الرئيسيةبحث

فرنسا الجديدة ( New France )



مدينة كويبك كانت تقوم بمهام العاصمة لفرنسا الجديدة. وكانت مركزًا تجاريًا ودينيًا أيضًا. ويوضح هذا النقش من القرن الثامن عشر الميلادي منظر المدينة من نهر سانت لورنس.
فرنسا الجديدة هي الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية (سابقًا) في أمريكا الشمالية. بدأت الإمبراطورية في مطلع القرن السابع عشر الميلادي واستمرت نحو 150عامًا. حيث بلغت أوجها في مطلع القرن الثامن عشر الميلادي. ضمت فرنسا الجديدة ثلاث مستعمرات هي: كندا، أكاديا لويزيانا. شملت أكاديا وكندا معظم مايعرف الآن بشرقي كندا، وتقع لويزيانا عند وادي نهر المسيسيبي فيما يعرف الآن بالولايات المتحدة.

يشير مصطلح فرنسا الجديدة غالبًا إلى مستعمرة كندا فقط، حيث عاش فيها نحو 75% من مستوطني الإمبراطورية. خسرت فرنسا هذا الإقليم لصالح بريطانيا في حرب السنوات السبع (1756-1763م) إلا أن التأثير الفرنسي على الثقافة الكندية ظل قويًا حتى اليوم. ويقطن اليوم نحو ستة ملايين كندي في كويبك وأونتاريو، وفي نيو برونسوك يتحدثون الفرنسية. وتعد الفرنسية إلى جانب الإنجليزية لغة رسمية في كندا.

الاكتشاف والاستيطان:

جاءت أول بعثة استكشافية فرنسية رسمية إلى أمريكا الشمالية عام 1524م. في ذلك العام قام البحار الإيطالي جوفاني دا فيراتزانو باسم الملك فرانسيس الأول ملك فرنسا، باكتشاف الساحل الأطلسي. وأبحر المكتشف الفرنسي جاك كارتييه، إلى كندا في أعوام 1534 و1535و1541م. وبذا أصبح أول أوروبي يصل إلى خليج سانت لورنس وأعلن كارتييه المنطقة المحيطة بخليج سانت لورنس لصالح فرنسا. بدأ الصيادون الفرنسيون خلال القرن السادس عشر الميلادي في إلقاء شباكهم خارج الساحل الذي يعرف الآن بنيوفاوندلاند، وبدأوا في الاتجار في الغلايات والسكاكين وبعض السلع الأوروبية الأخرى مع الهنود المحليين في مقابل الفراء. وأصبحت أسعار الفراء الكندية وبخاصة فراء القندس في ازدياد مطرد وذلك بسبب ازدياد شعبية قبعات الفراء في أوروبا.

وفي عام 1604م، أنشأ المكتشفون الفرنسيون، بيير دي غوا، وسير دو مونتس وصمويل دي شامبلين مستعمرة أكاديا على امتداد الساحل الأطلسي. وأسس شامبلين مستوطنة كويبك على امتداد نهر سانت لورنس في عام 1608م. وبعد ذلك بقليل، أنشأ تجار الفراء الفرنسيون مستوطنات أخرى على نهر سانت لورنس وأنشأت البعثات التنصيرية الرومانية الكاثوليكية مدينة مونتريال عام 1642م والتي سميت في البداية فيل ماري.

نمت فرنسا الجديدة ببطء، وكان بها بضعة آلاف من المستوطنين بحلول عام 1660م. وفي عام 1663م، جعل الملك لويس الرابع عشر فرنسا الجديدة مقاطعة ملكية أو مستعمرة لفرنسا. خلال الفترة مابين عامي 1665 و1672م، بعث الملك إلى هناك نحو 2,500 مستوطن وكان من بينهم العديد من النساء المراد تزويجهن بالجنود والمستوطنين الذين حلوا بالمستعمرة من قبل.

صار لوي دو بواد، وهو كونت فرنتناك، الحاكم العام لفرنسا الجديدة في عام 1672م. شجع دو بواد تجار الفراء والمكتشفين على المساعدة في توسيع المستعمرة. فبدأ التجار آنذاك في إنشاء عدد من النقاط على امتداد البحيرات العظمى وخليج هدسون. وفي عام 1672م أيضًا كان المكتشف الكندي الفرنسي لويس جوليت والمنصِّر الفرنسي جاك ماركت أول البيض الذين يكتشفون أعالي نهر المسيسيبي، كما تتبع المكتشف الفرنسي رينيه روبرت كافلييه، سيور دو لاسال، نهر المسيسيبي إلى خليج المكسيك في عام 1682م وأعلن سيادة فرنسا على وادي النهر، وسماه لويزيانا تخليدًا للملك لويس الرابع عشر.

أنشأ بيير لو موين، سير دي أبرفيل، في عام 1699م مستعمرة لويزيانا. شيد الفرنسيون بعد ذلك سلسلة من الحصون لربط لويزيانا بباقي فرنسا الجديدة. وارتفع عدد سكان فرنسا الجديدة من 25 ألفًا تقريبًا في عام 1720م إلى نحو 65 ألفًا في عام 1760م.

الحياة في المستعمرة:

كان كبار المسؤولين الحاكمين للمقاطعة الحاكم العام، والمحافظ. ويقوم الحاكم العام بالإشراف على الجيش والعلاقات مع الهنود ويقوم المحافظ بالإشراف المالي وتنفيذ القانون والمسائل المحلية الأخرى.

كانت تجارة الفراء النشاط الاقتصادي الرئيسي في فرنسا الجديدة. وكان العديد من المستعمرين صغار السن من سكان الحدود الذين اعتمدوا على تجارة الفراء في كسب عيشهم، وكانوا يسمون الكورير دو بوا بالفرنسية (أي متشردي الغابة). وأصبح معظمهم زرَّاعًا بعد زواجهم، وزادت أهمية الزراعة كنشاط اقتصادي وقام الزرَّاع بتربية الماشية وزرعوا، في المقام الأول، القمح والشوفان وتطور أيضًا قطع الأخشاب وصيد الأسماك إلى صناعات مهمة، بالإضافة إلى ذلك كانت في المستعمرة صناعات أخرى كأعمال الحديد وإنتاج الجعة وصناعة السفن.

ووفقًا للقانون كان جميع المستعمرين من الرومان الكاثوليك، وأدت الكنيسة الكاثوليكية دورًا رئيسيًا في فرنسا الجديدة وأدارت الراهبات المستشفيات والمدارس في المدن. كانت مدن كويبك ومونتريال وتروا ريفيير، مراكز للتجارة والثقافة. وكان مسؤولو الحكومة والكنيسة وملاك الأراضي الأثرياء يسكنون في مساكن فخمة من الحجر أما التجار والحرفيون، فقد كانت لديهم مساكن أصغر حجمًا ومن الحجر أيضًا. عاش المزارعون في أقسام من الأراضي سميت أراضي السادة. منح ملك فرنسا هذه الأراضي للنبلاء والجماعات الدينية وضباط الجيش والتجار الذين كانوا يؤجرونها للمزارعين. وكان ملاك الأراضي يوفرون للفلاحين مطاحن الدقيق والكنائس. وكان معظم الفلاحين يعيشون في غرفة أو غرفتين من غرف الأكواخ الخشبية.

كان سكان المدن والمزارعون في فرنسا الجديدة يتمتعون في الغالب بحفلات الرقص وبالمناسبات الاجتماعية السعيدة الأخرى. بينما كان أفراد الطبقة العليا عادة مايحضرون الحفلات الكبيرة التي تقام في مقر الحاكم العام. وخلال الشتاء كان المستعمرون يقيمون سباقات الخيل وحفلات التزلج على الأنهار المتجمدة.

الاحتلال البريطاني:

بدأ المستوطنون الفرنسيون والإنجليز في الاقتتال من أجل السيطرة على تجارة الفراء في وادي نهر سانت لورنس في مطلع القرن السابع عشر الميلادي.

ونمت المستعمرات الإنجليزية على امتداد الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية. وأثار التوسع الفرنسي خلال القرن السابع عشر الميلادي غضب المستعمرين الإنجليز الذين كانوا يريدون أيضًا التوسع غربًا.

اقتتل أفراد الجماعتين وحلفاؤهم من الهنود في سلسلة من الحروب خلال الفترة من عام 1689 إلى 1763م. كسبت بريطانيا نيوفاوندلاند وإقليم نوفا سكوتيا من أكاديا والأراضي الفرنسية حول خليج هدسون، وذلك بموجب معاهدة أوترخت عام 1713م. شيّد الفرنسيون خلال الأعوام الثلاثين التالية الحصون في وادي أوهايو وعبر الأجزاء الجنوبية لما يعرف الآن بمقاطعات مانيتوبا وأونتاريو وساسكاتشوان الكندية.

اندلع القتال مرة أخرى في عام 1744م واحتل المستعمرون البريطانيون قلعة لويزبورج الفرنسية في جزيرة كيب بريتون في عام 1745م إلا أن الفرنسيين استعادوها عام 1748م.

نشب القتال الأخير عام 1754م وعُرف في الولايات المتحدة بالحرب الفرنسية الهندية. امتد الصراع عام 1756م إلى أوروبا وعرف هناك باسم حرب السنوات السبع. كان الفرنسيون منتصرين حتى عام 1758م، حين احتلت القوات البريطانية لويزبورج، والعديد من الحصون الرئيسية داخل البلاد. واحتل البريطانيون كويبك عام 1759م. وقد توقف القتال عندما استولى البريطانيون على مونتريال في سبتمبر عام 1760م. وتخلت فرنسا عن كندا وجزء من لويزيانا لصالح بريطانيا وذلك بموجب معاهدة باريس عام 1763م. وكانت قد تخلت عن باقي لويزيانا لصالح أسبانيا عام 1762م. واستعادت فرنسا لويزيانا من أسبانيا في أوائل القرن التاسع عشر، ثم باعتها للولايات المتحدة عام 1803م.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية