الرئيسيةبحث

حقوق الإنسان ( Human rights )



حقوق الإنسان الحقوق المستحقة لكل شخص لأنه إنسان. ويستند مفهوم حقوق الإنسان على الإقرار بما لجميع أفراد الأسرة البشرية من قيمة وكرامة أصيلة فيهم، فهم يستحقون التمتع بحريات أساسية معينة. وبإقرار هذه الحريات فإن المرء يستطيع أن يتمتع بالأمن والأمان، ويصبح قادراً على اتخاذ القرارات التي تنظم حياته.

وتكفل القوانين وأنظمة المحاكم في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون، دائماً، فعالة، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان. إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها.

وكانت منظمة الأمم المتحدة التي تعمل للمحافظة على الأمن والسلام الدوليين قد سنت معظم القوانين الدولية التي تقر حقوق الإنسان وتكفل صيانتها. يذكر أن كافة دول العالم المستقلة تقريباً لها مقاعد بالأمم المتحدة.

تتواصل المجتمعات البشرية بعضها ببعض من خلال تفاعل الثقافات والتجارة ووسائل الإعلام كالصحف وشبكات الإنترنت والتلفاز. ويساعد هذا الاتصال الذي يعرف باسم العولمة على نشر الوعي بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وتقوم الأمم المتحدة وبعض المنظمات الأخرى بالكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان حول العالم، وتعمل على وقف هذه الانتهاكات.

أنواع حقوق الإنسان

تم تصنيف حقوق الإنسان إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي: 1- حقوق السلامة الشخصية 2- الحريات المدنية 3- الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. وتكفل حقوق السلامة الشخصية أمن الإنسان وحريته. فلكل مرء حق في الحياة والحرية وفي التمتع بالأمان على شخصه، كما لايجوز استرقاق أحد أو تعذيبه أو اعتقاله تعسفاً. أما الحريات المدنية فإنها تقر حرية التعبير عن المعتقدات بالأقوال والممارسة ؛ فهي تكفل لكل شخص حرية الرأي والتعبير والوجدان والدين والتجمع. ومن الحريات المدنية الأخرى: حق الاقتراع في الانتخابات، وفي تقلد الوظائف العامة وفي التزوج وتأسيس أسرة. وتنطوي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية على حصول الشخص على الحاجات الإنسانية الأساسية، وحقه في الرقي الاجتماعي. فلكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة خاصة على صعيد المأكل والمسكن والملبس والعناية الطبية والتعليم. كما تنطوي على حق الشخص في العمل وإنشاء النقابات والانضمام إليها.

تطور حقوق الإنسان

بذلت جهود حثيثة لإقرار الحقوق الأساسية للإنسان منذ مئات بل آلاف السنين. ومن هذه الجهود إعلان وثيقة الماجنا كارتا أو العهد الأعظم عام 1215م، التي منحت حقوقاً للأفراد. وأخضعت ملك إنجلترا لحكم القانون. وأضحت الماجتا كارتا نموذجاً احتذت به كافة الوثائق التي صدرت لاحقاً مثل سان الحقوق الأمريكي الذي صدر عام 1791م. وقد اقترح بيان الحقوق فكرة إقرار الحقوق العالمية غير أنه استثنى، عملياً، الرقيق ومجموعات أخرى من التمتع بها. فبيان الحقوق لم يكن في حقيقته عالمياً إذ قصر عن التعبير عن حقوق الإنسان كما نفهمها الآن. ومع إطلالة القرن العشرين الميلادي بدأت الشعوب في إنشاء منظمات دولية متعددة، فتكونت في عام 1919م منظمة العمل الدولية التي ظلت تسعى لإقرار الحقوق الأساسية في جميع أنحاء العالم.

تبلورت مفاهيم حقوق الإنسان الحديثة في أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). فبعد أن وضعت الحرب أوزارها، كونت الدول المستقلة منظمة الأمم المتحدة. وأصدرت هذه المنظمة ميثاقها الذي أصبح واحداً من أولى وثائق حقوق الإنسان العالمية. وقد نص ميثاق الأمم المتحدة على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء. ولما خلا الميثاق من قائمة تتناول بالتفصيل حقوق الإنسان فقد أصدرت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948م، الذي تضمن المبادئ الرئيسية للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحريات الفردية. ★ تَصَفح: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

دور الأمم المتحدة في صيانة حقوق الإنسان

المعاهدات: تبنت الأمم المتحدة من المبادئ ما ساعدت على تشريع القوانين التي تكفل حقوق الإنسان في كل دولة على حدة. وأبرمت الأمم المتحدة بعض المعاهدات التي أضفت شرعيته على هذه القوانين. وتضطلع لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بإعداد مسودات هذه المعاهدات وتوافق عليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وكانت الأمم المتحدة قد تبنت عام 1966م المعاهدة العالمية للحقوق المدنية والسياسية، والمعاهدة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وقد وفرت هذه المعاهدات الغطاء والحماية القانونية للكثير من الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتبنت معاهدات أخرى، منذ ذلك الوقت، قضايا مختلفة مثل معاملة السجناء، ووضع اللاجئيين، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل.

الإغاثة والمساعدات الأخرى: تعجز بعض الدول، أحياناً، عن تقديم ما يكفل حقوق الإنسان الأساسية لمواطنيها، فتعمل الأمم المتحدة على تزويدهم بالغذاء والمسكن والإعدادات الطبية وغيرها من المساعدات.

وكانت لجنة حقوق الإنسان قد اهتمت في أيامها الأولى بالتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. أما اليوم فإن اللجنة تعمل على الارتقاء بالتعليم وغيره من الوسائل المساعدة لإيجاد بنيات حكومية تتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان. وتستفيد، هذه الأيام، دول كثيرة من المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة في شكل برنامج تعليمية واختصاصيي تقنية. كما ترسل خبراء في القانون لمراقبة الانتخابات، وتقديم التدريبات اللازمة لمسؤولي السجون وضباط الشرطة.

الرقابة:

تراقب لجان دولية تابعة للأمم المتحدة تعرف باسم هيئات المعاهدة تنفيذ معاهدات حقوق الإنسان. وإذا ساور الأمم المتحدة شك في حدوث انتهاك لحقوق الإنسان فإنها تعمل على تعيين فريق أو شخص لدراسة الأمر وتلزمه بتقديم تقرير بشأن هذا الأمر. وقد تكشف تقارير الأمم المتحدة عن مشاكل معينة تطلب ممارسة ضغط دولي على حكومة ما حتى ترضخ وتقوم بحل هذه المشكلة بمساعدة الأمم المتحدة.

التدابير التجارية والدبلوماسية:

تنتهك بعض الحكومات بانتظام ومع سبق الإصرار حقوق الإنسان. وقد ترفض هذه الحكومات التعاون مع جهود الأمم المتحدة الدبلوماسية لضمان صيانة هذه الحقوق. عندها تبادر الأمم المتحدة وتوصي بفرض عقوبات على الدولة الآثمة، إلا أن ذلك لم يحدث إلا في حالات قليلة جداً. وخلال فترة العقوبات تحظر الدول الأخرى القيام بأي نشاط تجاري مع هذا البلد، وتقطع علاقاتها الدبلوماسية معه. وغالباً ما تكون العقوبات رادعة وفعّالة إلا أن أثرها يأخذ وقتاً طويلاً. ففي عام 1962م، أوصت الأمم المتحدة بفرض عقوبات على النظام العنصري في جنوب إفريقيا جراء تبنيه سياسة الفصل العنصري أو الأبارتيد. وفي عام 1991م، وبعد سنوات طويلة من العقوبات وغيرها من الضغوط ألغت حكومة إفريقيا قوانين الأبارتيد. وقد وجهت انتقادات حادة لسياسة فرض العقوبات لأنها تجر الويلات على الشعوب دون تحقيق التغييرات الجوهرية المنشودة من جانب الحكومة المعنية.

حفظ السلام:

تتسب الاضرابات المدنية والصراعات المسلحة في انتهاكات صريحة لحقوق الإنسان. وعندما تعجز بعض الحكومات عن بسط النظام في منطقة ما فإن الأمم المتحدة ترسل قواتها إلى هذه المنطقة لفرض النظام. ولا تبادر الأمم المتحدة بإرسال قواتها لحفظ السلام إلا بعد موافقة أطراف النزاع. وفي هذا السياق نذكر أن تيمور الشرقية قد نالت استقلالها عام 1999م بعد إجراء استفتاء أشرفت عليه الأمم المتحدة. وعندما اعترضت ميلشيات مناوئة للاستقلال على نتيجة الاستفتاء ومارست أعمال عنف ضد شعب تيمور الشرقية أرسلت الأمم المتحدة، بعد الموافقة الإندونسية، قوات لبسط النظام في المنطقة.

محاكم جرائم الحرب: ينتهك كثير من القادة العسكريين أثناء الصراعات المحلية حقوق الإنسان بل يتخذ ذلك استراتيجية لتحقيق انتصارات ميدانية. يذكر أن الأمم المتحدة كانت قد عقدت محاكمات لمجرمي الحرب الذين انتهكوا حقوق الإنسان في رواندا وبعض مناطق يوغوسلافيا السابقة.

منظمات حقوق الإنسان الأخرى

المنظمات الحكومية:

الإقليمية تنشط في صيانة حقوق الإنسان في مناطق متفرقة من العالم. ومن أبرز هذه المنظمات جامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة الدول الأمريكية.

المنظمات المستقلة:

تعمل لجعل الرأي العام مؤثراً وناقداً، كما تسعى لحماية القانون من أي خروقات. ومن هذه المنظمات: منظمة العفو الدولية، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيرمن رايتس ووتش). وتؤدي هذه المنظمات دوراً مهماً للفت الانتباه إلى أنها انتهاك حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، كشفت تحقيقات منظمة العفو الدولية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين النقاب عن مشكلة اختفاء آلاف المعارضين للحكومة العسكرية في الأرجنتين. وقد أشارت التحقيقات إلى أن الحكومة قامت بتصفية معارضيها وقتلتهم، مما جعل الأمم المتحدة تقوم بمزيد من الدراسات والتحقيقات حول هذه المشكلة.

حقوق الإنسان والاختلافات الثقافية:

يدعي بعض منتهكي حقوق الإنسان أن المقاييس العالمية لهذه الحقوق تتعارض مع السمات التقليدية الأصيلة لثقافاتهم. وتؤكد الأمم المتحدة بدورها أنها تحمي الحقوق الثقافية كافة إلا أنها لا تحمي المارسات التي تنتهك الحقوق الإنسانية لشخص آخر. ومن جهة أخرى لا يرى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان تعارضاً في سمات ثقافاتهم ومعايير حقوق الإنسان العالمية، فهم لا يناوؤن القادة والقوانين التي تجيز انتهاك حقوق الإنسان. فهم يرون أن التقاليد والسمات الثقافية لأية ثقافة تستطيع أن تستوعب مبادئ حقوق الإنسان.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية