دع الندامة لا يذهب بك الندم
دع الندامة لا يذهب بك الندم المؤلف: ابن معصوم المدني |
دع الندامة لا يذهب بك الندم
فلست أول من زلت به قدم
هي المقادير والأحكام جارية ٌ
وللمهيمن في أحكامه حِكمُ
خفِّض عليك فما حالٌ بباقية ٍ
هيهات لا نعمٌ تبقى ولا نقم
قد كنت بالأمس في عز في دعة ٍ
حيث السرور وصفوا العيش والنعم
واليوم أنتَ بدار الذلِّ مُمتهنٌ
صفرُ اليدين فلا بأسٌ ولا كرمُ
كأن سيفك لم تلمع بوراقه
وغيث سيبك لم تهمع له ديم
ما كان أغناكَ عن حِلٍّ ومرتحلٍ
لولا القضاءُ وما قد خطَّه القلمُ
يا سفرة ً أسفرت عن كلِّ بائِقة ٍ
لا أنتجت بعدك المهرية الرسم
حللت في سوح قومٍ لا خلاق لهم
سِيان عندهم الأنوارُ والظُّلمُ
تسطو بأسدِ الشَّرى فيها ثعالبُها
والصقر تصطاده الغربان والرخم
ويفضل الغمدُ يومَ الفخر صارمَه
وتستطيلُ على ساداتها الخدمُ
إن لم يبِنْ لهم فضلي فلا عَجبٌ
فليس يطرب شادٍ من به صمم
أو أنكروا في العلى قدري فقد شهدت
حتماً بما أنكروه العُربُ والعجمُ
ما شان شأني مقامي بين أظهرهم
فالتبرُ في التُّرب لم تنقص له قِيمُ
لا تعجبوا لهمومي إن برت جسدي
وأصبحت نارُها في القلب تَضطرمُ
فهم كل امرئٍ مقدار همته
وليس يفترقان الهَمُّ والهِممُ
لا كان لي في رقاب المعتفين يدٌ
ولا سعت بي إلى نحو العلى قدم
إن لم أشقَّ عُباب البحر ممتطياً
هوجاءَ ليس لها عُقْلٌ ولا خُطُمُ
أما الركابُ فقد أوليتُهنَّ قِلى ً
والخيلُ لا قرعت أشداقَها اللُّجمُ
ما زلتُ أطوي عليها كلَّ مقفرة
يهماء لا نصبٌ فيها ولا علم
فلم أنل عندها مما أُؤمِّلُه
إلاّ أمانيَّ نفس كلُّها حُلمُ
يا للرجال لخطب جل فادحه
حتى المعارفُ ضاعت عندها الذممُ
ما إن وثقت بخلّ أو أخي ثقة ٍ
إلاَّ دهاني بخطب شرُّه عَممُ
وكلُّ ذي رَحمٍ أوليتُه صلة ً
شكت إلى ربِّها من قطعِه الرَّحِمُ
هذا ابن أمي الذي راعيت قربته
ما كان عندي بسوء الظنِّ يُتَّهم
أدنيته نظراً مني لحرمته
وذو الديانة للأرحام يحترمُ
أضحى لعِرضي مع الأعداءِ منتهكاً
وراح للمال قبل الناس يلتهم
ما صانَ لي نسباً يوماً ولا نشباً
ولا رعى لي عهوداً نقضُها يَصِمُ
قد كنتُ أحسبَه بالغيب يحفظني
ولو زواني عنه الموت والعدم
حتى إذا غبت عنه قام منتهباً
داري وراح لما خلَّفتُ يغتنمُ
تالله ما فعل الأعداء فعلته
كلا ولا اهتضموا ما ظل يهتضم
هلاَّ نَهاهُ نُهاه أو حفيظتُه
عن سلب ما حلي النسوان والحرم
وافى بهن وما أوفى بذمته
سلباً عواطل لا سورٌ ولا خدم
أين الفتوة إن لم ينهه ورعٌ
ولم يَخَفْ غبَّ ما قد راح يجترم
هبه أضاعَ إخائي غير محتشمٍ
أليس عن دون هذا المرء يحتشم
كأنَّه كان مطويّاً على إحنٍ
فعندما غبت عنه راح ينتقم
ما كان هذا جزائي إذ رعيتُ له
حقَّ الاخاءِ ولكن للورى شيمُ
فقل سلامٌ على الأرحام ضائعة ً
فقد لعمري أضاعت حقَّها الأممُ