الباب الثالث: في بيان تجسيم اليهود لعنهم الله وشركهم بالله تعالى | الحسام الممدود في الرد على اليهود الباب الرابع: وقوعهم في الأنبياء عليهم السلام ودعائهم على المسلمين وملوكهم المؤلف: عبد الحق الإسلامي |
الباب الخامس: فيما في توراتهم وسائر كتبهم من تعظيم النبي ﷺ ← |
الباب الرابع: وقوعهم في الأنبياء عليهم السلام ودعائهم على المسلمين وملوكهم
اعلم أن اليهود لعنهم الله تعالى زعموا أن هذه التوراة التي بأيديهم هي المنزلة على موسى عليه السلام، وفيها ما أسرده الآن من سب الأنبياء ونسبة الفواحش إليهم مما لا يخطر ببال ولا يعبر عنه مقال ولا يتوهم على حال. وما أظن المسلمين ولا أحدا منهم يعتقدون قط في اليهود ما أذكر عنهم في الأنبياء وما دخل معهم على ذلك. ولا ضربت عليهم الجزية على مثله ولا ينبغي أن تضرب عليهم معه، لأن ما وقعوا فيه مما لا يحل أن يتركوا عليه ولا يمكن ذلك بوجه ولا بحال، وما لهذا الداء من دواء إلا بشروه من كتبهم ومحوه من صحائفهم حتى لا يبقى فيها من هذا الكفر شيء ويكون ذلك فائدة وأجرا عظيما وثوابا جسيما. وأي فاذدة أكبر من إعفائه وزواله، أم أي أجر أعظم من محو الكفر واضمحلاله وقد زعموا لعنهم الله أن من الفروض الواجبة عليهم في صلواتهم سب المسلمين والدعاء عليهم وعلى ملوكهم وعلى كل من ليس منهم. وقد انعكس والحمدله دعاؤهم عليهم فلزمهم الذل والصغار واللعنة والامتهان وحق عليهم الخلود في النيران، وها أنا أفسر ذلك إن شاء الله.
فأقول: إنهم وقعوا في نبي الله لوط عليه السلام وقالوا إنه شرب الخمر وسكر ووقع على بناته وحملن منه وتزايد له منهن ابنان، اسم أحدهما: عمون واسم الآخر مران. ونصهم في ذلك:
«ومهوين شيء بَنُوت لُوط مِئابيهم.» [1]
شرحه:
حملت كلتا بنتي لوط من أبيهما.
فانظر إلى هذه الأقوال الشنيعة المفتراة التي لا تليق إلا بالكفرة أمثالهم. والعجب كل العجب ما منهم أحد إلا وهو ينزه نفسه عن الوقوع في مثل هذا وهو جدير به فكيف ينسبه لنبي من أنبياء الله تعالى! فالحمد لله الذي أدخلنا في زمرة المسلمين وأخرجنا من عصابة الكافرين.
ومما وقعوا فيه أيضا أن قالوا في يهودا بن يعقوب عليهما السلام: ضاجع بنته تامر وتزايد له منها ولدان اسم أحدهما بارس واسم الآخر زيرح. [2] وينسبون لبارس داود عليه السلام ولزيرح كثيرا من الأنبياء. وهذا كالذي قبله وأفحش منه. والنص عندهم في ذلك مشهور.
ومما وقعوا فيه أيضا أن قالوا عن عمران والد موسى عليه السلام أنه واقع عمته أخت أبيه وتزايد له منها موسى وهارون ومريم. ونصهم في ذلك:
«ويقح عَمرَم إث يُوخَيبيد دُوحَثُوا لُولاشه.» [3]
شرحه:
واقع عمران عمته يوخيبيد عن زوجه وولدت له هارون وموسى ومريم.
وهذا مثل ما قبله.
ومما وقعوا فيه أيضا أنهم نسبوا لموسى وهارون عليهما السلام في توراتهم أنهما لم يؤمنا بالله عز وجل تعالى الله عن قولهم، ونصهم في ذلك:
«ويومر أذني إل موسى وإل هارون ياعن لوهنا منتم في أهند شيني لعيني بني إسرائيل لخن لدنيوا إل هغهل هرد إل هارص أشر يشيبيتي كيهم.» [4]
شرحه:
وقال الله لموسى وهارون: كما أنكما لم تؤمنا بي ولم تقدساني فيما بين بني إسرائيل، لا تدخلا مع هذا الشعب الأرض التي وعدتهم بها.
يعنون أن بلاد الشام عظيمة. ولذلك لم يدفنا بها بل دفنا في التيه مع العصاة. وهذا افتراء على الله تعالى وعلى رسله عليهم السلام. ولم يبق لهم ما يعتمدون عليه ولا ما يرجعون إليه إذ وقعوا فى نبيهم ورسولهم موسى كليم الله عليه السلام الذي ليس لهم اعتماد إلا عليه ولا لهم مرجع إلا إليه. فقد خرجوا لعنهم الله عن كل ملة وامتازوا عن كل أمة وكفروا بالله وبرسوله، وما جاسوا أحدا منهم بتخصيص عدم إيمانهم بسيدنا محمد ﷺ خطأ وغلط وجهل يكفي فى كفرهم وخداعهم ومكرهم وقذفهم نبي الله ورسوله موسى عليه السلام فهو أدهى وأمر إذ نسبوا له الكفر.
وقد وقعوا أيضا في أخيه نبي الله ورسوله هارون عليه السلام وخصصوه بعمل العجل وعبادته. ونصهم فى ذلك:
«ويجوي أذني إث معم عل أشر عسو إث هعيقل إث عسال هارون.» [5]
شرحه:
وغضب الله على بني إسرائيل، كما عبدوا العجل الذي صنعه هارون.
وهذا في الكفر كالذي قبله.
ومما وقعوا فيه الدعاء على المسلمين وعلى ملوكهم وعلى كل من ليس منهم وعلى كل من يخرج من دينهم، ونصهم في ذلك:
«لا مشمادنم إل نني تعوه وخل هميم كريقع يوبيد وزحلوا ويبينوا وخل سونا نبئوا مهيره ككاريثو وملخوث ردون مهيرة تشبر وتخنيع بمهيده بيمو بروخ إنا أذني شو بر أيسيم ومخنيع زيربح.» [6]
شرحه:
الخارجون عن ديننا لا يكونون رجاء، وغير المعتقدين لديننا في طرفة عين يبادون، وجميع أعدائنا والباغين لنا في الحين يفنون، والمملكة القاهرة لنا اكسرها وأفنها في أياما يا إله، اكسر الأعداء وهرب الأوقاح.
هذه - أعزكم الله - صلاتهم التي بها يتعبدون، وعبادتهم التي بها يتقربون، ودعاؤهم الذي يظنون أنهم به للمسلمين يعنون ولأعدائهم كافة يبيدون. وهي عائدة عليهم بالذل والهوان والخزي واللعنة إلى يوم يبعثون، والى جهنم يحشرون.
ومن الفرائض الواجبة عليهم المنصوصة في توراتهم المبدلة إدخال الربا والغش على المسلمين، ونصهم في ذلك:
«لتحر تشيخ ولاحيخ لو تشيخ.» [7]
شرحه:
للمسلم تربون ولأخيكم لا تربون.
وكذلك في توراتهم المبدلة أنهم لا يأكلون الطريف وأن الحكم فيه عندهم رميه للكلاب، ونصهم في ذلك:
«وبسر بشادي طريفة لوثو خيلو للكليب تشلخون أوثوا.» [8]
شرحه:
لحم الطريف لا تأكلوه بل للكلب ترموه.
فجعل علماؤهم لفظ "الكلب" شامل للمسلمين ومن ليس منهم وأنه لا فرق بينهم وبين الكلاب في ذلك. وأباحوا لهم بيعه للمسلمين، وإن لم يشتروه المسلمون فيرموه للكلاب. فلو ترك المسلمون وفرهم الله شراءه منهم لكان حسنا. وفيه فوائد، أحدها إظهار بغضهم له واتقاء مما هم فيه والبعد من صفقاتهم الفاسدة ومن كراهة ما كرهوه. ونصهم في ذلك:
«وهجوي هوهو ككليب.» [9]
شرحه:
ما تقدم.
ولو تتبعا مساويهم وأنواع كفرهم لطال بنا الكلام لكنا اقتصرنا على هذا القدر كراهة للإكثار من ذلك. إذ المقصود من هذا التأليف التنبيه فقط ما هم عليه على سبيل الاختصار، والله الموفق للصواب.
هامش
- ↑ التكوين 18: 36
- ↑ التكوين 38: 18
- ↑ سفر الخروج 6: 20
- ↑ سفر العدد 20: 12
- ↑ سفر الخروج 32: 35
- ↑ (بركة همينيم)
- ↑ سفر التثنية 23: 20
- ↑ سفر الخروج 22: 31
- ↑ (والأجنبي عنكم هو كالكلب)