→ المشيئة في العتق والتدبير | كتاب الأم إخراج المدبر من التدبير الشافعي |
جناية المدبر وما يخرج بعضه من التدبير وما لا يخرجه ← |
[قال الشافعي]: وإذا دبر الرجل عبده فله الرجوع في تدبيره بأن يخرجه من ملكه وإن قال له المدبر عجل لي العتق ولك علي خمسون دينارا قبل يقول السيد قد رجعت في تدبيري فقال السيد: نعم فأعتقه، فهذا عتق على مال وهو حر كله وعليه الخمسون وقد بطل التدبير، وإذا لزم سيد المدبر دين يحيط بماله بيع المدبر في دينه كما يباع من ليس بمدبر من رقيقه؛ لأن سيده إذا كان مسلطا على إبطال تدبيره بالبيع وغيره فليس فيه حرية حائلة دون بيعه في دين سيده وبيعه في حياته نفسه وغير ذلك مما يباع فيه العبد غير المدبر، ولو لزم سيده دين بدئ بغير المدبر من ماله فبيع عليه ولا يباع المدبر حتى لا يوجد له قضاء إلا ببيعه، أو بقول السيد قد أبطلت تدبيره وهو على التدبير حتى يرجع فيه، أو لا يوجد له مال يؤدي دينه غيره.
[قال الشافعي]: ولو لم يلزم سيده دين كان له إبطال تدبيره فإن قال سيده: قد رجعت في تدبير هذا العبد، أو أبطلته، أو نقضته، أو ما أشبه ذلك مما يكون مثله رجوعا في وصيته لرجل لو أوصى له به لم يكن ذلك نقضا للتدبير حتى يخرجه من ملكه ذلك، وهو يخالف الوصية في هذا الموضع ويجامع مرة الإيمان وكذلك لو دبره، ثم وهبه لرجل هبة بتات قبضه أو لم يقبضه، أو رجع في الهبة، أو ندم عليها أو أوصى به لرجل، أو تصدق به عليه، أو وقفه عليه في حياته، أو بعد موته، أو قال: إن أدى بعد موتي كذا فهو حر فهذا كله رجوع في التدبير باتصاله ولو دبر نصفه كان نصفه مدبرا ولم يعتق بعد موته منه إلا النصف الذي دبر؛ لأنه إنما له من ثلثه ما أخذ وإذا لم يأخذ إلا نصفه فلا مال له بعد موته يقوم عليه فيه؛ لأن الله عز وجل نقل ملكه إلى ملك الأحياء الذين ورثهم فلا مال له بعد موته يقوم عليه ولو دبره، ثم أوصى بنصفه لرجل كان النصف للموصى له به وكان النصف مدبرا. فإن رد صاحب الوصية الوصية ومات السيد المدبر لم يعتق من العبد إلا النصف؛ لأن السيد قد أبطل التدبير في النصف الذي أوصى به كذلك ولو وهب نصفه وهو حي، أو باع نصفه وهو حي كان قد أبطل التدبير في النصف الذي باع، أو وهب والنصف الثاني مدبرا ما لم يرجع فيه، وإذا كان له أن يدبر على الابتداء نصف عبده كان له أن يبيع نصفه ويقر النصف مدبرا بحاله، وكذلك إن دبره، ثم قال: قد رجعت في تدبيري ثلثك، أو ربعك، أو نصفك فأبطلته كان ما رجع فيه منه بإخراجه من ملكه خارجا من التدبير وما لم يرجع فيه فهو على تدبيره بحاله فإذا دبره، ثم كاتبه فليس الكتابة إبطالا للتدبير إنما الكتابة في هذا الموضع بمنزلة الخراج والخراج بدل من الخدمة وله أن يختدمه وأن يخارجه وكذلك يكاتبه إذا رضي فإن أدى قبل موته عتق بالكتابة وإن مات عتق بالتدبير إن حمله الثلث وبطل ما بقي عليه من الكتابة وإن لم يحمله الثلث عتق ما حمل الثلث منه وبطل عنه من الكتابة بقدره وكان عليه ما بقي من الكتابة وكان على كتابته إلا أن يعجز؛ لأنه قد يريد تعجله العتق ويريد العبد تعجيل العتق فيكاتب.
[قال الشافعي]: ولو دبر رجل عبده، ثم قال اخدم فلانا لرجل حر ثلاث سنين وأنت حر فإن غاب المدبر القائل هذا، أو خرس، أو ذهب عقله قبل أن يسأل لم يعتق العبد أبدا إلا بأن يموت السيد المدبر وهو يخرج من الثلث ويخدم فلانا ثلاث سنين فإن مات فلان قبل موت سيد العبد، أو بعده ولم يخدمه ثلاث سنين لم يعتق أبدا؛ لأنه أعتقه. بشرطين فبطل أحدهما، وإن سئل السيد فقال: أردت إبطال التدبير وأن يخدم فلانا ثلاث سنين، ثم هو حر فالتدبير باطل وإن خدم فلانا ثلاث سنين فهو حر وإن مات فلان قبل أن يخدمه أو وهو يخدمه العبد لم يعتق، وإن أراد السيد الرجوع في الإخدام رجع فيه ولم يكن العبد حرا، وإن قال: أردت أن يكون مدبرا بعد خدمة فلان ثلاث سنين والتدبير بحاله لم يعتق إلا بهما معا كما قلنا في المسألة الأولى، ولو أن رجلا دبر عبدا له، ثم قال قبل موته: إن أدى مائة بعد موتي فهو حر، أو عليه خدمة عشر سنين بعد موتي، ثم هو حر، أو قال: هو حر بعد موتي بسنة فإن أدى مائة، أو خدم بعد موته عشر سنين، أو أتت عليه بعد موته سنة فهو حر وإلا لم يعتق وكان هذا كله وصية أحدثها له، وعليه بعد التدبير شيء أولى من التدبير كما يكون لو قال: عبدي هذا لفلان، ثم قال: بل نصفه لم يكن له إلا نصفه ولو قال رجل: عبدي لفلان، ثم قال بعد ذلك: عبدي لفلان إذا دفع إلى ورثتي عشرة دنانير، أو إلى غير ورثتي عشرة دنانير فإن دفع عشرة دنانير فهو له وإلا لم يكن له؛ لأنه إحداث وصية له، وعليه بعد الأولى ينتقض الشرط في الأولى، والآخرة إذا نقضت أحق من الأولى.
[قال الشافعي]: ولو جنى المدبر جناية فلم يتطوع السيد أن يفديه فباعه السلطان، ثم اشتراه ثانية لم يكن مدبرا بوجه من الوجوه، وكان بيع السلطان عليه فيما يجب عليه فيه كبيعه على نفسه، وكان إبطالا للتدبير ولو افتداه سيده متطوعا كان على التدبير، ولو ارتد العبد المدبر عن الإسلام ولحق بدار الحرب، ثم أخذه سيده بالملك الأول كان على تدبيره ولا تنقض الردة ولا الإباق لو أبق تدبيره، وكذلك لو أوجف عليه المسلمون فأخذه سيده قبل أن يقسم، أو بعد ما يقسم كان مدبرا فكان على الملك الأول ما لم يرجع سيده في تدبيره بأن يخرجه من ملكه، ولو وقع في المقاسم كان لسيده أن يأخذه بكل حال وكان على التدبير، ولو كان السيد هو المرتد فوقف ماله ليموت أو يقتل، أو يرجع ثانيا فيكون على ملك ماله لحق بدار الحرب، أو لم يلحق، ثم رجع إلى الإسلام فهو على ملك ماله والعبد مدبر بحاله ولو مات كان ماله فيئا وكان المدبر حرا؛ لأن المسلمين إنما ملكوا مال المرتد السيد المدبر ولم يكن للورثة أن يملكوا بالميراث شيئا ودينهم غير دينه إلا أنهم إنما ملكوا في الحياة وكان التدبير وهو جائز الأمر في ماله ولو قال المدبر: قد رددت التدبير في حياة السيد، أو بعد موته لم يكن ذلك له وليس ما يعتق به العبد كما يوصي به الحر من غير نفسه كل من أوصى له بمال يملكه عن نفسه كان له رد الوصية وكل من أعتق عتق بتات لم يكن له رد العتق؛ لأنه شيء أخرج من يدي المعتق تاما فتثبت به حرمة المعتق ويجب عليه الحقوق وكذلك إذا أعتق إلى وقت.
[قال الشافعي]: ولو دبر أمته فوطئها فولدت كانت أم ولد تعتق بعد الموت من رأس المال، ولو دبر عبده ثم كاتبه كان مكاتبا وغير خارج من التدبير؛ لأن الكتابة ليست رجوعا في التدبير.
[قال الشافعي]: ولو دبره، ثم قال له: أنت حر على أن تؤدي كذا وكذا كان حرا على الشرط الآخر إذا قال: أردت بهذا رجوعا في التدبير، وإن لم يرد بهذا رجوعا في التدبير عتق إن أدى، فإن مات سيده قبل أن يؤدي عتق بالتدبير، فإن أراد بهذا رجوعا في التدبير فهو رجوع في التدبير ولا يكون هذا رجوعا في التدبير إلا بقول يبين أنه أراد رجوعا في التدبير غير هذا القول، فإن دبره، ثم قاطعه على شيء وتعجله العتق فليس هذا نقضا للتدبير والمقاطعة على ما تقطاعا عليه فإن أداه عتق فإن مات السيد قبل أن يؤديه المدبر عتق بالتدبير.
[قال الشافعي]: وإذ دبر الرجل عبده، ثم لم يحدث رجوعا في تدبيره ولا نقضا له ولم يلحق في عتق. المدبر شيء يباع به فهو على تدبيره ولو دبر السيد، ثم خرس فلم ينطق حتى مات كان على تدبيره ولا ينقض التدبير إلا بإبطاله إياه في حياته بإخراجه من يديه، أو ما وصفت من حق يلزمه في عتق العبد، أو ذمة السيد ولو دبره، ثم خرس وكان يكتب، أو يشير إشارة تفهم فرجع في تدبيره بإشارة، أو كتاب كان رجوعه كرجوع بالكلام إذا أخرجه من ملكه ولو دبره صحيحا، ثم غلب على عقله، ثم رجع في التدبير وهو مغلوب على عقله لم يكن رجوعا وكذلك لو دبره مغلوب على عقله، ثم ثاب إليه عقله فلم يحدث له تدبيرا كان التدبير وهو مغلوب على عقله باطلا وكذلك لو أعتقه وهو مغلوب على عقله لم يجز عتقه.