العروة الوثقى ( al- 'Urwah al- Wuthqa )

العُروة الوثقى صحيفة عربية أصدرها جمال الدين الأفغاني (1838 - 1897م) والشيخ محمد عبده (1848 - 1905م) في باريس. وتعد من أهم الصحف العربية التي صدرت في أوروبا في القرن التاسع عشر الميلادي. صدر العدد الأول منها في الخامس عشر من جمادى الأولى عام 1301هـ، 13 مارس 1884م، وكانت تصدر بفضل إعانة من بعض الهنود المسلمين.

يقول المؤرخون: إن المحرر الفعلي لمادتها هو محمد عبده، في حين أن الأفكار مشتركة بين الرجلين. وتعود شهرتها إلى ماكان يتمتع به صاحباها من مكانة في العالم الإسلامي.

ومع أن الصحيفة كانت تصدر بالعربية، إلا أنها كانت تخاطب المسلمين كافة، إذ إنها نظرت إلى العالم الإسلامي بوصفه كيانًا واحدًا على الرغم من اختلاف لغات أهله وأجناسهم، فدعتهم إلى نبذ الخلاف، والتضامن، وحثتهم بقوة على الاعتماد على قدراتهم الذاتية في سبيل الوقوف في وجه المستعمر الذي كانت ترى فيه العدو الأول للأمة. كما أهابت بالمسلمين أن يؤسسوا كيانًا واحدًا يتخذ الإسلام دستورًا ومنار طريق، مبينة أن الإسلام دين كل زمان ومكان، وأنه عقيدة حضارة وقوة لا تخلُّف فيه ولا تواكل.

وقد وصف المؤرخ عبدالرحمن الرافعي مقالات العروة الوثقى بأنها جامعة بين روح جمال الدين وقلم الأستاذ الإمام محمد عبده، فجاءت آيات بينات في سمو المعاني، وقوة الروح، وبلاغة العبارة، وهي أشبه ما تكون بالخطب الحماسية تستثير الشجاعة في نفوس قارئيها.

كانت الصحيفة تُرسل لمن يطلبها دون مقابل، غير أن موقفها من الاستعمار دفع السلطات الاستعمارية إلى مصادرتها، ومع ذلك كانت تجد طريقها إلى بعض القراء من ذوي الشأن خاصة. وبسبب هذه الصعوبات لم تستمر الصحيفة طويلاً، إذ لم يصدر منها إلا ثمانية عشر عددًا في ثمانية شهور. وقد صدر العدد الأخير منها في السادس والعشرين من ذي الحجة عام 1301هـ، 17 أكتوبر سنة 1884م. ومع أنها لم تعمر طويلاً، إلا أنها أثرت تأثيرًا عميقًا على توجيه الفكر الإسلامي. وظل تأثيرها ممتدًا إلى اليوم، إذ أعيدت طباعة مقالاتها عدة مرات، كان أولها عام 1910م. وقد جمعت مقالاتها ووضعت في كتاب بعنوان العروة الوثقى.

★ تَصَفح أيضًا: جمال الدين الأفغاني ؛ عبده، محمد.