الرئيسيةبحث

البندقية ( Venice )



مدينة البندقية تضم نحو 120 جزيرة بمحاذاة الساحل الشمالي الشرقي لإيطاليا.
البُنْدُقِيَّةُ مدينةٌ في إيطاليا. تُعد من أشهر مدن العالم وأكثرها غرابًة وخروجًا عن المألوف. تضم مدينة البندقية نحو 120 جزيرة في البحر الأدرياتيكي ولها قنوات بدلاً من الشوارع. ويستخدم سكان المدينة القوارب بدلاً من السيارات والحافلات وسيارات الأجرة والشاحنات. وتضمَّ مدينة البندقية أيضًا جزءًا من البر الإيطالي الرئيسي. يبلغ عدد سكانها 309,422 نسمة.

ساعد الفن المعماريّ الرفيع مدينة البندقية، لتغدو مركزًا سياحيًّا رئيسيًّا. وتعد المدينة أيضًا من أكبر الموانئ الإيطالية مساحةً. والبندقية عاصمة إقليم فينيسيا أحد الأقاليم السياسية العشرين في إيطاليا.

تقع مدينة البندقية على الطرف الشمالي للبحر الأدرياتيكي على بعد 4كم من الساحل الإيطالي. وفي الحقيقة، فإن موقع المدينة على البحر الأدرياتيكي جعل منها مركزًا تجاريًّا مهمًّا منذ وقت مبكِّر يعود إلى القرن التاسع الميلادي. وأصبحت مدينة البندقية قوةً بحريةً قويةً، وبنت بالتدريج إمبراطوريةً امتدَّت حتى المناطق الشرقية لحوض البحر الأبيض المتوسط. وكانت مدينة البندقية ـ وهي في أوج قوَّتها ـ تسمَّى ملكة البحر الأدرياتيكي، لكنها فقدت مع السنين الكثير من قوَّتها الاقتصادية والسياسية. وعلى أيّ حال، ساعدت كنوز المدينة الفنِّية على احتفاظها بمكانتها مركزًا ثقافيًّا عالميًّا. واليوم، فإنَّ الفيضانات والهواء الملوث والماء تؤدي إلى تدمير المدينة بالتدريج. وقد تطوَّع كثير من الناس من أصقاع العالم المختلفة في حملات متعددة لإنقاذ مدينة البندقية التي تكون وَحْدةً حكومية إيطالية تسمَّى الكوميون. ★ تَصَفح: إيطاليا.

تكوِّن جزر البندقية المركز التاريخيّ للمدينة. والمركزان الصناعيان الحديثان في مارجيرا وميستر على البرِّ الرئيسي هما جزء من كوميون البندقية، وتفصل بحيرة شاطئية ضحلة جزر البندقية عن البرِّ الرئيسي. يصل طريق فوق البحيرة بين البرِّ الرئيسي واثنتين من الجزر. وتتخذ السيارات والحافلات والقطارات محطات على هذه الجزر. وتقوم أكثر من 150 قناةً مقام الطرق بوصل جزر مدينة البندقية، كما تقوم القوارب بعمليات النقل. وقد استخدمت قديمًا قوارب سوداء مستوية تُسمَّى الجندول في عمليات الانتقال بين الجزر. ★ تَصَفح: الجندول. واليوم، حلت قوارب آلية محل قوارب الجندول. ويقوم أكثر من 400 جسر بوصل القنوات والجزر الرئيسية في مدينة البندقية. ويصل بين المباني في الجزر معابر ضيقة.

القنوات تؤدي دور الشوارع في البندقية، وتستخدم القوارب (الجنادل) في المواصلات. معظم المباني بجانب القنوات قديمة وعمرها يحسب بمئات السنين. تربط الجسور جزر المدينة الرئيسية ببعضها.
ويشق قلب البندقية القناة الكبرى، وهي القناة الرئيسية للمدينة وتقف على جانبيها قصور من الرخام والحجارة بنيت بين القرنين الثاني عشر والتاسع عشر الميلاديين. وفي وسط المدينة، يقطع جسر ريالتو القناة. وتقع المنطقة التجارية الرئيسية للبندقية على شارع ميرسيريا الضيِّق الذي يمتد من جسر ريالتو إلى ميدان القديس مرقص الذي يُعَدُّ مركز النشاط في المدينة. وتُعدّ كنيسة القديس مرقص ـ على الجانب الشرقيّ من الميدان ـ أحد النماذج العالمية للفن المعماريّ البيزنطيّ. ويرتفع قريبًا منها برج الأجراس. تقوم على الجوانب الثلاثة من الميدان بناياتٌ تعود إلى الطراز المعماريّ في عهد النهضة. وتتخذ المقاهي أمام هذه المباني أماكن لقاءٍ محببة إلى السيَّاح والمقيمين في المدينة، كما أن هناك قصر الدوج الذي بني قديمًا قرب الميدان ليكون مقرًّا لحكام مدينة البندقية الدوجات. ★ تَصَفح: الدوج.

ويمكن مشاهدة الأعمال الفنية القيمة في جميع مناطق مدينة البندقية. وتحوي أكاديمية الفنون الجميلة مجموعة رائعة من اللوحات المشهورة، بما في ذلك أعمالٌ رسمها أعلام كبار، مثل: تيتان، وتنتوريتو، وباولو فيرونيز. ويقدم المسرح الأكبر في مدينة البندقية الأوبرات والمسرحيات. ويلتحق مئات الطلبة بالمدارس المعمارية والفنية والموسيقية في مدينة البندقية، وكذلك بجامعة البندقية. في مدينة البندقية عدد قليل من المتنزَّهات والحدائق. ويُعَدُّ ليدو ـ وهو ممرٌّ ضيِّقٌ من الرمل يحاذي الجزر من ناحية الشرق ـ أكثر المنتجعات الشاطئية روّادًا في أوروبا.

وقد أعطى موقع مدينة البندقية للمدينة مزايا فريدة، ولكنه سبب لها مشاكل خطيرة. فعلى سبيل المثال، تفيض المياه في أوقات العواصف الشتوية غامرةً الميادين العامة والطرق ومدمرةً المباني.كما أنَّ التعرض الدائم للماء يُضعف أساسات المباني في المدينة. وعلاوة على ذلك، فإنَّ تلوث الهواء يعمل على تآكل المباني والكثير من الكنوز الفنية الواقعة خارجها. وقد أخذت جزر مدينة البندقية تغوص بمعدل خمسة مليمترات سنويًا حتى السبعينيات من القرن العشرين. ويعتقد العلماء أنَّ سبب الغوص ـ جزئيًا ـ هو استنزاف الماء الجوفي لاستخدامه في الصناعة، لذا ضيقت الحكومة الإيطالية من استعمال الآبار الأرضية (المياه الجوفية) في المدينة. وقد زاد ضغط الماء تحت الجزر وتوقف غوص المدينة.

السكان:

يتأثر سكان المدينة باستمرار بالماء الذي يحيط بهم. ويضفي الماء طابعًا خاصًا على طعامهم وسكنهم ووسائل انتقالهم. وعلى سبيل المثال، فإنَّ المأكولات البحرية هي الجزء الرئيسيّ في وجبة غداء أو عشاء نموذجية في المدينة. ولاتقوم البيوت والمباني على أرضٍ صلبة ولكن على دعامات تُدفع في الوحل. ومعظم السكان من الرومان الكاثوليك. وهناك مناسبات سنوية متعددة، علاوة على أيام العطلات الدينية، تجذب جماهير كبيرةً لارتياد المدينة. إحدى هذه المناسبات هي عيد الفداء الذي يحتفل بذكرى انتهاء الطاعون الذي أصاب المدينة عام 1575م. وفي هذا العيد الذي يستمر طوال ليلة من ليالي شهر يوليو، يقوم الموسيقيون بالعزف في قوارب مضاءةٍ عبر القنوات.كما يجري سباق للقوارب.

ومنذ عام 1950م، نزح آلاف من سكان الجزر، ليعيشوا في البر الإيطالي في مارجيرا و ميستر. وتعيش الأغلبية من سكان البندقية الآن في ميستر. وانتقل كثيرون من الناس إلى البر الإيطالي لوجود فرص عمل أوسع ولانخفاض تكاليف المعيشة هناك. وتجتذب شقق المباني الحديثة في مارجيرا وميستر الكثيرين من منطقة البندقية. وقد أقيمت بناياتٌ كثيرةٌ في الجزر قبل مئات السنين، ولذلك فإنه لايوجد ثمة مكان لبناء مساكن جديدة.

الاقتصاد:

السياحة النشاط الاقتصادي الرئيسيّ في جزر البندقية. يزور المركز التاريخيّ للمدينة كل عام نحو ثلاثة ملايين سائح. وهؤلاء يمثِّلون قوةً شرائيةً مهمة للمصنوعات اليدوية التي ينتجها الحرفيون في مختلف الجزر.

وتتركز النشاطات الصناعية والتجارية في مدينة البندقية في منطقتي مارجيرا وميستر حيث تنتج المصانع في هاتين المنطقتين الألومنيوم والمواد الكيميائية والفحم الحجري والسماد والطلاء ومنتجات البترول والصلب وأشياء أخرى. وتتركز تسهيلات الموانئ في منطقة مارجيرا. وقد أوجد التطور الصناعيّ في البر الإيطالي الرئيسي في مدينة البندقية آلاف الوظائف للسكان. غير أن التطور الصناعي كان سببًا رئيسيًّا في تلوث الهواء والماء الذي يُهدد المدينة.

نبذة تاريخية:

في القرن الخامس الميلادي، هرب سكان مدينة البندقية الأوائل إلى الجزر خوفًا من البرابرة الذين بدأوا يحتلون إيطاليا قادمين من شمال أوروبا. وقدكان الاقتصاد المبكِّر للمدينة يقوم على صيد السمك والتجارة. وكان السكان يجوبون شواطئ البحر الأدرياتيكي بحثًا عن أسواق جديدة. وما إن جاء القرن التاسع الميلادي حتى كان لمدينة البندقية علاقات تجارية مع القسطنطينية (إسطنبول الآن)، ومع مدن إيطالية على البّر الإيطالي، ومع الساحل الإفريقيّ الشماليّ. وتطورت مدينة البندقية لتصبح دولة مدينة مستقلةً يحكمها نبلاء.

وفَّرت السفن في مدينة البندقية وسائل التنقل للحملة الصليبية الرابعة التي امتدت بين عامي 1202و 1204م. وشارك أهل البندقية في الحروب الصليبية ـ مع الصليبيين ـ واحتلوا الإمبراطورية البيزنطية بما في ذلك القسطنطينية. ★ تَصَفح: الحروب الصليبية. ولكن تنامي قوة مدينة البندقية أوقعها في سلسلة من الحروب مع مدينة جنوة، القوة البحرية المنافسة. وتمكَّنت مدينة البندقية، في نهاية الأمر من هزيمة جنوة عام 1380م والسيطرة على التجارة في الجانب الشرقي من حوض البحر الأبيض المتوسط. وأصبحت مدينة البندقية من أكبر المدن الأوروبية حيث وصلت إلى أوج قوتها في القرن الخامس عشر الميلادي حين امتدت إمبراطوريتها الاستعمارية فشملت جزيرتي كريت وقبرص وساحل دالماشيا (جزٌء من كرواتيا حاليا) وجزءًا من شمال شرقي إيطاليا. وحملت السفن التابعة لمدينة البندقية الحرير والتوابل والكماليات المنقولة إلى أوروبا من آسيا. وأصبحت البندقية مركزًا قياديًّا للفن في عصر النهضة أواخر القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين. ★ تَصَفح: عصر النهضة.

في أواخر القرن الخامس عشر، أبحر كريستوفر كولمبوس إلى أمريكا وأبحر فاسكو داجاما فاكتشف طريقًا إلى الهند، فانتقل مركز التجارة من أوروبا بعد ذلك إلى المحيط الأطلسي وتراجعت قوَّة البندقية. وبالتدريج، تركت المدينة مستعمراتها الشرقية للعثمانيين.

وفي عام 1797م، قاد نابليون بونابرت قواتٍ فرنسيةً واحتل مدينة البندقية. وقسَّم نابليون ما تبقَّى من إمبراطورية فينيسيا بين فرنسا والنمسا، فأصبحت مدينة البندقية تحت الحكم النمساويّ. وفي عام 1866م، أصبحت المدينة جزءًا من مملكة إيطاليا المستقلة.

وفي بداية القرن العشرين الميلادي، بدأ التصنيع في منطقتي مارجيرا وميستر. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م)، وضعت القوات الألمانية يدها على المدينة. وقامت طائرات الحلفاء بإلقاء القنابل على ميناء مارجيرا، ولكنها تحاشت جزر مدينة البندقية.

وفي عام 1966م، سبَّب الفيضان المدمِّر الذي أصاب معظم إيطاليا تدميرًا واسعًا لمدينة البندقية. وألحق الفيضان أضرارًا بالغةً ودمارًا بكثير من لوحات المدينة وتماثيلها. وقد تطوعت منظمات عالمية،كذلك تطوع أفراد بأموال، لمساعدة الحكومة الإيطالية لتقوم بالإصلاح والترميم.

وبعد الفيضان، قامت لجانٌ حكومية، وكذلك باحثون مستقلون، بإجراء دراسات وصولاً لأساليب للتحكّم في التلوث. وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، وافقت الحكومة على اعتماد مبالغ من أجل دعم مشروعاتٍ تهدف إلى حماية المدينة من الفيضان ومن التآكل الذي يسببه التلوث.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية