الرئيسيةبحث

كتاب الأم/قسم الفيء/الوجه الثاني من النفل

الوجه الثاني من النفل


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (أن النبي ﷺ بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة كانت سهمانهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا ثم نفلوا بعيرا بعيرا) أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج أنه سمع سعيد بن المسيب يقول كان الناس يعطون النفل من الخمس.

[قال الشافعي]: وحديث ابن عمر يدل على أنهم إنما أعطوا مالهم مما أصابوا على أنهم نفلوا بعيرا بعيرا والنفل هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم وقول ابن المسيب يعطون النفل من الخمس كما قال: إن شاء الله، وذلك من خمس النبي ﷺ فإن له خمسا من كل غنيمة فكان النبي ﷺ يضعه حيث أراه الله كما يضع سائر ماله فكان الذي يريه الله تبارك وتعالى ما فيه صلاح المسلمين.

[قال الشافعي]: وما سوى سهم النبي ﷺ من جميع الخمس لمن سماه الله عز وجل له فلا يتوهم عالم أن يكون قوم حضروا فأخذوا مالهم وأعطوا مما لغيرهم إلا أن يطوع به عليهم غيرهم.

[قال الشافعي]: والنفل في هذا الوجه من سهم النبي ﷺ فينبغي للإمام أن يجتهد، فإذا كثر العدو واشتدت الشوكة وقل من بإزائه من المسلمين نفل منه اتباعا لسنة رسول الله ﷺ وإذا لم يكن ذلك لم ينفل، وذلك أن أكثر مغازي النبي ﷺ وسراياه لم يكن فيها أنفال من هذا الوجه.

[قال الشافعي]: والنفل في أول مغزى والثاني وغير ذلك سواء على ما وصفت من الاجتهاد.

[قال الشافعي]: والذي يختار من أرضى من أصحابنا أن لا يزاد أحد على ماله لا يعطى غير الأخماس، أو السلب للقاتل ويقولون لم نعلم أحدا من الأئمة زاد أحدا على حظه من سلب، أو سهما من مغنم إلا أن يكون ما وصفت من كثرة العدو وقلة المسلمين فينفلون، وقد روى بعض الشاميين في النفل في البدأة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى ورواية ابن عمر أنه نفل نصف السدس فهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام وأكثر مغازي رسول الله ﷺ لم يكن فيها إنفال، فإذا كان للإمام أن لا ينفل فنفل فينبغي لتنفيله أن يكون على الاجتهاد غير محدود.