الرئيسيةبحث

كتاب الأم/أحكام التدبير/ولد المدبرة ووطؤها


ولد المدبرة ووطؤها


[قال الشافعي]: رضي الله تعالى عنه ولسيد المدبرة أن يطأها؛ لأنها على الرق [قال]: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه دبر جاريتين له، فكان يطؤهما وهما مدبرتان.

[قال الشافعي]: وإذا دبر الرجل أمة فولدت بعد تدبيرها في بقية عمرها وهي مدبرة فسواء، والقول فيهم واحد من قولين كلاهما له مذهب، والله تعالى أعلم، فأما أحدهما فإن سيد المدبرة لما دبرها ولم يرجع في التدبير فكانت مملوكة موقوفة العتق ما لم يرجع فيها مدبرها بأن يخرجها من ملكه، وكان الحكم في أن ولد كل ذات رحم بمنزلتها إن كانت حرة كان حرا وإن كانت مملوكة كان عبدا لا وقف فيها غير الملك كان مملوكا كان ولد المدبرة بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها، وقد قال هذا بعض أهل العلم، ومن قال هذا القول انبغى أن يقول: فإن رجع السيد في ولدها كان له ولم يكن ذلك رجوعا في تدبير أمهم، وكذلك إن رجع في تدبيرها لم يكن رجوعا في تدبير من ولدت وهي مدبرة، والرجوع أن يخرجه من ملكه، فإن قال قائل: فكيف يكون له الرجوع في تدبيرها ولا يكون رجوعه في تدبيرها رجوعا في تدبير ولدها، وإنما ثبت لهم التدبير بأن أمهم مدبرة فحكمنا أنهم كمن ابتدئ تدبيره ولم يحكم لهم أنهم كعضو منها، فما الدليل على ذلك؟ قيل: ألا ترى أن قيمتهم لو كانت مثل قيمتها أو أقل، أو أكثر، ثم مات السيد قوموا كما تقوم أمهم ولم يعتقوا بغير قيمة كما لا تعتق أمهم بغير قيمة، فإذا حكمنا بهذا جعلنا حكمهم كحكم أنفسهم وإن ثبت ذلك بها ولو جعلت حكمهم حكم أمهم وجعلت القيمة لها دونهم ولم أجعل له الرجوع فيهم دونها وجعلناه إذا رجع فيها راجعا فيهم وجعلناهم رقيقا لو ماتت قبل موت سيدها وأبطلنا تدبيرهم إذا لم تعتق أمهم، فهذا لا يجوز لمن يقول هذا القول والله تعالى أعلم.

[قال الشافعي]: وسواء كان ولدها ذكورا أو إناثا، فإن ولدت ذكورا، أو إناثا فأولاد الإناث بمنزلة أمهاتهم سواء، والقول في الرجوع فيها وفيهم وترك الرجوع والرجوع في أمهاتهم دونهم وفيهم دون أمهاتهم كالقول في بنات المدبرة نفسها، وولد الذكور بمنزلة أمهاتهم إن كن حرائر كانوا أحرارا وإن كن إماء كانوا إماء لمن ملك أمهاتهم [قال]: وإذا دبر أمته فولدت أولادا بعد التدبير فالقول فيها وفيهم كما وصفت، فإن رجع في تدبيرها، ثم ولدت أولادا لأقل من ستة أشهر من يوم رجع فالولد في معنى هذا القول مدبر؛ لأن العلم قد أحاط أن التدبير قد وقع عليهما وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا بعد الرجوع فالولد ولد مملوك لا تدبير له إلا أن يحدث له السيد تدبيرا.

[قال الشافعي]: وإذا دبر جارية له، ثم قال: تدبيرها ثابت وقد رجعت في تدبير كل ولد تلده ولا ولد لها فليس هذا بشيء؛ لأنه لا يرجع إلا فيما وقع له تدبير، فأما ما لم يملك ولم يقع له تدبير في أي شيء يرجع لا شيء له يرجع فيه، وإذا ولدت المدبرة ولدا فاختلف السيد فيه والمدبرة، أو المدبرة وورثة السيد بعد موت السيد فقال السيد، أو الورثة: ولدتيه قبل التدبير وقالت المدبرة: بل ولدته بعد التدبير فالقول قول السيد أو الورثة؛ لأنهم مالكون وهي مدعية إخراج ملكهم من أيديهم، وعلى من قلت القول قوله اليمين بما قال، فإن أقامت بينة بما قالت كانت البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة، وإن أقامت بينة وأقام السيد أو ورثته بينة بدعواهم كانت بينتهم أولى وكان ولدها رقيقا من قبل أنهم مملوكون في أيديهم فضل كينونتهم في أيديهم بالملك فهي وهم مدعون ومقيمون بينة ولو كانت أمة بين اثنين فدبراها، ثم جاءت بولد فادعاه أحدهما كان ابنه وضمن نصف قيمته ونصف قيمتها ونصف عقرها لشريكه إن شاء شريكه؛ لأن مشيئته أخذ قيمتها رجوع في تدبيرها وكانت أم ولد له ولو ألقت الولد الذي ادعى ميتا لم يكن له قيمة، ولو جنى إنسان جناية فأخذ لها أرشا كان الأرش بينهما، والقول الثاني: أن الرجل إذا دبر أمته فولدت بعد التدبير أولادا فهم مملوكون وذلك أنها إنما هي أمته موصى لها بعتقها لصاحبها الرجوع في عتقها وبيعها، فليست هذه حرية ثابتة، وهذه أمة موصى لها والوصية ليست بشيء لازم هو شيء يرجع فيه صاحبه وأولادها مملوكون وقد قال هذا غير واحد من أهل العلم.

[قال الشافعي]: أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قال: أولاد المدبرة مملوكون وقال هذا غير أبي الشعثاء من أهل العلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

[قال الشافعي]: والعتق مخالف للتدبير عند كل أحد ولو أعتق رجل أمة لها ولد لم يعتق ولدها بعتقها بحال إلا أن يعتقهم.