أَلرَّوضُ رَوْضُكَ يَا هَزَارُ فَغرِّدِ
أَلرَّوضُ رَوْضُكَ يَا هَزَارُ فَغرِّدِ المؤلف: خليل مطران |
أَلرَّوضُ رَوْضُكَ يَا هَزَارُ فَغرِّدِ
وَصُغِ الفَرَائِدِ فِي الأَرِيبِ المُفْرَدِ
فَإِذَا القَوَافِي وَهْيَ مِنْكَ بِمَوْعِدٍ
كَحَبَائِبٍ وَافَتْ وَمَا مِنْ مَوْعِدِ
تِلْكَ القَلاَئِدُ مَا أُحَيْلاَهَا حِلىً
لاِبنِ الجُمَيِّلِ وَهْوَ خَيرُ مُقَلِّدِ
لِلعَبْقَرِيِّ المُحرِزِ الفَضْلَيْنِ مِنْ
حَسَبٍ رَفيعٍ فِي البِلاَدِ وَمَحْتَدِ
نِعْمَ الفَتَى فِي فَنِّهُ ذَاكَ الَّذِي
إِنْ يَعْدُدِ الشرْقُ النَّوَابِغَ يُعْدَدِ
مَن مِثْلُ أَنْطُونَ الجُمَيِّلِ كَاتِبٌ
فَيَّاضُ مَشْرَعَةٍ نَقِيُّ المَوْرِدِ
إِنْ زَاوَلَ الإِنشَاءَ أَبلَغُ مُنْشِيءٍ
أَوْ زَاوَلَ الإِنْشَادَ أَفصَحُ مُنْشِدِ
أَسَمِعْتَهُ يُلْقِي العرِيضَ وَيَنْتَحِي
نحْواً طَرِيفاً مُشْجِياً لَم يُعْتَدِ
فَإِذَا السرُورُ أَوِ الشَّجَى فِي لفْظَةٍ
أَو فِي هِجَاءٍ مُرْسَلٌ كَمُرَدَّدِ
وَإِذَا مُعَالَجَةٌ بِنَبْرَةِ صَوْتِهِ
فِيهَا يُظَنُّ رَفِيفُ جَفْنٍ مُسْهَدِ
هِيَ قُدْرَةٌ لَمْ يُؤْتَهَا مَنْ لَمْ يُذِبْ
فِيهَا قُوَاهُ وَلَمْ يَكُدَّ وَيَجْهَدِ
مَا كُلُّ نَبْسٍ لِلكَلاَمِ بِمَنطِقٍ
كَلاَّ وَلاَ نُطْقٍ عَلاَ بِمُجَوَّدِ
أَرَأَيْتَهُ فَوقَ المَنَابِرِ خَاطِباً
وَالنَّاسُ مِنْهُ بِمَسْمَعٍ وَبِمَشْهَدِ
فِي قَوْلِهِ الرَّنَّانِ كُلُّ غَرِيبَةٍ
مِن جَأْرِ ذِي لُبَدٍ وَصَوْتِ مُغَردِ
هُوَ أَعْجَبُ الخطبَاءِ مَقْدَرَةً عَلَى
أَخْذِ النَّدِيِّ بِمَا نَبَا عَنْهُ النَّدِيِّ
ملاَّكُ أَفْئِدَةٍ بِرِقةِ نُطْقِهِ
وَبِبَأَسِهِ الخلُقِي وَالمُتَعَمدِ
وَمُوَفَّقُ الإِيمَاءِ يَسْتَدْنِي بِهِ
مِمَّا تُحِب النَّفْسُ كُلَّ مُبَعَّدِ
فَإِذَا تَرَسَّلَ لَمْ نَكُنْ آيَاتُهُ
إِلاَّ فَرَائِدَ فِي صِيَاغَةِ عَسْجَدِ
فِيْهَا الأَشِعَّةُ قَد دَفَقْنَ بِقُوَّةٍ
دَفْقَ السُّيُولِ مِنَ المِدَادِ الأَسْوَدِ
يَأْتِي رَوَائِعَ شُرَّداً فِي نَثْرِهِ
كَمْ أَبْطَلَتْ سِحرَ القوَافِي الشُّرَّدِ
فيها سَنى اللَّمَحَاتِ مِن زُهْرِ الدُّجَى
وَبِهَا شَذَا النَّفَحَاتِ مِنْ زَهَرٍ نَدِي
وَنِهَايَةُ الإِبْدَاعِ مَعْنىً جَيِّدٌ
تَزْهَى بِهِ قَسِمَاتُ مَبْنىً جَيِّدِ
إِنَّ الجُمَيِّلَ فِي الجَمَالِ وَفَنِّه
لأَدَقُّ مُبْتَدِعٍ وَخَيْرُ مُجَدِّدِ