الكهف ( Cave )
☰ جدول المحتويات
 |
الكهف يتكون من حجرة ضخمة مليئة بتشكيلات صخرية ذات أشكال وألوان مختلفة. القاعة العملاقة، في الصورة، واحدة من الحجرات العديدة لكهوف لوراي الكبيرة في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية. |
وتتكوَّن بعض الكهوف من حجرة واحدة بعمق عدة أمتار فقط، بينما هناك كهوف أخرى تتكوَّن من شبكة واسعة من الممرات والحجرات. وأطول كهف تم اكتشافه على الإطلاق كهف الماموث، وهو سلسلة مرتفعة من الصوان في ولاية كنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية، ويمتد إلى ما يزيد على 306كم.
والأماكن الداخلية للكهف مظلمة ورطبة ؛ نظرًا لعدم دخول أشعة الشمس إليها، ومع ذلك فإن الضوء الصناعي داخل الكهوف التي يدخلها المكتشفون يظهر مناظر طبيعية جوفية غريبة تمتلئ بتشكيلات صخرية فريدة التشكيل، تسمى تشكيلات الرواسب الكهفية. وتحتوي العديد من الكهوف على بحيرات وأنهار وشلالات جوفية.
تعرف الدراسة العلمية للكهوف بـعلم دراسة الكهوف. ويطلق على العلماء المختصين بدراسة الكهوف والكائنات التي تعيش فيها علماء دراسة الكهوف، ويستمتع العديد من الناس بهواية اكتشاف الكهوف ورسم خرائطها. وتُسمى هذه الهواية اكتشاف المغاور أو الكهوف.
 |
 منظر قطاعي لكهف الذوبان |
كيف تشكلت الكهوف:
تشكلت معظم الكهوف في الحجر الجيري أو في صخور متعلقة به مثل الرُّخام أو الدولميت. وتسمى هذه الكهوف كهوف الذوبان، وقد تشكلت نتيجة إذابة المياه الجوفية للصخر ببطء. وتستغرق هذه العملية آلاف السنين، حيث تبدأ عندما تسيل المياه السطحية إلى أسفل عبر شقوق الصخر الصغيرة حتى تصل إلى مستوى الماء، وهو المستوى الذي تتشبع عنده المنطقة الجوفية. وهنا يذيب الماء بعض الصخر مشكلاً ممرات وحجرات، وقد يشكل الماء حُفَرًا عميقة في أماكن، ينحدر عندها الصخر بحدة.والحجر الجيري والصخر المشابه قابلان للذوبان في الماء بصورة طفيفة، لكن الماء السطحي الذي يتقاطر إلى أسفل يحتوي على ثاني أكسيد الكربون الذي قد امتُص من الهواء والتربة فوق الصخر. ويكون ثاني أكسيد الكربون حمضًا لطيفًا في الماء، ويساعد هذا الحمض على إذابة الصخر.
وفي آخر الأمر قد ينخفض مستوى الماء تحت مستوى الكهف. أو قد يرتفع الكهف فوق مستوى الماء بوساطة زلزال أرضي، وكثيرًا ما يحدث هذا من خلال الرفع التدريجي للأرض. وعندئذ فإن معظم الماء يتسرب ويملأ الهواء الكهف. وربما يدخل النهر السطحي إلى الكهوف ويتدفق خلاله. ويستمر النهر في عملية إذابة الصخر، وبهذه الطريقة يتسع الكهف، وقد تتطور الروابط الاتصالية بين الكهف والسطح. فعلى سبيل المثال، قد ينهار الصخر الواقع فوق جزء من الكهف مشكلاً مدخلاً عموديًا يدعى بالوعة أو حفرة دردورية، وربما تكون بعض المداخل إلى الكهف أفقية. وهذه ربما تتشكل على جانب التَّل أو منحدر الوادي خاصة، حيث النقطة التي ينساب عندها الينبوع أو النهر.
وتدعى بعض الكهوف كهوف اللافا (كهوف الحمم)، وهي التي تتشكل من الحمم البركانية المنصهرة. ونتيجة لتدفق الحمم البركانية إلى أسفل المنحدر فإن سطحها الخارجي يبرد ويتصلب، ولكن الحمم التحتية تبقى منصهرة مع استمرار تدفقها. وأخيرًا تتصرف مشكِّلة كهفًا. وتكون كهوف الحمم قريبة من سطح الأرض، وتشتمل على عدة فتحات في أسقفها الرقيقة. وتتشكل الكهوف البحرية على امتداد الشواطئ الصخرية نتيجة لنحت المناطق الضعيفة من الصخر بوساطة الرياح والأمواج المتكسرة على الشاطئ.
تشكيلات الرواسب الكهفية:
لو انخفض منسوب الماء تحت مستوى الكهف، فإن الماء قد يستمر في التَّسرُّب خلال شقوق الصخر، ويحتوي الماء على معادن مذابة. وعند دخولها الكهف يتبلور بعضها مما يؤدي إلى تشكُّل الرواسب الكهفية بألوان مختلفة كالأبيض والبني والأحمر، أو بألوان متعددة تبعًا للمعادن التي شكلت تلك الرواسب.وأحسن الأنواع المعروفة من تشكيلات الرواسب الكهفية الهوابط والصَّواعد. والهوابط هي تشكيلات تشبه الكرات الجليدية المدلاة من سقف الكهف. والصواعد هي دعامات ترتفع من أرضية الكهف. وربما اجتمعت الهوابط والصواعد معًا مكونة عمودًا. ★ تَصَفح: الهابطة ؛ الصاعدة.
وربما تتشكل أنواع أخرى أيضًا من تشكيلات الرواسب الكهفية في الكهف. تتكون الستارة من صحائف صخرية رقيقة معلقة في السقف. وينشأ الحجر المتدفق، حيث يتدفق غشاء رقيق من الماء فوق جدران وأرضية الكهف مرسبًا صحائف معدنية. وهناك الأزهار الجبسية وهي بلورات حلزونية رقيقة تنبت من الصخر المسامي. والرواسب الحلزونية أُسطوانات ملتوية غريبة، تنمو من جدران الكهف أوسقفه أو أرضيته، أو من تشكيلات أخرى.
| بعض الكهوف الشهيرة والمثيرة في العالم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحياة في الكهوف:
بينت الأصباغ والرسومات الحائطية والأدوات الحجرية والبقايا الكثيرة التي وجدت في الكهوف أن أناسًا عاشوا هناك منذ آلاف السنين. أما اليوم فهناك أنواع كثيرة من الحيوانات وأعداد قليلة من البشر تستخدم الكهوف ملاجئ دائمة. ★ تَصَفح: سكان الكهوف.والحيوانات التي تعيش في الكهوف تشمل الطيور والجدَاجِد والسحالي والراقون والجرذان والسمندر والعناكب. كما أنَّ كثيرًا من الدببة تستخدم الكهوف للبيات الشتوي. وأعداد كثيرة من الخفافيش تبقى في الكهوف أثناء النهار وتطير ليلاً لاصطياد الحشرات. ويزوِّد ذرق (سماد) الخفافيش الخنافس والديدان الألفية والديدان المسطحة والمخلوقات التي تتخذ من الكهوف سكنًا لها بالطعام.
وهناك أنواع مختلفة من الحيوانات تعرف بالتروجلوبايت تعيش في الأجزاء الداخلية من الكهوف، حيث ينعدم الضوء والهواء، أو التغير في درجة الحرارة والرطوبة. وتشمل هذه الحيوانات أنواعًا معينةً من الخنافس والسمك والسَّمندر والعناكب. ومعظم التروجلوبايت لا ترى ولها جلد رقيق أو صدف عديم اللون. وتعتمد على حاستي الشَّم واللَّمس العالِيَتي التطور للتعويض عن فقدان الرؤية.
وربما تنمو نباتات خضراء مثل، الطحالب والحزازيات والسرخسيات في أجزاء الكهوف الخارجية، والتي تستقبل بعض ضوء الشمس. وهناك الفطر وكائنات أخرى فقط لا تحتاج للضوء، تستطيع العيش في المناطق الداخلية المظلمة.
 |
مكتشف المغاور يكتشف الجزء الداخلي المظلم من الكهف. قبعته الصلبة بها إضاءة أمامية، ويلبس ملابس ثقيلة وخشنة للوقاية من الصخور الحادة والماء المتقاطر. |
اكتشاف المغاور والكهوف:
هواية مثيرة ولكنها خطيرة نسبيًا. والأفراد الذين لديهم الرغبة في اكتشاف الكهوف لابد أن يكونوا في مجموعات، يقودها أشخاص لهم خبرة في اكتشاف المغاور وذلك بشكل مستمر.ويستخدم هواة اكتشاف المغاور بعض التقنيات ومعدات تسلق الجبال. فعلى سبيل المثال: يستخدمون الحبال القوية والمثبتة أو السلالم الحبلية الغليظة لتسلق الجروف الجوفية الحادة الانحدار. ويلبسون قُبَّعات صلبة وملابس ثقيلة خشنة للوقاية من الماء المتقاطر والصخور المفلولة (الحادة الأطراف) في الكهوف. كما يجب أن يحملوا معهم مصدرين للإضاءة على الأقل: إضاءة رأسية مثبتة على القبعة الصلبة بالإضافة إلى كشاف يمسك باليد.
ويترك خبراء اكتشاف المغاور الكهف كما وجدوه، لذلك لا يرتكبون ضررًا، أو يزيلون أي شيء يجدونه في الكهف. والرواسب الكهفية هشة، وإذا كُسِّرَت يصعب إعادتها. إضافة إلى أن بعض حيوانات الكهوف نادرة جدًا، ويمكن إلحاق الضرر بها بسهولة.
الكهوف في الأمريكتين:
تحتوي أمريكا الشمالية على عدة كهوف ضخمة ذات تشكيلات ورواسب كهفية جميلة. وهناك ثلاث مجموعات من الكهوف ـ كهوف كارلسباد الكبيرة وكهف الماموث، وكهف الريح. وهذه الكهوف محمية في المتنزهات الوطنية. وتحتوي كهوف كارلسباد الكبيرة في نيومكسيكو على حجرة ضخمة، تسمى الغرفة الكبيرة، يبلغ طولها 1,200م وعرضها 191م ويبلغ ارتفاعها 87 م عند نقطة واحدة. وكهف الماموث في كنتاكي جزء من نظام أطول الكهوف المعروفة في العالم. وتشتمل أمريكا الجنوبية على عدة كهوف مثل، كهوف ربيرا. توجد هذه الكهوف في منطقة جنوبي البرازيل تشبه مقاطعة كارست الشهيرة بالحجر الجيري في جبال الألب الدينارية في يوغوسلافيا السابقة.الكهوف في أوروبا:
تشتمل شبه جزيرة البلقان على أراضٍ مرتفعة من أحجار الجير الكبيرة المثقبة بالكهوف، ويحتوي كهف بوستوجنا في سلوفينيا على حجرة واحدة تسمى قاعة النغم، حيث تقام حفلات الموسيقى. وتعتبر بعض الكهوف في الألب الفرنسي والبرانس بين فرنسا وأسبانيا من بين أعمق الكهوف في العالم.وأكبر منطقة كهفية معروفة في بريطانيا هي مقاطعة كرافن في شمالي تلال البناين التي يغلب فيها الحجر الجيري. ويحتوي هذا الإقليم على ما لايقل عن 400 كهف، من بينها أعمق كهف بريطاني يعرف باسم بن ـ واي ـ غنت بوت، ويبلغ عمقه 160م. ويعتبر كهف جابنج جل الواقع في نفس الإقليم أطول كهف بريطاني معروف ؛ حيث يبلغ طوله 150م وعرضه 27م وعمقه 137م وارتفاعه 34م. كما أن مقاطعة بيك في جنوبي مرتفعات بناين منطقة كهوف أخرى مهمة، وتحتوي على أكثر من 100 كهف. ويحوي كهف بجشاو الكبير بالقرب من برادول العديد من الممرات الجوفية. ويبلغ عمق كهف نتل بوت بالقرب من كاسلتون 157م. وتحتوي كهوف هذا الإقليم على حجر جميل يسمى الجون الأزرق، تصنع منه مزهريات وزخرفيات. وتحتوي مرتفعات مندب في سومرست على كهوف شيدر ذات التشكيلات الجميلة من الهوابط والصَّواعد.
تشمل أنظمة الكهوف في ويلز كلاً من دان ير أوجوف، وأُجوف فينون ددو في وادي سوانسي الأعلى. ولكهوف أجن ألويد في بوويز تقريبًا 25كم من الحجرات والممرات، وهي أوسع نظام كهفي في بريطانيا. وتحتوي منطقة فرمان في أيرلندا الشمالية على عدة كهوف. وأحسن كهف معروف هو ذاماربل آرش (القوس الرخامي). وأطول كهف في أيرلندا هو في سليف ألفا في مقاطعة كلير، ويبلغ طوله 346م.
وتوجد الكهوف البحرية في جميع الجروف البحرية، وهي أكثر شيوعًا على الشواطئ الغربية. وأحسن الكهوف البحرية المعروفة هو كهف فنفال على جزيرة ستافا، وكهف سموو في سذرلاند وكلاهما في أسكتلندا.
الكهوف في آسيا:
تحتوي الصين على عدد كبير من الكهوف وخاصة في المرتفعات الجنوبية الشرقية. ويُعَدُّ غار باراو في جبال زاغروس في إيران أعمق كهف معروف في آسيا. فقد وصل المكتشفون إلى عمق 751م ولكن الماء منعهم من النزول أبعد من ذلك. وأكبر الحُجرات الكهفية المعروفة هي حجرة سرواك في متنزه جونيونج مولو الوطني في ماليزيا. ويبلغ طوله 700م ومعدل عرضه 300م، والحد الأدنى لارتفاعه 70م.وأيضًا في سرواك كهوف نياه، حيث وجد بها أجزاء من أدوات استخدمها الإنسان قبل أكثر من 40,000 سنة.
وللعديد من الكهوف في آسيا الجنوبية ارتباطات دينية. وقد استخدم بعضها معابد بوذية أو هندوسية. ويشتمل جنوبي الهند وسريلانكا على آلاف من المعابد الصخرية، حيث العديد منها مزخرف بتماثيل وصور زيتية جدارية جميلة. والعديد من المعابد الكهفية نحتت في الصخر، والبعض الآخر كهوف طبيعية قد وسِعت. ومثال ذلك كهوف أليفانتا على جزيرة أليفانتا في مرفأ بومباي، ويرجع تاريخه إلى القرنين الثامن والتاسع الميلاديين. ونحتت كهوف أجانتا البوذية في مقاطعة ماهراشترا في صخر الجرانيت، وتصف الرسومات الزيتية الجدارية الآلهة والأساطير الهندية.
الكهوف في إفريقيا:
تحتوي المغرب والجزائر على كهوف عديدة مدهشة، مثل كهف كف توغوبيت في شمالي المغرب، والذي يبلغ عمقه 700م. ولكن من المحتمل أن تكون كهوف كانجو في جنوب إفريقيا، أكثر الكهوف شهرة في إفريقيا. وهي تتكون من سلسلة من الحجرات المضاءة، وفيها العديد من التشكيلات الصخرية الجميلة.الكهوف في أستراليا:
توجد معظم كهوف الحجر الجيري في الجزء الجنوبي الشرقي من أستراليا، وهذه تشمل كهوفًا جميلة مثل تلك الواقعة في جنولان ويارانجوبلي وأبركرومبي في نيو ساوث ويلز، وبوشان وليليدل في فكتوريا. وقد اكتشف الأوروبيون كهوف جنولان بين عامي 1838 و1841م، ويُحْتَمل أن راعي الماشية جيمس والان، واثنين من الشرطة قد اكتشفوا الكهوف أثناء البحث عن متهم هارب. وفي عام 1866م كانت المنطقة خاصةً، أما الآن فهي منطقة لجذب السُّياح.ويحتوي جنوبي أستراليا على بعض الكهوف الجميلة بالقرب من جبل جامبير وناراكورت. وتحوي كهوف ناراكورت على أحافير الحيوانات الكيسية المنقرضة. ★ تَصَفح: الحيوان الكيسي. كما وجدت أحافير في أكبر الكهوف الجافة في صحراء منطقة سهول نولابور. وقد وجد فن الأبورجين القدماء (سكان أستراليا الأصليون) في أحد هذه الكهوف الكبيرة المسمى بكهف كونالدا.
ويُعَدُّ فن كهف الأبورجين سائدًا في أرنهم لاند ومتنزه كاكادو الوطني في المقاطعة الشمالية وسط كوينزلاند وجنوب غربي تسمانيا. وتحتوي سلاسل كمبرلي في غربي أستراليا على كهوف الحجر الجيري وكهوف أخرى موجودة حول أوغسطا في أقصى الجنوب الغربي من الولاية. وتقع معظم كهوف كوينزلاند في شرقي الولاية بالقرب من شيلاجو ومونجانا، وبين روكهامتون وجلادستون. وتوجد أفضل كهوف تسمانيا المشهورة بالقرب من هيستنجز، جنوبي هوبارت ومول كريك في الشمال. في نيوزيلندا تحتوي منطقة كنج كنتري في وسط نورث آيلاند على أحسن الكهوف المعروفة، وخاصة كهوف ويتومو المشهورة بمغاراتها المحتوية على ديدان الحباحب المضيئة.