الرئيسيةبحث

الرعاية الاجتماعية ( Social welfare )



الرعاية الاجتماعية البرامج العامة التي تساعد الناس على تحقيق درجة من الضمان الاقتصادي. ويقدم الضمان الاجتماعي ـ الذي يسمى أيضًا التأمين الاجتماعي ـ المال لتعويض الدخل الذي توقف نتيجة للتقاعد أو البطالة أو العجز أو الموت.

ويدفع الضمان الاجتماعي مخصصات للعمال ولعائلاتهم على أساس سجلهم العملي، وتشمل هذه المخصصات مخصصات البطالة وخدمات إعادة التوظيف للأشخاص الذين فقدوا وظائفهم. ونجد أن الكثير من الفقراء المعدمين لا يكونون مؤهلين لمخصصات الضمان الاجتماعي لأنهم لا يملكون سجلات عمل.

تُقدم الحكومات برامج الرعاية الاجتماعية لمساعدة الفقراء على أساس احتياجاتهم وليس على أساس سجل العمل. وتشمل الإعانات الأسر والأطفال والخدمات المجانية مثل الرعاية الصحية للذين لا يستطيعون دفع تكاليفها.

تطور الضمان الاجتماعي

أدت الثورة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين إلى تطور الضمان الاجتماعي في أُوروبا. فقد انتقل كثير من الناس إلى المدن للعمل في المصانع. وكانوا دائمًا يتلقون رواتب متدنية ويعملون في ظروف خطرة. فإذا صاروا عاجزين واجهوا ضيقًا شديدًا. ويستطيع عدد قليل منهم الادخار للحالات الطارئة أو للشيخوخة. ولم يكونوا قادرين على دعم المسنين أو المحتاجين من الأقارب، كما لم تكن هناك برامج ضمان حكومي إجبارية قبل أواخر القرن التاسع عشر الميلاديّ. فقد كانت المجتمعات المحلية تقدم بعض العون كما كانت هناك بعض منظمات الإغاثة. وإذا لم يجد الفقراء تلك المساعدات عاشوا في بؤس الملاجئ. وعمومًا كان الأثرياء يشعرون بأن الفقراء هم الملومون على سوء حظهم.

أجازت ألمانيا أول قانون للتأمين الصحي عام 1883م. وفي عام 1884م أجازت أول قانون لإصابات العمال. وبحلول عام 1889م، كانت ألمانيا قد وضعت أول برنامج إجباري لتأمين العجز والشيخوخة. وسرعان ما أجازت معظم الدول الأوروبية قوانين مشابهة لتلك التي أجيزت في ألمانيا. فقامت المملكة المتحدة بأجازة مثل هذه القوانين عام 1908م، والسويد عام 1913م، وجنوب إفريقيا عام 1928م. أما اليابان فقد أجازت قوانينها عام 1941م، وماليزيا عام 1951م، وسنغافورة عام 1953م. وقد تأخرت الولايات المتحدة كثيرًا عن الدول الأوروبية. وبحلول فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن العشرين، أدرك القادة السياسيون والاقتصاديون أن المحنة الاقتصادية يُمكن أن تنتج عن أسباب تفوق تحكم العمال. ومن ثم أجازت الولايات المتحدة أول تشريع شامل للضمان الاجتماعي عام 1935م. وبدأت كندا عام 1940م، نظام ضمانها الاجتماعي.

يوجد اليوم في كل الدول الصناعية وكثير من الأقطار النامية نظم ضمان اجتماعي.

تأمين البطالة:

أجازت بريطانيا وأيرلندا عام 1911م قوانين تنص على تأمين البطالة. وتبعتها ألمانيا عام 1927م ثم نيوزيلندا عام 1930م. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد جعلته ضمن قوانينها الصادرة عام 1935م. وأجازت اليابان تشريعًا بهذا الصدد عام 1947م. ★ تَصَفح: البطالة.

من يدفع:

يأتي دعم البرامج الاجتماعية من ثلاثة مصادر هي: العاملون وأصحاب العمل والحكومات. إذ يدفع العاملون نسبة من دخولهم ويدفع أصحاب العمل أيضًا نسبة من الرواتب في معظم الأنظمة. وتسهم بعض الحكومات في ذلك أيضًا. وتدفع الحكومات في بعض الدول مثل أستراليا ونيوزيلندا لهذه البرامج من الضرائب العامة. وليس هناك أي إسهام من المستخدم أو صاحب العمل.

نجد أن بعض الخطط تتراوح بين الضمان الاجتماعي (الذي يعتمد على التأمين الاجتماعي) والرعاية الاجتماعية (التي وُضعت لمساعدة الفقراء). فمثلاً قد تدفع الحكومات المخصصات النقدية دون اعتبار لتاريخ العمل أو الحاجة أو الدخل أو الموجودات. وتعتمد هذه البرامج على ضرائب الدخل العامة. وتضع بعض الدول النامية خطط ادخار إجبارية. ومايحدث بالضبط هو أن صاحب العمل يحجز جزءًا من الراتب، ثم يدفع مبلغًا مساويًا له ويحتفظ بهما. وفي النهاية تُدفع مرة أُخرى مع الفائدة إلى العامل.

تطور الرعاية الاجتماعية

كانت الحكومات في الماضي، تتحمل مسؤولية التخفيف من الفقر في حالات نادرة، وكان الإحسان يأتي بصورة عامة من الأقارب والجيران. وكانت الجماعات المتطوعة والدينية تقدم المأوى والرعاية الطبية والمال للفقراء.

تعاملت قوانين الرعاية الاجتماعية قديمًا، بقسوة مع الفقراء، ففي إنجلترا، على سبيل المثال، كان النظام الأساسي للعمال الذي أجيز عام 1349م، يمنع الإحسان لأنه يشجع على البطالة. ويمكن سماع هذا التعليق حتى الآن في بعض الملاحظات النقدية عن برامج الرعاية الاجتماعية الحديثة. وقد جعل قانون الفقراء الذي أجازه البرلمان الإنجليزي عام 1601م في عهد الملكة إليزابيث الأولى، الأبرشيات المحلية مسؤولة عن فقرائها. وكانت أموال المساعدات تجمع في كل دائرة.

ميزت قوانين الرعاية الاجتماعية القديمة بين شكلين من المساعدات هما المساعدة الخارجية والمساعدة الداخلية وكانت المساعدة الخارجية تُعطى لمستحقيها في منازلهم الخاصة. أما بالنسبة للمساعدة الداخلية، فقد كان على متلقيها أن يعيشوا في الملاجئ التي كانت تسمى أيضًا بالإصلاحيات، كانت الأوضاع في هذه الأماكن عادة بائسة للغاية.

وأخيرًا، نهضت معظم الدول الأوروبية بأعباء المحتاجين فيها، وذلك عبر البرامج القومية التي تفيد كل المواطنين. وتقدم الحكومة، في كثير من تلك الدول الرعاية الطبية وتدفع نفقات المستشفيات، وقد بدأت البرامج الصحية المتعلقة بدفع تكاليف المرض والولادة لكل السكان في ألمانيا عام 1883م، وفي بريطانيا عام 1911م، وفي عام 1922م في اليابان، وفي عام 1938م في نيوزيلندا، وفي أستراليا عام 1944م. أجازت الهند مثل هذه التشريعات عام 1948م.

بدأت برامج الرعاية الاجتماعية في العشرينيات من القرن العشرين في تقديم الإعانات للأسر التي لديها أطفال. فقد أجازت نيوزيلندا أول قانون لها عام 1926م ثم أجازت أستراليا برنامجها عام 1941م، وبدأت معظم البرامج بعد الحرب العالمية الثانية. فمثلاً بدأت المملكة المتحدة عام 1945م والسويد وجنوب إفريقيا عام 1947م وألمانيا عام 1954م واليابان عام 1971م. وتُعد الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الصناعية الكبرى الوحيدة، التي لا تملك برنامج إعانات للأسر، ضمن نظام الرعاية الاجتماعية فيها.

وتدعم الحكومات الإقليمية والقومية معًا الخطة القومية التي تخدم جميع السكان في كندا.

ونجد أن البرامج في بريطانيا والنرويج والسويد تشمل كل المواطنين لدرجة أن أُطلق على هذه الدول اسم دول الرفاهية. ★ تَصَفح أيضًا : الفقر لمزيد من المعلومات التاريخية والمعلومات الأخرى عن المعدمين.

مشكلات الرعاية الاجتماعية

يُعّد بعض الناس تلقي الرعاية الاجتماعية عيبًا، ويشعرون بالخجل إذا اضطرهم الفقر إلى طلبها. بل إن البعض يرفض قبولها حتّى لو كانوا معدمين. وقد لا يقوم المسؤولون الذين يتولون أمر مخصصات الرعاية، أحيانًا، بالتشجيع اللازم الذي يحتاجه الناس، للاستفادة الكاملة من برامج الحكومة المعدة لمساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم.

وهناك مشكلات عدة في إدارة الرعاية الاجتماعية. فمثلاً، قد تثبط همة البعض عن البحث عن عمل، إذا كان متلقي الإعانة لا يستطيع تحقيق كسب من الوظيفة، يفوق ما يحصل عليه من المخصصات. ويقال عن أي شخص لا يستطيع أن يزيد من دخله بالعمل: إنه واقع في فخ الفقر. وإذا أُعطيت مخصصات الرعاية الاجتماعية لأسر الوالد الواحد أو الوالدة الواحدة أكثر من أُسر الوالدين معًا، فإن الزيجات التي تُعاني من ضغوط قد تنفصل آخر الأمر.

وبالرغم من المشكلات العديدة، يستطيع الأشخاص المستفيدون من مساعدات الرعاية الاجتماعية الحكومية والخاصة أن يسيروا بحياتهم نحو الأفضل وأن يعتمدوا على أنفسهم. ومن بين الخدمات التي يمكن أن تساعد الشخص على تحقيق أهداف شخصية واضحة، مثل تعليم الكبار القراءة والكتابة، والتدريب على العمل، والمدارس الجيدة، والتربية الصحية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية