الرئيسيةبحث

كتاب الأم/الشهادات/شهادة الوارث


شهادة الوارث


[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: فإذا شهد وارث وهو عدل لرجل أن أباه، أوصى له بالثلث وجاء آخر بشاهدين يشهدان له أن أباه، أوصى له بالثلث فهو مثل الرجلين يقيم أحدهما شاهدين على الدار بأنهما له ويقيم الآخر شاهدا أنها له لا اختلاف بينهما، فمن رأى أن يسوى بين شاهد ويمين في هذا وبين شاهدين أحلف هذا مع شاهده وجعل الثلث بينهما نصفين ومن لم ير ذلك؛ لأن الشهادة لم تتم حتى يكون المشهود له مستغنيا عن أن يحلف جعل الثلث لصاحب الشاهدين وأبطل شهادة الوارث إذا كان وحده، ولو كان معه وارث آخر تجوز شهادته، أو أجنبي كان الثلث بينهما نصفين في القولين معا قال، ولو أن الوارث شهد أن أباه رجع عن وصيته للمشهود له وصيره إلى هذا الآخر حلف مع شاهده، وكان الثلث له وهذا يخالف المسألة الأولى لأنهما في المسألة الأولى مختلفان وهذا يثبت ما ثبتا ويثبت أن أباه رجع فيه قال، ولو مات رجل وترك بنين عددا فاقتسموا، أو لم يقتسموا، ثم شهد أحد الورثة لرجل أن أباه، أوصى له بالثلث فإن كان عدلا حلف مع شاهده وأخذ الثلث من أيديهم جميعا وإن كان غير عدل أخذ ثلث ما في يديه ولم يأخذ من الآخرين شيئا وأحلفوا له، وهكذا لو كان الشاهد امرأتين من الورثة، أو عشرا من الورثة لا رجل معهن أخذ ثلث ما في أيديهن ولم تجز شهادتهن على غيرهن ممن لم يقر ولم يحلف المشهود له مع شهادتهن قال، ولو كان الميت ترك ألفا نقدا وألفا دينا على أحد الوارثين فشهد الذي عليه الدين لرجل أنه، أوصى له بالثلث فإن كان عدلا أعطاه ثلث الألف التي عليه؛ لأنها من ميراث الميت وأعطى الآخر ثلث الألف التي أخذ إذا حلف وإن كان مفلسا.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أقر الوارث بدين على أبيه، ثم أقر عليه بدين بعده فسواء الإقرار الأول، والإقرار الآخر؛ لأن الوارث لا يعدو أن يكون إقراره على أبيه يلزمه فيما صار في يديه من ميراث أبيه كما يلزمه ما أقر به في مال نفسه وهو لو أقر اليوم لرجل عليه بدين وغدا لآخر لزمه ذلك كله ويتحاصان في ماله، أو يكون إقراره ساقطا؛ لأنه لم يقر على نفسه فلا يلزمه واحد منهما وهذا مما لا يقوله أحد علمته، بل هما لازمان معا، ولو كان معه وارث، وكان عدلا حلفا مع شاهدهما، ولو لم يكن عدلا كانت المسألة الأولى ويلزمه ذلك فيما في يديه دون ما في يدي غيره قال، وإذا مات رجل وترك وارثا، أو ورثة، فأقر أحد الورثة في عبد تركه الميت أنه لرجل بعينه، ثم عاد بعد فقال، بل هو لهذا الآخر فهو للأول وليس للآخر فيه شيء ولا غرم على الوارث قال، وكذلك لو وصل الكلام فقال هو لهذا، بل هو لهذا كان للأول منهما، وذلك أنه حينئذ كالمقر في مال غيره فلا يصدق على إبطال إقرار قد قطعه لآخر بأن يخرجه إلى آخر، وليس في معنى الشاهد الذي شهد بما لا يملك لرجل، ثم يرجع قبل الحكم فيشهد به لآخر قال، وإذا مات الميت وترك ابنين فشهد أحدهما لرجل بدين فإن كان ممن تجوز شهادته أخذ الدين من رأس المال مما في يدي الوارثين جميعا إذا حلف المشهود له وإن كان ممن لا تجوز شهادته أخذ من يدي الشاهد له من دينه بقدر ما كان يأخذ منه لو جازت شهادته؛ لأن موجودا في شهادته أنه إنما له في يدي المقر حق وفي يدي الجاحد حق، فأعطيته من المقر ولم أعطه من الجاحد شيئا وليس هذا كما هلك من مال الميت ذاك كما لم يترك، ألا ترى أنه لو ترك ألفين فهلكت إحداهما وثبت عليه دين ألف أخذت الألف، وكذلك لو ثبت لرجل وصية بالثلث أخذ ثلث الألف، وكانت الهالكة كما لم يترك، ولو قسم الورثة ماله اتبع أهل الدين وأهل الوصية كل وارث بما صار في يديه حتى يأخذوا من يديه بقدر ما صار لهم، ولو أفلسوا، فأعطي أهل الدين دينهم من يدي من لم يفلس رجع به على من أفلس وهذا الشاهد لا يرجع أبدا على أخيه بشيء إنما هو أقر به قال، ولو ترك الميت رجلا وارثا واحدا، فأقر لرجل أن له هذا العبد بعينه، ثم أقر به بعد لهذا فهو للأول ولا يضمن للآخر شيئا وسواء دفع العبد إلى المقر له الأول، أو لم يدفعه لا فرق بينهما، ولو زعمت أنه إذا دفعه إلى الأول، ثم أقر به للآخر ضمن للآخر قيمة العبد؛ لأنه قد استهلكه بدفعه إلى الأول قلت كذلك لو لم يدفعه من قبل أني إذا أجزت إقراره الأول، ثم أردت أن أخرج ذلك من يدي الأول إلى الآخر بإقرار كنت أقررت في مال غيري فلا أكون ضامنا لذلك وسواء كان الوارث إذا كان منفردا بالميراث ممن تجوز شهادته، أو لا تجوز في هذا الباب من قبل أن لا أقبل شهادته في شيء قد أقر به لرجل وخرج من ملكه إليه قال وهكذا لو أقر أن أباه، أوصى لرجل بثلث ماله، ثم قال، بل، أوصى به لهذا لم أقبل قوله من قبل أني قد ألزمته أن أخرج من يديه ثلث مال أبيه إليه فإذا أراد إخراجه إلى غيره جعلته خصما للذي استحقه أولا بإقراره فلا أقبل شهادته فيما هو فيه خصم له، قال، ولو اقتسم الورثة، ثم لحق الميت دين، أو وصية بشهادة وارث، أو غير وارث فذلك كله سواء ويقال للورثة إن تطوعتم أن تؤدوا على هذا دينه وتثبتون على القسم فذلك وإن أبيتم بعنا لهذا في أحضر ما ترك الميت ونقضنا القسم بينكم ولم نبع على كل واحد منهم بقدر الدين ولا بقدر الوصية، ألا ترى أنه لو ترك دارا وأرضا ورقيقا وثيابا ودراهم وترك دينا أعطينا صاحب الدين من الدراهم الحاضرة ولم نحبسه على غائب يباع ولم نبع له مال الميت كله وبعنا له من مال الميت بقدر دينه، أو وصيته.