الرئيسيةبحث

الموجات ( Waves )



الموجات
الموجات حركات تحمل الطاقة، وليس المادة، من مكان إلى آخر. ويمكن إثبات أن الموجات تحمل الطاقة، وليست المادة، من مكان إلى آخر بتجربة يسيرة. فإذا جعلنا ولدين يمسك كل منهما بطرف حبل، وقام أحدهما بتحريك الطرف الذي يمسك به إلى أعلى ثم إلى أسفل بشدة، فإن الطاقة تمر من جزء من الحبل إلى الجزء التالي كموجة. ويصبح كل جزء من الحبل في حالة حركة مع مرور الموجة، ولكن الحبل نفسه لا يتحرك إلى الأمام مع الموجة. وسوف يشعر الولد الذي يمسك بالطرف الآخر بالطاقة التي تنقلها الموجة والتي تحاول تحريك يده.

في التجربة الثانية، دع ولدًا يرمي بكرة إلى آخر. سيشعر متلقي الكرة ببعض الطاقة التي استخدمت في قذف الكرة. ولكن على عكس حالة الحبل فإن المادة، وهي الكرة، قد انتقلت من مكان إلى آخر. فالكرة بتحركها تنقل طاقة معها.

وموجات الحبل أو الماء نماذج معروفة للموجات، ولكن هناك الكثير من الموجات التي تتحرك حولنا طوال الوقت. فعلى سبيل المثال، ينتقل صوت أناس يتكلمون إلى آذاننا على هيئة موجات، وكذلك تنتقل برامج الإذاعة والتلفاز إلى بيوتنا على هيئة موجات.

تنتقل أنواع كثيرة من الموجات فوق وداخل المواد. ويسمي العلماء المادة التي تنتقل خلالها الموجات وسطًا مَوْجيًا. ففي حالة موجات الحبل يسمى الحبل وسط الموجة. وتنتقل موجات المحيط على سطح الماء، بينما تنتقل موجات الزلازل خلال الأرض. ولا تحتاج بعض الموجات إلى وسط مادي لتنتقل خلاله. فالموجات الكهرومغنطيسية مثلاً ـ وهي تشمل موجات الحرارة والضوء والراديو ـ تستطيع أن تنتقل خلال الفراغ. ووسط هذه الموجات هو المجال الكهرومغنطيسي (منطقة تحتوي على خطوط قوة).

مميزات الموجات

تُنتَج الموجات عندما يُسبب شيء اضطرابًا في وسط ما. فإذا سقطت صخرة مثلاً على بحيرة ساكنة فإنها تسبب حدوث موجات متحركة. وتسمى الصخرة في هذه الحالة مصدر الموجات. وعندما تقوم أنت بتحريك طرف حبل، فإنك تصبح بذلك مصدر الموجات التي تنتقل بوساطة الحبل. وإذا حركت الحبل إلى أعلى ثم إلى أسفل فإنك تُحْدث موجات كبيرة. ويسمي العلماء الجزء الأعلى من أي موجة الذروة أو القمة، والجزء الأسفل من الموجة القاع. ويطلق على ارتفاع القمة عن مستوى الحبل عندما يكون في حالة سكون مصطلح الاتساع. كذلك يمكن قياس الاتساع من القاع إلى مستوى الحبل الساكن.

وبتحريك الطرف الحر من الحبل إلى أعلى وأسفل بسرعة أكبر فإنك تنتج موجات أكثر على الحبل. أي أنك قد زدت تردد الموجات ؛ لأن عددًا أكبر من الموجات يمر بنفس النقطة في ثانية واحدة. ولكن مهما كانت السرعة التي تحرك بها الحبل إلى أعلى أو إلى أسفل، ومهما كان مقدار الارتفاع أو الانخفاض في الطرف الحر للحبل، فإن سرعة انتقال الموجات عبر الحبل تظل ثابتة. ولا تعتمد سرعة الموجات على الاتساع أو التردد، ولكنها تعتمد فقط على صلابة وكثافة (أي كتلة وحدة حجم) الوسط. فعلى سبيل المثال، تكون للحبل المشدود سرعة موجات أعلى من تلك التي تنتج عبر حبل مرتخ. وتكون سرعة انتقال الموجات عبر حبل خفيف قليل الكثافة، له درجة شد معينة، أعلى من سرعة انتقالها عبر حبل ثقيل له نفس درجة الشد.

وعندما تقوم بزيادة تردد الموجات فإنك تقوم أيضًا بتقصير المسافة بين قمتين أو قاعين. ويسمي العلماء هذه المسافة الطول الموجي. ونستطيع إيجاد الطول الموجي بقسمة التردد على سرعة الموجة. ويسمى تردد الموجات الصوتية طبقة الصوت. ويمكن رفع طبقة الصوت الموسيقية الناتجة عن آلة وترية بإحكام أو تقصير الوتر. وتكون الأوتار المصمَّمة لإنتاج ترددات منخفضة أكثر ثقلاً وأطول وأقل إحكامًا في الشد من تلك المصمَّمة لإنتاج ترددات أعلى.

الحركة الموجية

الموجات المنكسرة المنحنية في النصف العلوي من الصورة أدناه، تنتج عندما تمر أجزاء من الموجات المتوازية خلال شق صغير في الحاجز.
الموجات المنعكسة تكون أقواسًا منحنية بالقرب من الحاجز الذي قام بعكسها، بينما تكون الموجات الأصلية دوائر كاملة كما يرى في أعلى الصورة.
الموجات المتداخلة تلغي بعضها البعض على طول الخطوط الرمادية الباهتة القادمة من المركز. وتقوي بعضها البعض حيثما تظهر الخطوط المضيئة المتقطعة.
عندما تتحرك موجة عبر وسط ما فهناك في الواقع حركتان جديرتان بالملاحظة. الأولى هي حركة الموجة والثانية هي حركة الوسط نفسه.

الموجات المستعرضة:

تُحرِّك هذه الموجات الوسط إلى أعلى وأسفل، بينما تنتقل الموجة بطول الوسط. وتسمى الموجات التي تتحرك بهذا النمط بالموجات المستعرضة، لأن حركة الوسط الناتجة تكون عمودية على اتجاه حركة الموجات ؛ فموجات الحبل، على سبيل المثال، موجات مستعرضة. ومن الأمثلة الأخرى لذلك، الموجات الكهرومغنطيسية مثل الضوء، وكذلك موجات الماء. وإذا ما تحرك الحبل رأسيًا أو أفقيًا يقال إن للموجات استقطابًا رأسيًا أو أفقيًا ؛ أي أن الوسط يهتز في اتجاه واحد فقط. والموجات المستعرضة هي الموجات الوحيدة ذات الاستقطاب.

الموجات الطولية:

وتسمى أيضًا الموجات الانضغاطية وتنتقل في نفس اتجاه حركة الوسط. وتنشأ مثل هذه الموجات مثلاً في زنبرك مشدود عند ضغط بضع لفات من الزنبرك عند أحد طرفيه ثم إطلاقه مرة أخرى. وتعد الموجات الصوتية وكذلك موجات بعض الزلازل موجات طولية.

الموجات المسافرة والموجات الواقفة:

في الأمثلة السابقة الخاصة بالموجات الناشئة عن تحريك طرف حبل، تنتقل الموجات من طرف إلى آخر. وتسمى هذه الموجات الموجات المسافرة أو الموجات المتنقلة. ولكن في بعض الحالات تصبح الموجات أسيرةً لوسط معين. فإذا أمسك خيط من طرفيه ثم دفع بقوة فإن طاقة الموجات الناشئة لا تستطيع مغادرة الخيط. وينشأ هذا الوضع عن نمط موجي يسمى الموجات الواقفة، ويحدد حجم الفراغ الذي يحتوي على مثل هذه الموجات الطول الموجي. وتوجد الموجات الواقفة على بعض السطوح كرأس الطبلة أو داخل فراغ مغلق مثل حجرة ما. وفي كل الحالات يُحدد الطول الموجي بحجم الوسط.

السلوك الموجي

لم نناقش حتى الآن سوى الموجات المنفردة في وسط واحد. ولكنَّ للموجات سلوكًا مختلفًا عندما تنتقل من وسط إلى آخر أو عندما يوقف جزء منها أو عندما توجد معها موجات أخرى في نفس الوسط.

الانعكاس والانكسار:

عندما تترك الموجات وسطًا ما وتدخل وسطًا آخر، فإن جزءًا من طاقتها ينعكس، والجزء الآخر ينكسر (ينتقل) داخل الوسط الجديد. وتعتمد كمية الطاقة التي تنعكس وتلك التي تنكسر على الزاوية التي تصطدم بها الموجات الساقطة (القادمة) بسطح الوسط الجديد. وكلما زادت الزاوية بين مسار الموجات وبين خط تخيلي عمودي على سطح الوسط الجديد ازداد عدد الموجات المنعكسة.

كذلك تعتمد كمية الانعكاس وكمية الانكسار على خواص معينة للوسطين. فعلى سبيل المثال، يعتمد انعكاس الموجات الصوتية وانكسارها على كثافة الوسطين وعلى سرعة الصوت في كل منهما. فإذا تقاربت خواص الوسطين فإن معظم الصوت سوف ينكسر داخل الوسط الجديد. ولكن إذا اختلفت خواص الوسطين فإن معظم الصوت سوف ينعكس. وتكون كثافة الهواء أقل كثيرًا من كثافة الأرض، ويحمل الصوت بسرعة أبطأ. وبالتالي فإن معظم الطاقة الصوتية تنعكس عند التقائها بسطح الأرض.

الحيود:

إذا نظرنا إلى حلقة منتشرة من الموجات تتحرك بعيدًا عن موقع سقوط حجر في بحيرة ساكنة ؛ فإننا نلاحظ أنه كلما ازداد اتساع الحلقة فإن أي جزء قصير من جبهة الموجة (الحافة الخارجية للحلقة) يصبح خطًا مستقيمًا. أما إذا مرت جبهة الموجة خلال فتحة صغيرة في حاجز ما فإن الموجات التي تخرج من خلال هذه الفتحة لا تكوّن خطًا مستقيمًا، وبدلا من ذلك فإنها سوف تنتشر في خط منحنٍ.

يسمى تغير جبهة الموجة المستقيمة إلى موجة منحنية بالحيود. ويحدث الحيود لأن كل نقطة على جبهة الموجة تعتبر مصدرًا لموجة منحنية دقيقة تسمى مويجة. وتتآلف هذه المويجات على طول جبهة الموجة لتكوِّن الموجة المستقيمة. ولكن الفتحة الصغيرة تسمح لعدد صغير فقط من الموجات بالمرور. وهكذا تنفصل المويجات على كل من الجانبين، ولا تصبح الموجة مستقيمة حينئذ.

التداخل:

عندما تمر قمتا موجتين لهما نفس التردد بنقطة معينة في نفس الوقت فإن الموجتين تكونان متطاورتين. ولكن إذا مرت قمة موجة بنقطة في نفس اللحظة التي يمر بها قاع الموجة الأخرى فإن الموجة الثانية تسبق الأولى بنصف طول الموجة. ويقيس العلماء الفرق في الطور بين موجتين بالدرجات. ثم يقومون بضرب عدد درجات الدائرة (360°) في الفرق في الطور مقاسًا كنسبة من الطول الموجي. وبهذا يصبح الفرق في الطور في المثال السابق 360 ×0,5 = 180°

وتقوِّي الموجات التي لها نفس التردد بعضها بعضًا عندما يكون لها نفس الطور، ويُضْعِف بعضها بعضًا عندما يكون بينها فرق في الطور مقداره 180°. ويقول العلماء إن الموجات تتداخل، بعضها مع بعض، وتنتقل في بعض الاتجاهات بقوة، ويكون انتقالها أضعف في اتجاهات أخرى.

النظرية الموجية:

إنّ الأفكار التي تنطبق على الضوء والصوت والموجات الأخرى تنطبق على الأجزاء الدقيقة للذرة. فقد اكتشف العلماء أن الإلكترونات والنيوترونات والبروتونات، التي يُظن أنها جسيمات، تتصرف أحيانًا كالموجات. وتسمى موجاتها موجات المادة. وقد أعطت النظرية الموجية للجسيمات الذَّرية العلماء فهمًا أعمق لتركيب الذرة ونواتها. ★ تَصَفح:الفيزياء ؛ ميكانيكا الكم .

المصدر: الموسوعة العربية العالمية