الرئيسيةبحث

الكامل في اللغة والأدب ( al- Kamil fi al-lugha wa al- Adab )


الكامِل في اللّغة والأدب من أمهات كتب الأدب العربي، ألفه أبو العباس محمد بن يزيد المبرِّد الثُمالي، نسبة إلى قبيلة ثمالة الأزدية. أجمع من ترجموا له على أن وفاته كانت في عام 285هـ. واختلفوا في مولده ما بين أعوام 220، و 210، و 207 هـ . كان أبوالعباس المبرِّد إمام أهل البصرة ؛ نحاةً ولغويـين، في زمانه، وعاصر أبا العباس أحمد بن يحـيى ثعـلب (ت 291هـ) إمام أهل الكوفة، وكان بين الإمامـين مثل ما كان بين الكوفة والبصـرة من منافسة.

ووصف من ترجموا للمبرّد ما تميّز به من حسن المحاضرة والفصاحة والبلاغة والحفظ لمليح الأخبار، والثقة فيما يرويه، وبكثرة ما كان يرويه من النوادر خاصة، وهذه الصفات كلها يلحظها قارئ كتابه الكامل.

بلغت مؤلفات المبرِّد خمسة وأربعين كتابًا، من بينها كتاب الكامل، الذي انتهت إلينا نسخته برواية أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش (ت 315هـ). يقول المبرد في خطبة الكتاب مُعرفًا به: ¸هذا كتاب ألـّفناه يجمع ضروبًا من الآداب، ما بين كلام منثور وشعر مرصوف، ومثل سائر وموعظة بالغة، واختيار من خطبة شريفة ورسالة بليغة. والنيّة فيه أن نفسِّر كل ما وقع في هذا الكتاب من كلام غريب أو معنى مستغلق، وأن نشرح ما يعرض فيه من الإعراب شرحًا شافيًا حتى يكون هذا الكتاب بنفسه مكتفيًا، وعن أن يُرجع إلى أحدٍ في تفسيره مستغنيا·.

وفي ضوء ما ورد في هذه الخطبة، يمكن القول بأن كامل المبرد ـ هو في الأصل ـ كتاب في الاختيارات الشعرية والنثرية حتى عصر المؤلف، وأن النثر فيه قد تنوع بين الفنون المختلفة: رسالةً وخطابة ومثلاً ونادرة وخبرًا وأن هذه الاختيارات الأدبية قد حرص أبو العباس المبرِّد على أن يقدمها للقارئ مشروحةً مفسرة، فضلاً عن تزويد القارئ ببعض ما يعرض فيها من مسائل النحو والإعراب. فالكتاب على هذا النحو كتاب أدبي لغوي نحوي شامل، لا يستغني عنه الناشئة المبتدئون فضلاً عن العلماء المتخصصين.

وقد فتح كتاب الكامل الطريق أمام العديد من المؤلفات التي طابقته من بعض الوجوه، وخالفته من وجوه أخرى. فمن هذه المؤلفات: كتاب الأمالي لأبي علي القالي (ت356هـ) الذي يطابق الكامل في اعتماده على النصوص الأدبية نثرًا وشعرًا، مع العناية بالشرح وإثارة بعض القضايا اللغوية. ومن الكتب التي تأثرت به ـ وإن لم تطابقه لغة ونحوًا ـ كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه.

ولم تخضع أبواب الكامل لخطة معيّنة في ترتيب الموضوعات، بل تمضي الموضوعات على نحو عفوي، فالجزء الأول ـ مثلاً ـ يبدأ بحديث الرسول ﷺ : (إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع ) إذ يمضي المبرِّد في شرح معنى لفظ الفزع في الحديث، ثم ما يلبث أن ينتقل إلى شرح حديث: (ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجالسَ يوم القيامة .. ) ومنه إلى خطبة لثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب، فرِسالة القضاء له أيضًا.

فإذا جئنا إلى الباب الثاني وجدناه يختار نصوصًا أغلبها من الشعر، وكلها تتعلق ببعض الظواهر البلاغية كالاختصار والإيحاء والبعد عن التكلّف إلى غير ذلك، مما يجعل مادة الباب الثاني موضوعًا موحدًا يقوم على المعالجة البلاغية، وليست النصوص فيه إلا شواهد بلاغية على خلاف الباب الأول.

وهكذا نجد أن الطابع العفوي، وليس الترتيب المنهجي، هو الذي يحكم كتاب الكامل في عمومه، وتبقى مادته الغزيرة في الأدب، والنحو واللغة أبرز ما يميّزه بين سائر كتب الأدب الأخرى في المكتبة العربية. على أنه من وجهٍ آخر يمثّل الاتجاه البصري في مجال الدرس اللغوي والنحوي.

ولعل من أهم أبواب الكتاب البابين الرابع والخامس، وهما ـ عدا القليل منهما ـ قد خلصا خلوصًا لأخبار طائفة الخوارج وذكرِ وقائعهم وآرائهم السياسية والفقهية، وأشعارهم ومناظراتهم ورسائلهم، مع عناية المبرِّد بذكر آراء خصوم الخوارج وذكر الصراعات التي نشبت بين الخوارج وخصومهم. والذي يستلفت النظر في هذين البابين أمران:

أولهما، وحدة الموضوع نسبيًا، فهما يتوافران على موضوع الخوارج، عدا قلة من المسائل التي تداخلت مع الموضوع. وثانيهما، أهمية المادة التاريخية والأدبية عن موضوع الخوارج، بما يجعل كتاب الكامل بحقّ مصدرًا أساسيًا من مصادر دراسة تاريخ هذه الطائفة وأفكارها، وفرقها، فضلاً عن أدبها شعرًا ونثرًا. ★ تَصَفح: المبرد.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية