التهيئة الاجتماعية ( Socialization )
التَّهْيئة الاجتماعية عملية معقدة يتعلم بموجبها الشخص السلوك الذي يتوقعه منه المجتمع. والتهيئة الاجتماعية تُعَلِّم العادات والأفكار والمواقف والقيم. ويَعُدُّ علماء السلوكيات وعلماء علم الأجناس وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، أسلوب التهيئة الاجتماعية واحدًا من الأساليب الرئيسية التي عن طريقها يُخْلِّد المجتمع نفسه. وتنتقل الثقافات من جيل إلى آخر.
وتؤدي المعرفة دورًا مهمًا في عملية التهيئة الاجتماعية. وعلى المرء أن يكتسب سعة من المعلومات وبعض المهارات ليتسنى له المشاركة في نشاطات الأسرة، ومجموعات اللعب، والمجموعات المدرسية أو في نشاطات العمل والنظام السياسي، ويتعلم الأطفال من الأسرة الوظائف الأساسية كالكلام واستخدام دورة المياه والأكل بطريقة صحيحة. ويتعلمون أيضًا القيم والمعتقدات والأهداف الأساسية للأسرة، فهم مثلاً يتعلمون ماهية أن يكون المرء ذكرًا أو أُنثى، وما هو الصحيح من الخطأ، وما يجب تقييمه في العلاقات الإنسانية.
وتكون التهيئة الاجتماعية مقصودة إذا تم توجيه الأفراد إلى مايجب عليهم عمله والكيفية التي يعملون بها. ولكن غالبًا ما تتم هذه العملية بشكل لا شعوري. ومثال ذلك تعلم الأطفال لعدد من المواقف والقيم الأساسية عن طريق ملاحظة الآخرين، وخصوصًا الوالدين والأخوة والأخوات الأكبر سنًا.
يقوم علماء السلوك بدراسة التهيئة الاجتماعية بسبب ثلاث خصائص أساسية مشتركة بين الناس جميعًا. هي أولاً: أنَّ الأطفال لا يستطيعون العيش دون معاونة، ويتحتم عليهم الاعتماد بشدة على الآخرين. ثانيًا: أنَّ على البشر أن يتعلموا معظم السلوك الضروري لبقائهم. ثالثًا: على الناس أن يتعلموا التحكم في علاقاتهم مع بعضهم ؛ وذلك بالتعايش وفقًا للقيم والوظائف المشتركة بينهم.
وفي أغلب المجتمعات تبدأ عملية التهيئة الاجتماعية عند الطفولة وتستمر طوال فترة حياة الفرد. وقد تولَّت مؤسسات أخرى كالمدرسة القيام ببعض مهام الأسرة في مجال التهيئة الاجتماعية. وبتقدم الأفراد في مراحل المدرسة بنجاح، فإنهم يطرحون عنهم باستمرار بعض المواقف والوظائف ويتبنون أخرى جديدة. وتضم العوامل المهمة الأخرى التي تؤثر على السلوك الاجتماعي للفرد، الأصدقاء وزملاء العمل، والمؤسسات الدينية، والتِلْفَاز، والأفلام والأنواع المختلفة من المواد المقروءة.
وبالرغم من أن للأسرة والمؤسسات الأخرى تأثيرًا قويًا في الطفل إلا أن الأفراد أيضًا يؤثِّرون في هذه المؤسسات بطرق مهمة. مثالُ ذلك، أنّ الطفل يُؤثر في والديه من خلال سذاجته ومزاجه واحتياجاته. وهكذا فلا يجب النظَر إلى التنشئة الاجتماعية على أساس أنها عملية باتجاه واحد. وفي الوقت نفسه فإن الأفراد يقومون باستمرار بإقامة علاقات شخصية مع الآخرين وفقًا لتوقعاتهم المستقلة.
★ تَصَفح أيضًا: الثقافة ؛ علم النفس الاجتماعي ؛ الدور الاجتماعي.