الرئيسيةبحث

أخبار النحويين البصريين/ذكر أخبار أبي عبيدة


كان أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي تيم قريش لا تيم الرباب وهو مولى لهم ويقال هو مولى لبني عبيد الله بن معمر التيمي.

وحدثنا أبو بكر بن مجاهد قال حدثنا الكديمي أو أبو العيناء الشك من أبي سعيد قال: قال رجل لأبي عبيدة: يا أبا عبيدة قد ذكرت الناس وطعنت في أنسابهم فبالله إلا عرفتني من كان أبوك وما أصله. فقال: حدثني أبي أن أباه كان يهودياً بباجروان. وكان أبو عبيدة من أعلم الناس بأنساب العرب وبأيامهم وله كتب كثيرة في أيام العرب وحروبها مثل كتاب مقاتل الفرسان وكتب في الأيام معروفة.

قال أبو العباس المبرد: كان أبو عبيدة عالماً بالشعر والغريب والأخبار والنسب وكان الأصمعي يشركه في الغريب والشعر والمعاني وكان الأصمعي أعلم بالنحو منه، وكان أبو عبيدة والأصمعي يتقارصان كثيراً ويقع كل واحد منهما في صاحبه.

أخبرنا أبو بكر بن السراج قال حدثنا أبو العباس المبرد قال حدثنا التوزي قال سألت أبا عبيدة عن قول الشاعر:

وأضحت رسوم الدار قفراً كأنها
 
كتابٌ تلاه الباهلي ابن أصمعا

فقال: هذا يقول له في جد الأصمعي كان يقرأ الكتب على المنبر كما يقرأه الخراساني. قال التوزي: فسألت الأصمعي عن هذا فتغير وجهه ثم قال: هذا كتاب عثمان ورد على ابن عامر فلم يوجد له من يقرؤه إلا جدي.

ويروى أنه قيل لأبي عبيدة: أن الأصمعي يقول: بينا أبى يساير سلم بن قتيبة على فرس له. فقال أبو عبيدة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر المتشبع بما لم يؤت كلابس ثوبي زور والله ما ملك أبو الأصمعي قط دابة إلا في ثوبه.

وحمل أبو عبيدة والأصمعي إلى الرشيد فاختار الأصمعي لمجالسته لأنه كان أحسن منشأ منه وأصلح لمجالسة الملوك.

قال أبو العباس محمد بن يزيد قال أبو عبيدة: لما حملت إلى الرشيد أنا والأصمعي تغدينا عند الفضل بن يحيى فجاؤونا بأطعمة والله ما سمعت بها قط وإذا بين يدي الأصمعي سمك كنعد وكامخ شبت. فقال لي: كل من هذا يا أبا عبيدة فإنه كامخ طيب. قال فقلت: والله ما فررت من البصرة غلا من الكامخ والكنعد.

وحدثنا أبو علي الصفار قال حدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا التوزي عن أبي عبيدة قال سمعت ابن دأب يقول: فخرج حمزة كأنه جملٌ محجوم. فصاح به صائح، يا أبا الوليد ما المحجوم؟ قال الذي به عضاض. قال: فرفعت رأسي فقلت له: للمحجوم ثلاثة مواضع اخترت لحمزة شرها. قال أبو العباس: الحجم حجم الشيء الذي له لَمْس يقال رأيتُ حجم صرته فعلمت ما فيها أي لمستها. قال أبو العباس وثلاثة المواضع التي يحتمل المحجوم أحدها هو الذي له جسم ولحم يقال جمل محجوم إذا كان جسيماً والمحجوم الذي كان المحجم على فيه يمنعه من الكلام، والمحجوم من العضاض.

وممن اختص بالأخذ عنه حتى نسب إليه التوزي ودماذ أبو غسان ويقال أنه مات سنة ثمان ومائتين وقيل سنة تسع ومائتين والله أعلم وأحكم؟ وبعد هذه الطبقة أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني واليهما انتهى النحو في زمانهما وفي عصرهما التوزي والزيادي والرياشي وأبو حاتم السجستاني.