الرئيسيةبحث

الأدب الأسترالي ( Australian literature )



الأُسْتُرَالي، الأَدَب. يتمتع الأدب الأسترالي بموقعمهم في الكتابات الأدبية باللغة الإنجليزية. وهو مرتبط بآداب بريطانيا، والولايات المتحدة وكندا، غير أنه يتمتع أيضا بخصائصه وموضوعاته المميزة.

المرحلة الأولى (1788 - 1889م)

كان المدانون والمحكوم عليهم بعقوبات، والسجناء المنفيون والموظفون المدنيون وأفراد القوات المسلحة أوائل المستوطنين في أستراليا. وبسرعة فاق عدد المستوطنين الأحرار عدد السجناء المنفيين وبدأوا معا في كتابة أدب يعبرون فيه عن تجاربهم الشخصية، وملاحظاتهم عن سكان أستراليا الأصليين ونباتات وحيوانات أستراليا الأصلية.

الكُتَّاب الأوائل:

هم الذين سجّلوا الرحلة إلى أستراليا وتجربة الاستيطان فيها وأول كتاب عن ذلك هو رحلة الحاكم فيليب إلى بوتاني باي (1789م) وكانت كتابة المذكرات والسيرة الذاتية من أهم موضوعات هذه الفترة.

بدأت القضايا السياسية مع ازدياد عدد المستوطنين، وظهر الكثير من الكتابات التي تعالج هذه القضايا ؛ فمن بين الكتب الكثيرة، كتب ألكسندر ماكنوتشي أفكار عن إدارة السجناء المنفيين عام (1838م).

باكورة النثر الوصفي:

اطلع القراء في أستراليا وخارجها بفضلها على الاستكشافات الجديدة، وغزو مساحات شاسعة من الأراضي وتكوين مجتمع جديد. ويعتبر كتاب ألكسندر هاريس المستوطنون والسجناء المنفيون (1847م)، الذي يصف المدينة والريف من أهم كتب تلك الحقبة. وكانت كتابة اليوميات عن الاستكشافات من أهم أشكال النثر الوصفي خلال القرن التاسع عشر.

تطور الرواية:

كان تطور الرواية بطيئا في البداية لأن الكثيرين كانوا يعتبرون حياة المستعمرات امتدادًا لطريقة الحياة البريطانية، واكتفوا بقراءة القصص الواردة من بريطانيا، وكانت أول قصة تنشر من أستراليا عام 1830م سيرة ذاتية لأحد السجناء المنفيين تدعى كوينتس سيرفنتون وأول كاتبة رواية أسترالية هي ميري فيدال.

نشر ماركوس كلارك عام 1874م رواية عن حياة السجن عنوانها فترة حياته الطبيعية . وكتب توماس براون روايته سرقة تحت السلاح عام (1888م) كما اهتم بعض الروائيين الأستراليين الأوائل مثل السيدة كامبل بريد، وتاسما (السيدة جسي كوفرير) بعقد مقارنات ثقافية بين بريطانيا والمستعمرة الأسترالية.

تطور الشعر:

ظهر تطور الشعر في مجال الشعراء الأوائل المعروفين في أستراليا في أواخر القرن الثامن عشر. نشر بارون فيلد أول ديوان شعر أسترالي باكورة ثمار الشعر الأسترالي في سيدني (1819م) واشتهر آدم ليندسي غوردون بأنه كان رائد شكل أدبي جديد للقصيدة القصصية التقليدية، في كتابه قصائد الأدغال وإيقاع حوافر الخيل.

المرحلة الوسطى (1890 - 1919م)

بدأت أستراليا في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر تخطو نحو تكوين اتحاد فيدرالي، وبرز العديد من الأدباء من أبناء أستراليا الذين اهتموا بإبراز الخصائص القومية لمجتمعهم وشجعهم على ذلك التيار الواقعي في الأدب، ولكن كان هناك أيضا تيار آخر يتجه نحو مثالية رومانسية، عن مستقبل أستراليا كبلد ديمقراطي، وجسَّد امتزاج هذين التيارين روح التسعينيات التي استمرت حتى إعلان الاتحاد عام 1901م.

التقى الأدباء بقُرَّائهم على صفحات الجرائد مثل جريدة بولتين التي دعت القراء إلى المساهمة في قصص وأشعار ذات اهتمامات أسترالية. وقد كان القراء الذين يستخدمون اللغة المألوفة ويعرفون نمط الحياة العام هم الذين يكتبون هذه الجريدة. وساعدت الجريدة على كشف المواهب وشجعت القصة القصيرة التي تصوّر الريف كما كانت تفضل شعر الأغاني الشعبية عن أدغال أستراليا.

أغاني الأدغال:

تطورت من أغان عن حياة السجناء المنفيين وحماية الأدغال والتنقيب عن الذهب إلى كتابة الأغاني الشعرية، عن المزارع والغنم والمواشي، وعن الري والمدن والرحلات والملاحة. ومن أشهر شعراء الأغاني الشعبية، بانجو باترسون الذي يعتقد أنه كتب كلمات واحدة من أشهر الأغاني الأسترالية ماتيلدا ترقص الفالس. كما كتب هنري لوسون شعرا غنائيا شعبيا عن إمكانات أستراليا الفتِيَّة، متعاطفا مع صراع الأستراليين مع الطبيعة. ولكنه عرف أكثر ككاتب متميز للقصة القصيرة.

أنماط أخرى من الشعر:

ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين انماط أخرى من الشعر تتناول موضوعات قومية قوية. وعبَّر الشعراء في قصائد سياسية عن استنكارهم لبعض أوجه الظلم الاجتماعي، وكتبوا أيضًا عن الإنسان البسيط وبعض الجماعات المحرومة. وكذلك عن سكان أستراليا الأصليين. ومن أشهر شعراء فترة الحرب العالمية الأولى سي.جي. دنيس وديوانه أغاني الفتى العاطفي.

القصة القصيرة:

طوّرت القصة القصيرة في أواخر القرن التاسع عشر، موضوع التراث الشعبي الأسترالي، فكتب هنري لوسون عن حياة الريف في زوجة راعي المواشي، وكذلك عدة قصص عن شخصية أطلق عليها اسم جو ولسون ونشرت أول مرة عام 1901م. أما إدوارد دايسون فكتب عن حياة العمال في المدينة.

الرواية:

اتجهت الرواية مثل الشعر والقصة القصيرة، إلى الكتابة عن الحياة في أدغال أستراليا. وكان جوزيف فيرفي من أشهر الروائيين، وكتب روايته هكذا تكون الحياة (1903م)، على شكل مقتطفات من مذكرات توم كولينز وهو الاسم المستعار الذي اتخذه للكتابة، والرواية يغلب عليها اللون المحلي، ووصفت مايلز فرانكلين متاعب وإحباط المراهق في الأدغال من واقع تجربتها الشخصية.

أما خلال التوسع في أعقاب الاتحاد الفيدرالي عام 1901م، فقد تضاءلت الفروق بين حياة الريف والحضر،وزحف الكثير من الناس إلى المدينة، للعمل في المصانع. ويعتبر لويس ستون أشهر روائي كتب عن حياة طبقة العمال في المدينة، حيث عاش عدة أعوام في ضواحي سيدني، حيث تجري أحداث روايته جوناه، التي تحكي عن رجل نشأ في أحد الأحياء الفقيرة وأصبح رجل أعمال ناجحًا، ولكنه تعيس.

المرحلة الحديثة (1920م - حتى الآن)

شجعت دراسات سيجموند فرويد في التحليل النفسي، تيار التعبير عن مكامن النفس البشرية والأحاسيس الداخلية في الكتابات الأدبية واستجاب الكثير من الأدباء الأستراليين، لهذا الاتجاه مع استمرارهم في توسيع التقاليد الأدبية المحلية.

الرواية الحديثة:

تصور الرواية الحديثة الخلفية الأسترالية وتقع أحداثها على مدى تطور تاريخ أستراليا. ومن أهم الروايات ثلاثية هنري هاندل رتشاردسون (واسمها الحقيقي، إيثل فلورنس روبرتسون) ثروات رتشارد ماهوني (1930م). أما كاترين سوزانا بريتشارد فقد قدمت اللون المَحَلِّي لمختلف جوانب الحياة الأسترالية، وتناولت السكان الأصليين الأستراليين وأبرزت كيف تؤثر البيئة على تشكيل حياة الإنسان في الأوبال الأسود وكوناردو . وهكذا أيضًا فعل فانس بالمر في قصصه الكثيرة ورواياته المشهورة، مثل الممر و جولكوندا . دفعت الخدمة في الحربين العالميتين الكُتَّاب إلى تحليل تجاربهم والمجتمع الذي يعيشون فيه في روايات مثل اللحم في الدروع و لقد كنا الجرذان ، التي كتبهما ليونارد مان ولووسون جلاسوب على التوالي.

أدَّى كساد الثلاثينيات الاقتصادي، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى الاهتمام بالمشاكل الاجتماعية وتحليلها. وعكست رواية كريستينا ستيد الرجل الذي أحب الأطفال (1941م) هذا الاتجاه بطريقة غير مباشرة، مع اهتمامها بالكشف عن مكامن النفس البشرية في التعبير عن مشاعر أبطالها. أما روايات كايلي تينانت فتصور حياة المشردين في القرية والمدينة بأسلوب فكاهي. كما شغلت القضايا الاجتماعية والسياسية بعض كتاب الرواية الواقعية، فكتب فرانك هاردي السلطة دون مجد عام (1950م)، وجودا واتن رواية الذي لاينحني عام (1954م) و مشاهد من الحياة الثورية عام (1982م) وهما تعبران عن الالتزام السياسي، وتصوران حياة المهاجرين واستيعابهم لأسلوب الحياة في أستراليا. أما رواية جورج جونستون أخي جاك عام (1964م) وبقية الثلاثية، فتصور الصراعات الثقافية.

أصبح باتريك وايت أشهر الروائيين بعد الحرب العالمية الثانية، وحاز جائزة نوبل للأدب عام (1973م). وقد اهتم بالصراع بين ضمير الإنسان ومشاكل ضغوط الحياة الاجتماعية. وتعد رواياته سجلا للتطور في أستراليا، فقد كتب عن السجناء المنفيين إلى أستراليا وعن حياة المستكشفين، ثم عن الاستيطان في أستراليا في روايته شجرة الرجل . وكتب عن الحياة في العصر الحالي في عين العاصفة (1973م) ومزج هذه الموضوعات كلها بأساليب واهتمامات الأدب العالمي.

اتسعت اهتمامات الأدباء الأستراليين المعاصرين اللاحقين وأساليب تناولهم موضوع الرواية ومن هؤلاء أس.جي. كوتش و توماس كينللي.

القصة القصيرة الحديثة:

شهدت تنوعًا كبيرًا، فتمثلت الواقعية الاجتماعية في مجموعة قصص جودا واتن الابن الغريب (1952م) التي تصف حياة المهاجرين، وتناول جون موريسون في الشحنة السوداء (1955م) حياة عمال الموانئ. ومع وجود التيار الواقعي الاجتماعي، ظهرت بعض عناصر الأسلوب المنسق، والخيال في كتابات هال بورتر وباتريك وايت ودال ستيفنس.

حقق المعاصرون من الكتاب شعبية جديدة للقصة القصيرة، ولم يلتزموا بموضوع أو أسلوب معين مثل فرانك مورهاوس الذي كتب عن الناس في المدينة في كتابه الأمريكيون، ياطفلي (1976م).

الشعر الحديث:

تأثر الشعر الحديث في أستراليا بتطور الشعر خارج البلاد خلال القرن العشرين. ومن شعراء الاتجاه الحديث كينِث سلسور، الذي يصف في قصائده الأجراس الخمسة، عالمًا غريبًا من الأوغاد و الأشقياء المحتالين و الشابات الجريئات بصورة مثيرة. وعبرت جوديث رايت عن شعورها العميق بأرض أستراليا، وكتبت عن الحب في أفضل كتبها، المرأة للرجل (1949م).

ظهرت خلال الأربعينيات حركتان في الشعر، حركة البطريق الغاضب والتي قادها ماكس هاريس. وكانت تهدف إلى إدخال العالمية في الشعر الأسترالي باستخدام السيريالية. كتب جيمس ماكولي، وهارولد ستيوارت ـ من أصحاب هذا الاتجاه ـ أشعارا تفتقد الترابط المعنوي، أما الحركة الموازية فتسمى جنديوروباك أي الضم والإلحاق بلغة أهل أستراليا الأصليين، وتنادي بالقومية في الشعر، ويقودها ركس إينجاملز الذي كان يعتقد أن الحضارة يجب أن تقوم على فهم التقاليد المحلية التاريخية. واستخدم شعراء هذا الاتجاه كلمات ورموزا من الأصول الأسترالية مثل رولاند روبنسون، الذي جمع قصصا عن السكان الأصليين في أسطورة وحلم. وبالإضافة إلى هذين الاتجاهين استمر الشعر الغنائي عن الأدغال، وشجعت مدينة سيدني الشعر الشعبي السهل، بينما انتعش في مدينة ملبورن شعر القضايا الاجتماعية والأخلاقية. وفي أواخر الستينيات، توقف الشعراء عن الكتابة في نطاق اتجاه أو أسلوب معين، وانطلقوا لاستكشاف طرق عصرية للتجربة والتعبير.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية