الرئيسيةبحث

الميتافيزيقا ( Metaphysics )



الميتافيزيقا فرع من الفلسفة يتعلق بالطبيعة الأساسية للواقع، ويُسمى أيضًا علم ماوراء الطبيعة. وهو يهدف إلى تقديم وصف منظم للعالم وللمبادئ التي تحكمه. وخلافاً للعلوم الطبيعية التي تدرس مظاهر محددة من العالم، تُعدّ الميتافيزيقا علوماً استقصائية أكثر توسعاً في المظاهر الأساسية للموجودات. ويعتمد علماء الميتافيزيقا على أنماط تحليلية تعتمد بدورها على المنطق الخالص عوضاً عن النهج التجريبي الذي يتبعه علماء الطبيعيات. وقد ركز التكهن الخاص بما وراء الطبيعية، ـ دائما ـ على مفاهيم أساسية كالفضاء والزمن، والسببية، والهوية والتغيير، والاحتمالية والضرورة، والمتفردات والعموميات، والعقل والجسد .

الفضاء والزمن (الوقت):

عندما يرغب الفلاسفة في فهم طبيعة الكون، فإنهم يبدأون بدراسة طبيعة الفضاء والزمن والأسئلة التالية: ¸هل بالإمكان أن يوجد زمن دون تغيير؟· و ¸هل الفضاء شيء متميز عن الأجسام في الكون؟·. هذان السؤلان وما يماثلهما من أسئلة ترد في مجال الميتافيزيقا. وقد ناقش علماء الميتافيزيقا مقولة أن الزمن والفضاء يُعدّان من الأمور المطلقة ـ أي أنهما مستقلان عن أي تغير في ترتيب محتويات الكون. ولكن طبقاً للتقدير النسبي، فإن كلاً من الزمن والفضاء يمكن قصرهما على العلاقات القائمة بين الأشياء في الكون.

السببية:

تحاول نظريات السببية الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بكيفية وأسباب وقوع الأحداث. وترتبط السببية ارتباطاً وثيقاً بالمشكلات المتعلقة بالحتمية والإرادة الحرة. وتنص الحتمية على أن القوانين السببية الصارمة تتحكم في الأحداث، بما في ذلك الأفعال الإنسانية. وتَدَّعي النظريات المتعلقة بالميتافيزيقا غير الحتمية أنَّه ما من أسباب خارجية تتحكم بالأحداث. وتنص هذه النظريات على أن الناس يختارون أفعالهم بكل حرية، وأنهم بإمكانهم اختيار عكس ما اختاروه فعليًا في أى موقف .

الهوية والتغيير:

تساعد دراسة العلاقة بين الهوية والتغيير العلماء على فهم كيفية استمرار الأشياء عبر الزمن، على الرغم ممايبدو أنها تتغير. ويقر معظم الناس أن الأجسام يمكن أن تتغير دون أن تتحول لأشياء أخرى. فمثلاً لن تحوّل طبقة من الدهان منزلاً ما إلى منزل آخر، ومن ثم فإن المدى الذي يمكن أن تحدث فيه التغيرات دون أن تدمر الجسم الأصلي يبدو غير واضح. ولذا فإننا إذا استبدلنا بشكل تدريجي كل أجزاء بيت ما ، فإننا سنكون كمن بنى ببطء شديد بيتاً جديداً مكانه. وتميز بعض النظريات الخاصة بما وراء الطبيعة بين شكل الجسم أو التنظيم والمادة التي صُنع منها. وتقول تلك النظريات إن الشكل يستمر عبر الزمن ويضمن هوية الجسم عبر التغيرات.

الاحتمالية والضرورة:

عندما يرغب الفلاسفة في معرفة كيفية قيام الناس بإطلاق الأحكام عن الحقيقة، فإنهم يقومون بفحص مفاهيم الاحتمالية والضرورة. وترتبط الأسئلة بموضوعات تتعلق بالحقائق ذات الضرورة الثابتة والحقائق الطارئة (المشروطة). فحقيقة وجود تسعة كواكب في نظامنا الشمسي، هي حقيقة طارئة، لأنه قد يكون هناك عشرة كواكب، وقد لايكون هناك أي كوكب. ومن ناحية أخرى، تُعد حقيقة أن 2 + 2 = 4 حقيقة ذات أهمية ثابتة ؛ لأنها لايمكن أن تكون على نحو آخر. وعندما يميز الفلاسفة بين الاحتمالية والضرورة، فإنهم بإمكانهم اعتبار ما إذا كانت هناك خواص ذات أهمية للأجسام. وإذا كانت حقيقة أن شيئا ما يمتلك خاصية معينة، حقيقة ذات أهمية ثابتة، فإن الفلاسفة يسمون تلك الخاصية الخاصية الضرورية. ومن ثم، فإن كون الكلاب من ذوات الدم الحار، خاصية ضرورية في الكلاب ، بينما يُعدّ اللون البْنّي خاصية غير ضرورية للكلاب نفسها.

المتفردات والعموميات:

يقود التفكير في طبيعة الأجسام وخواصها الفلاسفة غالبا إلى مناقشات تتعلق بالعموميات والخصوصيات. والعمومي هو الشيء الذي تشترك فيه أشياء كثيرة منفصلة. أما الشيء المتفرد فهو جسم يمتلك خصائص كثيرة . فعلى سبيل المثال ، تُعد خاصية الاحمرار خاصية شائعة لدى الكثير من الأفراد. ولذا، فإن بعض علماء الميتافيزيقا يعتقدون أن هناك احمراراً عاماً تشترك فيه أشياء كثيرة. ولذا فإنه، طبقا للنظرية الواقعية ، فإن الاحمرار العام أكثر من المجموع الكلي لجميع الأشياء الحمراء. ولدى المفارقة ، فإن النظريات التي تقوم على أساس أن العموميات ليس لها وجود حقيقي، تدعي أنه لا وجود لاحمرار كليّ وأن كلمة أحمر هي مجرد كلمة يطلقها الناس على كل ماهو أحمر في العالم .

العقل (الذهن) والجسد:

تنشأ مشكلات ميتافيزيقية عديدة من ملاحظة أن كلاً من العقل والجسد يتفاعلان بالرغم من أنهما يبدوان وكأنه لا يوجد شيء مشترك يجمع بينهما. وهذه المشكلات يمكن أن تصاغ في أسئلة مثل: ¸هل العقل شيء عضوي؟· و ¸هل عقول الناس تتطابق وأدمغتهم؟·. تقول نظرية الثنائية: إن العقل والمادة شيئان متباعدان عن بعضهما أساساً. وإحدى المشكلات الرئيسية للنظرية الثنائية تكمن في توضيح كيف يمكن لعملية عضوية أن يكون لها تأثير غير عضوي، أو كيف يمكن للأحداث العقلية أن تُسفر عن نتائج في العالم العضوي. أما الأحادية فترفض معترفة أن العقل والمادة شيئان مختلفان. والأُحادية إما أنْ تكون مادية بمعنى التأكيد على وجود المادة وحدها، أو مثالية تدعي أنّ العقل هو الأساس لكل شيء .

آراء حول علوم الميتافيزيقا:

دفع الفشل الواضح في عدم التوصل إلى اتفاق عام حول قضايا الميتافيزيقا بعض الفلاسفة إلى الإصرار على أن هذه المسائل فوق طاقة البشر، وأن أحداً لايمكنه الإجابة عنها. وفي أوائل القرن العشرين، ذكر الفلاسفة الذين أطلقوا على أنفسهم اسم الوضعيين المنطقيين أن مسائل الميتافيزيقا لامعنى لها، لأنه لايوجد هناك دليل كاف يحتمل أن يقرر ماهيتها بشكل أو بآخر.

لقد كان النقد الذي وجهه الوضعيون (اليقينيون) لعلوم الميتافيزيقا مقبولاً على نطاق واسع في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. إلا أن معظم الفلاسفة الآن أقل ميلاً لاستبعاد نظريات الميتافيزيقا. فلا يوجد هناك إجابات سهلة لمسائل الميتافيزيقا. ومن ثم، فإن الفلاسفة يعتقدون الآن أن بإمكانهم الحكم على هذه النظريات من خلال مدى استجابتها للبدهيات الخاصة بالناس، واقترابها من النظريات العلمية المقبولة من أجل تقديم نظرية موحدة للعالم.

★ تَصَفح أيضًا: حرية الإرادة ؛ الفلسفة ؛ المادية ؛ الفلسفة الوضعية ؛ المثالية .

المصدر: الموسوعة العربية العالمية