الرئيسيةبحث

البرتغال ( Portugal )



لشبونة عاصمة البرتغال وكبرى مدنها. تموج بالحركة والزحام وتقع على ساحل البرتغال، وتعتبر مركزاً قومياً للأنشطة الإقتصادية والسياسة والثقافة.
البرتُغال دولة تقع في شبه جزيرة إيبيريا في أقصى الطرف الغربي من قارة أوروبا، وتحتل أسبانيا ـ جارة البرتغال من الشرق والشمال ـ باقي أجزاء شبه الجزيرة تقريبًا. تواجه البرتغال من الغرب والجنوب المحيط الأطلسي، ولِشْبونة هي عاصمة البرتغال وأكبر مدينة فيها.

يعيش معظم البرتغاليين في قرى ريفية. ومن القرويين أناس مهرة يبحرون عبر مياه المحيط الأطلسي العاصف في قوارب صغيرة لصيد السمك، ومزارعون ينتجون العنب الذي يستخدم في صنع أنواع شتى من المشروبات.

وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر استهل المكتشفون البرتغاليون المغامرون مايمكن وصفه بالعصر الذهبي للاكتشافات الأوروبية. فقد قاد بارثولوميو دياز الرحلة البحرية الأولى حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لإفريقيا. وأبحر فاسكو داجاما حول الرأس، واكتشف طريقًا بحريًا إلى آسيا.، كما أبحر بدرو ألفاريز كابرال إلى مايعرف اليوم باسم البرازيل. وهذه الرحلات البحرية وغيرها أدت إلى تأسيس إمبراطورية برتغالية شاسعة اشتملت على مستعمرات في إفريقيا، وآسيا وأمريكا الجنوبية.

بدأت قوة البرتغال ونفوذها يضعفان في أواخر القرن السادس عشر. ولكنها احتفظت بكثير من إمبراطوريتها لأكثر من 400 عام. في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين استقلت جميع مستعمراتها عبر البحار باستثناء ثلاث مستعمرات هي جزر الآزور، وماديرا الواقعة في شمالي المحيط الأطلسي، وماكاو المستعمرة البرتغالية الصغيرة التي تقع على ساحل الصين الجنوبي. وفي عام 1999م، أعادت البرتغال ماكاو للصينيين.

شهدت السبعينيات من القرن العشرين تغييرًا سياسيًا جوهريًا في البرتغال، فقد تناوب على حكم القطر حكام مستبدون في المدة من 1926 حتى 1974م، وخلال هذه الفترة، كانت الحرية الشخصية محدودة وسُحقت القوى المعارضة للحكومة. وفي عام 1974م شنت مجموعة من الضباط العسكريين الشباب ثورة وأطاحوا بالدكتاتورية في البلاد، وفي عام 1976م تبنت البرتغال نظام الحكم الديمقراطي.

نظام الحكم

الخريطة السياسية للبرتغال
البرتغال جمهورية، ودستورها الذي اعتُمد عام 1976م يمنح المواطنين حقوقهم المدنية مثل حرية التعبير، وحرية المعتقد، وحرية الصحافة. كما يستطيع المواطن البرتغالي الذي يبلغ 18 عامًا أو يزيد، أن يُدلي بصوته في الانتخابات.

الحكومة الوطنية:

يُصدِر القوانين في البرتغال برلمان يسمى مجلس الجمهورية، وينتخب الشعب أعضاء هذا المجلس البالغ عددهم 230 عضواً، ومدة العضوية أربع سنوات.

كذلك ينتخب المواطنون رئيس الجمهورية لفترة خمس سنوات. ويُعيِّن الرئيس، رئيس الوزراء، وهو على الأغلب قائد الحزب السياسي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان. ويتولى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء إدارة شؤون البلاد.

الحكومة المحلية:

تنقسم البرتغال، بما فيها جُزر الآزور وماديرا، إلى 22 مقاطعة طبقًا لتقسيمات الحكم المحلي. يختار الناخبون في كل مقاطعة حاكمًا ومُشرّعًا لإدارة الشؤون الحكومية في المقاطعة. كما أن المدن والبلدان ضمن كل مقاطعة لها إدارتها المحلية.

التنظيمات السياسية:

أكبر التنظيمات السياسية في البرتغال هي: الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والحزب الاشتراكي البرتغالي، وحزب التجديد الديمقراطي، والحزب الشيوعي البرتغالي، وحزب الوسط الديمقراطي الاشتراكي (الحزب الديمقراطي المسيحي ـ سابقًا). وعمومًا، فإن أعضاء الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والحزب الاشتراكي البرتغالي، وحزب التجديد الديمقراطي، وحزب الوسط الديمقراطي الاشتراكي يفضلون الاقتصاد الحر. بينما يفضل أعضاء الحزب الشيوعي البرتغالي هيمنة الحكومة على الاقتصاد.

المحاكم:

المحكمة العليا في البرتغال هي أعلى محكمة للاستئناف. كما يوجد في البرتغال أربع محاكم استئناف (أول درجة) ومحاكم محلية ومتنوعة على مستوى المقاطعات.

القوات المسلحة:

ينتظم في سلك الجندية نحو 54,000 شخص، ولدى البرتغال جيش وبحرية وقوات جوية. تضم القوات المسلحة جيشاً احتياطياً قوامه 210,000 رجل.

السكان

السكان والأسلاف:

يبلغ عدد سكان البرتغال 9,863,000 نسمة. يعيش نحو نصف السكان (52%) في مناطق ريفية.

لشْبونة هي كبرى مدن البرتغال، وعدد سكانها حوالي 663,315 نسمة، أما عدد سكان منطقة لشبونة الكبرى فيزيد على 2,000,000 نسمة. كما أنها المركز الاقتصادي، والسياسي، والثقافي للبلاد، وفيها أحد أجمل موانئ العالم. بورتو التي يبلغ عدد سكانها 302,417 نسمة، وسكان منطقتها الحضارية 1,550,000 نسمة، وهي المدينة البرتغالية الوحيدة ـ إضافة إلى لشبونة ـ التي يزيد عدد سكانها على 100,000 نسمة، وهي المركز الرئيسي لشمالي البرتغال، ويعيش أكثر من ثلث سكان البرتغال في لشبونة وبورتو أو بالقرب منهما.

كان أُناس يعرفون بالإيبيريين أول من قطن فيما يُعرف الآن بالبرتغال. فقد عاشوا هناك قبل التاريخ المكتوب، قبل حوالي خمسة آلاف عام. وعبر القرون جاءت جماعات أخرى متعددة إلى البرتغال. كان منهم الفينيقيون والقرطاجيون والسِّلت والإغريق والرومان، والقوط الغربيون، ومسلمو شمالي إفريقيا. واليوم فإن سكان البرتغال الحاليين مزيج من كل هذه العناصر. وارتحل إلى البرتغال منذ منتصف ستينيات القرن العشرين آلاف من السود من مستعمرات البرتغال الإفريقية السابقة. إلا أن هؤلاء السود يشكلون أقلية ضئيلة في البلاد.

سوق شعبي في مدينة صغيرة هي لولي يجذب المشترين الباحثين عن الفواكه والخضراوات الطازجة، وكثير من المزارعين البرتغاليين يعرضون محاصيلهم بانتظام في مثل هذه الأسواق.

أنماط المعيشة:

يعيش معظم البرتغاليين الريفيين في قرى صغيرة لصيد السمك، أو للزراعة. وقرى الصيد تمتد على طول الساحل. واعتمد سكان هذه المستوطنات على صيد السمك لكسب قوتهم ؛ فللرجال الجرأة على الإبحار في مياه المحيط الأطلسي العاتية في قوارب صغيرة لصيد السمك، بينما تقوم النساء والأطفال بأعمال روتينية لتنظيف السمك وإصلاح شباك الصيد.

ينتج المزارعون البرتغاليون عددًا من المحاصيل، ولكنهم يشتهرون أكثر بإنتاج الأعناب، التي تصنع منها الخمور.

ومع أن البرتغال مازالت بلدًا ريفيًا إلا أن مدنها، وبخاصة لشبونة، وبورتو تتطور بمعدل كبير ؛ ففي كل عام يتدفق على المناطق المتصلة بالمدن أعداد كبيرة من الريفيين بحثًا عن وظائف في مجال الصناعة أو أي نشاطات أخرى في المدن. وفي المدن البرتغالية مبانٍ يرقى عمرها إلى مئات السنين وبها شقق حديثة، وبنايات ومكاتب.

كثير من سكان البرتغال يعيشون في قرى زراعية صغيرة أو قرى لصيد السمك. فريق برتغالي لصيد السمك يستعد لمغادرة الشاطئ.
يتمتع البرتغاليون بروابط عائلية قويةاكتسبوها من المسلمين الأوائل، حيث يعيش، في بعض الأحيان، في البيت الواحد جيلان أو أكثر من العائلة ذاتها. ويميل الرجال والنساء القادمون إلى المدن من القرى إلى الاحتفاظ بعلاقات وطيدة مع أقربائهم في الموطن الأصلي.

يرتدي معظم البرتغاليين في المدن والقرى على حد سواء الملابس الأوروبية الحديثة، ولكن بعض الريفيين يلبسون أزياء مشابهة لملابس أجدادهم. ينتشر لدى الرجال البيريهات (جمع بيريه) والقلنسوات الطويلة، والقمصان الفضفاضة والسراويل الواسعة. تلبس كثير من النساء ملابس طويلة وشالات في بعض المناطق، ويرتدي البرتغالي الملابس السوداء أو المظللة تظليلاً معتمًا للقيام بالنشاطات اليومية. ولكنهم قد يلبسون الملابس ذات الألوان المبهجة في بعض المناسبات الخاصة.

تحتوي الأطعمة الرئيسية في البرتغال على لحم البقر، والخنزير، والدجاج، والسمك، وبخاصة السردين، والأرز والبطاطس. والطبق المفضل هو شريحة اللحم مع قطع بطاطس وفوقها بيضة.

يستمتع الناس بالنشاطات الترويحية مثل الأغاني الشعبية، ومصارعة الثيران، وكرة القدم. ومصارعة الثيران تختلف في البرتغال عما في أسبانيا وأمريكا اللاتينية في نقطة أساسية ؛ ففي أسبانيا وأمريكا اللاتينية تُقتل الثيران بعد المصارعة، ولكن في البرتغال لايحق قتل الثيران أثناء المصارعة.

اللغة:

اللغة البرتغالية هي اللغة الرسمية، وهي اللغة الواسعة الانتشار في البرتغال. واللغة البرتغالية كما هو الحال في اللغة الأسبانية هي إحدى اللغات الرومانسية التي انحدرت من اللغة اللاتينية. وتتشابه اللغتان البرتغالية والأسبانية في وجوه كثيرة.

الدين:

يتبع معظم البرتغاليين المذهب الروماني الكاثوليكي،وفي البلاد أيضًا جماعات صغيرة من المسلمين، واليهود، والبروتستانت. بقيت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حتى أوائل القرن العشرين تمارس تأثيرها بصفتها جزءًا من حكومة البرتغال القومية. وقد تم فصل الكنيسة عن الدولة عام 1911م. الديانة الكاثوليكية مهمة للبرتغاليين، وبالأخص للريفيين منهم. وفي مناطق ريفية كثيرة يؤدي القساوسة الكاثوليك دورًا رئيسيًا في الإدارة المحلية، وفي التعليم، وفي الحياة الاجتماعية. ومن الأنشطة المهمة في حياة الناس: الاحتفالات الكاثوليكية التقليدية، والمواكب، والزيارات. ويزور كل عام آلاف النصارى البلدة البرتغالية المسماة فاتيما. فهناك، يُزعم أن مريم العذراء ظهرت لثلاثة أطفال كانوا يرعون الأغنام في عام 1917م. ★ تَصَفح: فاتيما.

التعليم:

يعتبر نظام التعليم في البرتغال ضعيفًا مقارنة بمعظم أقطار غربي أوروبا، فنحو خُمس البالغين لايستطيعون القراءة أو الكتابة. وفقًا للقانون، على الأطفال البرتغاليين بين سن السادسة إلى الخامسة عشرة أن يلتحقوا بالمدارس، لكن كثيرا منهم يتركون الدراسة قبل سن الخامسة عشرة. وفي أغلب الأحيان، يكونون من أسر فقيرة يخرجون من المدرسة بحثًا عن العمل. التعليم المتوسط متوفر في جميع مناطق البرتغال، ولكن مناطق كثيرة في القطر لايوجد بها مدارس ثانوية. ويوجد في البرتغال 20 جامعة، فُتحت أربع منها بعد ثورة 1974م. الجامعة الكبرى هي جامعة لشبونة وعدد طلابها أكثر من ثمانية عشر ألف طالب. وأقدم جامعة في البرتغال مقرها في كويمبرا، ويتلقى أقل من 2% من السكان االتعليم الجامعي في البرتغال.

مصارعة الثيران تجتذب جماهير غفيرة في البرتغال. مصارعة الثيران البرتغالية تختلف عن مثيلاتها في أسبانيا وامريكا اللاتينية إذ لا يحق قتل الثور.

الفنون:

بدأ العصر الذهبي للفن البرتغالي خلال القرن الخامس عشر الميلادي، في ذات الوقت الذي ظهرت فيه البرتغال كقوة عالمية وبقي الوضع على ذلك حتى القرن السابع عشر. وتأثر الفن خلال هذه الفترة بالدين وأذواق الملوك وشغف البرتغاليين وحبهم للبحر.

شيّد المعماريون إبان العصر الذهبي الكنائس ونحتوا التماثيل، كما طور هؤلاء المعماريون والفنانون طرازًا ملفتًا للنظر تميز بالاستغراق في التزيين. وعُرف هذا الطراز المفصل والمحكم باسم المانويلي، نسبة إلى الملك مانويل الأول، الذي حكم في الفترة من 1495 إلى 1521م وكفل العديد من الفنانين تحت رعايته. والنموذج الشهير للفن المانويلي هو إطار نافذة كنيسة تومار، الذي تم تشكيله ليشبه المواد البحرية مثل المرجان (حجر قرنفلي)، والطحلب البحري، وشباك السفن وحبالها. ونال نونو غونزالفس شهرة في العصر الذهبي بفضل لوحاته التي رسمها للقديسين والملوك والأمراء. وكان أشهر عمل أدبي في العصر الذهبي هو أُس لوزياداس للكاتب لويز دي كامويس. نُشرت هذه الملحمة المطولة التي تحكي منجزات البرتغال التاريخية وأبطالها عام 1572م.

بعد حوالي عام 1800م، تنحَّى الفن الديني ليفسح المجال أمام الفن الذي يعكس الحياة اليومية. وأصبح البرتغاليون مشهورين بقصصهم، وشعرهم، والصور الكاريكاتورية السياسية.

للبرتغاليين ثروة من الفن الشعبي، وتتراوح أغانيهم الشعبية من الموسيقى الراقصة المرحة التي تدعى تشولا، وفيرا إلى الفادو وهي أغان حزينة تغنىَّ برفقة آلة الجيتار. وتحظى المصنوعات اليدوية البرتغالية مثل الأدوات الخزفية والدانتيل والكتان بشهرة واسعة في دول عديدة.

السطح والمناخ

تبلغ مساحة البرتغال 88,941كم². وهذه المساحة لاتشمل مجموعتي جُزر الآزور وماديرا. وتبلغ مساحة جزر الآزور 2,247كم² ومساحة ماديرا 794كم²، معظم أرض البرتغال مستوية نسبيًا وترتفع قليلا فوق مستوى سطح البحر. وتوجد سلاسل جبلية في الشمال الشرقي، وفي الوسط، وفي الجنوب الغربي من البرتغال.

السهول المستوية تغطي كثيراً من أرض البرتغال. في الجنوب الغربي من البرتغال، ترتفع السهول الساحلية لتلاقي الجبال في الهضاب الجنوبية.

الأقاليم الجغرافية:

يمكن تقسيم البرتغال إلى أربع أقاليم رئيسية: 1- السهول الساحلية، 2- الهضاب الشمالية، 3- السلسلة الجبلية الوسطى، 4- الهضاب الجنوبية. السهول الساحلية أرض مستوية تقع بمحاذاة الساحلين الغربي والجنوبي. في بعض المناطق، تضيق السهول، وفي أماكن أخرى تمتد إلى وسط الإقليم. وتقوم على هذه المنطقة قرى زراعية وقرى لصيد السمك. تقع المدن البرتغالية الرئيسية لشبونة وبورتو على ساحل المحيط الأطلسي.

أما الهضاب الشمالية والسلسلة الجبلية الوسطى، والهضاب الجنوبية، فإنها امتدادات لهضبة الميزيتا، تلك الهضبة الضخمة التي تغطي معظم أرض أسبانيا. تتكون المناطق في الغالب الأعم من سهول تقطعها سلاسل جبلية. وينتج المزارعون المحاصيل في هذه المناطق، ويربون الماشية في مناطق السهول. وفي الجبال توجد نسبة مئوية عالية من معادن البرتغال. تقع أعلى جبال البرتغال ضمن سلسلة جبال سييرا دي إستريلا. في إقليم السلسلة الجبلية الوسطى، ترتفع قمم الجبال أكثر من 1,800م فوق مستوى سطح البحر. أعلى جبل في البرتغال هو إستريلا الذي يرتفع 1,993م عن سطح البحر.

الأنهار:

يقطع البرتغال من الشرق إلى الغرب، نهران رئيسيان هما: دورو في الشمال، ونهر تاجو في وسط البلاد. يصب نهر دورو في المحيط الأطلسي ويصب نهر تاجو ـ الذي يجري في وسط البرتغال ـ في المحيط الأطلسي عند لشبونة، أما نهر جواديانا وهو نهر ثالث مهم، فيجري على جزء من الحدود بين البرتغال وأسبانيا في الجنوب الشرقي.

يقسم نهر تاجو البرتغال بطرق متعددة، فالمنطقة الواقعة شمال النهر أكثر برودة من الواقعة إلى الجنوب، والمنطقة الشمالية أكثر كثافة بالسكان، بينما المنطقة الجنوبية أقل كثافة. والمزارع في الشمال تميل إلى الصغر، في حين أن المزارع في الجنوب كبيرة. وإضافة إلى ذلك فإن أهل الأجزاء الواقعة في الشمال من نهر تاجو، في غالبيتهم، محافظون سياسيًا مقارنة بأولئك الذين يعيشون في جنوبي النهر. ★ تَصَفح : تاجو، نهر.

المناخ:

مناخ البرتغال معتدل وتسطع الشمس على معظم البلاد، وبخاصة في الجنوب. حيث يُهرع البرتغاليون إلى المنتجعات في الجنوب ليستمتعوا بالمناخ الدافئ المشمس في الشتاء.

يكون الطقس في الربيع والصيف حارًا وجافًا وقليل المطر أو بدون مطر بوجهٍ عام. أما في الخريف والشتاء، فإن الطقس يكون باردًا، ويسقط مطر غزير على معظم أنحاء البرتغال. المناطق الجنوبية من البرتغال لا تسقط عليها أي ثلوج، ولكن يسقط على المناطق الشمالية القليل منها. يغطي الثلج عمومًا القمم العالية لسلسلة جبال سييرا دي إستريلا لعدة شهور من كل سنة.

تتراوح معدلات درجات الحرارة في البرتغال من 21°م في يوليو إلى حوالي 10°م في يناير، ويبلغ معدل سقوط الأمطار 140سم في بعض الأجزاء الشمالية الداخلية، وحوالي 50سم في الساحل الجنوبي.

الاقتصاد

تحتل البرتغال إحدى المراتب الأكثر فقرًا بين الأقطار الأوروبية. وقد بدأ القطر منذ الستينيات من القرن العشرين يشهد نموًا اقتصاديًا. حتى منتصف القرن العشرين، كان اقتصاد البرتغال يقوم على الزراعة وصيد السمك بصورة أساسية، أما اليوم، فإن الصناعة هي العنصر الأهم في اقتصاد البرتغال، وتحتل حوالي 30% من إنتاج البرتغال الاقتصادي، بينما تمثل الزراعة وصيد السمك حوالي 10% من الاقتصاد. وتحتل صناعة الخدمات عمومًا حوالي 60% من الإنتاج الاقتصادي.

إنتاج المعادن والآلات أحد أنشطة البرتغاليين الرئيسية في الصناعة. عامل في مصنع بلشبونة يقطع صفيحة كبيرة من المعدن وفق حجم معين وشكل معين.

الموارد الطبيعية:

توجد في البرتغال بعض الموارد الطبيعية الثمينة، ولكنها لم تستثمر بعد على نطاق واسع. أكثر المعادن التي جرى استغلالها هو حجر البناء، الذي يوجد في جميع مناطق البلاد. أما رخام الزينة فهو أغلى حجارة البناء المنتجة في البرتغال، كما يوجد في البرتغال ترسُّبات فحم حجري، ونحاس، وخام التنجستن.

تُغطي الغابات ثلث البرتغال، وتنتشر غابات الصنوبر الكثيفة في الشمال. أما غابات شجر بلوط الفلين في وسط البرتغال وفي جنوبه فإنها تنتج كميات كبيرة من الفلين. تمد أنهار البرتغال، وبخاصة دورو وتاجو، البلاد بالقدرة الكهرومائية. ويمثل المحيط الأطلسي مصدرا مهمًا للدخل، فقد اعتمد كثير من البرتغاليين منذ وقت طويل، على سمك المحيط الأطلسي مصدرًا لرزقهم.

الصناعات الخدمية:

الوظائف الحكومية والتجارة يمثلان أهم أنشطة الخدمات في البرتغال. تسيطر الحكومة الفيدرالية بإحكام على أنشطة متعددة، بما في ذلك المصارف، وتصنيع المعادن، والمصالح العامة. تنتفع المؤسسات التجارية التي تبيع بالتجزئة من أعداد السياح الكبيرة التي تزور البرتغال. وتشتمل الخدمات الأخرى على التعليم والرعاية الصحية.

التصنيع:

تتصدر صناعة المنسوجات كل المصنوعات الأخرى في البرتغال، وتعد الأقمشة القطنية أهم منتجات الدولة من المنسوجات. ومن أهم المصنوعات الأخرى منتجات الغذاء، ومنتجات الورق والآلات الكهربائية. تشتمل الصناعات الغذائية في البرتغال على تعبئة اللحم، وإنتاج الغذاء الحيواني، والسردين المعلب، بالإضافة إلى المنتجات الخزفية، ومنتجات الفلين، والأحذية، والسماد.

الأرض المزروعة تغطي معظم البرتغال. حاصلات البرتغال الزراعية تشمل العنب، والزيتون، والطماطم.

الزراعة وصيد السمك:

تتم زراعة الكروم على أودية الأنهار التي تخترق أرض البرتغال. وتشتمل المحاصيل الأخرى التي تنتجها البرتغال على اللوز، والذرة الشامية، والزيتون، والبطاطس، والأرز، والطماطم، والقمح، ويربي المزارعون الأبقار، والدجاج، والخنازير، والأغنام. يصيد الصيادون سمك القد، والسردين، والتونة وأنواعًا أخرى من السمك.

معظم مزارع المحاصيل في البرتغال صغيرة الحجم. ويملك أغلب المزارعين الأرض التي يفلحونها. ولكن بعض المزارع، وخصوصًا في الجنوب، مزارع جماعية تمتلكها الدولة. وهناك عدد كبير من المزارعين البرتغاليين لايزالون يستخدمون الأساليب والمعدات القديمة، ولكن استخدام أساليب الزراعة الحديثة ومعداتها ازداد كثيرًا بدءًا من ثمانينيات القرن العشرين.

التجارة الخارجية:

تشمل صادرات البرتغال الرئيسية، الملابس والمنسوجات، والفلين، والورق، والخمور. ويستورد القطر كميات كبيرة من الكيميائيات، والحبوب، والحديد، والفولاذ، والنفط ومنتجاته، وخيوط النسيج والغزل، وتجهيزات المواصلات.

منذ عام 1959م إلى 1986م كانت البرتغال عضوًا في اتحاد التجارة الحرة الأوروبي. وفي عام 1986م تركت البرتغال اتحاد التجارة الحرة الأوروبي، وانضمت إلى المجموعة الأوروبية (أطلق عليها الاتحاد الأوروبي منذ 1993م). وألمانيا ـ عضو الاتحاد الأوروبي ـ هي الشريك التجاري الرئيسي للبرتغال. وللبرتغال علاقات تجارية قوية مع أعضاء آخرين في المجموعة الأوروبية بما في ذلك فرنسا، وبريطانيا، وأسبانيا، وأقطار أوروبية أخرى. كما أن للبرتغال علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

النقل:

تربط مناطق البرتغال بعضها ببعض شبكة من خطوط السكك الحديدية تمتلكها الحكومة القومية التي تدير شبكة السكك الحديدية الرئيسية. كما تمتلك الحكومة وتدير خطوط الطيران القومية، (طيران البرتغال). ومطار لشبونة هو المطار الدولي الرئيسي. ولشبونة أيضًا ميناء القطر الرئيسي.

يوجد في البرتغال ما معدله سيارة لكل سبعة أشخاص. تقوم السيارات والحافلات، وعربات الترام الكهربائية بتأمين المواصلات في المدن. ولايزال بعض الناس في المناطق الريفية يستخدمون عربات تجرها الثيران، أو الخيول، أو البغال.

الاتصالات:

تمتلك الحكومة وتدير أنظمة الهاتف، والبرق، والبريد في البرتغال. يوجد في البرتغال ما معدله حوالي مذياع لكل خمسة أشخاص، وتلفاز لكل ستة أشخاص. يشاهد كثير من البرتغاليين التلفاز في الأماكن العامة مثل المطاعم، والحانات، والدكاكين. يوجد في البرتغال حوالي 25 جريدة يومية. وتشمل الجرائد الرسمية كوريو دامانها في لشبونة، وجورنال دي نوتسياس في بورتو.

نبذة تاريخية

عاش إنسان ماقبل التاريخ على وجه الاحتمال فيما يعرف الآن بالبرتغال قبل أكثر من مائة ألف عام. ولكن السكان المعروفين في المنطقة كانوا ينتمون إلى قبيلة الأيبيريين، الذين عاشوا في شبه جزيرة أيبيريا ـ البرتغال حاليًا ـ وأسبانيا على الأقل منذ خمسة آلاف عام مضت.

احتلت جماعات كثيرة شبه جزيرة أيبيريا في العصور القديمة. فقد أقام الفينيقيون ـ الذين قَدموا من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ـ مستوطنات لهم فيها في القرن الحادي عشر قبل الميلاد. و أقام السِّلت من شمالي أوروبا فيها خلال القرن العاشر قبل الميلاد. ووصل إليها الإغريق في القرن السابع قبل الميلاد، واستولى القرطاجيون الأشداء الذين قدموا من مدينة قرطاج في الشمال الإفريقي على معظم شبه جزيرة أيبيريا خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

الحكم الروماني:

في عام 201 ق.م هزمت الإمبراطورية الرومانية الفتية قرطاج في الحرب البونية الثانية. وكجزء من تسوية سلمية، استعادت روما سيطرتها على شبه جزيرة أيبيريا. وتدريجيًا احتل الرومان شبه الجزيرة، ثم احتلوا مايعرف اليوم بالبرتغال في أيام المسيح عليه السلام.

عمّر الرومان مايعرف اليوم بالبرتغال، وأسسوا فيها المدن وشبكة من الطرق. وأصبحت اللغة اللاتينية التي استعملها الرومان أساس اللغتين البرتغالية والأسبانية. واعتمدت الإمبراطورية الرومانية النصرانية دينًا رسميًا لها في أواخر القرن الرابع الميلادي. وبدأت البرتغال تتطور تحت الحكم الروماني لتصبح أرضًا نصرانية، وأطلق الرومان على الجزء البرتغالي من شبه جزيرة أيبيريا اسم لوسيتانيا.

القوط الغربيون والمسلمون:

اندفعت قبائل جرمانية عبر الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي، وكانت من عوامل انهيارها في عام 476م. واحتل القوط الغربيون ـ إحدى هذه القبائل وكانوا يدينون بالنصرانية ـ شبه جزيرة أيبيريا، وبقيت البرتغال أرضًا نصرانية تحت حكمهم.

في بواكير القرن الثامن الميلادي، نهاية القرن الأول الهجري فتح المسلمون معظم مايعرف اليوم بالبرتغال وأسبانيا. وأثروا في الحضارة البرتغالية من نواحٍ شتّى، فقد أنشأوا المباني على الطراز الإسلامي، وطوروا التعليم، وأنظمة الطرق.

إمبراطورية البرتغال في منتصف القرن السادس عشر في أوج القوة القومية، اشتملت على مستعمرات في مناطق متعددة من العالم. الخريطة تبين هذه المستعمرات في حكمتها البرتغال.

تأسيس الدولة البرتغالية:

انضم هنري البرغندي، أحد النبلاء الفرنسيين، إلى نصارى شبه جزيرة أيبيريا في حربهم ضد المسلمين. كافأ ألفونسو السادس ملك أسبانيا، هنري بمنحه إقليمي بورتو وكويمبرا فيما يعرف اليوم بشمالي البرتغال. وأطلق ألفونسو على هنري لقب كونت البرتغال. وكانت البرتغال آنذاك جزءًا من أسبانيا.

ولقد حقق ألفونسو هنريك، ابن هنري ملك برغنديا، انتصارات عديدة على المسلمين. وفي عام 1143م منح لقب ملك البرتغال، وأسس البرتغال مملكة مستقلة عن أسبانيا التي بقي فيها المسلمون حتى عام 900هـ، 1494م.

في عام 1385م جاءت إلى عرش البرتغال أسرة ملكية جديدة، هي عائلة أفيز، وأصبح الملك جون الأول أول ملك أفيزي. هزمت جيوشه القوات الأسبانية وساعدت في تأمين استقلال البرتغال من جارتها القوية في الشرق. عقد الملك جون تحالفًا مع إنجلترا لايزال قائمًا، ويعد أقدم تحالف سياسي قائم في أوروبا.

عصر الاكتشافات:

كان التجار وصيادو السمك البرتغاليون قد أبحروا بعيدًا عن موطنهم في عمق المحيط الأطلسي قبل القرن الخامس عشر الميلادي. وما أن حل هذا القرن حتى تجمع لدى البرتغاليين قدر كبير من المعلومات عن البحر. وكانوا قد أتقنوا مهارات الملاحة البحرية والمقدرة على بناء سفن قادرة على الإبحار بعيدًا.

برز اسم هنري الملاح ابن الملك جون الأول، كشخصية قيادية في بروز البرتغال. ولم يذهب بنفسه في رحلة بحرية، لكن دراساته أسهمت في خبرات البرتغاليين البحرية، فقد كان يشجع ويدعم كثيرًا من الاكتشافات.

وصل البحارة البرتغاليون إلى جزر ماديرا عام 1419م والآزور عام 1431م. وعند وفاة هنري الملاح عام 1460م، كان البرتغاليون قد اكتشفوا الساحل الإفريقي الغربي وتوغلوا إلى الجنوب حيث وصلوا إلى ما يسمى اليوم سيراليون. في عام 1488م أبحر مركب برتغالي يقوده بارتلوميو دياز حول رأس الرجاء الصالح، في الطرف الجنوبي لإفريقيا. كانت الرحلة أول عمل يقوم به الأوروبيون في الدوران حول هذه النقطة. أصبح مانويل الأول المسمى مانويل المحظوظ، ملك البرتغال. وفي عام 1495م قرر زيادة قوة بلاده وأهميتها بأن يدعم رحلة بحرية جريئة للدوران حول جنوبي إفريقيا حتى آسيا. تسلم فاسكو داجاما هذه المهمة عام 1497م وقاد أربع سفن حول رأس الرجاء الصالح، ووصل الهند عام 1498م وأرسل مانويل بعدها بدرو ألفاريز كابرال ليتبع طريق داجاما، ولكن كابرال خرج عن المسار. في عام 1500م، وصل أسطوله إلى الساحل الشرقي لما يسمى اليوم البرازيل. وصل البرتغاليون أيضًا إلى شواطئ إفريقيا وشبه الجزيرة العربية والجزر الماليزية، وجزر الهند الشرقية، وإلى الشرق.

الإمبراطورية والثروة:

اندفع المستوطنون والجنود البرتغاليون المكتشفون يؤسسون المستعمرات. وما أن جاء منتصف القرن السادس عشر حتى كان تحت سيطرة البرتغاليين إمبراطورية شاسعة فيما وراء البحار، شملت مستعمرات مايعرف اليوم بالأقطار الإفريقية : أنجولا، وكيب فيرد، وغينيا بيساو، وموزمبيق، وساوتومي، وبرنسيب. وشملت البرازيل، وماليزيا، وإندونيسيا، والصين.

كسبت البرتغال ثروة كبيرة من مصادرها في المستعمرات. فقد ربحت من تجارة البهارات في آسيا. وحصلت على الذهب من إفريقيا واشتركت في تجارة الرق. وحصلت الإمبراطورية البرتغالية على أراض جديدة. أنتج المزارعون البرتغاليون في البرازيل، وإفريقيا، وفي الأماكن الأخرى، الحاصلات التي أضافت قوة إلى اقتصاد البلاد.

سنوات الانحطاط:

ظلت البرتغال متمسكة بإمبراطوريتها حتى القرن العشرين، وعلى أي حال فإن القطر تراجع كقوة اقتصادية وقوة عالمية في وقت مبكر.

وبمراجعة تاريخ الإمبراطورية منذ القرن السادس عشر يتبين أنه كانت هناك علامات على أن البرتغال اتسعت أكبر من حجمها. واكتشفت الدولة الصغيرة أنها تملك سفنًا قليلة، ومستوطنين، وجنودًا، وبحارة أقل مما يتيح لها إدارة الإمبراطورية الشاسعة الأطراف وتأمين الحماية لها.

في خلال القرن السابع عشر، بدأت الدول الأوروبية المنافسة، بما في ذلك إنجلترا، وهولندا، وفرنسا، تسيطر على أجزاء من الإمبراطورية.

شاركت السياسات الداخلية ونتائج محاكم التفتيش في عوامل انحطاط البرتغال. واكتسب ملوكها قوة كبيرة، وحكموا الناس حكمًا قاسيًا. وكانت محاكم التفتيش محاولة من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية لإنهاء الإلحاد (الهرطقة)، وبالإضافة إلى ذلك ألحقت أضرارًا جسيمة بالتطور الثقافي والاقتصادي للبلاد.

الفتح الأسباني:

احتلت أسبانيا البرتغال عام 1580م، وحكمت القطر ستين عامًا. في عام 1640م قاد جون دوق براجانزا عصيانًا أخرج فيه الأسبان واستعاد استقلال البرتغال. أصبح جون أول ملك من عائلة براجانزا، آخر سلالات ملوك البرتغال. أخذ جون هذا لقب جون الرابع.

نهضة محدودة:

دخلت البرتغال فترة انتعاش اقتصادي في حوالي سنة 1660م ؛ إذ أضافت ثروات من مستعمراتها في البرازيل مثل الذهب والماس، والحاصلات الزراعية إضافة كبيرة إلى اقتصاد القطر. كما ساعدتها المعاهدة التجارية، مع إنجلترا في عام 1703م، والمسماة معاهدة ميثيون التي ضمنت استقرارًا تجاريًا عاد بالنفع على البلدين.

كذلك ساعدت بريطانيا البرتغال في تأكيد وضعها بصفتها دولة مستقلة. حاولت أسبانيا استعادة سيطرتها على البرتغال لكن إنجلترا ـ بصفتها عدوا لأسبانيا ـ تعهدت بتقديم الدعم للبرتغال ضد الغزاة. بين عام 1703م ومنتصف القرن التاسع عشر، قام الإنجليز مرات متعددة بمحاولات لحماية البرتغال من محاولات غزو، وتهديدات أسبانيا أو حليفاتها. احتلت القوات الفرنسية، تحت إمرة نابليون الأول، البرتغال عام 1807م. لكن إنجلترا حشدت جيشًا بقيادة دوق ولنجتون وتمكن أخيرًا من طرد القوات الفرنسية من البرتغال عام 1811م. وهذه الفترة القصيرة التي حكم فيها الفرنسيون البرتغال كانت آخر مرة تخضع فيها البرتغال لحكم أجنبي.

الملكية الضعيفة:

هرب الملك جون السادس ملك البرتغال إلى البرازيل أثناء الاحتلال الفرنسي للبلاد. وعاد إلى البرتغال عام 1821م. وبمرور الوقت، تنامت روح الإصلاح السياسي قوية في أوروبا، وطلب كثير من البرتغاليين حكومة أكثر تمثيلاً للشعب وتحديد سلطات الملك. ثار الضباط في الجيش البرتغالي عام 1820م. وفي عام 1821م، وافق الملك جون السادس على دستور يعطي بعض التمثيل الحكومي.

في عام 1822م، تلقت الإمبراطورية البرتغالية ضربة قوية، إذ أعلنت البرازيل، أغنى جزء في الإمبراطورية، استقلالها. ★ تَصَفح: البرازيل.

جمهورية البرتغال الأولى:

لم تتقدم البرتغال إلى الأمام إلا قليلاً خلال أعوام كثيرة على طريق التمثيل الحكومي. بقيت الملكية قوية ولم يكن للناس إلا أصوات قليلة تمثلهم في الحكومة. ونمت المعارضة للحكومة وتزايدت عام 1908م. قُتل الملك كارلوس الأول وابنه الأكبر في لشبونة على أيدي الثوريين الذين أرادوا إنهاء الملكية. وتسلم العرش مانويل الثاني، الابن الأصغر للملك كارلوس، ولكن الثوريين أطاحوا به عام 1910م وأسسوا جمهورية البرتغال.

فشلت المحاولة الأولى في البرتغال لتطبيق الديمقراطية البرلمانية. وتميزت هذه الفترة بتدخلات حكومية كثيرة في المجتمع وعدم الاستقرار السياسي ؛ فقد شهدت البلاد 45 حكومة مختلفة في فترة خمسة عشر عامًا. وواجه قادة الجمهورية اضطرابات عمالية، وثورات قام بها العسكريون والمدنيون. وحاربت البرتغال إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م)، وأثقلت أعباء الحرب كاهلها الاقتصادي المهزوز.

دكتاتورية سالازار:

أطاح ضباط الجيش عام 1926م بحكومة البرتغال المدنية، وألغوا البرلمان، وعلقوا الحقوق المدنية، وأقاموا الحكم الدكتاتوري. لم يكن الضباط بقادرين على حل مشكلات البلاد الاقتصادية. واختاروا عام 1928م، أنطونيو دي أوليفيرا سالازار الخبير الاقتصادي ليكون وزيرًا للمالية. ولكن دور سالازار جاوز بعيدًا الأمور المالية ؛ حيث سيطر على الحكومة وبدأ يحكم بصفته دكتاتورًا، وأصبح رئيسًا للوزارء عام 1932م.

كانت حكومة سالازار من الجناح اليميني (المحافظ) الدكتاتوري. أعطت للناس حقوقًا قليلة، وأقامت منظمة سرية للشرطة لتسحق كل معارضة. كانت سياسات سالازار الاقتصادية سببًا في ثراء الأغنياء، ولكن الفقر انتشر إبان حكمه الدكتاتوري.

وفي منتصف القرن العشرين، بدأت معظم الدول الأوروبية تمنح مستعمراتها الاستقلال. ولكن سالازار رفض أن تتخلى البرتغال عن بقية مستعمراتها رغم مطالب سكان هذه المستعمرات ونداءات الأمم المتحدة. استمر سالازار في التأكيد على وحدة البرتغال ومستعمراتها، بحيث أُطلق عليها بعد عام 1951م اسم ولايات ما وراء البحار. وفي عام 1961م، أجبرت الكتائب الهندية البرتغال على التنازل عن آخر ممتلكاتها الاستعمارية في الهند. وفي الوقت نفسه تقريبًا بدأ المتمردون في المستعمرات البرتغالية السوداء في إفريقيا وأنجولا وموزمبيق وغينيا البرتغالية (غينيا بيساو الآن) صراعات مسلحة ضد الحكام البرتغاليين. وأرسلت البرتغال كتائب لمحاربة المتمردين. قُتل الآلاف من الطرفين، وأنهكت أعباء الحرب الاقتصاد البرتغالي. أصيب سالازار بأزمة قلبية عام 1968م أنهت حياته العامة الطويلة ومات بعد عامين. وخلفه مارسيللو كيتانو حاكمًا للبرتغال عام 1968م. اتخذ كيتانو خطوات لتلطيف آثار الحكم الدكتاتوري القاسي، ولكن لم يكن هذا كافيًا ليرضي الكثير من البرتغاليين.

ثورة عام 1974م. أطاح ضباط الجيش بالحكم الاستبدادي عام 1974م وسمُّوا ثورتهم حركة القوات المسلحة. ألغت الحركة الشرطة السّرّية، وأرجعت الحقوق للناس، وأسست حكومة انتقالية لإدارة شؤون القطر.

وكجزء من الإصلاحات، سُمح للأحزاب السياسية في البرتغال بممارسة نشاطها لأول مرة منذ ثلاثينيات القرن العشرين. حاولت الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والأحزاب التي آثرت الاقتصاد الحر، السيطرة على الحكومة الجديدة. وبين عامي 1974م و 1975م نشب العنف بين البرتغاليين ذوي الآراء السياسية المختلفة.

نهاية الإمبراطورية:

قامت حكومة البرتغال الجديدة بإنهاء سيطرتها على المستعمرات. ومنحت غينيا البرتغالية استقلالها تحت اسم غينيا بيساو عام 1974م. كذلك نالت كل من أنجولا، والرأس الأخضر(كيب فيرد)، وموزمبيق، وساوتومي، وبرنسيب ـ وهي أيضًا في إفريقيا ـ استقلالها عن البرتغال عام 1975م. وفي عام 1976م سيطرت إندونيسيا على المستعمرة البرتغالية تيمور في جزر الهند الشرقية، وهكذا عاد حكم البرتغال ليحكم الأرض الأم وجزيرتي الآزور وماديرا. ولها منطقة صغيرة اسمها ماكاو على ساحل الصين الجنوبي، ولكن سيطرتها عليها في واقع الأمر ضعيفة.

البرتغال اليوم:

في عام 1976م أجرت البرتغال أول انتخاب عام، لأول مرة، منذ خمسين عامًا. تمخضت الانتخابات عن تأسيس جماعة عُرفت باسم الجمعية التأسيسية لوضع دستور للبلاد. اختار الناخبون برلمانًا ورئيسًا. يرأس الحكومة رئيس الوزراء، الذي هو في العادة، قائد الحزب السياسي ذي المقاعد الأكثر في البرلمان. احتفظ العسكريون البرتغاليون بدور استشاري في الحكومة وذلك حتى عام 1982م.

ومنذ عام 1976م تبادلت السيطرة على الحكومة البرتغالية قوى مختلفة. فالأحزاب السياسية مثل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، والحزب الاشتراكي، وجدوا أنه من الأجدى لهم أن يشكلوا ائتلافًا واحدًا. مثل هذه الائتلافات قادرة على كسب عدد من المقاعد في البرلمان للسيطرة على الحكومة.

في عام 1986م انضمت البرتغال إلى المجموعة الأوروبية. ومنذ عام 1959م، وحتى انضمامها إلى المجموعة الأوروبية، كانت البرتغال عضوًا في اتحاد التجارة الحرة الأوروبي. وفي عام 1993م، أصبحت البرتغال عضوًا في الاتحاد الأوروبي وهو منظمة اقتصادية سياسية استوعبت المجموعة الأوروبية. وفي 14 يناير 1996م، ألحق خورخي سامبايو زعيم الحزب الاشتراكي هزيمة كبيرة، في الانتخابات الرئاسية، بأنيبال كافاكو سيلفا زعيم حزب يمين الوسط الاشتراكي الديمقراطي وأصبح رئيسًا للبلاد. تم إعادة انتخاب سامبايو مرة أخرى عام 2001م، قبل أن يفوز الاشتراكيون الديمقراطيون بمعظم مقالد البرلمان في انتخابات عام 2002م.