الرئيسيةبحث

الحسام الممدود في الرد على اليهود/الباب الثالث

الحسام الممدود في الرد على اليهود
الباب الثالث: في بيان تجسيم اليهود لعنهم الله وشركهم بالله تعالى
المؤلف: عبد الحق الإسلامي


الباب الثالث: في بيان تجسيم اليهود لعنهم الله وشركهم بالله تعالى

اعلم وفقنا الله واياك أن في توراتهم ما نصه: «نفس أدم بطلميق كدموا ثينو.» [1]

شرحه:

وقال الله: أصنع بني آدم كصورتنا كشبهنا.

وفي هذا تجسيم لا يحتاج إلى دليل لأنهم جعلوا الله صورة وشبها، والله عز وجل منزه عن النظائر والأشباه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وهذا أقرب ما عندهم من الكفر لأنهم ربما قالوا: إن الإضافة في ذلك إضافة ملك كقوله هذا عمل الله وهذا خلق الله، وفي هذا من التكليف على ما لا يخفى على ذي عقل، لا سيما في قولهم: كشبهنا، فإن التأويل فيه بعيد جدا. ولكن سيأتي ما هو أبشع وأقبح وأفظع، وهذا يدل على أن توراتهم التي بأيديهم مبدلة دمرهم الله تعالى ولعنهم.

ومما في توراتهم المبدلة نسبتهم الندم إلى الله تعالى، ونصهم في ذلك:

«ويناحح أذني كيشى عسى إث لهادم بأرص وينعصب إل لبو.» [2]

شرحه:

وندم الله الذي خلق الآدميين في الأرض وتغير في قلبه.

وهذا نص قطع باب التأويل وسد المخارج، وضلوا وكفروا لعنهم الله من وجوه:

  • أحدها: نسبوا إليه تبارك وتعالى الندم والتغيير وذلك من صفة المحدثات.
  • الثاني: نفي العلم عنه سبحانه وتعالى. والله عز وجل عالم بالأشياء قبل كونها وقبل تصورها، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. فكيف ينسب إليه الندم وهو سبحانه وتعالى بيده ملكوت كل شيء ولا يكون في السموات والأرض شيء إلا بقضائه وقدره.
  • الثالث: أنهم جعلوا لله قلبا تعالى الله عز وجل عن ذلك.

فصل

يتبين فيه أنهم نسبوا إليه تعالى شم الرائحة، ونصهم في ذلك في قصة نوح عليه السلام حين قرب القربان:

«وبارح أذني إث ريح هنيجوخ.» [3]

شرحه:

وشم الله الرائحة المهداة.

ويعتقدون لعنهم الله تعالى أن ذلك بحاسة، وهو كفر صراح تعالى الله عن ذلك.

ومنها أنهم يزعمون أن الله تعالى هبط إلى الأرض، ونصهم في ذلك في قوم لوط عليه السلام:

«إيرزدن وإزاي هد ضعفته هباه إلى عسوكلا وإم لو إداعه.» [4]

شرحه:

يهبط إلى الأرض وترى هذا المزاح هل عملوه بأفنيتهم.

وإلا فاعلم الحق، وهذا كفر بألفاظ خبيثة تنبئ بنفي العلم عن الله تبارك وتعالى من أنه لا يدري الحق حتى يهبط إلى الأرض ويستخبرهم، فنعوذ بالله من أقوالهم وأفعالهم واعتقاداتهم وأعمالهم الخبيثة التي لا تليق إلا بالكفرة أمثالهم.

فصل

يذكر فيه أنهم ينسبون للجليل جل جلاله أبناء وبنين وزوجة، تعالى الله مولانا عن ذلك. ونصهم فى البنين:

«بنيتم أثم لاذ نبي إلوهيج.» [5]

شرحه:

بنون أنتم لله ربكم.

ومنه نص آخر: «وأمرت إل فرعون كه أمر أذني بخوري إسرائيل.» [6]

شرحه:

وتقولون هكذا قال الله ابني بكر إسرائيل.

يعنون أن الله سبحانه وتعالى له بنون جملة وأن إسرائيل أكبرهم وأفضلهم، يدل عليه البكر في النص الثاني.

ونص الزوجة في كتاب أشعياء حيث يقول:

«كو أمو أذني أزي سيفر كرتثوث أمخع أشر شلحتها.» [7]

شرحه:

هكذا قال الله أين عقد طلاق أمكم التي طلقتها.

وكأن هذا الكلام مراده استفهام الطلاق وأنه يقول تعالى عن قولهم علوا كبيرا: إن صدقتم في طلاقي إياها فأتوني بصك طلاقها، أو أنه طلقها واستفهم عن رسم طلاقها.

وفي موضع آخر أنه طلقها وأبغضها، والنص في ذلك:

«سنيتها وإثر إن سيفر كريثوثيها إليها.» [8]

شرحه:

بغضتها وطلقتها وأعطيتها عند طلاقها.

فانظر هذا الكفر الفاحش الذي لا يقبل التأويل وهو من أعظم العظائم وأجرم الجرائم، ولولا الضرورة الداعية إلى تقرير اعتقاداتهم وكشف سرائرهم ليعلم ما هم عليه وأن هذا مما تضرب به الجزية عليهم وأن المسلمين وفرهم الله يرون أنهم لا يبالغون في الكفر هذه المبالغة، لا ينبغي أن تذكر بلسان ولا يحكيه إنسان، لأنه لا يحتاج إلى الزوجة والابن إلا الفقير المحتاج الملتجىء لغيره. والله تعالى غني على الإطلاق لم يتخذ صاحبة ولا ولدا (إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا)

فصل

يذكر فيه أنهم زعموا أن موسى وهارون عليهما السلام ونادب واليهود أولاد هارون وسبعون من أشياخ بني إسرائيل رأوا الله تعالى وهو جالس وتحت ساقه موضع مفروش بآجر من ياقوت وهم بالجبل. ونصهم في ذلك:

«وبرابت ألوهي إسرائيل وماحث رعلو كمعسي كتبث هسيز رخوهم هشمائم لطوهر.» [9]

شرحه:

ورأوا الله بنو إسرائيل وتحت ساقيه موضع مفروش بآجر من ياقوت، وكنفاذ السماء للمطر.

وهذا الفحش أشنع من الذي قبل، ولا شك أن من رزقه الله عقلا يميز به أدنى تمييز يعلم أن هذا باطل محض وكفر صريح.

فصل

يذكر فيه أن اليهود لعنهم الله زعموا أن الله سبحانه وتعالى أمرهم أن يصنعوا له قبة ليسكن معهم فيها. ونصهم في ذلك:

«وعسولي مقرش وشاخنتي بثوخم.» [10]

شرحه:

اصنعوا لي قبة لأسكن معكم فيها.

فانظروا إلى أقوال هؤلاه الكفرة، هل يقبلها عقل أو يمكن أن ينطق بها لسان أو تختلج في صدر إنسان؟ وما أعلم أحدا ولا أعلمه من الطوائف يكني بهذا النوع لعنهم الله تعالى وأخزاهم.

فصل

يذكر فيه أنهم يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى أوصى موسى عليه السلام أن يعمل له في القبة صورتين من ذهب على صورة ولدين صغيرين سماهما كروبيم، يعني صبيانا. وفي توراتهم التي هي الآن بأيديهم وحاشى لله أن يكون في التوراة، أن الوحي كان يأتي موسى من بين الصورتين وأنه كان يخاطبه من هنالك. ونصهم في ذلك:

«ونوعدتي لخم شم ودبرتي إتخ معل هكبواريث مبين شني هكروبيم إث كل أشر أصوبي لاوتخ آل بني إسرائيل.» [11]

شرحه:

وقال الله لموسى سأحضر معك فى القبة وأخاطبك من أعلى الغشاء من بين الصورتين اللتين على صنوف الشهادة فالذي آمرك به لبني إسرائيل.

وفى الثاني من العشر كلمات ما نصه:

«لو تعسى لخ بيصل وخذثمونا أشر بشمائم بما عل وأشر بأرض متاحت.» [12]

شرحه:

لا تصنع شكلا ولا شبها مما في السماء وما في الأرض.

فانظر هذا النص مع الذي قبله فيهما تناقض مفرط وضلال واضح، وهو قولهم اصنعوا، ثم قال لا تصنعوا. وهذا الذي قررناه مبني على فساد دينهم وسوء معتقدهم. ويدل أيضا على أن توراتهم التي بأيديهم ليست من كلام الله وإنما هي وضع كذاب مفتر على الله، وضع فاسق مجترىء على الله لا يؤمن بيوم الحساب، ولو علم أنه مخلد في النار أبدا لما اجترأ على الله هذا الاجتراء العظيم الذي يقطع عليه فيه بالخسران العظيم والعذاب الأليم. ولتعلم أن هذا التناقض الذي ألزمناهم والرهط الذي أرهطناهم لا محيد لهم عنه بوجه ولا بحال، وقصارى ما يجاب به في هذا المحل أن يقال أحد النصين إما يخصص الآخر وإما ينتسخه، إلا أنهم لا يرون نسخا ولا تخصيصا فانسدت بسبب ذلك عليهم الأبواب وخرسوا عن الجواب وحق عليهم العذاب، والله سبحانه وتعالى هو الموفق للصواب.

فصل

يتبين فيه أنهم أمروا يوم عاشوراء أن يقربوا عنزين أحدهما لله والآخر لعزازيل، ونصهم في ذلك:

«جورل ءار لأذني رجورل أحد لعزازيل.» [13]

شرحه:

سهما واحدا لله وسهما واحدا لعزازيل.

لعنه الله ولعنهم جميعا وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا.

فصل

يتبين فيه أنهم أمروا أن يقربوا القربان بالخمر، والنص في ذلك:

«يا بن للنسخ ويبعث ههين تقريب ريح يحوح لاذني.» [14]

شرحه:

وخمر القربان ثلث قلة تقرب مقبول مرضي لله.

يعنون أن الله تعالى أمرهم بها وأنه يحب رائحتها، وقد قدمنا ما عندهم من النسبة لله تعالى من حاسة الشم، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

فصل

يتبين فيه أن اليهود لعنهم الله تعالى عباد النار وأن إلههم النار، والنص في ذلك:

«كي أذني إلوهيخ إش أوخلاهو.» [15]

شرحه:

إن الله ربكم نار محرقة هو.

فقد اختاروا لأنفسهم عبادة النار فكان مصيرهم إليها وبئس القرار. ونحن المسلمون اخترنا عبادة الله وحده لا شريك له وآمنا بجميع الرسل لا نقرق بين أحد من رسله، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فيكون مصيرنا إن شاء الله إلى جنة الرضوان ويجازينا فيها بالنعيم الدائم حسبما وعدنا بذلك على لسان نبيه ورسوله محمد ﷺ المختار المصطفى من بني عدنان. وهؤلاء اليهود لعنهم الله ليس في توراتهم التي بأيديهم الآن ذكر للجنة ولا للنار. وهذا دليل واضح على أن توراتهم مبدلة ليست من كلام الله تعالى ولا من عنده سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. والحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام واتباع شريعة سيدنا ونبينا ومولانا محمد عليه الصلاة والسلام ( والله عليم بذات الصدور).

هامش

  1. التكوين 1: 26
  2. التكوين 6:6
  3. التكوين 8: 21
  4. التكوين 18: 21
  5. التثنية 14: 1
  6. الخروج 4: 22
  7. أشعياء 50: 1
  8. أرمياء 3: 8
  9. الخروج 24: 10
  10. الخروج 25: 8
  11. الخروج 25: 22
  12. الخروج 20: 4
  13. سفر اللاويين 16: 8
  14. العدد 15: 7
  15. التثنية 4: 24