الرئيسيةبحث

اللغة العربية، جغرافية ( Arabic language, Geography of )



اللغة العربية، جغرافية. للغة العربية تاريخ طويل تبدأ جذوره من القرن الخامس ق.م، وذلك إذا ما اعتمدنا على النقوش الثمودية التي عثر عليها في شمالي الجزيرة العربية ووسطها.

البيئة الجغرافية للغة العربية:

نشأت اللغة العربية على أرجح الأقوال في شبه الجزيرة العربية. ولقد أصاب القدماء الذين أطلقوا عليها جزيرة العرب: فهي، وإن أحيطت بالماء من شرقها وغربها وجنوبها، محاطة ببحار الرمال من الشمال حيث تعرف بالنفود، وهي قفار متسعة ذات رمال بيضاء تسفيها الرياح وتشكلها كثبانًا وتلالاً تحول دون اجتيازها بسهولة. في إطار هذه العزلة الجغرافية نشأت اللغة العربية التي توصف بأنها أقرب مجموعات اللغة السامية إلى النقاوة.

ولئن كان العلامة النمساوي شلوتزر أول من استخدم اسم الشعوب السامية عام 1781م، وشاركه إيكهورن في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، في تسمية لغات هذه الشعوب باللغات السامية، ومنها العربية والآرامية وغيرها، فإن ابن حزم الأندلسي توصل قبلهما بسبعة قرون إلى أن اللغات أُسر كالبشر، وأن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر لا لغة حِمْير، لغة واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها.

تصدى كثير من الباحثين العرب لنظرية السامية لأن مصدرها الإصحاح العاشر من سفر التكوين في التوراة، وأعلنوا رفضها لارتباطها بالدعوة الصهيونية التلمودية في العصر الحديث. ويميل هؤلاء الباحثون العرب إلى أن الكلدانية والآشورية والفينيقية كانت تسود منطقة بلاد العراق وبلاد الشام. وهذه اللغات كانت متشابهة بحيث يمكن عدها لهجات من لغة قديمة واحدة. والدليل على ذلك أن إبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ استطاع أن يتنقل بين العراق والشام ومصر والحجاز وأن يتفاهم مع جميع سكان تلك الأقطار.

أثر الموقع في اللغة العربية:

أثّر الموقع الجغرافي في اللغة العربية ؛ ويتضح ذلك من تحديد جيرانها. فالفارسية في شرقي الجزيرة العربية، والآرامية كانت تسود فلسطين وسوريا شمالي شبه الجزيرة العربية، والحبشية ولغات العرب الجنوبية كانت تجاور العربية من الجنوب. واللغة العربية لا تشذ عن سائر اللغات، فهي جميعًا تتبادل التأثير والتأثر، وتصدر الكلمات والألفاظ وتستوردها. ويقال بالإجمال إن العرب اقتبسوا من لغة الفرس أكثر مما اقتبسوا من سواها. ومن آثار الموقع كذلك العزلة التي أدت إلى تعدد اللهجات في اللغة العربية ومنها : لهجة كنانة وهذيل وثقيف وخزاعة وأسد وعرب الحجاز، ولهجة تميم وقيس في وسط الجزيرة، ولهجة ربيعة في الشمال.

تميزت لهجة قريش بخصائص أتاحت لها أن تحفظ شخصيتها وأن تسمو على سائر اللهجات. ومن العوامل التي ساعدت على إشاعة لهجة قريش بين العرب وجعلها نواة الوحدة اللغوية للعرب قبل الإسلام وجود الكعبة التي كان العرب يحجون إليها ليؤدوا مناسكهم. وترتب على ذلك تأثر الوفود بعضهم بلهجات بعض، مما أدى إلى تكوين لغة مشتركة بين العرب أساسها مكة والحجاز.

وبسبب العزلة الجغرافية للغة العربية أصبحت نسبة الأعجمية فيها ضئيلة قدَّرها الأب رفائيل نخلة اليسوعي بنسبة 2,5%، بينما تصل نسبة الكلمات غير الفرنسية في اللغة الفرنسية إلى 55%، وذلك وفقًا لما أكده باحث لغوي مُحدث.

انتشار اللغة العربية:

من أهم العوامل التي ساعدت على انتشار اللغة العربية، الدين الإسلامي ومعجزته القرآن الكريم. فالمسلمون مطالبون بالتعبد بآيات القرآن الكريم في صلاتهم. ولقد ذكر المستشرق بروكلمان أنه بفضل القرآن الكريم بلغت العربية مدى لا تكاد تعرفه أية لغة أُخرى من لغات الدنيا. ولقد ساعدت سماحة المجتمع الإسلامي، الذي قرر على لسان محمد ﷺ أنّ كلّ من يتكلم العربية فهو عربي، في نشر العربية. ومن الأمور الأخرى التي ساعدت على نشر العربية هجرات القبائل العربية إلى الأقطار المفتوحة، والإقبال على الزواج من غير العربيات. كما أن الفتوح الإسلامية حملت معها العربية، لأن العربية لغة الفاتحين المنتصرين. كما أن الأمر الذي أصدره عبدالملك بن مروان بتعريب الدواوين في الأمصار أدى إلى انتشار العربية. ومما لاريب فيه أن تشابه الظروف الجغرافية الطبيعية كان له آثار لا تنكر في انتشار اللغة العربية، التي انتشرت انتشارًا كبيرًا في القرنين الثاني والثالث للهجرة.

الوضع الجغرافي للغة العربية:

يتحدث العربية نحو 89% من مجموع سكان العالم العربي الذين يقدر عددهم الآن بنحو مائتي مليون، وتقل نسبة المتحدثين بالعربية في الجناح العربي الإفريقي في كل من الصومال وجيبوتي، وفي بعض مناطق المغرب العربي، وجنوب شرقي الجزائر وفي بعض أجزاء من ليبيا وتونس، حيث تنتشر لغة البربر. أما بالنسبة للجناح الآسيوي من العالم العربي فنجد الكردية في شمال شرقي العراق، والفارسية في بعض أجزاء شرقي العراق، والعبرية في فلسطين المحتلة. ويقدر عدد المتحدثين بغير العربية في سوريا بنسبة تقل عن 5% حيث يتحدثون الكردية والتركية والسريانية والأرمنية.

وجدير بالذكر أن ما يقرب من 220 مليون من المسلمين من غير العرب يتحدثون العربية. كما أن مئات من الكلمات العربية قد دخلت لغات الشعوب الإسلامية. ويقال إن اللغة الفارسية اليوم تزيد ألفاظها العربية على الألفاظ الفارسية، وأَثَّرت العربية في اللغة التركية والأَُردية والصومالية (30% من مفردات الصومالية من أصل عربي) والسواحيلية والهوسا والفولانية وغيرها.

وحينما دخل الإسلام القارة الأوروبية عرفت الكلمات العربية طريقها إلى كثير من اللغات الأوروبية مثل الأسبانية والبرتغالية والإيطالية والفرنسية وغيرها.

وإذا كانت اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، فهي باقية ـ إن شاء الله ـ ببقاء القرآن الكريم والإسلام. يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إنا نحن نزَّلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ الحجر:9 .

إختبر معلوماتك :

  1. أين نشأت اللغة العربية؟ وإلى أي المجموعات اللغوية تنتسب؟
  2. ما أثر العزلة الجغرافية في اللغة العربية؟
  3. ما العوامل التي ساعدت على انتشار اللغة العربية؟
  4. تتبَّع الوضع الجغرافي للغة العربية داخل العالم العربي وخارجه.
  5. ما أهم العوامل التي ساعدت على انتشار اللغة العربية؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية