الرئيسيةبحث

ما بعد الحداثة ( Post- modernism )



مابعد الحداثة اسم أطلق على عدد من الأساليب الفنية التي ظهرت في أواسط القرن العشرين. يختلف النقاد والمؤرخون حول التاريخ الذي بدأت فيه حركة ما بعد الحداثة في الظهور، والفنان الذي بدأها، ولكنهم متفقون بصفة عامة في أنها ظهرت كرد فعل مضاد لحركة الحداثة، التي كانت سائدة في أوائل القرن العشرين.

فضل فنانو الحداثة ومصمموها الأشكال الهندسية البسيطة الواضحة، واتسمت رسومهم بالعملية والتهذيب، كما تبنوا التجريد الهندسي والتصميمات المصقولة المنسابة. أما فنانو ما بعد الحداثة ومصمموها فقد أحيوا أساليب الحركات الفنية القديمة، وعبر هذا الإيحاء أدخلوا التعقيدات والزخارف الرمزية والأشكال الفوضوية أو المختلطة. فبينما ركزت الحداثة على الأصالة والتجديد واقتصاد الخطوط والأشكال والألوان، ركزت ما بعد الحداثة على إحياء التقاليد والاستخدام المكثف للتراكيب والأشكال والألوان والخطوط. وبينما ركزت الحداثة على التعبير الفردي، ركزت مابعد الحداثة على التعبير الجماعي أو المشترك، وذلك بالتعاون، واستخدام مزيج من الأساليب المقترضة، أطلق عليه اسم المعارضة.

وفي الفنون الجميلة، تتمثل ما بعد الحداثة في أعمال عدد من المعماريين الأمريكيين. وتعكس أعمال هؤلاء المعماريين عناصر الأساليب التاريخية التي أهملها المعماريون المحدثون الأوائل. فعلى نقيض مباني الحداثة تتميز مباني ما بعد الحداثة بزخرفة الواجهات الخارجية. وأهم معماريي ومنظري ما بعد الحداثة المعماري الأمريكي روبرت فنتوري.

يستخدم المحللون الاجتماعيون أيضًا مصطلح مابعد الحداثة للإشارة إلى التغيرات التي تحدث في طرق حياتنا. فمجتمع ما بعد الحداثة، على سبيل المثال، أقرب إلى اللامركزية والتفكك وعدم الديمومة من مجتمع الحداثة. ويمكن ملاحظة خصائص مجتمع ما بعد الحداثة في أشعار الكاتب الأمريكي جون آشبري، والأعمال التجريبية للملحن الأمريكي جون كيج، وتصاوير المصور الأمريكي سيندي شيرمان، المليئة بالرموز.

غير أنه من الضروري أن نتذكر أنه ليس هناك اتفاق بين المفكرين والمبدعين الغربيين حول معنى الحداثة وما بعدها. ومن المفكرين المعاصرين، كالألماني يورجن هابرماس، من يرى أن ما بعد الحداثة ليست سوى استمرار للحداثة ؛ أي أن ماحدث هو تغير طفيف، مع استمرار لكثير من العناصر الأساسية.

ما بعد الحداثة في العالم غير الغربي:

نتيجة للوضع المهيمن الذي تتمتع به الحضارة الغربية في عالمنا المعاصر، كان من الطبيعي أن ينتشر تأثير التيارات القادمة منها في الثقافات الأخرى. ولم يكن تيارا الحداثة وما بعدها مختلفين عن هذا. فمن الممكن مشاهدة تأثيرهما في مختلف أوجه الحياة المعاصرة، سواء في العمارة أو الاتصالات أو الفنون أو غيرها. غير أن ذلك لم يؤد إلى أن تتماثل نتائج التأثير المشاهدة في الغرب مع ما يقابلها في العالم غير الغربي. ففي مختلف مجالات الثقافة، من فنون وآداب وغيرها، ظلت المؤثرات الغربية، الحداثية وما بعد الحداثية، تمتزج بأنماط محلية مغايرة للأنماط الغربية، على نحو أدى إلى تشكيلات ثقافية ذات سمات يصعب تكررها في مكان آخر. وقد أدى هذا إلى أن تفتقد العناصر الغربية إلى سياق ثقافي أو فكري يوحدها كما في بيئتها الأصلية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية