الرئيسيةبحث

المغولية، الإمبراطورية ( Mongol Empire )



المغولية، الإمبراطورية. كانت الإمبراطورية المغوليَّة أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ، امتدت أراضيها من البحر الأصفر في آسيا الشرقية إلى حدود أوروبا الشرقية، وشملت في بعض الأحيان الصين، كوريا، منغوليا، فارس (إيران)، تركستان، أرمينيا، ونواحي من بورما، فيتنام، تايلاند، وروسيا. وبسبب هذا الامتداد الشاسع فقد أسهمت هذه الإمبراطورية إسهامًا ملموسًا في اتصال الأمم والشعوب بعضها ببعض، وذلك عن طريق الهجرات والتجارة، وبفضل الطرق التي ربطت أجزاء الإمبراطورية المختلفة، ومكنت من انتقال بعض المعارف والفنون من مكان لآخر. فمثلاً شهد العهد المغولي انتقال فن الطباعة، وصناعة الورق وكذلك البارود من الصين إلى أوروبا الغربية.

الإمبراطورية المبكرة

خريطة للإمبراطورية المغولية توضح توسعها في عهد جنكيزخان، ومن خلفه من الخانات مثل قبلاي خان.
ينحدر المغول من قبائل بدوية عاشت في منغوليا، ومنشوريا وسيبريا، وعرفوا بتربيتهم للخيل والجمال والثيران والغنم، وبأنهم جند متميزون يحسنون ركوب الخيل واستعمال القسي والسهام. وقد عرفوا فيما بعد بالتتار، كما اشتهروا بأنهم من أكثر الفاتحين وحشية في التاريخ.

جنكيز خان:

كان أول من وحدهم وجعل منهم قبائل محاربة ذات شأن، واستطاع بهم أن يبدأ فترة فتوحات متميزة استمرت حتى موته في عام 1227م، كذلك استطاع جنكيزخان وجيشه الجديد أن يجيدوا فن الحصار الذي كان السبب المباشر في كثير من انتصاراته.

الغزوات:

تركزت فتوحات جنكيزخان الأولى في جنوبي الصين وشماليها. ثم تحول إلى أواسط آسيا، وشرقي أوروبا حيث زحفت جنوده على سهول روسيا، واقتربت من فارس ثم القسطنطينية، فأشاع الكثير من الدمار والخراب في كل تلك الأراضي، فكان مثلاً يستأصل سكان المدن التي قاومته قتلاً، فيفنيهم عن آخرهم، كما أنه ترك منطقة شمالي الصين خرابًا، حيث كان الراكب يسير لمسافات طويلة دون رؤية أثر للحياة.

خلفه ابنه أوقتاي خان في 1227م، والذي بدأ حملة أوروبية، أشاع فيها الدمار في المجر وبولندا، وهدَّد حضارة أوروبا الغربية، ولكن موته في أثناء هذه الحملة جعل المغول يعودون إلى منغوليا لانتخاب خان جديد لهم. كان قبلاي خان أحد أحفاد جنكيزخان، أكمل هذا الخان فتح الصين واتجه إلى المشرق الإسلامي حتى وصل إلى بغداد ودمرها وقرر احتلال مصر، لكن السلطان قطز والظاهر بيبرس قادا الجيوش المصرية وتقدما بها حيث دارت معركة عين جالوت في 659هـ، 1260م وانتصر الجيش العربي الإسلامي انتصارًا حاسمًا، وبهذا توقف زحف المغول لاحتلال شمال إفريقيا، وأنشأ قبلاي خان أسرة يووان واتسم عهده بشيء من التسامح الديني، وبدأ بعض المغول يعتنقون الدين الإسلامي.

لم تدم الإمبراطورية طويلا، بسبب اتساعها الشاسع، وبسبب افتقارها إلى الوحدة الثقافية. وكذلك لافتقار المغول (المحاربين) للخبرة الإدارية، مما دعاهم للاعتماد على الأجانب لإدارة إمبراطوريتهم، فعلوا ذلك في الصين وفي أماكن أخرى، كما أن سوء الإدارة والفساد تسببا في اندلاع العديد من الثورات في أنحاء عدة من الإمبراطورية، وكانت سيطرتهم على البلاد التي فتحوها ضعيفة.

لكل هذه الأسباب بدأت الإمبراطورية في الانهيار بعد موت قبلاي خان، إذ انقسمت إمبراطوريته إلى عدة إمبراطوريات صغيرة، كل إمبراطورية في جهة، فقامت في سهول جنوبي روسيا والبلقان إمبراطورية، وقامت في غربي آسيا إمبراطورية الجن المغولية الصينية، وهكذا دواليك، كما أن منطقة الصين شهدت ثورات عدة أسهمت في إنهاء الحكم المغولي هناك، وإعادة حكم بعض العوائل الصينية ـ كحكم أسرة مينغ.

ومع بداية القرن الرابع عشر الميلادي استطاع تيمور لنك ـ سليل جنكيزخان ـ توحيد بعض إمبراطوريات المغول، وبسط سيطرته على معظم آسيا، كما استطاع أحد أحفاده وهو بابار إقامة إمبراطورية مغولية في الهند في عام 1526م. وعرفت بمملكة الموغال الكبار، ذلك أن كلمة موغال كلمة فارسية تعني المغول.

إمبراطوريّة الموغال:

حكمت معظم أنحاء الهند في القرن السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، واتصفت الحياة في الهند خلال حكم المغول، بأنها كانت نموذجًا بالغ الروعة في هذا الجزء من آسيا، وقد نعمت الهند بالسلام والنظام والاستقرار خلال تلك الفترة.

شكلت حكومة الإمبراطورية المركزية نموذجًا احتذى به حكام الهند في الفترات التالية. ونشأت ثقافة مميزة نتجت عن اختلاط عناصر الشرق الأوسط مع العناصر الهندية، كما ازداد انتشار اللغة الفارسية.

أسس الأمير بَابَارْ من المنطقة التي تعرف الآن بأفغانستان إمبراطورية الموغال عام 1526م. وأسس حفيده أكبر الهيكل الحكومي. وحكم أكبر البلاد من عام 1556م إلى 1605م وسيطر على شمالي ووسط الهند وأفغانستان. وقد حكم جهانْجِير، ابن أَكبر من 1605م إلى 1627م وكان راعيًا لفن التصوير. وحكم ابنه شاه جِهَانْ من 1627م - 1628م خلال ذروة ازدهار حكم المغول. وشجع العمارة وبنى المقبرة المشهورة تَاجْ مَحلْ لتدفن زوجته بها. واستولى ابنه أورنجزيب على الحكم منه عام 1658م وألقى به في السجن.

كان الأباطرة المغول مسلمين وحكموا دولة غالبيتها من الهندوس. والتحق مقاتلو الهندوس بخدمة أكبر وتولوا مناصب قيادية في جيش المغول وعُيِّنوا ولاة للبلاد. كما عمل بعض الهندوس الآخرين مديرين وموظفين. وفيما بعد فرض أورنْجْزِيبْ ضريبة على الهندوس ودمر الكثير من معابدهم.

ثار مقاتلون من الهندوس والمَاهراتا من وسط الهند على الإمبراطور، مما أدى إلى إضعاف الإمبراطورية بصورة خطيرة.

وبدأت إمبراطورية المغول في الانهيار بعد وفاة أورنْجِزيب في عام 1707م، إلا أن المغول استمروا في حكم مملكة صغيرة في دلهي إلى أن احتلت بريطانيا الهند في القرن التاسع عشر.

★ تَصَفح أيضًا: أكبر ؛ بابار ؛ الهند ؛ شاه جهان.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية