الأمالي ( al- Amali )
الأمالي مرجع تراثي قديم صاحبه أبو علي القالي، يشمل كثيرًا من العلوم التي ذكرها المؤلف في مقدمة الكتاب التي ورد جزء منها في هذه المقالة. ويُطلق لفظ الأمالي على ما يُملى من العلم إملاءً، وذلك بأن يجلس عالم وحوله تلامذته يكتبون ما يقوله مما فتح الله عليه به، فقهًا أو نحوًا أو لغة أو غير ذلك. وكُتُبُ الأمالي كثيرة، وقد أحصى منها حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون نيِّفًا وسبعين كتابًا، تنوعت بتنوع فنون المعرفة. ومن بين تلك الأمالي كتاب الأمالي، تأليف أبي علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي، المولود بإحدى قرى ديار بكر عام 288هـ، 900م، المتوفى بقرطبة عام 365 هـ، 975م.
وكتاب الأمالي يعد من أمهات كتب الأدب العربي، فلطالما وجدنا من أئمة اللغة والأدب من يرجعون إليه للإفادة من مخزونه العلمي واللغوي. وهو كتاب جزيل الفائدة، جم النفع لمن يريد التعمق في علم اللغة، وإثراء ذهنه بالآداب العربية، والأخبار المنتخَبَة، والأشعار المختارة، والأمثال المُسْتجَادة، والحِكَم البالغة.
قدَّم القالي لأماليه بعد حمد الله والصلاة على نبيه محمد ﷺ، فقال: " فإني لما رأيت العلم أنفس بضاعة، أيقنت أن طلبه أفضل تجارة، فاغتربت للرواية، ولزمت العلماء للدراية، ثم أعملت نفسي في جمعه، وشغلت ذهني بحفظه، حتى حويت خطيره، وأحرزت رفيعه، ورويت جليله، وعرفت دقيقه، وعقلت شارده، ورويت نادره، وعلمت غامضه، ووعيت واضحه، ثم صنته بالكتمان عمن لا يعرف مقداره، ونزّهته عن الإذاعة عند من يجهل مكانه، وجعلت غرضي أن أودعه من يستحقه، وأبديه لمن يعلم فضله، وأجلبه إلى من يعرف محله، وأنشره عند من يشرفه، وأقصد به من يعظمه، فأمليت هذا الكتاب من حفظي في الأخمسة (يعني أيام الخميس) بقرطبة، وفي المسجد الجامع بالزهراء المباركة، وأودعته فنونًا من الأخبار وضروبًا من الأشعار، وأنواعًا من الأمثال، وغرائب من اللغات، على أني لم أذكر فيه بابًا من اللغة إلا أشبعته، ولا ضربًا من الشعر إلا اخترته، ولا فنًا من الخبر إلا انتخلته، ولا نوعًا من المعاني والمثل إلا استجدته، ثم لم أُخْلِه من غريب القرآن، وحديث الرسول ﷺ، على أنني أوردت فيه من الإبدال مالم يورده أحد، وفسّرت فيه من الإتباع مالم يفسره بشر".
وكان أبو علي القالي قد أهدى كتابه إلى عبدالرحمن ابن محمد الحكم والي المسلمين بقرطبة، مصحوبًا بثناء عاطر على كرمه وعدله وفضله وحبه للعلم والعلماء.
قسم أبو علي القالي أماليه إلى مطالب، وخص كل مطلب بموضوع واحد، يورد فيه كل ما يتعلق به من حِكَم وشعر وأمثال، أو يأتي بكل دليل تناول ذلك المطلب، حتى يُجلِّيه لمبتغيه، في أسلوب أدبي جذاب، يجعلك لا تننتهي من قراءة مطلب حتى تتشوق لمعرفة محتوى المطلب الذي يليه. والكتاب في عمومه جم الفوائد، غاية في معناه، وصفه أحدهم بقوله: كتاب نوادر أبي علي مبارٍ لكتاب الكامل الذي جمعه المبرد. ولئن كان كتاب أبي العباس أكثر نحوًا وخبرًا، فإن كتاب أبي علي أكثر لغة وشعرًا. ★ تَصَفح: الكامل في اللغة والأدب.
بقي أن نقول: إن مطالب هذا الكتاب تطول وتقصر، فتأتي بحسب ما يحتاجه المطلب من إيضاح أو بيان، فترى مطلبًا لم يبلغ الصفحة الواحدة، وآخر تجاوز ثلاث صفحات أو أربعًا. ومطالب الأمالي تكاد تكشف عن هويتها عند قراءة عناوينها. ولئن لم تكن تلك العناوين من صنع أبي علي، فقد أحسن مصححو الكتاب وناشروه تصنيفًا حين وضعوها في رؤوس المسائل، لتسهل للقارئ الوصول إلى مبتغاه، وانتقاء ما يحتاجه من تلك الأزاهير الفواحة، المشتملة عليها حديقة الأمالي.