بعد أن قرأ يرفأ على أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رسالة عمر بن الخطاب، وهمَّ لينصرف، أوقفاه ليحمل لهما رسالة إلى عمر، فكتبا الآتي:
الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم.
من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب.
سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد.
فإنَّا عهدناك وأمر نفسك لك مهم، وإنك يا عمر قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها، يجلس بين يديك الشريف والوضيع، والعدو والصديق، والضعيف والشديد، ولكل حصته من العدل، فانظر كيف تكون عند ذلك يا عمر.
إنَّا نذكرك يوماً تُبلَى فيه السرائر وتكشف فيه العورات، وانقطع فيه الحجج، وتزاح فيه العلل، وتجب فيه القلوب، وتعنو فيه الوجوه، لعزة ملك قهرهم بجبروته. فالناس له داخرون ينتظرون قضاءه ويخافون عقابه ويرجون رحمته. وإنه بلغنا أنه يكون في هذه الأمة رجال إخوان العلانية أعداء السريرة، وإنا نعوذ بالله من ذلك، فلا ينزل كتابنا من قلبك بغير المنزلة التي أنزلناها من أنفسنا، والسلام عليك ورحمة الله.
الحوار الذي تلاها
قال أبو عبيدة لمعاذ بعد رحيل يرفأ: والله ما أمرنا عمر أن نظهر وفاة أبي بكر رضي الله عنه للناس وأن ننعاه إليهم، وما أريد أن أذكر من ذلك شيئاً دون أن يكون هو يذكره.
فقال معاذ: إنَّك نِعمَ ما رأيت.
وتكَّتما بعدها فلم يقولا شيئاً للمسلمين عن وفاة أبي بكر، ولبثا مقدار أن يبلغ يرفأ المدينة، ثم بعث لهما عمر جواب كتابهما إليه.