الرئيسيةبحث

بنو الأحمر، دولة ( Banu- al- Ahmar, State of )



بنو الأحمر، دولة (630 - 897هـ ، 1233 - 1492م). دولة بني الأحمر آخر دول ملوك الطوائف الإسلامية الحاكمة في الأندلس. وتسمى أيضا: مملكة غرناطة .كان سقوط الدولة الأموية بالأندلس عام 422هـ، 1031م بداية دخول الأندلس في عصر الطوائف، الذي امتد إلى عام 484هـ، 1091م، وتجاوز عدد ملوكه العشرين ملكًا أو أميرًا. استقل كل أمير مقاطعة بما تحت يده وكان من أشهرهم: بنو عباد بأشبيليا، وبنو حمود الأدارسة بمالقا والجزيرة، وبنو زيري بغرناطة، وبنو هود بسرقسطة، وأقواهم بنو ذو النون بطليطلة ومرسية وألمرية.

قضى المرابطون على ملوك الطوائف بنهاية عام 483هـ،1090م. ولم تأت سنة 495هـ، 1102م حتى كانت الأندلس تابعة لدولة المرابطين بإفريقيا. ★ تَصَفح: المرابطين، دولة. وما لبثت دولة المرابطين الأندلسية أن سقطت، فعادت الأندلس إلى أسوأ من حالتها أيام ملوك الطوائف. فقد صار الملوك في الأندلس بعدد ما فيها من مدن، ثم اختفوا جميعًا بدخول الموحدين الأندلس وانتصارهم في موقعة الأرك سنة 591هـ، 1195م.

لم يمكث الموحدون طويلاً في الأندلس فقد أخرجوا منها عام 633هـ، 1235م، إثر موقعة العقاب. وأعلن ابن هود نفسه حاكمًا لأكثر بلاد الجنوب. وعندما مات انتقل حكم الأندلس إلى بني نصر (بني الأحمر)، أمراء غرناطة، سنة 636هـ، 1238م.

وفي الفترة ما بين عام 636 و668هـ، 1238 و1260م استولى فرديناند الثالث، ملك قشتالة، وجايم الأول ملك أراغون على مدن بلنسية وقرطبة ومرسية وأشبيليا، وحصروا ملك المسلمين في غرناطة. وصمدت دولة غرناطة أمام الأسبان قرنين ونصف القرن. ويرجع ذلك لعدة أسباب من أهمها: 1- انحاز إليها معظم الجنود المسلمين الأشداء الذين فروا من المدن الأندلسية التي سقطت في أيدي النصارى، وهبوا للدفاع عنها. 2- كان منشئ دولة بني الأحمر عربيًا من بني نصر يدعى محمد بن يوسف بن نصر، ولقب بابن الأحمر لشقرة فيه، وكان حازمًا مقتدرًا عادلاً سخيًا وذا خلق كريم، وهي صفات حببته إلى الناس، وجعلتهم يلتفون حوله. 3- موقع غرناطة الحصين بين جبال سييرانيفادا وساحل البحر من ألمرية إلى جبل طارق. 4- استطاع ابن الأحمر، بمعاونة العلماء الذين وفدوا إليه من شتى المدن الإسلامية التي سقطت في أيدي النصارى، أن يستخرج المعادن لزيادة موارد الدولة المالية ـ الزراعية والتجارية ـ وتنفيذ مشروعات حضارية طموحة مثل تشييد المدارس وبناء قصر الحمراء الذي جاء آية في الجمال والإبداع. 5- المساعدات العسكرية التي كانت تتلقاها غرناطة من أصدقائها أمراء بني مرين بالمغرب.

حضارة دولة بني الأحمر:

ارتقى الفن المعماري بغرناطة ارتقاء عظيمًا. وكان لمهندسيها وبنائيها شهرة واسعة في أوروبا، فهم الذين شيّدوا قصر الحمراء، الذي ما زال إلى يومنا هذا موضع إعجاب الفنانين في كل مكان. بلغت العلوم والآداب ما بلغته قرطبة وغيرها من العواصم الإسلامية. ونمت الزراعة والصناعة، وراجت التجارة، حيث أقامت دولة بني الأحمر علاقات تجارية مع إيطاليا وفرنسا ومصر والشام.

سقوط دولة بني الأحمر:

تضافرت عدة عوامل لإنهاء هذا المعقل الأخير للعرب المسلمين في الأندلس، من أظهرها: 1- توالى على عرش دولة بني الأحمر بعد محمد الخامس سلسلة من ملوك بني الأحمر لم تكن لهم همة وقوة أسلافهم، فانغمسوا في الترف وغفلوا عن العدو المتربص بهم. 2- سقطت دولة بني مرين بالمغرب، فانقطع العون العسكري الذي كانت تمد به بني الأحمر. 3- اتحدت مملكتا أراغون وقشتالة النصرانيتان، حين تزوج فرديناند ملك أراغون من إيزابلا ملكة قشتالة. وكان من أبرز أهداف هذا الاتحاد القضاء على دولة بني الأحمر العربية الإسلامية وتصفية بقية الوجود العربي والإسلامي في الأندلس. 4- الخلاف بين المسلمين وتفكك الجبهة الداخلية. فعندما عاد أبو عبدالله من الأسر مرغمًا على مساعدة الأعداء، شن على أبيه الحرب، وما لبث أن مات الوالد همًا وكمدًا أو مسمومًا، بعد أن تنازل عن العرش لأخيه أبي عبدالله الزغل، آخر ملوك غرناطة العظام. فنازعه ابن أخيه في الملك، فشتت قوى الدولة في صراعات داخلية. وشجع ذلك الأسبان ليزحفوا على حصون غرناطة. وحاصروا غرناطة إلى أن استسلمت وفق شروط بلغت السبعة والستين شرطًا، منها تأمين المسلمين على أنفسهم وأهلهم وأموالهم ودينهم وحرياتهم العامة. وودّع أبو عبدالله غرناطة باكيًا، فقالت له أمه:

ابك مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجال
ثم رحل بأبنائه.

حركة تصفية الوجود العربي الإسلامي في الأندلس:

ما لبث النصارى أن تنكروا لعهودهم فنقضوا شروط التسليم، وبدأوا في خطة إزالة الإسلام والعروبة من الأندلس ووقعت أحداث مأساوية لتحقيق هذا الهدف.

وثار العرب المسلمون في جبال البشران سنة 976هـ، 1568م، لمدة سنتين. وباءت الحملات التي أرسلت إليهم بالفشل. واتسمت الحرب من قِبل النصارى بالقسوة والحقد المدمِّر. وفر كثير من المسلمين إلى مراكش ومصر وتركيا. ومن اضطر منهم للبقاء، أخذ في ممارسة شعائره الدينية سرًا. واستمر الحال على مدى مائة عام، إلى أن شهدت سنة 978هـ، 1570م نهاية العرب المسلمين في أسبانيا. ولم يأت عام 1017هـ، 1609م إلا وقد خلت الأندلس من المسلمين. وبلغ عدد من نفي منهم في المدة ما بين سقوط غرناطة والعقد الأول من القرن السابع عشر الميلادي حوالي ثلاثة ملايين.

★ تَصَفح أيضًا: الأندلس ؛ المرابطين، دولة ؛ ابن الخطيب، لسان الدين.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية