خذوا عن لساني ما يفيض به قلبي
خذوا عن لساني ما يفيض به قلبي المؤلف: إبراهيم المنذر |
خذوا عن لساني ما يفيض به قلبي
وما فاض قلبي مرّةً بسوى الحب
خذوا منه آيات المروءة والوفا
فليس الوفا إلاّ لكلّ امرئٍ ندب
وما الحبّ حبّ الغيد قرّح مقلتي
ولا نبلات الدّعج رانت على لبّي
ولكنّ أوطاني محجّة خاطري
وكعبة إيماني على البعد والقرب
عشقت بلادي وهي فخري وسؤددي
وبالروح أفديها لدى الموقف الصّعب
ولكنّها ضاقت بنخبة أهلها
فساروا مسير الأسد في السّهل والهضب
وما فاز شعبٌ في الورى مثل فوزهم
فكان مثال الجدّ والسّعي والكسب
ونالوا ولكن للغريب ولم يكن
لأوطانهم من خيرهم قدر الوضب
كذا عادة الشّرقيّ يحيا لغيره
ويغرس لكن ليس يجني سوى الجدب
رعى الله عهد العلم عهداً مباركاً
نقيّاً شريفاً طاهر الذّيل والهدب
ولا كان عهد للسّياسة إنّه
لأعقد في الإشكال من ذنب الضّب
دعوا العلم للأعلام يحيون ذكره
بعيداً عن الإيهام والختل والكذب
وخلّوا لمضمار السّياسة أهلها
يراؤون ما شاء الرّياء بلا عتب
وصونوا لسان العرب من كلّ عجمةٍ
تصونوا بلاد الشّرق من صدمة الغرب
وإن أغمضت عيناي في الغرب فادفنوا
رفاتي في لبنان في تربه الرّطب
ولمّا نعى النّاعي سليمان في الضّحى
سمعت بأذني رنّة السّهم في قلبي
وأكبرت خطب العلم فيه وهل درى
بنو العرب ما يلقون من ذلك الخطب
هوى كهويّ الطّود فارتاع قومه
وقد ذكروا آيات منطقه العذب
عليمٌ وعى في صدره سبع ألسنٍ
ولم يك في برديه شيءٌ من العجب
وذلك أسمى الخلق في حين أنّنا
إذا ما علمنا النّزر طرنا إلى السّحب
حنانيك يا دهري أما آن أن نرى
بذا الشّرق أعمالاً تؤولٌ إلى الخصب
أما آن أن يحمي حمانا رجاله
ويرقى بهم فخراً إلى السّبعة الشّهب
هنالك وادي النّيل والنّيل فائضٌ
وأهلوه للعمران بالرّجل والرّكب
تضاربت الأحزاب فيه وإنّما
إلى هدفٍ فردٍ تسير بلا خبّ
ولست ترى منهم فًتى يهجر الحمى
ويضرب آباط المسالك للكسب
بني وطني لا الظّلم يوهن عزمنا
ولا نفقد الآمال بالطّعن والضّرب
ولسنا نبالي إن بدا السّيف دوننا
وديس حمانا بالمطهّمة القبّ
فإنّا على عهد الوفا للساننا
ولو طال عهد الصّدّ بالهمّ والكرب
وليس شريفاً في بني العرب غير من
يفدّي بغالي روحه لغة العرب
لعينيك بستانيّنا نحن عصبةٌ
مهذّبة الوجدان مشحوذة القضب
نسير على آثارك الغرّ كتلةً
موحّدة الآراء كالجحفل اللّجب
وإن شمت روح اليازجي فقل له
بنو العرب لا يمشون جنباً إلى جنب
ولكنّهم يحيون عهد لسانهم
على رغم ما عانوا من الضّغط والرّعب
سليمان نم فالدهر بالهم مثقلٌ
ونومك خيرٌ من مخاتلة الصّحب
ملأت مجال العمر بحثاً وخبرةً
وخلّفت من آثاره نخبة الكتب
وعدت إلى لبنان ذا اليوم جثّةً
تحنّ إلى أرضٍ مقدّسة التّرب
تغمّدك الرّبّ الكريم برحمةٍ
فليس رحيماً في الممات سوى الرّبّ