .

الحديث الخامس والثمانون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حديث حجة الوداع ، وذكر قدوم علي من اليمن ، وأن رسول الله ﷺ قال له : « فماذا قلت حين فرضت الحج ؟ » قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ﷺ ، قال : « فإن كان معك الهدي فلا تحل » ، قال : وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي ﷺ مائة ، وذكر باقي الحديث وأما قولنا : فأقام رسول الله ﷺ بمكة محرما من أجل هديه يوم الأحد المذكور والإثنين والثلاثاء والأربعاء ، وليلة الخميس ثم نهض النبي ﷺ ضحوة يوم الخميس ، وهو يوم منى ، وهو يوم التروية مع الناس إلى منى ، وفي ذلك الوقت أحرم بالحج من الأبطح كل من كان أحل من أصحابه رضي الله عنهم ، فأحرموا في نهوضهم إلى منى في اليوم المذكور فصلى ﷺ بمنى الظهر من يوم الخميس المذكور ، والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وبات بها ليلة الجمعة ، وصلى بها الصبح من الجمعة ، ثم نهض عليه السلام بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة بعد أن أمر ﷺ بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة ، فأتى ﷺ عرفة فوجدها قد ضربت ، فنزل في قبته المذكورة . فلما ذكرنا آنفا من أنه ﷺ دخل مكة يوم الأحد على ما بيناه ، ولما أيضا قد ذكرنا من أن يوم عرفة كان في ذلك الشهر يوم الجمعة ، وكان نهوضه ﷺ إلى منى بلا خلاف قبل يوم عرفة بليلة واحدة فكان إذا يوم الخميس بلا شك ، فصح أنه ﷺ بقي بمكة الليالي والأيام التي ذكرنا ، وقد ذكرنا أنه ﷺ أخبر أنه باق على إحرامه ولا يحل حتى ينحر هديه ، وقد ذكرنا في الفصل الذي قبل هذا أنه ﷺ أمرهم بأن يهلوا يوم التروية بالحج وذلك في حديث عطاء عن جابر .

الحديث السادس والثمانون

ولما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في صفة حج النبي ﷺ قال جابر : فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله ﷺ فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة ، فسار رسول الله ﷺ حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها .

الحديث السابع والثمانون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن ابن عمر ، قال : غدونا مع رسول الله ﷺ من منى إلى عرفة .

الحديث الثامن والثمانون

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أمرنا رسول الله ﷺ لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى ، وأهللنا من الأبطح وأما قولنا : حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت له حتى أتى بطن الوادي ، فخطب الناس على راحلته خطبة ذكر فيها ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض ، ووضع ﷺ فيها أمور الجاهلية ودماءها ، وأول ما وضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بنى سعد بن بكر بن هوازن فقتله هذيل ، ووضع ﷺ في خطبته تلك ربا الجاهلية ، وأول ربا وضع ربا عمه العباس بن عبد المطلب ، وأوصى بالنساء خيرا ، وأباح ضربهن غير مبرح إن عصين بما لا يحل ، وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن ، وأمر بالاعتصام بعده بكتاب الله عز وجل ، وأخبر أنه لا يضل من اعتصم به ، وأشهد الله عز وجل على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمهم ، فاعترف الناس بذلك ، وأمر ﷺ أن يبلغ الشاهد الغائب ، وبعثت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهي أم عبد الله بن عباس بلبن في قدح فشربه ﷺ أمام الناس على بعيره ، فعلموا أنه ﷺ لم يكن صائما ذلك اليوم .

الحديث التاسع والثمانون

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، في حديث حجة النبي ﷺ قال : حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال : « إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي هاتين موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ، وربا الجاهلية موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكن عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ » قالوا : نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : « اللهم اشهد اللهم اشهد » . ثلاث مرات .

الحديث التسعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا علي بن حجر ، أخبرنا جرير ، عن مغيرة ، عن موسى بن زياد بن حذيم بن عمرو السعدي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع : « اعلموا أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، كحرمة شهركم هذا ، كحرمة بلدكم هذا » .

الحديث الحادي والتسعون

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يحيى بن سليمان ، عن ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن كريب ، عن ميمونة ، أن الناس ، شكوا في صيام رسول الله ﷺ يوم عرفة ، فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف بالموقف فشرب منه والناس ينظرون .

الحديث الثاني والتسعون

قال البخاري : وحدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن أبي النضر ، مولى عمر بن عبيد الله ، عن عمير ، مولى ابن عباس ، عن أم الفضل بنت الحارث ، أن أناسا ، تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي ﷺ فقال بعضهم : هو صائم ، وقال بعضهم : ليس بصائم ، فأرسلت إليه بقدح لبن ، وهو واقف على بعيره فشرب وأما قولنا : فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا لكن صلاهما ﷺ مجموعتين في وقت الأولى منهما بأذان واحد لهما معا وبإقامتين لكل صلاة منهما إقامة ، ثم ركب ﷺ راحلته حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، وجعل جبل المشاة بين يديه فلم يزل واقفا للدعاء وهنالك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فوقص فمات فأمر رسول الله ﷺ بأن يكفن في ثوبيه ، ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغسل رأسه ولا وجهه ، فأخبر ﷺ أنه يبعث يوم القيامة ملبيا . وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج فأخبرهم ﷺ بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها وأرسل إلى الناس أن يقفوا على مشاعرهم ، فلما غربت الشمس من يوم الجمعة المذكورة ، وذهبت الصفرة ، أردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع ﷺ ، وقد ضم زمام القصواء ناقته حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، ثم مضى يسير العنق ، فإذا وجد فجوة نص ، كلما أتى ربوة من تلك الروابي أرخى لناقته زمامها قليلا حتى تصعدها ، وهو ﷺ يأمر الناس بالسكينة في السير .

الحديث الثالث والتسعون

فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة النبي ﷺ قال : ثم أذن ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله ﷺ حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل جبل المشاة بين يديه ، واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس ، وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، ودفع رسول الله ﷺ وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رجله ويقول بيده اليمنى : « أيها الناس السكينة السكينة » ، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء .

الحديث الرابع والتسعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة ، حدثنا سفيان ، عن عمرو وهو ابن دينار ، حدثني عمرو بن عبد الله بن صفوان ، عن يزيد بن شيبان ، قال : كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال : إني رسول رسول الله ﷺ إليكم يقول : « كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم » .

الحديث الخامس والتسعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني إبراهيم بن يونس بن محمد ، بطرسوس ، حدثنا أبي ، حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن أسامة بن زيد قال : أفاض رسول الله ﷺ من عرفة ، وأنا رديفه ، فجعل يكبح راحلته حتى إن ذفراها ليكاد يصيب قادمة الرحل وهو يقول : « يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس في إيضاع الإبل » .

الحديث السادس والتسعون

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه قال : سئل أسامة وأنا جالس ، كيف كان رسول الله ﷺ يسير في حجة الوداع حين دفع ؟ قال : كان يسير العنق فإذا أصاب فجوة نص . قال هشام : والنص فوق العنق .

الحديث السابع والتسعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة رسول الله ﷺ فذكر الخطبة بعرفة وقال : ثم أذن بلال ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا .

الحديث الثامن والتسعون

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ دفع من منى حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهو منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة ، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله ﷺ مهجرا ، فجمع بين الظهر والعصر .

الحديث التاسع والتسعون

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، كان مع رسول الله ﷺ فوقصته ناقته وهو محرم ، فمات ، فقال رسول الله ﷺ : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا .

الحديث المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : بينا رجل واقف مع النبي ﷺ بعرفة إذ وقع عن راحلته ، فوقصته ، أو قال : فأوقصته ، فقال النبي ﷺ : « اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبين ، ولا تمسوه طيبا ، ولا تخمروا رأسه ، ولا تحنطوه ، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا » .

الحديث الواحد بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، وقع عن راحلته ، فأوقصته ، فقال رسول الله ﷺ : « اغسلوه بماء وسدر ، ويكفن في ثوبين خارجا رأسه ووجهه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا » . قال أبو محمد رحمه الله : أبو بشر هذا : هو جعفر بن أبي وحشية ، وهو أثبت الناس في سعيد بن جبير ، قاله شعبة .

الحديث الثاني بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عبدة بن عبد الله البصري ، أخبرنا أبو داود الحفري ، عن سفيان هو الثوري ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : مات رجل ، فقال النبي ﷺ : « غسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثيابه ، ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة يلبي » .

الحديث الثالث بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا محمد بن معاوية بن صالح البغدادي ، حدثنا خلف بن خليفة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رجلا ، كان حاجا مع رسول الله ﷺ وأنه لفظه بعيره فمات ، فقال رسول الله ﷺ : « يغسل ويكفن في ثوبين ، ولا يغطى رأسه ووجهه ، فإنه يقوم يوم القيامة ملبيا » .

الحديث الرابع بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، هو ابن راهويه ، أنبأنا وكيع ، حدثنا سفيان الثوري ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : شهدت رسول الله ﷺ بعرفة ، وأتاه ناس من أهل نجد ، فسألوه عن الحج ، فقال رسول الله ﷺ : « الحج عرفة ، فمن أدرك ليلة عرفة قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه » قال أبو محمد رحمه الله : ليس يمنع هذا من وجوب غير عرفة ، فخصومنا مقرون أن بعد عرفة طواف الإفاضة ، وهو فرض لا يتم الحج لمن لم يطفه ، ومعنى قوله ﷺ : « من أدرك ليلة عرفة قبل الفجر » إنما هو على ما نصه ﷺ من أن يدرك مع ذلك الصلاة مع الإمام بمزدلفة . وأما قولنا : فلما كان في الطريق عند الشعب الأيسر نزل ﷺ فبال وتوضأ وضوءا خفيفا ، فقال له أسامة : الصلاة يا رسول الله فقال له ﷺ : « الصلاة أمامك » أو قال له : « المصلى أمامك » ، ثم ركب حتى أتى المزدلفة ليلة السبت العاشر من ذي الحجة ، فتوضأ ﷺ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون خطبة ، لكن بأذان واحد لهما معا وبإقامتين ، لكل صلاة منهما إقامة ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم اضطجع ﷺ بها حتى طلع الفجر ، فقام ﷺ وصلى الفجر بالناس بمزدلفة يوم السبت المذكور ، وهو يوم النحر ، وهو يوم الأضحية ، وهو يوم الحج الأكبر مغلسا أول انصداع الفجر .

الحديث الخامس بعد المئة

فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن كريب ، مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد ، قال : إنه ردف رسول الله ﷺ من عرفات ، فلما بلغ الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال ثم جاء ، فصببت عليه الوضوء فتوضأ وضوءا خفيفا ، ثم قلت : الصلاة ، قال : « الصلاة أمامك » ، وذكر باقي الحديث .

الحديث السادس بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا ابن سلام ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، مولى ابن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أن رسول الله ﷺ لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته ، قال أسامة : فجعلت أصب عليه الماء ويتوضأ ، فقلت : يا رسول الله ، أتصلي ؟ قال : « المصلى أمامك » .

الحديث السابع بعد المئة

حدثنا الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول : دفع رسول الله ﷺ من عرفة ، فنزل الشعب فبال ، ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، فقال : « الصلاة أمامك » ، فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة ، فصلى ولم يصل بينهما .

الحديث الثامن بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : حتى أتى ، يعني النبي ﷺ المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله ﷺ حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان واحد وإقامة ، وقد ذكرنا أن يوم عرفة كان يوم الجمعة ، فتلك الليلة إذا بعده هي ليلة السبت بلا شك .

الحديث التاسع بعد المئة

حدثنا الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عمرو بن خالد ، حدثنا زهير ، حدثنا أبو إسحاق ، سمعت عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه كان بالمزدلفة قائما إلى حين طلع الفجر ، فقال : إن النبي ﷺ كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم ، قال عبد الله يعني ابن مسعود : هما صلاتان تحولان عن وقتهما : المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة ، والفجر حين يبزغ الفجر ، قال : رأيت النبي ﷺ يفعله ، وأما تسمية اليوم بيوم الأضحى فمتفق عليه ، وأما تسميتنا يوم النحر بأنه هو يوم الحج الأكبر .

الحديث العاشر بعد المئة

فحدثنا الهمذاني ، عن البلخي ، عن الفربري ، عن البخاري ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر ، هو العقدي ، حدثنا قرة ، عن محمد بن سيرين ، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر ، فقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه يسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس يوم النحر ؟ » قلنا : بلى .

الحديث الحادي عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع التميمي ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا مؤمل بن الفضل ، حدثنا الوليد ، حدثنا هشام بن الغاز ، حدثنا نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج ، فقال : « أي يوم هذا ؟ » ، فقالوا : يوم النحر ، فقال : « هذا يوم الحج الأكبر » . وأما قولنا : وهناك سأله عروة بن مضرس الطائي ، وقد ذكر له عمله أنه حج ، فقال له ﷺ : « من أدرك الصلاة ، يعني صلاة الصبح ، بمزدلفة في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج » وإلا فلم يدرك .

الحديث الثاني عشر بعد المئة

فلما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا إسماعيل بن مسعود الجحدري ، حدثنا خالد هو ابن الحارث ، عن شعبة ، عن عبد الله بن أبي السفر ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : حدثني عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لأم الطائي ، قال : أتيت النبي ﷺ بجمع ، فقلت : هل لي من حج ؟ فقال : « من صلى هذه الصلاة معنا ووقف حتى يفيض وأفاض بمثل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه  » .

الحديث الثالث عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، حدثنا سفيان هو الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، وداود بن أبي هند ، وزكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن عروة بن مضرس ، قال : رأيت رسول الله ﷺ واقفا بالمزدلفة ، فقال : « من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا ، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه » .

الحديث الرابع عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى هو القطان حدثنا إسماعيل هو ابن أبي خالد ، قال : أخبرني عامر هو الشعبي ، قال : أخبرني عروة بن مضرس الطائي ، قال : أتيت رسول الله ﷺ ، فقلت : أتيتك من جبلي طيئ ، أكللت مطيتي ، وأتعبت نفسي ، والله ما مررت على حبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال : « من صلى الغداة ها هنا معنا وقد أتى عرفة قبل ذلك فقد قضى تفثه وتم حجه » .

الحديث الخامس عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني محمد بن قدامة المصيصي ، حدثنا جرير بن حازم ، عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، عن عروة بن مضرس الطائي ، قال : قال رسول الله ﷺ: « من أدرك جمعا مع الإمام والناس حتى يفيضوا فقد أدرك الحج ، ومن لم يدرك جمعا مع الإمام والناس فلم يدرك » .

الحديث السادس عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى هو القطان حدثنا سفيان هو الثوري ، حدثني بكير بن عطاء ، سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : شهدت النبي ﷺ بعرفة ، وأتاه أناس من أهل نجد فأمروا رجلا فسأله عن الحج ، فقال : « الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصبح فقد أدرك حجه ، أيام منى ثلاثة أيام ، من تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه » ، ثم أردف رجلا فجعل ينادي بها في الناس قال أبو محمد رحمه الله : تأليف هذين الحديثين أن يدرك عرفة قبل طلوع الفجر بمقدار ما يدرك صلاة الفجر مع الإمام بمزدلفة ، ولا يجوز غير هذا ، إذ من تعدى في اجتماع هذين الحديثين هذا الجمع فقد عصى أحد الحديثين ، ولا بد ، وهذا لا يجوز ، وأيضا فإن قوله ﷺ: « الحج عرفة » ، كان بعرفة ، وكان الحكم حينئذ ما قاله ﷺ ، فلما صار ﷺ بمزدلفة نزل الوحي بزيادة فرضها ، فأخبر ﷺ بذلك بمزدلفة ، فلما صار ﷺ بمنى أمر بالرمي ، فصار ذلك زيادة ، ثم أمر بطواف الإفاضة ، وقال تعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) ، فكل ما قاله بوحي ، بلا شك . وأما قولنا : واستأذنته سودة وأم حبيبة في أن تدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ﷺ ولأم سلمة وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، وأذن أيضا ﷺ للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف جميعهم بمزدلفة وذكرهم الله تعالى بها ، إلا أنه ﷺ أذن للنساء في الرمي بليل ، ولم يأذن للرجال في ذلك ، لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم ، وكان ذلك اليوم يوم كونه ﷺ عند أم سلمة .

الحديث السابع عشر بعد المئة

فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عبد الله بن سلمة بن قعنب ، حدثنا أفلح ، يعني ابن حميد ، عن القاسم ، عن عائشة ، أنها قالت : استأذنت سودة رسول الله ﷺ ليلة المزدلفة فدفعت قبله وقبل حطمة الناس .

الحديث الثامن عشر بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي ﷺ سودة أن تدفع قبل حطمة الناس ، وكانت امرأة بطيئة فأذن لها ، فدفعت قبل حطمة الناس ، وأقمنا حتى أصبحنا نحن ، فدفعنا بدفعه ﷺ .

الحديث التاسع عشر بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء هو ابن أبي رباح ، أن سالم بن شوال أخبره أنه ، دخل على أم حبيبة فأخبرته أن النبي ﷺ بعث بها مع جمع بليل .

الحديث العشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا نوح بن حبيب القومسي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ أذن لضعفة الناس من مزدلفة بليل .

الحديث الحادي والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا هارون بن عبد الله ، أخبرنا ابن أبي فديك ، عن الضحاك ، يعني ابن عثمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أرسل النبي ﷺ إلى أم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله ﷺ ، يعني عندها .

الحديث الثاني والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثني مسلم ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا يحيى هو القطان ، عن ابن جريج ، حدثني عبد الله ، مولى أسماء ، قال : قالت لي أسماء بنت أبي بكر وقد رحلت عن مزدلفة بعد مغيب القمر ليلة النحر فأتت منى ورمت الجمرة ، ثم صلت في منزلها ، فقلت لها : لقد غلسنا ، قالت : كلا أي بني ، إن رسول الله ﷺ أذن للظعن .

الحديث الثالث والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، سمعت ابن عباس ، يقول : بعثني النبي ﷺ في الثقل وفي الضعفة من جمع بليل .

الحديث الرابع والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن غيلان المروزي ، حدثنا بشر بن السري ، حدثنا سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ قدم أهله ، وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس .

الحديث الخامس والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن سالم بن عبد الله ، أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفة الناس وأهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله عز وجل ما بدا لهم ، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع ، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ، ومنهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا قدموا رموا الجمرة ، وكان ابن عمر يقول : أرخص في أولئك رسول الله ﷺ قال أبو محمد رحمه الله : الضعفة من الصبيان والنساء فقط ، بتفسير حديث ابن عباس وأسماء . وأما قولنا : فلما صلى رسول الله ﷺ الصبح بمزدلفة كما ذكرنا أتى المشعر الحرام بها ، فاستقبل القبلة فدعا الله عز وجل وكبره وهلل ووحد ، ولم يزل واقفا بها حتى أسفر جدا ، وقبل أن تطلع الشمس فدفع ﷺ حينئذ من مزدلفة ، وقد أردف الفضل بن عباس ، وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سباق قريش ، وهنالك سألت الخثعمية النبي ﷺ الحج عن أبيها الذي لا يطيق الحج ، فأمرها أن تحج عنه ، وجعل ﷺ يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر إليها وإلى النساء ، وكان الفضل أبيض وسيما وسأله ﷺ أيضا عن ذلك رجل فأجابه بمثل ذلك ، ونهض النبي ﷺ يريد منى ، فلما أتى بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك ﷺ الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى .

الحديث السادس والعشرون بعد المئة

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة رسول الله ﷺ ، قال : ثم اضطجع رسول الله ﷺ حتى طلع الفجر ، يعني بالمزدلفة ، فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة ، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، فدعا الله وكبره وهلله ووحده ، ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ، فدفع قبل أن تطلع الشمس ، وأردف الفضل بن عباس ، وكان رجلا حسن الشعر ، أبيض وسيما ، فلما دفع رسول الله ﷺ مرت ظعن يجرين ، فطفق الفضل ينظر إليهن ، فوضع رسول الله ﷺ يده على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله ﷺ يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، فصرف وجهه من الشق الآخر حتى أتى بطن محسر ، فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى .

الحديث السابع والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا يحيى بن آدم ، حدثنا زهير أبو خيثمة ، هو ابن معاوية ، حدثنا إبراهيم بن عقبة ، أخبرني كريب ، أنه سأل أسامة كيف صنعتم حين ردفت رسول الله ﷺ عشية عرفة ؟ ، فذكر له الحديث إلى أن بلغ ذكر مزدلفة ، فقال له كريب : كيف صنعتم حين أصبحتم ؟ قال : ردفه الفضل بن عباس ، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي .

الحديث الثامن والعشرون بعد المئة

وبه إلى مسلم ، حدثني علي بن خشرم ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، حدثنا سليمان بن يسار ، عن ابن عباس ، عن الفضل ، أن امرأة ، من خثعم ، قالت : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره ، فقال رسول الله ﷺ: « فحجي عنه » .

الحديث التاسع والعشرون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس ، قال : كان الفضل بن عباس رديف رسول الله ﷺ ، فجاءت امرأة من خثعم ، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، فقالت : إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : « نعم » وذلك في حجة الوداع .

الحديث الثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا أحمد بن سليمان الرمادي ، حدثنا يزيد هو ابن هارون ، أخبرنا هشام هو ابن حسان البصري ، عن محمد بن سيرين ، عن يحيى بن أبي إسحاق ، عن سليمان بن يسار ، عن الفضل بن عباس ، أنه كان رديف رسول الله ﷺ ، فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة ، وإن حملتها لم تستمسك ، وإن ربطتها خشيت أن أقتلها ، فقال رسول الله ﷺ : « أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ » قال : نعم ، قال : « فحج عن أمك » .

الحديث الحادي والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا يحيى بن يحيى ، قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عباس ، أنه قال : كان الفضل بن عباس رديف النبي ﷺ ، فجاءته امرأة من خثعم ، فقالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ ، قال : « نعم » ، وذلك في حجة الوداع ، وأما قولنا : فأتى الجمرة التي عند الشجرة ، وهي جمرة العقبة فرماها ﷺ وهو راكب على راحلته من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له ابن عباس من موقفه الذي رمى فيه مثل حصى الخذف ، وأمر بمثلها ، ونهى عن أكبر منها وعن الغلو في الدين ، فرمى بسبع حصيات كما ذكرنا ، يكبر مع كل حصاة منها ، وحينئذ قطع ﷺ التلبية ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة التي ذكرنا ، ورماها ﷺ راكبا وبلال وأسامة : أحدهما يمسك خطام ناقته ﷺ ، والآخر يظله بثوبه من الحر ، وأمر حينئذ ﷺ الناس بالسمع والطاعة لكل من أمر عليهم إذا قادهم بكتاب الله عز وجل ، وأمرهم أن يأخذوا عنه مناسكهم ، فلعله لا يحج بعد عامه ذلك .

الحديث الثاني والثلاثون بعد المئة

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، في حجة النبي ﷺ ، قال : حتى أتى يعني النبي ﷺ الجمرة التي عند الشجرة ، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي .

الحديث الثالث والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا وكيع ، حدثنا أيمن بن نابل ، عن قدامة بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يرمي جمرة العقبة يوم النحر على ناقة له صهباء ، لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك .

الحديث الرابع والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن رمح ، أخبرنا الليث ، عن أبي الزبير ، عن أبي معبد ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس ، وكان ، رديف رسول الله ﷺ أنه ﷺ قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا : « عليكم السكينة » وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى ، قال : « عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة » ولم يزل عليه السلام يلبي حتى أتم رمي جمرة العقبة .

الحديث الخامس والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق المستملي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، أن أسامة ، كان ردف النبي ﷺ من عرفة إلى مزدلفة ، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى ، فكلاهما قال : لم يزل النبي ﷺ يلبي حتى رمى جمرة العقبة .

الحديث السادس والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا ابن علية ، حدثنا عوف بن أبي جميلة ، حدثنا زياد بن حصين ، عن أبي العالية ، قال : قال ابن عباس : قال لي رسول الله ﷺ: « القط لي » ، فلقطت له حصيات وهي من حصيات الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال : « بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من قبلكم الغلو في الدين .

الحديث السابع والثلاثون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، أنه حج مع عبد الله بن مسعود ، قال : فرمى الجمرة بسبع حصيات ، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ، وقال : هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة .

الحديث الثامن والثلاثون بعد المئة

وبه إلى مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عيسى بن يونس ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابرا ، يقول : رأيت النبي ﷺ يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا : « خذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه » .

الحديث التاسع والثلاثون بعد المئة

وبه إلى مسلم ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا الحسن بن أعين ، حدثنا معقل ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدته أم الحصين ، سمعتها تقول ، : حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة انصرف وهو على راحلته ، ومعه بلال وأسامة ، أحدهما يقود راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله ﷺ من الشمس ، قالت : فقال رسول الله ﷺ قولا كثيرا ، ثم سمعته يقول : « إن أمر عليكم عبد مجدع ، حسبتها قالت : أسود ، يقودكم بكتاب الله فاسمعوا وأطيعوا » .

الحديث الأربعون بعد المئة

وبه إلى مسلم ، حدثني أحمد بن حنبل ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن الحصين ، عن أم الحصين ، جدته ، قالت : حججت مع رسول الله ﷺ حجة الوداع ، فرأيت أسامة وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله ﷺ ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .

الحديث الحادي والأربعون بعد المئة

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا أحمد بن الفضل الدينوري ، حدثنا محمد بن جرير الطبري ، حدثنا محمد بن بشار بندار ، وعبد الله بن أبي زياد ، قالا : حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، حدثنا عثمان بن مرة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، قال : أمرنا رسول الله ﷺ أن نرمي الجمار بمثل حصى الخذف ، قال عبد الله بن أبي زياد : في حديثه في حجة الوداع ، قال : أبو محمد عبد الرحمن هذا هو ابن أخي طلحة بن عبيد الله ، هو عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله .

الحديث الثاني والأربعون بعد المئة

حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ، حدثنا الدينوري ، حدثنا الطبري ، حدثنا ابن سنان القزاز ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد الأعرج ، حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي ، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ، قال : ففتحت أسماعنا حتى إنا كنا لنسمع ما يقول ونحن بمنى في منازلنا ، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار ، فوضع أصبعيه السبابتين إحداهما على الأخرى ، وقال : حصى الخذف ، وذكر باقي الحديث . وأما قولنا : وخطب ﷺ الناس في اليوم المذكور ، وهو يوم النحر بمنى ، وأنزل المهاجرين منازلهم ونزل سائر الناس في منازلهم بعد ، وعلم الناس مناسكهم وذكر أيضا ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض ، وعظم حرمة مكة على جميع البلاد ، ثم انصرف ﷺ إلى المنحر بمنى ، فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أمر عليا بنحر ما بقي منها ، مما كان علي أتى به من اليمن مع ما كان ﷺ أتى به من المدينة ، وكانت تمام المائة ، ثم حلق ﷺ رأسه المقدس ، وقسم شعره فأعطى من نصفه الناس الشعرة والشعرتين ، وأعطى نصفه الثاني كله أبا طلحة الأنصاري ، وضحى ﷺ عن نسائه بالبقر ، وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة ، وضحى هو ﷺ في ذلك اليوم بكبشين أملحين ، وأمر ﷺ أن يؤخذ من البدن التي ذكرنا من كل بدنة بضعة ، فجعلت في قدر وطبخت ، فأكل هو وعلي من لحمها ، وشربا من مرقها ، وكان ﷺ قد أشرك عليا فيها ، ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلالها ، وأن لا يعطى الجازر منها على جزارته شيئا ، وأعطاه ﷺ الأجرة على ذلك من عند نفسه ، وجرم الأبشار مع الدماء والأموال ، وأمرهم أن لا يرجعوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، وأمر بالتبليغ عنه ، وأخبر أن رب مبلغ أوعى من سامع ، وحلق بعض أصحابه ﷺ وقصر بعضهم ، فدعا ﷺ للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة .

الحديث الثالث والأربعون بعد المئة

فلما حدثناه أحمد بن قاسم ، قال : حدثني أبي قاسم بن محمد بن القاسم ، قال : حدثني جدي ، قاسم بن أصبغ البياني ، حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد البرني حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد بن قيس المكي ، عن عبد الرحمن بن معاذ ، وكان من أصحاب النبي ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا مقدم المسجد ، وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ، ثم نزل الناس بعد .

الحديث الرابع والأربعون بعد المئة

حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ، حدثنا الدينوري ، حدثنا الطبري ، حدثنا ابن سنان القزاز ، حدثنا إسحاق بن إدريس ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري ، حدثنا حميد الأعرج ، حدثنا محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي ، وكان من أصحاب رسول الله ﷺ ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ، فذكر الحديث كما ذكرناه قبل ، وفي آخره : ثم أمر المهاجرين أن ينزلوا في مقدم المسجد ، وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد ، ثم ينزل الناس بعد منازلهم ، قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان هو ابن عم طلحة بن عبيد الله بن عثمان .

الحديث الخامس والأربعون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا قرة ، عن محمد بن سيرين ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة ، وحميد بن عبد الرحمن ، كلاهما عن أبي بكرة ، قال : خطبنا رسول الله ﷺ يوم النحر ، فقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس ذو الحجة ؟ » ، قلنا : بلى ، قال : « أي بلد هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : « أليس بالبلد الحرام ؟ » قلنا : بلى ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقون ربكم ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .

الحديث السادس والأربعون بعد المئة

حدثنا حمام بن أحمد ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا عاصم بن محمد ، عن واقد بن محمد ، قال : سمعت أبي ، قال عبد الله ، هو ابن عمر ، قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع : « ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا شهرنا هذا ؟ ، قال : « فأي بلد تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا بلدنا هذا ؟ ، قال : « أي يوم تعلمونه أعظم حرمة ؟ » قالوا : ألا يومنا هذا ؟ قال : « فإن الله عز وجل قد حرم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ » ثلاثا ، كل ذلك يجيبونه : ألا نعم ، قال : « ويحكم ، أو ويلكم ، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .

الحديث السابع والأربعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني أيوب بن محمد الوزان ، حدثنا مروان هو ابن معاوية الفزاري ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، حدثنا نبيط بن شريط الأشجعي ، قال : رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس بمنى ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم سألهم ، فقال : « أي يوم أحرم ؟ » قالوا : هذا اليوم ، قال : « فأي بلد أحرم ؟ » قالوا : هذا البلد ، قال : « فأي شهر أحرم ؟ » قالوا : هذا الشهر ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة هذا اليوم وحرمة هذا الشهر وحرمة هذا البلد ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد » .

الحديث الثامن والأربعون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن ابن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن النبي ﷺ ، قال : « الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ، أي شهر هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : « أليس ذو الحجة ؟ » قلنا : بلى ، قال : « أي بلد هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، « أليس البلدة » ، قلنا : بلى ، فقال : « فأي يوم هذا ؟ » قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، فقال : « أليس يوم النحر ؟ » قلنا : بلى ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه » .

الحديث التاسع والأربعون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، حدثنا قرة بن خالد ، حدثني محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، قال : لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره ، يعني النبي ﷺ ، وأخذ إنسان بخطامه ، وإن رسول الله ﷺ خطب بالناس ، فقال : « ألا تدرون أي يوم هذا ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال : « أليس بيوم النحر ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فأي بلد هذا ، أليست بالبلد الحرام ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ » قالوا : نعم ، قال : « اللهم اشهد » .

الحديث الخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا الحج ، حتى إذا كنا بسرف أو قريبا منها حضت ، فذكرت الحديث ، وفيه : أنه ﷺ ، قال لها : فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي ، قالت : وضحى رسول الله ﷺ عن نسائه بالبقر .

الحديث الحادي والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، في حجة رسول الله ﷺ ، قال : وقد ذكر رمي الجمرة يوم النحر ، ثم انصرف ، يعني النبي ﷺ إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أعطى عليا رحمه الله فنحر ما غبر وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدور فطبخت ، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها قال جابر في هذا الحديث : وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ، والذي أتى به النبي ﷺ مائة .

الحديث الثاني والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني عمرو بن عثمان ، حدثنا الوليد هو ابن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى هو ابن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : ذبح رسول الله ﷺ عمن اعتمر معه من نسائه بقرة بينهن .

الحديث الثالث والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا عبد الله بن مبارك ، عن حرملة بن عمران ، عن عبد الله بن الحارث الأزدي ، قال : سمعت عرفة بن الحارث الكندي ، قال : شهدت رسول الله ﷺ وأتي بالبدن ، فقال : « ادعوا لي أبا الحسن » ، فدعي له علي ، فقال : « خذ بأسفل الحربة » ، وأخذ رسول الله ﷺ بأعلاها ، ثم طعنا بها البدن ، فلما فرغ ركب بغلته وأردف عليا .

الحديث الرابع والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا معاذ بن معاذ ، حدثنا زهير ، حدثنا عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي ، قال : أمرني رسول الله ﷺ أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجازر منها شيئا ، قال : ونحن نعطيه من عند أنفسنا .

الحديث الخامس والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا عمران بن يزيد ، حدثنا شعيب بن إسحاق ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني حسن بن مسلم ، أن مجاهدا ، أخبره أن عبد الرحمن بن أبي ليلى أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره أن رسول الله ﷺ ، أمره أن يقسم بدنه كلها ، لحومها وجلودها وجلالها في المساكين ولا يعطي في جزارتها منها شيئا .

الحديث السادس والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، وأبو كريب وأبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله ﷺ أتى منى ، فأتى الجمرة فرماها ، ثم أتى منزله ونحر ، ثم ذكر ، وحلق رأسه ، فقال أبو كريب في روايته التي ذكرنا ، فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ، ثم قال : الأيسر فصنع مثل ذلك ، ثم قال : ها هنا أبو طلحة ، فدفعه إلى أبي طلحة ، قال ابن أبي شيبة في روايته : قال الحلاق : ها ، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن ، هكذا فقسم شعره بين من يليه ، ثم أشار إلى الحلاق إلى الجانب الأيسر ، فحلقه فأعطاه أم سليم ، قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : لا خلاف في هذا ؛ لأن أم سليم هي امرأة أبي طلحة ، فدفعه ﷺ إليهما معا .

الحديث السابع والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبيد الله بن سعيد ، أخبرني يحيى هو القطان ، عن عبيد الله هو ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ ، قال : « يرحم الله المحلقين » قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ ، قال : « يرحم الله المحلقين » قالوا : يا رسول الله ، والمقصرين ؟ ، قال : « يرحم الله المحلقين » ، فقال : يعني في الرابعة : « والمقصرين » .

الحديث الثامن والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : حلق رسول الله ﷺ وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم ، فقال ﷺ : « يرحم الله المحلقين » مرة أو مرتين ، ثم قال : « والمقصرين » .

الحديث التاسع والخمسون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي ، حدثنا شعبة ، عن يحيى بن حصين ، عن جدته أم حصين ، قالت : سمعت النبي ﷺ يقول : « اللهم اغفر للمحلقين » قالوا : والمقصرين ؟ قال : « اللهم اغفر للمحلقين » ، قالوا : والمقصرين ؟ قال : « والمقصرين » .

الحديث الستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا عبد الله بن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، قال : لما كان ذلك اليوم قعد على بعيره ، يعني النبي ﷺ وأخذ إنسان بخطامه ، وقال : « أتدرون أي يوم هذا ؟ » ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه فقال : « أليس بيوم النحر ؟ » قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : « فأي شهر هذا ؟ » قلنا : « الله ورسوله أعلم ، قال : » أليس بذي الحجة ؟ « قلنا : بلى ، يا رسول الله ، قال : » فأي بلد هذا ؟ « قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت ، حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، قال : » أليس بالبلدة ؟ « قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : » فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، فليبلغ الشاهد الغائب « ، قال : ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما ، وإلى جزيعة من الغنم فقسمهما بيننا .

الحديث الحادي والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني عمرو بن هشام الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن يحيى بن الحصين الأحمسي ، عن جدته أم الحصين ، قالت : حججت في حجة النبي ﷺ ، فرأيت بلالا رضي الله عنه آخذا يقود بخطام ناقته ، وأسامة بن زيد رضي الله عنهما رافع عليه ثوبه يظله من الحر وهو محرم ، حتى رمى جمرة العقبة ، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وذكر قولا كثيرا .

الحديث الثاني والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا هناد بن السري ، عن أبي الأحوص ، عن ابن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو ، عن أبيه ، قال : شهدت رسول الله ﷺ في حجة الوداع يقول : « أيها الناس ، ثلاث مرات ، أي يوم هذا ؟ » قالوا : يوم النحر ، يوم الحج الأكبر ، قال : « فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا ، ألا لا يجني جان على ولده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فيرضى ، ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية يوضع ، لكم رءوس أموالكم لا يظلمون لا تظلمون » وأما قولنا : وأخبر ﷺ ، أن عرفة كلها موقف ، وارفعوا عن بطن عرنة ، وأن مزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر ، وأن منى كلها منحر ، وأن فجاج مكة منحر ، ثم تطيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف الإفاضة لإحلاله قبل أن يحل في يوم النحر وهو يوم السبت المذكور ، وطيبته عائشة أيضا بطيب فيه مسك بيديها ، ثم نهض ﷺ إلى مكة راكبا يوم النحر المذكور نفسه فطاف في يومه ذلك طواف الإفاضة ، وهو طواف الزيارة قبل الظهر ، ولم يرمل فيه وشرب من ماء زمزم بالدلو من نبيذ السقاية ، ثم رجع من يومه ذلك إلى منى ، فصلى بها الظهر ، وقيل : بل صلى الظهر بمكة ، وطافت أم سلمة في ذلك اليوم وقد طهرت يوم النحر ، وكانت رضي الله عنها يوم عرفة حائضا ، وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ، ثم حاضت ليلة النفر بعد ذلك ، ثم رجع ﷺ إلى منى وسئل حينئذ عما تقدم بعضه على بعض من الرمي والحلق والنحر والإفاضة ، فقال في كل ذلك : « لا حرج لا حرج » ، وكذلك قال في تقديم السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت وأخبر أن الله تعالى أنزل لكل داء دواء إلا الهرم ، وعظم إثم من اقترض عرض مسلم ظلما ، ثم عاد إلى منى فأقام هنالك باقي يوم السبت وليلة الأحد ويوم الأحد وليلة الإثنين ويوم الإثنين ، وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء ، وهذه هي أيام التشريق ، يرمي الجمار الثلاث وفي كل يوم من هذه الأيام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل يوم لكل جمرة ، يبدأ بالدنيا ، وهي التي تلي مسجد منى ، ويقف عندها للدعاء طويلا ، ثم التي تليها وهي الوسطى ، ويقف أيضا عندها للدعاء كذلك ، ثم جمرة العقبة ، ولا يقف عندها ويكبر ﷺ مع كل حصاة ، وخطب ﷺ الناس أيضا يوم الأحد ، ثاني أيام النحر ، وهو يوم الرءوس ، وقد روي أيضا أنه ﷺ خطبهم أيضا يوم الاثنين وهو يوم الأكارع ، وأوصى بذوي الأرحام خيرا ، وأخبر ﷺ أنه لا تجني نفس على أخرى ، واستأذنه العباس عمه رضي الله عنه في المبيت بمكة ليالي منى المذكورة من أجل سقايته ، فأذن له ﷺ وأذن ﷺ للرعاء مثل ذلك .

الحديث الثالث والستون بعد المئة

فلما حدثناه عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، عن جعفر بن محمد ، حدثني أبي ، عن جابر ، في حجة الوداع أن رسول الله ﷺ ، قال : « نحرت ها هنا ومنى كلها منحر ، فانحروا في رحالكم ، ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف ، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف » .

الحديث الرابع والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق القاضي ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى بن سعيد وهو القطان حدثنا جعفر هو ابن محمد ، حدثنا أبي ، عن جابر ، قال : ثم قال النبي ﷺ: « قد نحرت ها هنا ومنى كلها منحر ووقف بعرفة » ، فقال : « قد وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف » .

الحديث الخامس والستون بعد المئة

حدثنا أحمد بن عمر بن أنس ، حدثنا عبد الله بن حسين بن عقال القرينشي ، حدثنا إبراهيم بن محمد الدينوري ، حدثنا محمد بن أحمد بن الجهم ، حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا مسدد ، حدثنا حفص هو ابن غياث عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ قال عند المروة : « هذا المنحر وفجاج مكة كلها منحر » ، وقال بمنى : « هذا المنحر وفجاج منى منحر » ، هكذا قال .

الحديث السادس والستون بعد المئة

وبه إلى ابن الجهم ، حدثنا جعفر الصائغ ، حدثنا أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار ، عن سليمان بن موسى ، عن عبد الرحمن بن أبي حصين ، عن جبير بن مطعم ، قال : قال رسول الله ﷺ : « كل عرفات موقف وارفعوا عن عرنة ، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر » ، قال أبو محمد : المزدلفة هي جمع .

الحديث السابع والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا علي بن عبد الله بن المديني ، عن سفيان هو ابن عيينة ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، أنه سمع أباه ، وكان أفضل أهل زمانه يقول : سمعت عائشة ، رضي الله عنها تقول : طيبت رسول الله ﷺ بيدي هاتين حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف ، وبسطت يديها .

الحديث الثامن والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني يعقوب الدورقي ، وأحمد بن منيع ، قالا : حدثنا هشيم ، أخبرنا منصور ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أطيب رسول الله ﷺ قبل أن يحرم ويحل ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك .

الحديث التاسع والستون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي أبو عبيد الله المكي ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : طيبت رسول الله ﷺ لحرمه حين أحرم ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت .

الحديث السبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ أفاض يوم النحر ، ثم رجع فصلى الظهر بمنى ، وهذه الرواية عن ابن عمر .

الحديث الحادي والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، وذكر ، في حجة النبي ﷺ رميه الجمار يوم النحر ، قال : ثم ركب رسول الله ﷺ فأفاض بالبيت ، فصلى بمكة الظهر وأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال : « انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم » ، فناولوه دلوا فشرب منه .

الحديث الثاني والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا علي بن بحر ، وعبد الله بن سعيد المعنى قالا : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : أفاض رسول الله ﷺ من آخر يومه حتى صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس ، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، قال أبو محمد : فهذا جابر وعائشة رضي الله عنهما قد اتفقا على أنه ﷺ صلى الظهر يوم النحر بمكة ، وهما والله أعلم أضبط لذلك من ابن عمر ، فعائشة أخص به ﷺ من جميع الناس ، والله أعلم .

الحديث الثالث والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن المنهال الضرير ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني ، أنه سمع ابن عباس ، يقول وهو جالس معه عند الكعبة : قدم النبي ﷺ على راحلته ، وخلفه أسامة بن زيد فاستسقى ، فأتياه بإناء من نبيذ ، فشرب وسقى فضله أسامة ، وقال : « أحسنتم وأجملتم ، هكذا فاصنعوا » ، قال ابن عباس : فنحن لا نريد أن نغير ما أمر به رسول الله ﷺ .

الحديث الرابع والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا يحيى بن يحيى ، عن مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة ، رضي الله عنها ، قالت : شكوت إلى رسول الله ﷺ أني أشتكي ، فقال : « طوفي من وراء الناس وأنت راكبة » ، قالت : فطفت ورسول الله ﷺ حينئذ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ ب الطور وكتاب مسطور .

الحديث الخامس والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ في حجة الوداع ، فذكرت الحديث ، وفيه : فأدركني يوم عرفة وأنا حائض .

الحديث السادس والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ، هو العقدي ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ، لا نذكر إلا الحج ، حتى جئنا سرف فطمثت ، فذكرت الحديث ، وفيه : فلما كان يوم النحر طهرت ، فأمرني رسول الله ﷺ فأفضت ، وذكرت باقي الحديث ، وبعد هذا خلاف في موضع طهورها في باب ترجمته باب الاختلاف في لفظه ﷺ لعائشة إذ حاضت .

الحديث السابع والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي سلمة ، أن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ حجاجا ، فأفضنا يوم النحر وحاضت صفية ، فأراد رسول الله ﷺ منها ما يريد الرجل من أهله ، فقالت : يا رسول الله أنا حائض ، قال : « أحابستنا هي ؟ » قالوا : يا رسول الله قد أفاضت يوم النحر ، قال : « اخرجوا » حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثني أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثني إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : حاضت صفية ليلة النفر ، وذكرت باقي الحديث .

الحديث الثامن والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا سفيان هو ابن عيينة ، عن سفيان ، هو الثوري ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « الحج عرفات ، ثلاثا ، فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه » .

الحديث التاسع والسبعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمد بن بشار ، حدثنا سهل بن يوسف ، وحماد بن مسعدة ، قالا : حدثنا شعبة ، عن بكير بن عطاء ، عن عبد الرحمن بن يعمر ، عن النبي ﷺ أنه سئل عن الحج ، فقال : الحج عرفة ، أيام منى ثلاثة أيام ، من تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه .

الحديث الثمانون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا الحسين بن حريث ، حدثنا سعيد بن سالم ، عن موسى بن علي بن رباح ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، أن النبي ﷺ قال : « يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ؛ أيام أكل وشرب » .

الحديث الحادي والثمانون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ ، حدثنا علي بن الحسن ، عن عبد الله بن المبارك ، أخبرنا محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : سمعت رسول الله ﷺ ، وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة ، فقال : يا رسول الله ، إني حلقت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » ، وأتاه آخر ، فقال : إني ذبحت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » ، وأتاه رجل آخر ، فقال : إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ، قال : « ارم ولا حرج » ، فما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال : « افعلوا ولا حرج » .

الحديث الثاني والثمانون بعد المئة

وبه إلى مسلم : حدثني محمد بن حاتم ، حدثنا بهز ، حدثنا وهيب ، حدثنا عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير ، فقال : « لا حرج » .

الحديث الثالث والثمانون بعد المئة

حدثني أحمد بن عمر بن أنس العذري ، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الكرابيسي ، أخبرنا الحسين بن إدريس ، حدثنا عثمان هو ابن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الشيباني هو أبو إسحاق ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : خرجت مع النبي ﷺ حاجا ، فكان الناس يأتونه ، فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو أخرت شيئا ، أو قدمت شيئا ، فكان يقول لهم : « لا حرج ، لا حرج ، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم ، فذلك الذي حرج وهلك » .

الحديث الرابع والثمانون بعد المئة

حدثنا أحمد بن عمر بن أنس ، حدثنا أبو ذر الهروي ، حدثنا شيبان بن محمد الضبعي ، وأمة السلام بنت أحمد بن كامل القاضي ، قال شيبان : حدثنا أبو خليفة ، حدثنا ابن كثير ، وقالت أمة السلام : حدثنا محمد بن إسماعيل البندار ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، وابن كثير ، عن سفيان ، هو الثوري ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن سلمة بن قيس هو الأشجعي قال : قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع : « أربع لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ولا تسرقوا » . وفي رواية أمة السلام : « ولا تسرقوا ولا تزنوا » . وقد ذكرنا أن يوم النحر كان يوم السبت وأيام منى بعده ثلاثة فهي بلا شك يوم الأحد ، والإثنين والثلاثاء ، وليالي هذه الأيام .

الحديث الخامس والثمانون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا طلحة بن يحيى الأنصاري ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل مستقبلا القبلة فيقوم طويلا ، ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الجمرة الوسطى ، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ، ويقوم مستقبلا القبلة ، ثم يدعو ويرفع يديه ، ويقوم طويلا ، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ، ثم ينصرف ويقول : هكذا رأيت رسول الله ﷺ يفعله . وقد ذكرنا قبل هذا الحديث ، وما يدل على هذا العمل في كل أيام التشريق .

الحديث السادس والثمانون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : رمى رسول الله ﷺ الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد فإذا ما زالت الشمس .

الحديث السابع والثمانون بعد المئة

حدثني أحمد بن عمر بن أنس العذري ، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الأنصاري ، حدثنا أحمد بن عبدان الحافظ ، بالأهواز ، أخبرنا سهل بن موسى شيران ، حدثنا أبو موسى ، حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا أبو العوام ، حدثنا محمد بن جحادة ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : شهدت رسول الله ﷺ في حجة الوداع يخطب وهو يقول : « أمك وأباك وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك » . قال : فجاء قوم فقالوا : يا رسول الله قتلتنا بنو يربوع ، فقال رسول الله ﷺ: « لا تجني نفس على أخرى » ، ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار فقال : « ارم ولا حرج » ، ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله نسيت الطواف ، فقال : « طف ولا حرج » ، ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح ، فقال : « اذبح ولا حرج » . فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال : « لا حرج لا حرج » . ثم قال : « قد أذهب الله الحرج إلا رجل اقترض امرأ مسلما فذلك الذي حرج وهلك » . وقال : « ما أنزل الله عز وجل داء إلا أنزل معه دواء إلا الهرم » .

الحديث الثامن والثمانون بعد المئة

حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ، حدثنا ابن مطرف الخطيب ، حدثنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى ، حدثنا أبي ، حدثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أنه قال : وقف رسول الله ﷺ في حجة الوداع بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال : يا رسول الله إني لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال رسول الله ﷺ: « اذبح ولا حرج » ، وجاء آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : « ارم ولا حرج » . قال : فما سئل يومئذ عن شيء قدم أو أخر إلا قال : « اصنع ولا حرج » .

الحديث التاسع والثمانون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا أبو سعيد الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الشيباني هو أبو إسحاق ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك ، قال : خرجت مع رسول الله ﷺ حاجا ، وكان الناس يأتونه فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل الطواف ، أو أخرت شيئا أو قدمت شيئا ، فكان يقول : « لا حرج إلا على رجل اقترض عرض مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك » .

الحديث التسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين ، حدثتني جدتي سراء بنت نبهان وكانت ربة بيت في الجاهلية قالت : خطبنا النبي ﷺ يوم الرءوس فقال : « أي يوم هذا » ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم قال : « أليس أوسط أيام التشريق  » ؟ . قال أبو محمد : إن صح أنه كان يوم الرءوس فهو ثاني النحر بإجماع من أهل مكة ، ويكون أوسط حينئذ بمعنى أشرف ، قال تعالى ( جعلناكم أمة وسطا) ونحن بلا شك آخر الأمم ، وقال عليه الصلاة والسلام : « فسلوا الله الفردوس فإنه وسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوق ذلك عرش الرحمن » . فهذا نص على أن الوسط هو الأشرف .

الحديث الحادي والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، أن العباس بن عبد المطلب ، استأذن النبي ﷺ أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له .

الحديث الثاني والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا سليمان بن الأشعث ، حدثنا القعنبي ، أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن أبي البداح بن عاصم ، عن أبيه ، أن رسول الله ﷺ أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة ، يرمون يوم النحر ثم يرمون من الغد ، ومن بعد الغد يومين ، ثم يرمون يوم النفر .

الحديث الثالث والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، عن عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله ، ومحمد ، ابني أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيهما ، عن أبي البداح بن عدي ، عن أبيه ، أن النبي ﷺ رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما .

الحديث الرابع والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا عمر بن عبد الملك ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا سليمان بن داود ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، أن النبي ﷺ لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه وأما قولنا : ثم نهض ﷺ بعد زوال الشمس من يوم الثلاثاء المؤرخ ، وهو آخر أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة ، وهو يوم النفر إلى المحصب ، فضربت بها قبته ضربها أبو رافع مولاه ، وكان على ثقله ﷺ ، وقد كان عليه السلام قال لأسامة بن زيد أنه ينزل غدا بالمحصب خيف بني كنانة ، وهو المكان الذي ضرب به أبو رافع قبته وفاقا من الله عز وجل دون أن يأمره ﷺ بذلك ، وصلى ﷺ بالمحصب الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة ، وبات بها ليلة الأربعاء المذكورة ، وقد رقد رقدة ، ورغبت إليه عائشة أن يعمرها عمرة مفردة ، وقال لها ﷺ : « أما كنت طفت ليالي قدمنا مكة » ؟ فقالت : لا ، وأخبرها ﷺ يوم النفر ويوم النحر ، وإذ طهرت أنها قد حلت من عمرتها وحجها ، وأن طوافها يجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة مفردة ، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أخاها بأن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك ، وانتظرها ﷺ بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك ، وأمر الناس أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت ، ورخص في ترك ذلك للحائض التي قد طافت طواف الإفاضة قبل أن تحيض ، ثم إن رسول الله ﷺ دخل مكة فطاف بالبيت طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء المذكور ، ثم خرج من أسفل مكة من الثنية السفلى ، والتقى بعائشة رضي الله عنها وهو ناهض إلى الطواف المذكور ، وهي راجعة من تلك العمرة التي ذكرنا ثم رجع ﷺ وأمر بالرحيل .

الحديث الخامس والتسعون بعد المئة

فلما حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ، أخبرنا سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، قال : سألت أنس بن مالك أين صلى رسول الله ﷺ الظهر يوم التروية ؟ قال : بمنى ، قلت : فأين صلى العصر يوم النفر ؟ قال : بالأبطح . قال أبو محمد : وقد ذكرنا أنه ﷺ كان يرمي الجمرة في أيام منى بعد الزوال ، وذلك اليوم هو آخر أيام منى ، وهو الثالث من أيام التشريق ، وهو الثالث عشر من ذي الحجة بلا خلاف في شيء من ذلك ، وإذا كان يوم عرفة يوم الجمعة فيوم النفر هو يوم الثلاثاء بلا شك .

الحديث السادس والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا حميد ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ، ثم هجع هجعة ، ثم دخل مكة .

الحديث السابع والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا قتيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن صالح بن كيسان ، عن سليمان بن يسار ، عن أبي رافع ، وكان على ثقل النبي ﷺ قال : لم يأمرني رسول الله ﷺ أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكني جئت فضربت قبته فجاء فنزل .

الحديث الثامن والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان بن عفان ، عن أسامة بن زيد ، قال : قلت يا رسول الله أين ننزل غدا في حجته ؟ قال : « وهل ترك لنا عقيل منزلا » ، ثم قال : « نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة المحصب ، حيث قاسمت قريش على الكفر » .

الحديث التاسع والتسعون بعد المئة

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني الزهري ، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، حدثني أبو هريرة ، قال : قال لنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى : « نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر » ، وذلك أن قريشا وبني كنانة حالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله ﷺ يعني بذلك المحصب . هكذا نص الحديث .

الحديث المئتان

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا محمود بن خالد ، حدثنا عمر ، عن الأوزاعي ، حدثني الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال حين أراد أن ينفر من منى : « نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة » . يعني المحصب ، هذا نص الحديث .

الحديث الواحد بعد المئتان

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أصبع بن الفرج ، أخبرنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن قتادة ، أن أنس بن مالك حدثه أن النبي ﷺ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف .

الحديث الثاني بعد المئتان

وبه إلى البخاري : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عثمان بن الأسود ، حدثنا ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، أنها قالت : يا رسول الله يرجع أصحابك بأجر حج وعمرة ولم أزد على الحج ؟ فقال لها : « اذهبي فليردفك عبد الرحمن » ، فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم فانتظرها رسول الله ﷺ بأعلى مكة حتى جاءت . قال أبو محمد : إنما أدخلنا هذا الحديث لهذه اللفظة : فانتظرها ﷺ بأعلى مكة حتى جاءت .

الحديث الثالث بعد المئتان

حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا أحمد بن فتح ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى ، حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا مسلم ، حدثنا ابن نمير ، وزهير بن حرب ، قال زهير : حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله بن عمر ، قال ابن نمير : حدثنا أبي ، حدثنا عبيد الله ، ثم اتفقا عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، ويدخل من طريق المعرس ، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ، ويخرج من الثنية السفلى . زاد زهير في حديثه : الثنية العليا التي بالبطحاء .

الحديث الرابع بعد المئتان

وبه إلى مسلم : حدثنا محمد بن المثنى ، وابن أبي عمر ، جميعا عن ابن عيينة ، قال ابن المثنى : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي ﷺ لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها .

الحديث الخامس بعد المئتان

وبه إلى مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ، أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا الحج ، وذكرت الحديث ، قالت فيه : فلما كانت ليلة الحصبة قلت : يا رسول الله يرجع الناس بعمرة وحجة وأرجع أنا بحجة ؟ قال : « أوما كنت طفت ليالي قدمنا مكة » ؟ قالت : قلت : لا ، قال : « فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة ثم موعدك مكان كذا وكذا » . قالت عائشة : فلقيني رسول الله ﷺ وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها أو : أنا مصعدة وهو منهبط منها . قال أبو محمد : الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو ﷺ منهبط ؛ لأنها تقدمت إلى العمرة وانتظرها ﷺ حتى جاءت ، ثم نهض ﷺ إلى طواف الوداع فلقيها منصرفة إلى المحصب عن مكة ، والحديث الذي يتلو هذا فيه نص ما قلنا . وقوله ﷺ لها أنها قد حلت من حجها وعمرتها ، وإن طوافها يجزئها وعمرتها مذكور في باب من هذا الكتاب مترجم بباب الاختلاف في لفظه عليه السلام لعائشة إذ حاضت وهي معتمرة فأمرها ﷺ .

الحديث السادس بعد المئتان

حدثنا عبد الله بن ربيع ، حدثنا محمد بن معاوية ، حدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني جعفر بن ربيعة ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن أبي سلمة ، أن عائشة ، قالت : خرجنا حجاجا فأفضنا يوم النحر وحاضت صفية ، فأراد رسول الله ﷺ منها ما يريد الرجل من أهله ، فقالت : يا رسول الله إنها حائض قال : « أحابستنا هي » ؟ قالوا : يا رسول الله قد أفاضت يوم النحر ، قال : « اخرجوا » .

الحديث السابع بعد المئتان

حدثنا حمام ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم ، حدثنا أبو زيد المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، فذكرت الحديث ، وفيه : حتى نفرنا من منى فدعا ﷺ عبد الرحمن فقال : « اخرج بأختك من الحرم فلتهل بالعمرة ثم افرغا من طوافكما أنتظركما ها هنا » . فأتينا في جوف الليل فقال : « فرغتما » ؟ قلت : نعم ، فنادى بالرحيل في أصحابه ، فارتحل الناس ، ثم طاف بالبيت قبل صلاة الصبح ، ثم خرج متوجها إلى المدينة وأما قولنا : فكانت مدة إقامته ﷺ بمكة عشرة أيام مذ دخلها إلى أن خرج إلى منى إلى عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب . فلما قد بينا فيما خلا أنه ﷺ دخلها صبيحة يوم الأحد وخرج ليلة الأربعاء .

الحديث الثامن بعد المئتان

وهكذا حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا يحيى بن أبي إسحاق ، سمعت أنسا ، قال : خرجنا مع رسول الله ﷺ من المدينة إلى مكة ، فكنا نصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ، قلت : أقمتم بها شيئا ؟ قال : أقمنا بها عشرا وأما قولنا : إنه ﷺ أمر الناس أن لا ينفروا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت إلا المرأة التي حاضت بعد أن طافت طواف الإفاضة .

الحديث التاسع بعد المئتان

فلما حدثناه عبد الله بن ربيع ، حدثنا ابن السليم ، حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن علي ، حدثنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : كان الناس ينصرفون في كل وجهة ، فقال النبي ﷺ : « لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت » .

الحديث العاشر بعد المئتان

حدثنا حمام ، حدثنا عباس بن أصبغ ، حدثنا ابن أيمن ، حدثنا بكر بن حماد ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : أمر الناس أن يكون ، آخر عهدهم الطواف بالبيت ، إلا أنه خفف عن الحائض وأما قولنا : خرج ﷺ من الثنية السفلى من مكة فلما أتى ذا الحليفة بات بها ، ثم لما رأى المدينة كبر ثلاث تكبيرات ، وقال : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » ، ثم دخل ﷺ المدينة نهارا من طريق المعرس . فلما قد ذكرناه فيما خلا من هذا الكتاب في باب دخوله ﷺ في الليل مكة .

الحديث الحادي عشر بعد المئتان

وحدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا البلخي ، حدثنا الفربري ، وحدثنا البخاري ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا أنس بن عياض ، عن عبيد الله هو ابن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان يخرج من طريق الشجرة ، ويدخل إلى مكة ، يصلي في مسجد الشجرة ، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي ، وبات حتى يصبح .

الحديث الثاني عشر بعد المئتان

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني ، حدثنا أبو إسحاق البلخي ، عن الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن مقاتل ، أخبرنا عبد الله أبو محمد ، قال : أخبرنا موسى بن عقبة ، عن سالم ، ونافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله ﷺ كان إذا قفل من الغزو ، أو من الحج ، أو من العمرة يبدأ فيكبر ثلاث مرات ثم يقول : « لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده » قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : قد ذكر ابن عمر أنه ﷺ كان يقول ما ذكرنا إذا انصرف من الحج ، ولم يكن له ﷺ بعد الهجرة إلا حج واحد ، فقد قال فيه ذلك بلا شك .

قال أبو محمد علي بن أحمد رحمه الله : قد أكملنا ما وعدنا به من ذكر الأحاديث التي استشهدنا بها على ما ذكرناه من كيفية عمله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، بحول الله تعالى وقوته ، والحمد لله رب العالمين كثيرا .