الرئيسيةبحث

دمشق ( Damascus )



دمشق عاصمة سوريا وأكبر مدنها. وقد شيّدت بعض أجزاء المدينة منذ مئات السنين، إلا أن مركز الأعمال الرئيسي هنا شيّدت مبانيه في القرن العشرين الميلادي.
دمشق عاصمة الجمهوريّة العربيّة السوريّة، وأكبر مدينة في البلاد، وربما كانت أقدم مدينة معمورة في العالم، وتشغل مساحة قدرها 105كم². بلغ عدد سكانها 1,489,000 نسمة عام 1995م، ومع ضواحيها أكثر من 2,4 مليون.

وتقع العاصمة السورية إلى الشمال من خط العرض َ30 33° وإلى الشرق من خط الطول 18َ 36° على سفح جبل قاسيون المطل عليها من الشمال بارتفاع يتراوح بين 707 و800م فوق سطح البحر.

وكانت رقعة حدودها العمرانيّة تمتدّ على مساحة 672 هكتارًا عام 1935م و2000 هكتار عام 1966م و6,000 هكتار عام 1984م وتبلغ 10,500 هكتار حاليًا.

وهي أكثر المُدُن السوريّة سُكّانًا بسبب الهجرة الكثيفة إليها من المناطق المجاورة والمدن الأخرى. ويخترقها نهر بردَى وتحيط بها بساتين الغوطة من سائر أطرافها، ماعدا الشمال، حيث تتكىء على خاصرة قاسيون الجرداء. وقد كانت أكبر مدينة في بلاد الشّام منذ الألف الثاني قبل الميلاد، فكانت عاصمة آراميّة ثُم مدينة إغريقيّة، ثم رومانيّة، وأصبحت عاصمة الخلافة الإسلامية بين سنة 32 و 134هـ، 653 -751م. وهي مدينة واحة يرجع وجودها لغوطتها ولموقعها عند ملتقى طرق قوافل، مثلما يعود قدمها وثبات موقعها الحضري لواقع جغرافي فريد، وهو وجود منطقة نديّة كثيرة المياه بجوار صحراء مقفرة هي بادية الشّام.

ونظرًا لوقوع سلسلتي جبال لبنان الشرقية والغربية إلى الغرب منها فإنها تكون محرومة من تأثير البحر الملطَّف الذي لايبعد عنها أكثر من 80كم على خط مستقيم، فتكون ذات مناخ قاري جاف وحار صيفًا وبارد وممطر شتاءً، إذ يبلغ متوسط الفرق الحراري بين الصيف والشتاء نحو 20°م مثلما يتصف مناخ المدينة بتبدّلات كبيرة بين اللّيل والنهار. وهكذا يكون متوسط الحرارة في شهر يناير 3و7°م ولكن قد تهبط الحرارة حتى 8°م تحت الصفر. ومن المألوف تجمُّد الماء في لياليها كثيرًا. وترتفع الحرارة في شهر أغسطس حتى 27,6°م وقد يصل الحد الأقصى إلى أكثر من 40°م في بعض السنين. ويكون معدل الحرارة السنوي نحو 17°م ممّا يجعلها مماثلة لحلب وعَمّان رغم اختلاف خط العرض. أما أمطارها فلا تكفي لقيام زراعة لأنّ معدّل أمطارها السنويّة 215 ملم، وتقل هذه الكمية في سنوات القحط إلى 50ملم وقد ترتفع في سنوات الرخاء إلى350ملم وهذا يحدث مرة كل 20 سنة.

وسط مدينة دمشق حيث تنتصب العديد من المباني المخصصة للمكاتب والشقق السكنية للحد من أزمة المساكن، كما قد تم تخطيط مدن حديثة لحل هذه الأزمة المتفاقمة.

المدينة:

إذا كان عمر المدينة الحاليّة يٌقارب 4,000 سنة فإن استيطان موقعها يعود لإنسان العصر الحجري الحديث أو نحو 7,000 سنة. وقد نشأت المدينة القديمة المحاطة ببقايا السور والأبواب مثل باب شرقي وباب توما وباب النّصر وباب كيسان ...إلخ على الضفة اليُمنى لنهر بردَى. وكانت تتخذ شكلاً مستطيلاً مدوّر الزوايا يمتد من الشرق إلى الغرب. وتـتصف المدينة القديمة بضيق معظم شوارعها التي تنتهي أحيانًا بشوارع مغلقة (زنقات). ولا تزال تظهر معالم المخطّط الهيليني الأول الشطرنجي الذي يتجلّى في الشارع المستقيم الممتد من باب شرقي شرقاً إلى باب الجابية غربًا.

وتحتلّ القلعة، أو مقرّ الحُكّام والسّلاطين في القديم، الزاوية الشّماليّة الغربيّة من المدينة القديمة، وقد تحوّلت إلى سجن إلى أن شغلتها مؤخّرًا مديرية الآثار التي تعمل حاليًا في ترميمها وإبراز معالمها وقد أُقيم تمثال صلاح الدين الأيوبي أمام بابها الغربي.

وإذا كان الحجر يدخل في بناء المساجد ودور العبادة الأخرى والأضرحة والخانات، فإن دور السكن جميعها مبنية بالطين (أي الطُوب المجفّف) والخشب الذي يشكّل السُّقوف وهيكل الجُدران مما جعل المدينة عرضة للحرائق مرّات عديدة في تاريخها حتّى إنّ الحريق أتى على الجامع الأموي عام 1311هـ، 1893م أي قبل قرن من الزمن، ولاسيما حريق عام 1344هـ، 1925م عندما رمى الفرنسيّون الأحياء الغربية من المدينة القديمة بالمدافع. ومازال هذا القسم يحمل اسم حي الحريقة، وقد أُعيد بناؤه فيما بعد ليكون حيًّا تجاريًا وليس سكنيًا. ومع هذا تعمل بلدية دمشق على صيانة عدد من المنازل النّموذجيّة والمحافظة عليها كجزء من التراث، في حين تتداعى أكثر المنازل تدريجيًا كي يُعاد بناؤها حسب الطراز العصري ولكن دون السماح بتعدّد الطوابق لأكثر من اثنين. ونجد البيت الطينيّ التّقليديّ أيضًا في الأحياء الخارجية مثل حي الميدان الجنوبي أو الأحياء التي في أعلى جبل قاسيون والتي تعود لأواخر القرن الماضي. ولكن مع دخول الإسمنت في البناء والتشييد ظهر المسكن الحديث من النّمط الأوروبي كما صاحب ذلك تنظيم عمراني وخسر البيت العربي التقليدي ذو المساحة الداخلية كل مزاياه.

أما الأحياء الحديثة فلا شيء يميّزها عن المدن الأوروبية إلا ارتفاع مآذن المساجد.

السكان:

من المتعذر محاولة تحديد الأُصول التاريخية والعرقيّة لسُكّان دمشق الواقعة على ملتقى طرق تجارية وهجرات قادمة من سائر الجهات دون استعراض تاريخي للأمم التي وفدت على بلاد الشّام سلمًا أو اجتاحتها حربا منذ الألف الثّالث قبل الميلاد، كالآموريين والآراميين في الألف الثاني قبل الميلاد والذين كانت دمشق عاصمتهم حتى أصبح العديد من بلدان المنطقة وقراها يحمل أسماء آرامية ولاتزال تتكلّم لغتهم حتى الآن، كما غزاها الآشوريون وحكمها الرُّومان والبيزنطيون الرُّوم. ومع الفتح الإسلامي هيمنت اللغة العربية على سائر اللَّغات واللهجات السابقة. ومع أن الحكم العثماني استمر أربعة قرون إلا أن التركية لم تتغلب إطلاقًا وظلّت العربية لغة الإسلام الأولى. بل إنه حدث تعريب للأقوام الذين وفدوا في عهد صلاح الدين، كالأكراد والتركمان وشراكسة المماليك والأرمن. كما وفد في إثر العثمانيين الأتراك جماعات من البشناق (البوسنة) والألبان، وتدفق عليها في القرن التاسع عشر الميلادي مسلمو كريت والقفقاس والأذريون وغيرهم. وخلال الحرب العالمية الأولى، وفد الأرمن من الأناضول مثلما تزوج أعداد من الطلبة الذين درسوا في الخارج من فرنسيات وإنجليزيات وروسيات وغيرهن من الأجنبيات.

وهكذا يمثل العرب 95% من السُّكان، والأكراد 4%، والأعراق الأخرى 1%، وإن كان الجميع تقريبًا يعرفون العربية كتابة وقراءة، بحيث تمثّل دمشق انصهار كل هذه الأقوام في بوتقة تضم العروبة والعقيدة الإسلامية السمحة التي يعتنقها 93% من السكان بمذاهبها المتعددة. وهناك مذاهب وطوائف نصرانية متعددة كالأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، وقد نزح الكثير من اليهود في الآونة الأخيرة بعد السماح لهم بالسفر للخارج.

ويمكن التمييز بين الأحياء الغربيّة الحديثة والأحياء العتيقة التقليديّة ـ التي تنكمش تدريجيًا لحساب النّمط الحديث ـ بالبناء المتعدّد الطّوابق والمطلّ على شوارع أكثر عرضًا واستقامة. وينحصر النّمط القديم في المدينة القديمة المسوّرة، وفي الجنوب باتجاه حوران وعلى سفوح قاسيون المرتفعة. وتوسّعت الأحياء الجديدة منذ عام 1940م في سائر أطراف المدينة على حساب الغوطة وذلك مثل المزة في الجنوب الغربيّ والمخيّم في الجنوب وامتداد حي القصاع النصراني في الشمال الشرقي وحي المالكي في الغرب. وتتقلص رقعة الغوطة تدريجيًا بسبب الزحف العمراني الشديد.

وتتميّز بعض المناطق السّكنيّة الراقية كحي أبي رمانّة والمالكي والمزّة حيث نجد عددًا لابأس به من الدّارات (الفيلات) وحيث تقع أكثر السّفارات والقنصليّات، وبين المناطق الأخرى المتعدّدة الطوابق. غير أنّ مستوى المعيشة العام وصعوبة المواصلات وغلاء أراضي البناء وصعوبة تأمين الخدمات البلدّية تؤلّف عوائق لاتسمح بقيام أحياء ذات مساكن مستقلة من طابق واحد أو اثنين، ونتيجة لذلك تمتد المدينة رأسيًا أكثر مما تمتد أفقيًا. ولاتزيد الكثافة في الكيلو متر المربع على 5,000 نسمة في الأحياء العربية الفقيرة بينما نجدها ترتفع إلى 40,000 في الأحياء الحديثة المتعدّدة الطوابق.

ولدمشق وظيفة ثقافية وعلمية مرموقة وعريقة، ففضلاً عن المدارس الدينية الموروثة من قرون عديدة بدأت الحركة العلمية العصرية فيها عام 1901م بإنشاء مدرسة الطّب التي كانت تضم كلية الطب البشري والصيدلة وكانت لغة التدريس التُّركية. وعام 1913م افتُتِحت مدرسة للحقوق. وبعد إغلاق مؤقت خلال الحرب العالميّة الأولى تم افتتاح معهد الطب والحقوق عام 1919م وتخرج فيه سنة 1925م (19) طبيبا. وعام 1923م تأسست الجامعة السُّورية وكانت تضم معهد الحقوق ومعهد الطب والمجمع العربي ودار الآثار.

وعام 1946م أصبحت الجامعة السُّورية تشمل معهد الطب والحقوق وكليّة الآداب وكليّة العلوم والمعهد العالي للمعلّمين وكليّة للهندسة في حلب وكليّة الشّريعة ومعهد العلوم التّجارية، وأصبح اسمها جامعة دمشق عام 1958م. وعام 1959م أُضيفت إليها كليّة طبّ الأسنان وكليّة الترّبية، مثلما أنشئت عام 1970م كليّة الزّراعة وكليّة الصيدلة وكليّة الفنون الجميلة وكلية الهندسة بفروعها الثّلاثة والمعهد العالي للعلوم الإدارية، كما أُضيفت إليها دار للتوليد وأمراض النساء ومركز جراحة القلب المفتوح. ويقارب عدد طُلاّب جامعة دمشق حاليًا 80,000 طالب، وكان عدد المتخرجين في العام ذاته 6,452، بينما لم يكن يتجاوز عدد طلاب الجامعة عام 1950م (1728) طالبًا. وتضمُّ دمشق مجمع اللُّغة العربية الذي يتألّف أعضاؤه من كبار العلماء في شتى فروع التّخصُّص، كما يضمّ علماء من الأقطار العربيّة الشقيقة، وعلماء آخرين من البلاد الأجنبية.

ومع ذلك تظلُّ نسبة الأُميّين مرتفعة وتقارب 20% بين الذين تزيد أعمارهم على عشر سنوات (عام 1984م) من الذُّكور والإناث.

وتُعدّ صناعة البناء في طليعة الأنشطة الاقتصاديّة في البلاد وذلك تلبية لتزايد السُّكان الذي يبلغ 3,8% سنويًا. يبلغ عدد رخص البناء سنويًا أكثر من 500 مع مساحة طابقية تزيد على 150,000م².

وقد سببت الهجرة الكثيفة إلى دمشق مشكلات اجتماعية كثيرة متفاقمة تتمثل في البطالة والسكن والمواصلات العامة والكهرباء والمياه والاتصالات. ومع ذلك، فإنّ الحياة الثقافية نشطة جدًّا فدمشق لاتزال تشكّل أحد مراكز الإشعاع الفكري العربي، ويتمثّل ذلك في تعدُّد الأندية الثقافية والرسمية وتلك التي تُشرف عليها الجمعيّات الخاصة، وعلى رأسها المركز الثقافي العربي الذي ينظم محاضرات عامّة ومعارض لكبار الفنّانين التشكيليين السوريين والأجانب فضلاً عن الندوات الثّقافية في الإذاعة والتلفاز والتي تكون غالبًا من مستوى رفيع تُعالج فيها القضايا التاريخية والاجتماعية، ويشترك فيها أساتذة الجامعة وكبار المختصين. كما تبث الإذاعة مدة ساعتين باللُّغتين الإنجليزية والفرنسية ونصف ساعة لكل من التركية والروسية والألمانية والعبرية.

وبدمشق مكتبات غنيّة جدّاً مثل مكتبة الأسد والمكتبة الظاهريّة ومكتبة جامعة دمشق والمركز الثّقافيّ ومكتبة المعهد الفرنسيّ للدّراسات العربيّة، ومكتبة المتحف الذي يُعتبر مستودعًا لكنوز أثرية تعود لمختلف العصور عدا الحُلِي الذهبيّة والدنانير الإسلاميّة ومكتشفات أوغاريت وماري. وهناك متحف آخر في قصر خان العظم يضمّ التّقاليد الشّعبيّة.

وتشتهر دمشق القديمة بأسواقها المسقوفة وأهمّها سوق الحميديّة وسوق مِدحت باشا وسوق الحرير حيث تكون الصّدارة للمُنتجات الصّناعية الوطنيّة التّقليديّة في حين تختصّ أسواق المدينة الحديثة في كلّ فروع التّجارة المألوفة في مدن العالم الكُبرى.

وللسياحة دور اقتصادي في دمشق إذ يفد عليها سنوّيًا أكثر من مليون ونصف مليون عربي و 250,000 أجنبي. وكان يدعوها الإمبراطور الرُّوماني جوليان أمّ المُدُن أو درة الشرق، وتضم آثار الماضي التي تروي تاريخ الرُّومان والبيزنطيين والحقبة الإسلاميّة المجيدة ولاسيما جامع بني أمية الذي يروي ملحمة الفتوح الإسلامية وأمجاد صلاح الدين. كما يقصِد الزُّوّار قصر العظم وقصر الدحداح والبازار الشرقي. كذلك يقصد الزوار باب شرقي والقرى الآرامية مثل معلولا، ويبرود، وبصرى التي تحوي دير الرّاهب بُحيرى. وقد كتب الشّاعر الفرنسي لامارتين عندما زارها في القرن التاسع عشر الميلادي "ها أنا أقترب منها ويغوص بصري في أغرب وأروع أفق سبق أن أثار دهشة إنسان".

تحوي دمشق القصر الجمهوري المطل على المدينة من الغرب، وقصر الضيافة المعد لاستقبال الملوك والرؤساء، ومجلس الشعب، وكل الوزارات المتناثرة في عدة أمكنة، والسفارات العربية والأجنبية المعتمدة، ومكاتب هيئة الأمم المتّحدة، والجامعة العربية. ولايكاد يخلو حي من أحياء المدينة من جامع تُقام فيه الصّلوات الخمس، وفي مقدمتها الجامع الأموي الذي يحتل قلب المدينة القديمة فضلاً عن مساجد أثرية مثل مسجد السنانية وجامع الشيخ رسلان ومسجد الحنابلة وجامع جراح. ومن أشهر المساجد الحديثة وأجملها الجامع الأكرمي في حي المزة.

وتُعتبر الغوطة بُرمتها متنزهًا لأهالي دمشق بالإضافة إلى حدائق وادي بردَى. ومع ذلك نظّمت البلدية في المدينة الحديثة حدائق فسيحة مع ملاعب للأطفال مثل حديقة السبكي وحديقة الجاحظ وحديقة تشرين وحديقة العائلات وحديقة التجهيز. وللرياضة مكانتها المتميزة في دمشق، فهناك عدة ملاعب لكرة القدم مثل ملعب تشرين والعباسيين كما تضم أندية رياضية للتدريب على مختلف صنوف الرياضة.

الاقتصاد:

هناك فرعان للنّشاط الصّناعيّ بدمشق: الفرع التّقليديّ القديم المتوارث كصناعة السّيوف والأواني النّحاسيّة والحَفْر على الخشب والنّسيج اليدويّ وصناعة الذّهب والفضّة. والفرع الثاني الصناعة الحديثة، فلها أحياؤها الخاصة، كورش تصليح السيارات في ضاحية القدم ومصانع الغزل والنسيج، والصناعات الثقيلة كالإسمنت في الشّمال الشّرقي والصناعة الملوّثة كالدّباغة في الشرق بعيدًا عن الأحياء السكنية، وكذلك صناعة الزُّجاج وتعليب الخضراوات والفواكه وصناعة الثّلاجات والغسّالات والأفران المنزليّة.

وتنتشر تجارة التّجزئة في سائر الأحياء باستثناء الأحياء السكنية الرّاقية، حيث نجد بعض الأسواق المركزية. وينشط القطاع التّجاريّ الخاص إلى جانب القطاع العام الذي يتضاءل دوره تدريجيّا نتيجة الانفتاح الاقتصاديّ مؤخرًا. غير أنّ ميزان التّجارة الخارجيّة يظلّ عاجزًا بشكل مزمن بسبب تضاعُف استيراد الموادّ الغذائية والسيّارات والأدوية، ويشكل المعرض الدوليّ السنويّ بالمدينة فرصة للتبادل التّجاريّ الدّوليّ إذ يؤمّه أكثر من 1,5 مليون زائر في الموسم.

وتُشرف مؤسسات القطاع العام على سائر الخدمات العامة كالنظافة والإضاءة والمياه ووسائل النّقل والهاتف والبرق والبريد الذي يضم بضعة مكاتب فرعيّة موزّعة في أطراف المدينة مع الكثير من صناديق البريد. ولولا ضغط التّكاثُر السُّكاني وتيار الهجرة نحو العاصمة لكانت الأمور أفضل كثيرًا مما هي عليه الآن.

وتخضع كل المصارف التّجارية لإشراف البنك المركزى، وكذلك المصارف الثانوية كالمصرف الزراعي والمصرف العقاري الذي يموِّل جزئيًا بعض المشاريع العمرانية في البلاد، ولايوجد مصرف أجنبي منذ عام 1965م كما تأخذ المصارف على عاتقها أعمال الصيرفة.

وتشجيعاً للسياحة، أنشئت بدمشق ثلاثة فنادق من الدرجة الأولى، وهي الميريديان والشيراتون وفندق الشّام، بالإضافة إلى بضع عشرات من الفنادق من المستويات المتباينة وتقع كُّلها تقريبًا في وسط المدينة، أي قُرب وحول ساحة المرجة عدا وسائل الرّاحة الموجودة على مقربة من المطاعم الرّاقية والمتوسّطة.

وأكثر السُّياح الأجانب يقومون بزيارة المتحف والأماكن الأثرية ويأتون ضمن رحلات منتظمة جماعية. أمّا الضيوف من أبناء البلاد العربيّة فيأتون للاصطياف أو لغايات تجاريّة.

ويتمّ الانتقال بين المدن السُّوريّة الكُبرى مثل حلب ودير الزُّور والقامشلي واللاّذقية بالطائرة أو بالقطار أو بالحافلات الحديثة المكيّفة أو بالسيّارات السّياحيّة الصغيرة، أما النقل الداخلي في المدن فيتمُّ بالحافلات الصغيرة وسيّارات الأجرة.

نبذة تاريخية:

ظلّت دمشق ضمن أسوارها حتى الفتح العثمانيّ، باستثناء بعض المدارس والأضرحة والزوايا المتباعدة على سفح جبل قاسيون. غير أن نمو التّجارة ضمن إطار الدولة العثمانيّة الواسع انعكس على مظهر المدينة بتوسُّع الأسواق انطلاقًا من حي السّنانية على شكل امتداد جنوبي على طول الضّاحية المأهولة بأرباب القوافل وتُجّار الحبوب والتي أصبحت تُدعى حي الميدان. وقد تلاشى سوق الخيل لفقدان الوظيفة الدّفاعيّة عن الأسواق المذكورة. كما ازدهرت التّجارة أكثر على إثر توقيع معاهدة الامتيازات مع فرنسا، أكثر الدول الأوروبيّة التي غزت البلاد بمصنوعاتها. كما راجت البضائع الشّرقيّة من منتجات الهند والشرق الأقصى متّجهة نحو موانئ السّاحل ولاسيما نحو صيدا. ويذكر الباحث الفرنسيّ أليزيه ركلوس أنّ سكان دمشق كانوا عام 1884م نحو 160,000نسمة، منهم 129,000 مسلمون ، و17,000 نصراني، و6,000 يهودي، و8,000 من مذاهب شتّى.

وفي مطلع القرن العشرين ظهرت أحياء ذات طراز أوروبيّ تحوي بيوتها نوافذ على الشّارع في حيّ الصالحيّة وحتّى حيّ المهاجرين وهي ذات طابقين ونادرًا ثلاثة. وبعد الحرب العالميّة الأولى، بدأت المدينة تتوسّع بشكل خاص شمالاً وجنوبًا وغربًا، وساعد على ذلك ظهور خطوط القطار (الترام) وبدأت المدينة تبتلع بعض القرى مثل الصالحيّة والمزة وأصبح طراز البناء عصريًّا تمامًا باستخدام الإسمنت وتعدُّد الطوابق.

ولكن التوسُّع العمراني المدهش كان على إثر الاستقلال الذي أعقبه تقدم كبير في مجال الرعاية الصحية بعد ظهور الأدوية النّاجعة كالمضادات الحيوية، وازدياد عدد الأطباء، وتوافر المياه الجارية النقية، وانخفاض نسبة وفيات الأطفال إلى الربع، والهجرة نحو المدينة بسبب حركة التصنيع التي كانت بحاجة للأيدي العاملة. ولايزال هذا التّوسُّع العمراني على أشده حتى الآن دون توقف. وبدأت عام 1992م مشاريع الصرف الصحي لاستغلال مياه المجاري وتنقيتها. ولايبدو في الأفق حل منظور للأزمة العمرانيّة وأزمة السكن إلاّ بمد مياه الفرات من مسافة تزيد على 250كم بعد انخفاض نسبة المياه الجوفيّة، مع ما يحتاجه ذلك من أموال طائلة إذ أصبحت العاصمة تضمُّ ثُلث سُكّان البلاد وإن كانت الإحصاءات الرسمية لا تذكر سوى المقيـَّدين في سجلات الأحوال المدنيّة. ★ تَصَفح: الجامع الأموي ؛ الفتوح الإسلامية.

★ تَصَفح أيضًا: سوريا ؛ سوريا، تاريخ.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية