→ كتاب أسرار الزكاة | إحياء علوم الدين كتاب أسرار الزكاة - الفصل الأول المؤلف: أبو حامد الغزالي |
الفصل الثاني ← |
والزكوات باعتبار متعلقاتها ستة أنواع زكاة النعم والنقدين والتجارة وزكاة الركاز والمعادن وزكاة المعشرات وزكاة الفطر
النوع الأول
زكاة النعم
ولا تجب هذه الزكاة وغيرها إلا على حر مسلم. ولا يشترط البلوغ بل تجب في مال الصبي والمجنون هذا شرط من عليه. وأما المال فشروطه خمسة: أن يكون نعماً سائمة باقية حولاً نصاباً كاملاً مملوكاً على الكمال الشرط الأول كونه نعماً فلا زكاة إلا في الإبل والبقر والغنم. أما الخيل والبغال والحمير والمتولد من بين الظباء والغنم فلا زكاة فيها الثاني السوم: فلا زكاة في معلوفة وإذا أسيمت في وقت وعلفت في وقت تظهر بذلك مؤنتها فلا زكاة فيها الثالث الحول: قال رسول الله ﷺ "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" ويستثنى من هذا نتاج الحول الرابع كمال الملك والتصرف: فتجب الزكاة في الماشية المرهونة لأنه الذي حجر على نفسه فيه ولا تجب في الضال والمغصوب إلا إذا عاد بجميع نمائه فيجب زكاة ما مضى عند عوده ولو كان عليه دين يستغرق ماله فلا زكاة عليه فإنه ليس غنياً به إذ الغنى ما يفضل عن الحاجة. الخامس كمال النصاب.
أما الإبل فلا شيء فيها حتى تبلغ خمساً ففيها جذعة من الضأن والجذعة هي التي تكون في السنة الثانية، أو ثنية من المعز وهي التي تكون في السنة الثالثة. وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه. وفي عشرين أربع شياه. وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهي التي في السنة الثانية، فإن لم يكن في ماله بنت مخاض فابن لبون ذكر وهو الذي في السنة الثالثة يؤخذ إن كان قادراً على شرائها. وفي ست وثلاثين ابنة لبون. ثم إذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حقة وهي التي في السنة الرابعة. فإذا صارت إحدى وستين ففيها جذعة وهي التي في السنة الخامسة، فإذا صارت ستاً وسبعين ففيها بنتا لبون. فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقتان. فإذا صارت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون. فإذا صارت مائة وثلاثين فقد استقر الحساب؛ ففي كل خمسي حقة، وفي كل أربعين بنت لبون.
وأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ففيها تبيع وهو الذي في السنة الثانية. ثم في أربعين مسنة وهي التي في السنة الثالثة. ثم في ستين تبيعان. واستقر الحساب بعد ذلك. ففي كل أربعين مسنة. وفي كل ثلاثين تبيع.
وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين ففيها شاة جذعة من الضأن أو ثنية من المعز. ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وعشرين وواحدة ففيها شاتان. إلى مائتي شاة وواحدة فيها ثلاث شياه إلى أربعمائة ففيها أربع شياه. ثم استقر الحساب في كل مائة شاة. وصدقة الخليطين كصدقة المالك الواحد في النصاب فإذا كان بين رجلين أربعون من الغنم ففيها شاة. وإن كان بين ثلاثة نفر مائة شاة وعشرون ففيها شاة واحدة. على جميعهم. وخلطة الجوار كخلطة الشيوع ولكن يشترط أن يريحا معاً ويسقيا معاً ويحلبا معاً ويسرحا معاً ويكون المرعى معاً ويكون إنزاء الفحل معاً. وأن يكونا جميعاً من أهل الزكاة ولا حكم للخلطة مع الذمي والمكاتب. ومهما نزل في واجب الإبل عن سن إلى سن فهو جائز ما لم يجاوز بنت مخاض في النزول. ولكن تضم إليه جبران السن لسنة واحدة شاتين أو عشرين درهماً. ولسنتين أربع شياه أو أربعين درهماً. وله أن يصعد في السن ما لم يجاوز الجذعة في الصعود ويأخذ الجبران من الساعين من بيت المال. ولا تؤخذ في الزكاة مريضة إذا كان بعض المال صحيحاً ولو واحدة. ويؤخذ من الكرائم كريمة ومن اللئام لئيمة. ولا يؤخذ من المال الأكولة ولا الماخض ولا الربا ولا الفحل ولا غراء المال.
النوع الثاني
زكاة المعشرات
فيجب العشر في كل مستنبت مقتات بلغ ثمانمائة من ولا شيء فيما دونها ولا في الفواكه والقطن، ولكن في الحبوب التي تقتات وفي التمر والزبيب. ويعتبر أن تكون ثمانمائة من تمراً أو زبيباً لا رطباً وعنباً، ويخرج من ذلك بعد التجفيف. ويكمل مال أحد الخليطين بمال الآخر في خلطة الشيوع كالبستان المشترك بين ورثة لجميعهم ثمانمائة من من زبيب، فيجب على جميعهم ثمانون مناً من زبيب بقدر حصصهم. ولا يعتبر خلطة الجوار فيه. ولا يكمل نصاب الحنطة بالشعير. ويكمل نصاب الشعير بالسلت فإنه نوع منه، هذا قدر الواجب إن كان يسقى بسيح أو قناة فإن كان يسقى بنضح أو دالية فيجب نصف العشر، فإن اجتمعا فالأغلب يعتبر. وأما صفة الواجب فالتمر والزبيب اليابس والحب اليابس بعد التنقية. ولا يؤخذ عنب ولا رطب إلا إذا حلت بالأشجار آفة وكانت المصلحة في قطعها قبل تمام الإدراك، فيؤخذ الرطب فيكال تسعة للمالك وواد للفقير. ولا يمنع من هذه القسمة قولنا: إن القسمة بيع، بل يرخص في مثل هذا للحاجة. ووقت الوجوب أن يبدو الصلاح في الثمار وأن يشتد الحب. ووقت الأداء بعد الجفاف.
النوع الثالث
زكاة النقدين
فإذا تم الحول على وزن مائتي درهم بوزن مكة نقرة خالصة ففيها خمسة دراهم، وهو ربع العشر، وما زاد فبحسابه ولو درهماً. ونصاب الذهب عشرون مثقالاً خالصاً بوزن مكة ففيها ربع العشر، وما زاد فبحسابه وإن نقص من النصاب حبة فلا زكاة. وتجب على من معه دراهم مغشوشة إذا كان فيها هذا المقدار من النقرة الخالصة. وتجب الزكاة في التبر وفي الحلي المحظور كأواني الذهب والفضة ومراكب الذهب للرجال. ولا تجب في الحلي المباح. وتجب في الدين الذي هو على ملىء ولكن تجب عند الاستيفاء وإن كان مؤجلاً فلا تجب إلا عند حلول الأجل.
النوع الرابع
زكاة التجارة
وهي كزكاة النقدين، وإنما ينعقد الحول من وقت ملك النقد الذي به اشترى البضاعة إن كان النقد نصاباً؛ فإن كان ناقصاً أو اشترى بعرض على نية التجارة فالحول من وقت الشراء. وتؤدى الزكاة من نقد البلد وبه يقوم. فإن كان ما به الشراء نقداً وكان نصاباً كاملاً كان التقويم به أولى من نقد البلد. ومن نوى التجارة من مال قنية فلا ينعقد الحول بمجرد نيته حتى يشتري به شيئاً ومهما قطع نية التجارة قبل تمام الحول سقطت الزكاة. والأولى أن تؤدى زكاة تلك السنة، وما كان من ربح في السلعة في آخر الحول وجبت الزكاة فيه بحول رأس المال ولم يستأنف له حولاً كما في النتاج. وأموال الصيارفة لا ينقطع حولها بالمبادلة الجارية بينهم كسائر التجارات وزكاة ربح مال القراض على العامل وإن كان قبل القسمة؛ هذا هو الأقيس.
النوع الخامس
الركاز والمعدن
والركاز مال دفن في الجاهلية ووجد في أرض لم يجر عليها في الإسلام ملك، فعلى واجده في الذهب والفضة منه الخمس والحول غير معتبر. فالأولى أن لا يعتبر النصاب أيضاً لأن إيجاب الخمس يؤكد شبهه بالغنيمة. واعتباره أيضاً ليس ببعيد لأن مصرف الزكاة ولذلك يخصص على الصحيح بالنقدين.
وأما المعادن فلا زكاة فيما استخرج منها سوى الذهب والفضة؛ ففيها بعد الطحن والتخليص ربع العشر على أصح القولين، وعلى هذا يعتبر النصاب. وفي الحول قولان، وفقي قول: يجب الخمس؛ فعلى هذا لا يعتبر. وفي النصاب قولان والأشبه - والعلم عند الله تعالى - أن يلحق في قدر الواجب بزكاة التجارة فإنه نوع اكتساب. وفي الحول بالمعشرات فلا يعتبر لأنه عين الرفق ويعتبر النصاب كالمعشرات، والاحتياط أن يخرج الخمس من القليل والكثير، ومن عين النقدين أيضاً خروجاً عن شبهة هذه الاختلافات فإنها ظنون قريبة من التعارض وجزم الفتوى فيها خطر لتعارض الاشتباه.
النوع السادس
في صدقة الفطر
وهي واجبة - على لسان رسول الله ﷺ - على كل مسلم فضل عن قوته وقوت من يقوته يوم الفطر وليلته صاع مما يقتات بصاع رسول الله ﷺ وهو منوان وثلاً من، يخرجه من جنس قوته أو من أفضل منه. فإن اقتات بالحنطة لم يجز الشعير. وإن اقتات حبوباً مختلفة اختار خيرها ومن أيها أخرج أجزأه. وقسمتها كقسمة زكاة الأموال فيجب فيها استيعاب الأصناف ولا يجوز إخراج الدقيق والسويق. ويجب على الرجل المسلم فطرة زوجته ومماليكه وأولاده وكل قريب هو في نفقته أعني من تجب عليه نفقته من الآباء والأمهات والأولاد. قال ﷺ "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون" وتجب صدقة العبد المشترك على الشريكين ولا تجب صدقة العبد الكافر وإن تبرعت الزوجة بالإخراج عن نفسها أجزأها وللزوج الإخراج عنها دون إذنها. وإن فضل عنه ما يؤدى عن بعضهم أدى عن بعضهم، وأولاهم بالتقديم من كانت نفقته آكد. وقد قدم رسول الله ﷺ نفقة اللد على نفقة الزوجة ونفقتها على نفقة الخادم فهذه أحكام فقهية لابد للغني من معرفتها، وقد تعرض له وقائع نادرة خارجة عن هذا فله أن يتكل فيها على الاستفتاء عند نزول الواقعة بعد إحاطته بهذا المقدار.