→ الصفحة الحادية عشر | قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الصفحة الثانية عشر ابن تيمية |
وفي المسند والترمذي وغيرهما عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال: كان رسول الله ﷺ إذا ذهب ربع الليل قام فقال: "ياأيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة. جاء الموت بما فيه". قال أبي: قلت يارسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: "ماشئت" قلت: الربع؟ قال: "ماشئت، وإن زدت فهو خير لك" قلت: النصف؟ قال: "ماشئت، وإن زدت فهو خير لك" قلت: الثلثين؟ قال: "ماشئت، وإن زدت فهو خير لك" قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: "إذا هذا يكفيك الله ماأهمك من أمر دنياك وآخرتك".
وفي لفظ " إذا تكفى همك، ويغفر ذنبك".
وقول السائل: أجعل لك من صلاتي؟ يعني من دعائي. فإن الصلاة في اللغة هي الدعاء. قال تعالى [1]: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ}.
وقال النبي ﷺ: " اللهم صل على آل أبي أوفى".
وقالت امرأة: صل عليَّ يارسول الله وعلى زوجي، فقال: صل الله عليك وعلى زوجك".
فيكون مقصود السائل أي يارسول الله إن لي دعاء أدعو به،أستجلب به الخير، واستدفع به الشر، فكم أجعل لك من الدعاء، قال: "ماشئت" فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال له: "إذا تكفى همك ويغفر ذنبك".
وفي الرواية الأخرى " إذا يكفيك الله ماأهمك من أمر دنياك وآخرتك"، وهذا غاية مايدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات، فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب، واندفاع المرهوب، كما بسط ذلك في مواضعه.
وقد ذكر علماء الإسلام وأئمة الدين الأدعية الشرعية، وأعرضوا عن الأدعية البدعية، فينبغي اتباع ذلك. والمراتب في هذا الباب ثلاث:
إحداها: أن يدعو غير الله وهو ميت أو غائب، سواء كان من الأنبياء والصالحين أو غيرهم فيقول: ياسيدي فلان أغثني أو أنا أستجير بك أو أستغيث بك أو انصرني على عدوي.
وأعظم من ذلك أن يقول: اغفر لي وتب عليَّ، كما يفعله طائفة من الجهال المشركين. وأعظم من ذلك أن يسجد لقبره ويصلي إليه ويرى الصلاة إليه أفضل من استقبال القبلة، حتى يقول بعضهم: هذه قبلة الخواص والكعبة قبلة العوام.
وأعظم من ذلك أن يرى السفر إليه من جنس الحج حتى يقول: إن السفر إليه مرات يعدل حجة، وغلاتهم يقولون: الزيارة إليه مرة أفضل من حج البيت مرات متعددة. ونحو ذلك، فهذا شرك بهم وإن كان يقع كثير من الناس في بعضه.
الثانية: أن يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين: ادع الله لي، أو ادع لنا ربك، أو اسأل الله لنا، كما تقول النصارى لمريم وغيرها.
فهذا أيضا لا يستريب عالم أنه غير جائز، وأنه من البدع التي لم يفعلها أحد من سلف الأمة، وإن كان السلام على أهل القبور جائزا، ومخاطبتهم جائزة كما كان النبي ﷺ يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم:
" السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. يغفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية. اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم".
وروى أبو عمر بن عبدالبر عن النبي ﷺ أنه قال: " مامن رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام".
وفي سنن أبي داود عن النبي ﷺ أنه قال: " مامن مسلم يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام" لكن ليس من المشروع أن يطلب من الأموات لا دعاء ولا غيره.
وفي موطأ مالك أن ابن عمر كان يقول: " السلام عليك يارسول الله، السلام عليك ياأبا بكر، السلام عليك يا أبة" ثم ينصرف.
وعن عبدالله بن دينار قال: رأيت عبدالله بن عمر يقف على قبر النبي ﷺ فيصلي على النبي ﷺ، ويدعو لأبي بكر وعمر.
وكذلك أنس بن مالك وغيره نقل عنهم أنهم كانوا يسلمون على النبي ﷺ.
فإذا أرادوا الدعاء استقبلوا القبلة يدعون الله تعالى، لا يدعون مستقبلي الحجرة. وإن كان قد وقع في بعض ذلك طوائف من الفقهاء والصوفية والعامة، فلم يذهب إلى ذلك إمام متبع في قوله، ولامن له في الأمة لسان صدق عام.
ومذهب الأئمة الأربعة - مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد - وغيرهم من أئمة الإسلام أن الرجل إذا سلم على النبي ﷺ وأراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة.
واختلفوا في وقت السلام عليه فقال الثلاثة - مالك والشافعي وأحمد-: يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء وجهه.
وقال أبو حنيفة: لا يستقبل الحجرة وقت السلام، كما لا يستقبلها وقت الدعاء باتفاقهم.
ثم في مذهبه قولان: قيل يستدبر الحجرة وقيل يجعلها على يساره. فهذا نزاعهم في وقت السلام، وأما في وقت الدعاء فلم يتنازعوا [في] أنه إنما يستقبل القبلة لا الحجرة.
والحكاية التي تذكر عن مالك أنه قال للمنصور لما سأله عن استقبال الحجرة فأمره بذلك وقال: " هو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم".
كذب على مالك ليس لها إسناد معروف وهو خلاف الثابت المنقول عنه بأسانيد الثقات في كتب أصحابه، كما ذكره إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره.
مثل ماذكروا عنه أنه سئل عن أقوام يطيلون القيام مستقبلي الحجرة يدعون لأنفسهم، فأنكر مالك ذلك، وذكر أنه من البدع التي لم يفعلها الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وقال: لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ماأصلح أولها.
ولاريب أن الأمر كما قاله مالك، فإن الآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين تبين أن هذا لم يكن من عملهم وعادتهم، ولو كان استقبال الحجرة عند الدعاء مشروعا لكانوا هم أعلم بذلك وكانوا أسبق إليه ممن بعدهم.
والداعي يدعو الله وحده، كما نهى عن استقبال الحجرة عند دعائه لله تعالى، كما نهى عن استقبال الحجرة عند الصلاة لله تعالى كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي مرثد الغنوي أن النبي ﷺ قال: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها".
فلايجوز أن يصلى إلى شيء من القبور، لاقبور الأنبياء ولاغيرهم؛ لهذا الحديث الصحيح، ولاخلاف بين المسلمين أنه لا يشرع أن يقصد الصلاة إلى القبر، بل هذا من البدع المحدثة وكذلك قصد شيء من القبور لاسيما قبور الأنبياء والصالحين عند الدعاء، وإذا لم يجز قصد استقباله عند الدعاء لله تعالى فدعاء الميت نفسه أولى أن لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يصلي مستقبله فلأن لا يجوز الصلاة له بطريق الأولى.
فعلم أنه لا يجوز أن يسأل الميت شيئا، لا يطلب منه أن يدعو الله ولاغير ذلك، ولا يجوز أن يشكى إليه شيء من مصائب الدنيا والدين.
ولو جاز أن يشكى إليه ذلك في حياته، فإن ذلك في حياته لا يُفضي إلى الشرك، وهذا يُفضي إلى الشرك؛ لأنه في حياته مكلف أن يجيب سؤال من سأله لما له في ذلك من الأجر والثواب، وبعد الموت ليس مكلفا.
بل مايفعله من ذكر لله تعالى ودعاء ونحو ذلك، كما أن موسى يصلي في قبره.
وكما صلى الأنبياء خلف النبي ﷺ ليلة المعراج ببيت المقدس، وتسبيح أهل الجنة والملائكة - فهم يتمتعون بذلك، وهم يفعلون ذلك بحسب مايسره الله لهم ويقدره لهم، ليس هو من باب التكليف الذي يمتحن به العباد.
وحينئذٍ فسؤال السائل للميت لا يؤثر في ذلك شيئا، بل ماجعله الله فاعلا له هو يفعله وإن لم يسأله العبد، كما تفعل الملائكة ماتؤمر به، وهم إنما يطيعون أمر ربهم لا يطيعون أمر مخلوق، كما قال سبحانه وتعالى [2]: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} فهم لا يعملون إلا بأمره سبحانه وتعالى.
ولايلزم من جواز الشيء في حياته جوازه بعد موته، فإن بيته كانت الصلاة فيه مشروعة، وكان يجوز أن يجعل مسجدا. ولما دفن فيه حرم أن يتخذ مسجدا.
كما في الصحيحين عنه ﷺ أنه قال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر مافعلوا، ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا.
وفي صحيح مسلم وغيره عنه ﷺ أنه قال: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك".
وقد كان ﷺ في حياته يصلى خلفه، وذلك من أفضل الأعمال، ولا يجوز بعد موته أن يصلي الرجل خلف قبره، وكذلك في حياته يطلب منه أن يأمر وأن يفتي وأن يقضي، ولا يجوز أن يطلب ذلك منه بعد موته. وأمثال ذلك كثيرة.
وقد كره مالك وغيره أن يقول الرجل: زرت قبر رسول الله لأن هذا اللفظ لم يرد، والأحاديث المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل كذب. وهذا اللفظ صار مشتركا في عرف المتأخرين يراد به الزيارة البدعية التي في معنى الشرك كالذي يزور القبر ليسأله أو يسأل الله به أو يسأل الله عنده.
والزيارة الشرعية هي أن يزوره لله تعالى للدعاء له، والسلام عليه كما يصلي على جنازته. فهذا الثاني هو المشروع، ولكن كثيرا من الناس لا يقصد بالزيارة إلا المعنى الأول، فكره مالك أن يقول: زرت قبره. لما فيه من إيهام المعنى الفاسد الذي يقصده أهل البدع والشرك.
الثالثة أن يقال: أسألك بفلان أو بجاه فلان عندك ونحو ذلك الذي تقدم عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما أنه منهيِّ عنه. وتقدم أيضا أن هذا ليس بمشهور عن الصحابة، بل عدلوا عنه إلى التوسل بدعاء العباس وغيره.
وقد تبين مافي لفظ " التوسل" من الاشتراك بين ماكانت الصحابة تفعله وبين مالم يكونوا يفعلونه.
فإن لفظ التوسل والتوجه في عرف الصحابة ولغتهم هو التوسل والتوجه بدعائه وشفاعته، ولهذا يجوز أن يتوسل ويتوجه بدعاء كل مؤمن، وإن كان بعض الناس من المشايخ المتبوعين يحتج بما يرويه عن النبي ﷺ أنه قال: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأهل القبور، أو فاستعينوا بأهل القبور.
فهذا الحديث كذب مفترى على النبي ﷺ بإجماع العارفين بحديثه، لم يروه أحد من العلماء بذلك، ولا يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة.
وقد قال تعالى [3]: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}.
وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أنه غير مشروع، وقد نهى النبي ﷺ عما هو أقرب من ذلك - عن اتخاذ القبور مساجد ونحو ذلك - ولعن أهله تحذيرا من التشبه بهم، فإن ذلك أصل عبادة الأوثان. كما قال تعالى [4]: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}.
فإن هؤلاء [كانوا] قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروهم، ثم اتخذوا الأصنام على صورهم، كما تقدم ذكر ذلك عن ابن عباس وغيره من علماء السلف.
وهذا الذي نهى عنه النبي ﷺ من هذا الشرك هو كذلك في شرائع غيره من الأنبياء:
ففي التوراة أن موسى عليه السلام نهى بني إسرائيل عن دعاء الأموات وغير ذلك من الشرك، وذكر أن ذلك من أسباب عقوبة الله لمن فعله.
وذلك أن دين الأنبياء عليهم السلام واحد وإن تنوعت شرائعهم، كما في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: " إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد".
وقد قال تعالى [5]: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}، وقال تعالى [6]: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، وقال تعالى [7]: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره من الأولين والآخرين، كما قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع.
فصل
وإذا تبين ما أمر الله به ورسوله، وما نهى الله عنه ورسوله، في حق أشرف الخلق وأكرمهم على الله عز وجل، وسيد ولد آدم وخاتم الرسل والنبيين، وأفضل الأولين والآخرين، وارفع الشفعاء منزلة وأعظمهم جاها عند الله تبارك وتعالى، تبين أن من دونه من الأنبياء والصالحين أولى بأن لا يشرك به، ولا يُتخذ قبره وثنا يعبد، ولا يُدعى من دون الله لا في حياته ولا في مماته.
ولا يجوز لأحد أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين ولا الميتين، مثل أن يقول: ياسيدي فلانا أغثني وانصرني وادفع عني، أو أنا في حسبك. ونحو ذلك.
بل كل هذا من الشرك الذي حرم الله ورسوله، وتحريمه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، وهؤلاء المستغيثون بالغائبين والميتين عند قبورهم وغير قبورهم - لما كانوا من جنس عباد الأوثان - صار الشيطان يضلهم ويغويهم، كما يضل عباد الأصنام ويغويهم فتتصور الشياطين في صورة ذلك المستغاثُ به، وتخاطبهم بأشياء على سبيل المكاشفة، كما تخاطب الشياطين الكهان، وبعض ذلك صدق، لكن لابد أن يكون في ذلك ماهو كذب، بل الكذب أغلب عليه من الصدق.
وقد تقضي الشياطين بعض حاجاتهم، وتدفع عنهم بعض ما يكرهونه، فيظن أحدهم أن الشيخ هو ا لذي جاء من الغيب حتى فعل ذلك، أو يظن أن الله تعالى صور ملكا على صورته فعل ذلك، ويقول أحدهم: هذا سر الشيخ وحاله! وإنما هو الشيطان تمثل على صورته ليضل المشرك به المستغيث به.
كما تدخل الشياطين في الأصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم، كما كان ذلك في أصنام وتكلم عابديها وتقضي بعض حوائجهم، كما كان ذلك في أصنام مشركي العرب، وهو اليوم موجود في المشركين من الترك والهند وغيرهم.
وأعرفُ من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي وبغيري في حال غيبتنا عنهم، فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ورفعنا عنهم، ولما حدثوني بذلك بينتُ لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة غيري من الشيوخ الذين استغاثوا بهم ليظنوا أن ذلك كرامات للشيخ فتقوى عزائمهم في الاستغاثة بالشيوخ الغائبين والميتين.
وهذا من أكبر الأسباب التي بها أشرك المشركون وعبدةُ الأوثان، وكذلك المستغيثون من النصارى بشيوخهم الذين يسمونهم العلاّس يرون أيضا من يأتي على صورة ذلك الشيخ النصراني الذي استغاثوا به فيقضي بعض حوائجهم.
وهؤلاء الذين يستغيثون بالأموات من الأنبياء والصالحين والشيوخ وأهل بيت النبي ﷺ غاية أحدهم أن يجري له بعض هذه الأمور أو يحكي لهم بعض هذه الأمور فيظن أن ذلك كرامة وخرق عادة بسبب هذا العمل.
ومن هؤلاء من يأتي إلى قبر الشيخ الذي يشرك به ويستغيث به فينزل عليه من الهواء طعام أو نفقة أو سلاح أو غير ذلك مما يطلبه فيظن ذلك كرامة لشيخه، وإنما ذلك كله من الشياطين.
وهذا من أعظم الأسباب التي عبدت بها الأوثان. وقد قال الخليل عليه السلام [8]: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأصْنَامَ* رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ}. كما قال نوح عليه السلام، ومعلوم أن الحجر لا يضل كثيرا من الناس إلا بسبب اقتضى ضلالهم، ولم يكن أحد من عباد الأصنام يعتقد أنها خلقت السموات والأرض، بل إنما كانوا يتخذونها شفعاء ووسائط لأسباب:
منهم من صورها على صور الأنبياء والصالحين، ومنهم من جعلها تماثيل وطلاسم للكواكب والشمس والقمر، ومنهم من جعلها لأجل الجن، ومنهم من جعلها لأجل الملائكة.
فالمعبود لهم في قصدهم إنما هو للملائكة والأنبياء والصالحين أو الشمس أو القمر وهم في نفس الأمر يعبدون الشياطين، فهي التي تقصد من الإنس أن يعبدها وتظهر لهم ما يدعوهم إلى ذلك، كما قال تعالى [9]: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}.
وإذا كان العابد ممن لا يستحل عبادة الشياطين أوهموه أنه إنما يدعو الأنبياء والصالحين والملائكة وغيرهم ممن يحسن العابد ظنه به. وأما إن كان ممن لا يحرم عبادة الجن عرفوه أنهم الجن.
وقد يطلب الشيطان الممثل له في صورة الإنسان أن يسجد له، أو أن يفعل به الفاحشة أو أن يأكل الميتة ويشرب الخمر، أو أن يقرّب لهم الميتة، وأكثرهم لا يعرفون ذلك، بل يظنون أن من يخاطبهم إما ملائكة وإما رجال من الجن يسمونهم رجال الغيب، ويظنون أن رجال الغيب أولياء الله غائبون عن أبصار الناس.
وأولئك جن تمثلت بصور الإنس أو رؤيت في غير صور الإنس، قال تعالى [10]: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْأنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}.
كان الإنس إذا نزل أحدهم بواد يخاف أهله قال: أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه، وكانت الإنس تستعيذ بالجن فصار ذلك سببا لطغيان الجن، وقالت: الإنس تستعيذ بنا!.
وكذلك الرقى والعزائم الأعجمية هي تتضمن أسماء رجال من الجن يُدعون ويُستغاث بهم ويُقسم عليهم بمن يعظمونه، فتطيعهم الشياطين بسبب ذلك في بعض الأمور.
وهذا من جنس السحر والشرك قال تعالى [11]: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْأخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
وكثير من هؤلاء يطير في الهواء وتكون الشياطين قد حملته وتذهب به إلى مكة وغيرها، ويكون مع ذلك زنديقا يجحد الصلاة وغيرها مما فرض الله ورسوله، ويستحل المحارم التي حرمها الله ورسوله.
وإنما يقترن به أولئك الشياطين لما فيه من الكفر والفسوق والعصيان، حتى إذا آمن بالله ورسوله وتاب والتزم طاعة الله ورسوله، فارقته تلك الشياطين، وذهبت تلك الأحوال الشيطانية من الإخبارات والتأثيرات.
وأنا أعرف من هؤلاء عددا كثيرا بالشام ومصر والحجاز واليمن، وأما الجزيرة والعراق وخراسان والروم ففيها من هذا الجنس أكثر مما بالشام وغيرها، وبلاد الكفار من المشركين وأهل الكتاب أعظم.
وإنما ظهرت هذه الأحوال الشيطانية التي أسبابها الكفر والفسوق والعصيان بحسب ظهور أسبابها، فحيث قوي الإيمان والتوحيد ونور الفرقان والإيمان وظهرت آثار النبوة والرسالة ضعفت هذه الأحوال الشيطانية.
وحيث ظهر الكفر والفسوق والعصيان قويت هذه الأحوال الشيطانية، والشخص الواحد الذي يجتمع فيه هذا وهذا الذي تكون في مادة تمدّه للإيمان ومادة تمدُّه للنفاق يكون فيه من هذا الحال وهذا الحال.
والمشركون الذين لم يدخلوا في الإسلام مثل البخشية والطونية والبُدّى ونحو ذلك من علماء المشركين وشيوخهم الذين يكونون للكفار من الترك والهند والخُطا وغيرهم تكون الأحوال الشيطانية فيهم أكثر، ويصعد أحدهم في الهواء ويحدثهم بأمور غائبة، ويبقى الدف الذي يغني لهم به يمشي في الهواء، ويضرب رأس أحدهم إذا خرج عن طريقهم، ولا يرون أحدا يضرب له، ويطوف الإناء الذي يشربون منه عليهم ولا يرون من يحمله، ويكون أحدهم في مكان فمن نزل منهم عنده ضيفه طعاما يكفيهم، ويأتيهم بألوان مختلفة.
وذلك من الشياطين تأتيه من تلك المدينة القريبة منه أو من غيرها تسرقه وتأتي به.
وهذه الأمور كثيرة عند من يكون مشركا أو ناقص الإيمان من الترك وغيرهم، وعند التتار من هذا أنواع كثيرة.
وأما الداخلون في الإسلام إذا لم يحققوا التوحيد واتباع الرسول، بل دعوا الشيوخ الغائبين واستغاثوا بهم، فلهم من الأحوال الشيطانية نصيب بحسب ما فيهم مما يرضي الشيطان.
ومن هؤلاء قوم فيهم عبادة ودين مع نوع جهل. يُحمل أحدهم فيوقف بعرفات مع الحجاج من غير أن يحرم إذا حاذى المواقيت، ولا يبيت بمزدلفة، ولا يطوف طواف الإفاضة، ويظن أنه حصل له بذلك عمل صالح وكرامة عظيمة من كرامات الأولياء، ولا يعلم أن هذا من تلاعب الشيطان به، فإن مثل هذا الحج ليس مشروعا ولا يجوز باتفاق علماء المسلمين. ومن ظن أن هذا عبادة وكرامة لأولياء الله فهو ضال جاهل.
ولهذا لم يكن أحد من الأنبياء والصحابة يفعل بهم مثل هذا، فإنهم أجل قدرا من ذلك.
وقد جرت هذه القضية لبعض من حُمل وطائفة معه من الإسكندرية إلى عرفة، فرأى ملائكة تنزل وتكتب أسماء الحجاج فقال: هل كتبتموني؟ قالوا: أنت لم تحج كما حج الناس، أنت لم تتعب ولم تحرم ولم يحصل لك من الحج الذي يثاب الناس عليه ما حصل للحجاج.
وكان بعض الشيوخ قد طلب منه بعض هؤلاء أن يحج معهم في الهواء فقال لهم: هذا الحج لا يسقط به الفرض عنكم لأنكم لم تحجوا كما أمر الله ورسوله.
ودين الإسلام مبني على أصلين: على أن يُعبد الله وحده لا يُشرك به شيء، وعلى أن يُعبد بما شرعه على لسان نبيه ﷺ.
وهذان هما حقيقة قولنا: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
فالإله هو الذي تألهه القلوب عبادة واستعانة ومحبة وتعظيما وخوفا ورجاء وإجلالا وإكراما. والله عز وجل له حق لا يشركه فيه غيره فلا يُعبد إلا الله، ولا يُدعى إلا الله، ولا يخاف إلا الله، ولا يُطاع إلا الله.
والرسول ﷺ هو المبلغ عن الله تعالى أمره ونهيه وتحليله وتحريمه، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه. والرسول ﷺ واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وتحليله وتحريمه، وسائر ما بلغه من كلامه.
وأما في إجابة الدعاء، وكشف البلاء، والهداية والإغناء، فالله تعالى هو الذي يسمع كلامهم ويرى مكانهم ويعلم سرهم ونجواهم، وهو سبحانه قادر على إنزال النعم، وإزالة الضر والسقم، من غير احتياج منه إلى أن يعرِّفه أحد أحوال عباده، أو يعينه على قضاء حوائجهم.
والأسباب التي بها يحصل ذلك هو خلقها ويسرها، فهو مسبب الأسباب، وهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد: [12]: {يسأله من في السموات والأرض كل يومٍ هو في شأن}.
فأهل السموات يسألونه وأهل الأرض يسألونه، وهو سبحانه لا يشغله سمع كلام هذا عن سمع كلام هذا، ولا يغلطه اختلاف أصواتهم ولغاتهم، بل يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات، ولا يبرمه إلحاح الملحين، بل يحبُّ الإلحاح في الدعاء.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا سألوا النبي ﷺ عن الأحكام أمر رسول الله ﷺ بإجابتهم كما قال تعالى [13] {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، [14]: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ}، [15] {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} إلى غير ذلك من مسائلهم.
فلما سألوه عنه سبحانه وتعالى قال: [16]: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ} فلم يقل سبحانه: "فقل"، بل قال تعالى: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} فهو قريب من عباده.
كما قال النبي ﷺ في الحديث لما كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر والدعاء فقال: "أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا، إنما تدعون سميعا قريبا، إن الذي تدعونه أقربُ إلى أحدكم من عنق راحلته".
وقال النبي ﷺ: "إذا قام أحدكم إلى صلاته فلا يبصقن قبل وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا، ولكن عن يساره وتحت قدمه" وهذا الحديث في الصحيح من غير وجه.
وهو سبحانه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، وهو سبحانه غني عن العرش وعن سائر المخلوقات لا يفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل هو الحامل بقدرته العرش وحملة العرش.
وقد جعل تعالى العالم طبقات، ولم يجعل أعلاه مفتقرا إلى أسفله، فالسماء لا تفتقر إلى الهواء، والهواء لا يفتقر إلى الأرض، فالعليّ الأعلى ربُّ السموات والأرض وما بينهما الذي وصف نفسه بقوله تعالى [17]: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أجل وأعظم وأغنى وأعلى من أن يفتقر إلى شيء بحمل أو غير حمل، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، الذي كل ما سواه مفتقر إليه، وهو مستغن عن كل ما سواه.
وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع، قد بين فيه التوحيد الذي بعث الله به رسوله قولا وعملا.
فالتوحيد القولي مثل سورة الإخلاص {قل هو الله أحد} والتوحيد العملي {قل يا أيها الكافرون} ولهذا كان النبي ﷺ يقرأ بهاتين السورتين في ركعتي الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك.
وقد كان أيضا يقرأ في ركعتي الفجر وركعتي الطواف [18]: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا} الآية. وفي الركعة الثانية بقوله تعالى [19]: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَ نَعْبُدَ إِلاَ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.
فإن هاتين الآيتين فيهما دين الإسلام، وفيهما الإيمان القولي والعملي، فقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأسْبَاطِ} إلى آخرها يتضمن الإيمان القولي والإسلام، وقوله {قل يا أهل الكتاب تعالوا الىكلمة سواء بيننا وبينكم} - الآية إلى آخرها - يتضمن الإسلام والإيمان العملي فأعظم نعمةً أنعمها الله على عباده الإسلام والإيمان وهما في هاتين الآيتين، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فهذا آخر السؤال والجواب الذي أحببت إيراده هنا بألفاظه لما اشتمل عليه من المقاصد المهمة والقواعد النافعة في هذا الباب، مع الاختصار، فإن التوحيد هو سرُّ القرآن ولب الإيمان، وتنويع العبارة بوجوه الدلالات من أهم الأمور وأنفعها للعباد في مصالح المعاش والمعاد. والله أعلم.
هامش
- ↑ (9: 103)
- ↑ (21: 26- 27)
- ↑ (25: 58)
- ↑ (71: 23)
- ↑ (42: 13)
- ↑ (23: 51-53)
- ↑ (30: 30-32)
- ↑ (14: 35 - 36)
- ↑ (34: 40 - 41)
- ↑ (72: 6)
- ↑ (2: 102)
- ↑ (55: 29)
- ↑ (2: 189)
- ↑ (2: 219)
- ↑ (2: 217)
- ↑ (2: 186)
- ↑ (39: 67)
- ↑ (2: 136)
- ↑ (3: 64)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية | ||||||||||||
الصفحة الأولى | الثانية | الثالثة | الرابعة | الخامسة | السادسة | السابعة | الثامنة | التاسعة | العاشرة | الحادية عشر | الثانية عشر | ||||||||||||