الرئيسيةبحث

الكتاب الأخضر/الفصل الأول/من يراقب سير المجتمع

الكتاب الأخضر الفصل الأول, من يراقب سير المجتمع
المؤلف: معمر القذافي


السؤال: من يراقب المجتمع لينبه إلى الانحراف عن الشريعة إذا وقع …؟ ديمقراطياً ليس ثمة جهة تدعي حق الرقابة النيابية عن المجتمع في ذلك. إذن (( المجتمع هو الرقيب على نفسه )). إن أي ادعاء من أية جهة ... فرداً أو جماعة بأنها مسؤولة عن الشريعة هو دكتاتورية، لأن الديمقراطية تعني مسؤولية كل المجتمع ... الرقابة إذن من كل المجتمع تلك هي الديمقراطية. أما كيف يتأتى ذلك ، فعن طريق أداة الحكم الديمقراطية الناتجة عن تنظيم المجتمع نفسه ( في المؤتمرات الشعبية الأساسية ). وحكم الشعب بواسطـة المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ثم مؤتمر الشعب العام (المؤتمـر القومي ) الذي تلتقي فيه أمانات المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية. ووفقاً لهذه النظرية ، فالشعب هو أداة الحكم، والشعب في هذه الحالة هو الرقيب على نفسه. بهذا تتحقق الرقابة الذاتية للمجتمع على شريعته. كيف يصحح المجتمع اتجاهه إذا انحرف عن شريعته ؟ إذا كانت أداة الحكم دكتاتورية كما هو الحال في النظم السياسية في العالم اليوم ، فإن يقظة المجتمع للانحراف عن الشريعة ليس لها وسيلة للتعبير وتقويم الانحراف إلا العنف ، أي الثورة على أداة الحكم … والعنف أو الثورة حتى إذا كان تعبيراً عن إحساس المجتمع حيال ذلك الانحراف ، إلا أنه ليس كل المجتمع مشاركاً فـيه، بـل يقوم به من يملك مقدرة على المبادرة والجسارة على إعلان إرادة المجتمع ... بيد أن هذا المدخل هو مدخل الدكتاتورية ، لأن هذه المبادرة الثورية تمكن بحكم ضرورة الثورة لأداة حكم نائبة عن الشعب ، ومعنى هذا أن أداة الحكم ما زالت دكتاتورية... علاوة على أن العنف والتغيير بالقوة في حد ذاته عمل غير ديمقراطي ،ولكنه يحدث نتيجة وجود وضع غير ديمقراطي سابق له. والمجتمع الذي مازال يدور حول هذه المحصلة هو مجتمع متخلف... إذن ، ما هو الحل ؟ الحل : هو أن يكون الشعب هو أداة الحكم ... من المؤتمرات الشعبية الأساسية إلى مؤتمر الشعب العام ، وأن تنتهي الإدارة الحكومية لتحل محلها اللجان الشعبية ، وأن يكون مؤتمر الشعب العـام مؤتمرا قومياً تلتقي فيه المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية. وإذا حدث انحراف عن شريعة المجتمع في مثل هذا النظام يعالج عن طريق المراجعة الديمقراطية وليس عن طريق القوة. والعملية هنا ليست عملية اختيار إرادي لأسلوب التغيير أو المعالجة ، بل هي نتيجة حتمية لطبيعة النظام الديمقراطي هذا ، إذ إنه في مثل هذه الحالة لا توجد جهة خارج جهة أخرى حتى توجه لها أعمال العنف أو تحملها مسؤولية الانحراف.