الخوارج ( The Kharijites )
☰ جدول المحتويات
الخوارج فرقة من المسلمين خرجت على الإمام عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وصحبه. ومن خروجهم أخذوا اسم الخوارج. وسموا بالحرورية نسبة إلى حروراء التي خرجوا إليها. وسموا بالشراة لأنهم ـ حسب اعتقادهم ـ باعوا أنفسهم لله تعالى لقوله سبحانه ﴿ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله﴾ البقرة: 207. ويعتقد الخوارج أنهم من الناحية الدينية يمثلون الفئة القليلة المؤمنة التي لا تقبل في الحق مساومة، وأنَّ زعماءهم من جماعة القراء والفقهاء هم الحريصون على الالتزام بالكتاب والسنة دون مواربة أو تأويل.
فالخوارج مذهب سياسي في الأصل، غير أنه لما كانت السلطتان الدينية والدنيوية ممتزجتين في الإسلام وهما معًا عنصر الإمامة، فإن للخوارج وجهة نظر في الأمور الدينية أيضًا. عرض الخوارج رئاستهم على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها بعد أن تكرّه ذلك، فبايعوه وسموه أمير المؤمنين ثم خرجوا متفرقين متخفين إلى جسر النهروان على الشاطئ الآخر من دجلة، وهناك التقت بهم جماعة أخرى خرجت في البصرة.
أسباب معركة النهروان:
طلب عليّ بن أبي طالب من الخوارج مشاركته في قتال معاوية بن أبي سفيان فرفضوا. وواجه ضغطًا شديدًا من جيشه بوجوب قتال الخوارج قبل أهل الشام، لذلك سار عليّ إليهم وطالبهم بتسليم قتلة عبدالله بن خباب بن الأرت وامرأته وأربع نسوة والحارث ابن مرة العبدي فكان ردهم عليه: إننا كلنا قَتَلَتُهم وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم. وبعد مناقشات طويلة اعتزل جماعة منهم القتال، وعاد جماعة منهم إلى صفوفه، وبقي 2,800 رجل قرروا الزحف لقتال عليّ فاضطر الإمام لمحاربتهم. فانتصر عليهم وقتل عبدالله الراسبي ولم ينج منهم سوى 400 جريح عفا عنهم عليّ. وكانت هذه الضربة قد قضت على خيرة زعمائهم، وزادت في كرههم له حتى دبروا مكيدة قتله.صفات الخوارج:
اتصف الخوارج بصفات كثيرة جعلتهم قومًا خصمين يجادلون عن مذهبهم، ومن هذه الصفات: 1- الفصاحة وطلاقة اللسان ومعرفة طريقة تأثير الكلام. 2- التشدد في العبادة والانهماك فيها، فهم أهل صلاة وصيام أخلصوا لعقيدتهم وقاتلوا دفاعًا عنها. لذلك نظر إليهم كثير من الناس نظرة عطف وإشفاق. لقد قال عليّ رضي الله عنه في أواخر أيامه: لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس مَنْ طَلَب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه. وقال عمر بن عبد العزيز لبعض الخوارج: إني قد علمت أنكم لم تخرجوا مخرجكم هذا لطلب دنيا أو متاع.. ولكنكم أردتم الآخرة فأخطأتم سبيلها. 3- الشجاعة الخالصة النادرة. 4- حب بعضهم للجدل والمناقشة ومذاكرة الشعر وكلام العرب، وغلبة التعصب على جدلهم، وعدم التسليم للخصوم بحجة، وعدم اقتناع بعضهم بفكرة تخالفهم مهما كانت قريبة من الحق أو واضحة الصواب.والخوارج يعدون مرتكب الكبيرة كافرًا، في حين أن المعتزلة تعده في منزلة بين المنزلتين لا كافرًا ولا مؤمنًا.
بعض تعاليم الخوارج::
تتمثل بعض تعاليم الخوارج في الآتي:1- الخلافة. قالوا بصحة خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب. لصحة اختيارهما. وقالوا بصحة خلافة عثمان بن عفان قبل أن يغير ويبدل. فلما غيّر وبدّل ـ كما اعتقدوا ـ وجب قتاله والثورة عليه. أما عليّ فإن سيرته ـ عندهم ـ كانت حسنة حتى نهاية معركة صفين، ولكنهم اعتقدوا أنه أخطأ في التحكيم وحكموا بكفره والخروج عليه.
2- طعنوا في أصحاب موقعة الجمل طلحة والزبير وأوجبوا قتالهما، كما طعنوا في عائشة، وحكموا بكفر أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص.
استهوتهم فكرة التبرؤ من عثمان وعليّ والحكام الظالمين من بني أميّة. فمن تبرأ من عثمان وعليّ وطلحة والزبير وبني أمية سلكوه في جملتهم. ورأيهم في معاوية أنه مغتصب للخلافة بالقوة فهو كافر وجب قتاله.
3- وضعوا نظرية للخلافة هي: أ ـ أن تكون باختيار حر من المسلمين. ب ـ فإذا اختير الخليفة فلا يصح أن يتنازل. ج ـ وإذا حاد وجب عزله أو قتله إذا خالف السنة حقًا وواجبًا. د ـ وليس بضروري أن يكون الخليفة قرشيًا، بل يصح أن يكون من غير قريش، ولو كان عبدًا حبشيًا. وإذا تم الاختيار كان رئيس المسلمين. وهم بذلك خالفوا (الشيعة) القائلة بانحصار الخلافة في بيت النبي ﷺ، وآله.
4- وترى جماعة منهم أن لا حاجة إلى إمام، فإن كان لابد من وجوده جاز ذلك. وهم يسمون الخليفة أمير المؤمنين وعلى هذا الأساس سموا عبد الله بن وهب الراسبي أميرًا للمؤمنين عندما بايعوه في دار زيد بن حصين.
5- يرون تكفير أهل الذنوب، ولا فرق في نظرهم بين ذنب وذنب. من هنا فهم يخالفون مبدأ المعتزلة (مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين) فالمرء عندهم إما كافر وإما مؤمن، لذلك عدّهم بعض العلماء غلاة من أجل هذا ومن أجل تشددهم على معاملة مخالفيهم من المسلمين. وهم يتمسكون بظاهر القرآن وعدم تجاوز ذلك الظاهر إلى المرمى والمقصد. ومن طوائف الخوارج، طائفة الأزارقة وطائفة النجدات العاذرية وطائفة العجاردة.
الأَزَارِقَة:
طائفة من طوائف الخوارج، أصحاب أبي راشد نافع بن الأزرق، الذين خرجوا مع نافع من البصرة إلى الأهواز في أيام عبدالله بن الزبير، وعسكروا فيها. وكان مع نافع من أمراء الخوارج: عطية بن الأسود الحنفي، وعبدالله بن الماحوز، وأخواه عثمان والزبير وقطري بن الفجاءة المازني وغيرهم. اجتمعت طائفة الأزارقة على أن من ارتكب كبيرة من الكبائر كَفَر كُفْرَ ملة، خرج به عن الإسلام جملة، ويكون مخلّدا في النار مع سائر الكفار. واستدلوا بكفر إبليس، وقالوا: ما ارتكب إلا كبيرة حيث أمره الله بالسجود لآدم عليه السلام فامتنع، وإلا فهو عارف بوحدانية الله تعالى.أدارت طائفة الأزارقة حربًا ضد أهل البصرة الذين لا يرون رأيهم، واستمرت هذه الحرب فترة طويلة، وعندما خشي أهل البصرة على أنفسهم وبلدهم من الخوارج، أخرِجَ إليهم المهلب بن أبي صفرة فبقي في حرب الأزارقة تسع عشرة سنة إلى أن فرغ من أمرهم في أيام الحجاج. مات نافع قبل وقائع المهلب مع الأزارقة، وبايعوا بعده قطري بن الفجاءة المازني وسموه أميرًا.
النجدات العاذرية:
طائفة أخرى من طوائف الخوارج، أصحاب نجدة بن عامر الذي خرج من مكة إلى اليمامة ثم سار بعسكره تجاه البصرة للوحدة مع نافع بن الأزرق. قابله عبدالله بن ثور أبو فديك وعطية بن الأسود مع أتباع لهما عائدين من معسكر نافع وذكروا له بدع نافع، وأعادوه وبايعوه رئيساً لهم.ترى هذه الطائفة أن الدين أمران: أولهما معرفة الله ومعرفة رسوله والإقرار بما جاء من عند الله جملة وهذا واجب جميع المسلمين. والأمر الثاني هو ما سوى ذلك، والناس معذورون إن جهلوه، ولذلك سمي هؤلاء العاذرية. فهم يرون، على سبيل المثال، أن من كذب كذبة صغيرة أو كبيرة وأصر عليها أشرك، ومن زنى وشرب وسرق دون إصرار لا يشرك.
العجاردة:
من طوائف الخوارج، أتباع عبدالكريم بن عجرد، وهو من تلاميذ عطية بن الأسود من النجدات. يرى العجاردة أن الهجرة فضيلة لا فريضة، ويكفرون بالكبائر. اشتهر العجاردة بالميل للانقسام ؛ ومن أقسامهم: الصلتية والميمونية والحمزية والخلفية والإطرافية والسبعية والحازمية.ومن طوائف الخوارج الأخرى الصفرية، ويعتبر شبيب ابن يزيد الشيباني من أهم قادتها. ألحق شبيب هزائم كبيرة بجيوش الحجاج بن يوسف، واستطاع أن يدخل الكوفة مرتين إلى أن هزمه سفيان بن أبرد الكلبي.
★ تَصَفح أيضًا: علي بن أبي طالب ؛ الخلافة ؛ صفين، موقعة.