الرئيسيةبحث

الذاكرة ( Memory )



الذاكرة القدرة على تذكُّر شيء سبق تعلُّمه أوسبق اكتساب خبرة فيه. لذلك تعتبر الذاكرة جزءاً حيوياً في التعليم. فإذا لم تتذكر الماضي فإنك بالتالي لن تستطيع أن تتعلم أيّ شيء جديد ؛ فكل ما تحصل عليه من خبرة تفقده بمجرد الانتهاء منه، وكل شيء جديد سيكون غريباً تماماً. وبدون الذاكرة ستكون الخبرة متكررة طبقاً لحدوثها للمرة الأولى. وبناءً على ذلك يفقد الفرد إحساسه بالسعادة التي اكتسبها خلال حياته، وكذلك مظاهر السعادة السابقة، ومثل ذلك الحزن الذي عاشه.

والعلماء يدركون القليل عما يحدث في الدماغ عند تخزين الذكريات. إلا أنَّ عملية تخزين الذكريات الجديدة تكون وليدة العصبية ووليدة تغيرات فيزيائية في تركيبها. وقد أوضحت البحوث أنَّ هذه التغيُّرات يتم حدوثها في جزء دقيق من الدماغ يُسمَّى الحُصَيْن وهو جزء صغير من قشرة المخ يقوم بتنظيم معظم الوظائف الرئيسية للدماغ قبل حل المشاكل وتعلُّم اللغات.

وقد وجد العلماء أنَّ الذاكرة يمكن اكتسابها بوساطة سلسلة من الأحداث المترابطة في الدماغ، إلا أنَّ المزيد من الأبحاث ضروريُّ لاكتساب كيفية ترابط الذكريات.

جهاز الذاكرة

يُقسِّم علماء النفس جهاز الذاكرة إلى ثلاث مراحل مختلفة طبقاً للزمن الذي تستغرقه كل مرحلة. وهذه المراحل هي ذاكرة الإحساس وذاكرة المدى القصير وذاكرة المدى الطويل.

ذاكرة الإحساس:

ويمكنها أن تستوعب المعلومات ذات اللحظات السريعة. فعند رؤية صورة لجبل مثلاً فإنَّ المعلومات الخاصة بالجبل ستمر من خلال عينيك إلى ذاكرة الإحساس التي تستوعب التصوُّر الحقيقي للصورة ولكن هذه الصورة تتلاشى وتختفي في أقل من ثانية. ولكي تبقى هذه المعلومات يجب عليك أن تنقلها سريعاً إلى ذاكرة المدى القصير.

ذاكرة المدى القصير:

ويمكنها أن تستوعب الحقيقة مادمت تفكر فيها. وأنت تستخدم ذاكرة المدى القصير عندما تبحث مثلاً عن رقم هاتف، وتظل تردده في نفسك إلى أن تقوم بالاتصال بمن تريد. وإذا لم تقم بترديد المعلومات، فإنها ستختفي من الذاكرة في خلال 20 ثانية. ولكن هناك بعض المعلومات تنتقل من ذاكرة المدى القصير إلى ذاكرة المدى الطويل حيث تبقى هناك طويلاً.

ذاكرة المدى الطويل:

ويمكنها أن تستوعب كمية هائلة من المعلومات قد يستمر بعضها مدى الحياة. والمعلومات في هذه الحالة تستمر نتيجةً لعاملين 1ـ التكرار 2ـ الانفعال الشديد.

إن مقابلة عَرَضِيَّة قصيرة متكررة تظل معلقة في الذاكرة لفترة طويلة كما أن العاطفة القوية المتولدة من أول حب أو اللحظات القصيرة التي تمر في حادثة تصادم سيارة تساعد على إدخال هذه الحالات إلى ذاكرة المدى الطويل.

قياس الذاكرة

توجد ثلاث وسائل يمكن عن طريقها معرفة مدى قدرة الفرد على التذكر. وهذه الوسائل هي: 1ـ المعلومات 2ـ التمييز والتعرُّف 3ـ التعلُّم. فإذا فُرض أنك أقمت حفلاً ما ثم بعد مرور عدة أسابيع تم سؤالك عن أسماء الأفراد الذين كانوا حاضرين الحفل، فإنك ستتذكر أسماء هؤلاء الأفراد بقدر ما تستطيع، فهذه وسيلة استرجاع المعلومات.

أما بالنسبة إلى التعرُّف والتمييز فإنَّ الشخص الذي يسألك عن ضيوفك يعرض عليك قائمةً تتضمن أسماء أشخاص حاضرين في ذلك الحفل مع أسماء من غير الحاضرين. بإمكانك عندئذٍ أن تؤشر على أسماء الأشخاص الذين كانوا حاضرين. ويستطيع معظم الناس التعرف على حقائق بدرجة تفوق مدى تذكرهم للأشياء. ولذلك فإن أداء أكثر الطلبة يكون أفضل في اختبارات الاختيار بين الأجوبة الصحيحة والخاطئة للأسئلة بعكس ما هو حاصل في الاختبارات المعتادة.

وفي أسلوب إعادة التعلُّم فإنك تقوم بحفظ الأسماء الموجودة في قائمة الحفل في ذاكرتك بعد أن تكون قد نسيتها، ويستطيع معظم الناس استرجاع المعلومات في المرة الثانية بأسرع مما حفظوا في المرة الأولى. ويعتبر العلماء الفرق بين الوقت المطلوب للحفظ في المرة الأولى والوقت اللازم لإعادة الحفظ دليلاً على مدى قابلية التذكر.

لماذا ينسى الناس

يلاحظ أننا نتعرض للنسيان عمومًا بمرور الوقت حيث يزداد هذا النسيان مع مرور الوقت، فمثلاً يمكنك تذكُّر معظم الأفراد الذين كانوا في إحدى الحفلات بعد مرور ساعة واحدة من انتهائها. ولكن بعد مرور يومين، فإنك ستنسى عدداً من هؤلاء الأفراد، وبعد شهر ستنسى عدداً آخر من هؤلاء الأفراد. ويزداد هذا النسيان بمرور الوقت، وهكذا. وقد اهتم العلماء بدراسة هذه الظاهرة، وكانت التفسيرات الرئيسية لذلك هي: التداخل، الفشل في استرجاع المعلومات، دوافع النسيان، الأحداث البنَّاءة.

التداخل:

وهذا يحدث عندما يعمل شيء ما سبق تعلمه على إعاقة الذاكرة الخاصة بمعلومة أخرى، فلو أنَّ لك صديقاً انتقل من منزل إلى آخر فإنك قد تجد صعوبةً في تذكُّر رقم هاتفه الجديد لأنك ستتذكر الرقم القديم الذي قد يتداخل مع الرقم الجديد. وبمجرد تعلُّمك للرقم الجديد، فـإنك قد لاتتذكر الرقم القديم مرة أخرى.

الفشل في استرجاع المعلومات:

وتشمل هذه الحالة عدم القدرة على تذكر المعلومات السابق تخزينها في الذاكرة، فمثلاً لاتستطيع تذكر معلومة سبق لك معرفتها جيداً ثم بعد ذلك تأتي لك هذه المعلومة تلقائياً دون عناء في التفكير، أي أنَّ النسيان في هذه الحالة كان مؤقتاً.

إنَّ هذا الفقدان المؤقت للذاكرة، الذي يحدث كثيراً، يسمَّى بالفشل في استرجاع المعلومات. ويقارن العلماء ذلك مع محاولة تذكُّر موقع شيء وضع في غير موضعه في غرفة مضطربة النظام. والواقع أن المعلومات في هذه الحالة لم تختف نهائيًا، غير أنه لايمكن تذكرها بسرعة.

دوافع النسيان:

وهو عدم التذكر أحياناً لبعض الأحداث، يكون ذلك رغبةً منك، بوعيك أو بغير وعيك، فهي حالة نفسية، ومن أمثلة ذلك مايُسمَى بالكبح وهو تعمُّد كبت وعدم تذكر الأحداث المؤلمة والمحزنة وتحويلها من حالة التذكر إلى حالة عدم التذكر. وكذلك تعمُّد نسيان الفشل وعواقبه لدى بعض الأفراد عندما يريدون الدخول في مغامرة حيث يذكِّرون أنفسهم بالنجاح فقط.

الأحداث البنَّاءة:

وهي عملية تعني اختلاق أحداث وهمية غالباً ماتكون غير حقيقية عن موضوع قديم. فعند محاولتك مثلاً تذكر موضوع قديم وقعت أحداثه منذ عدة سنوات أو عدة أشهر، فإنك قد لاتتذكر إلا القليل منه، وعلى ذلك فإنك قد تستكمل الموضوع باختلاق أحداث غالباً ماتكون غير حقيقية فهذا يعني أيضاً بناء حدث قد يبدو أنه حقيقي مع أنه حدث بالفعل.

تحسين الذاكرة

يعتقد الخبراء أنَّ الأفراد يمكنهم تحسين ورفع مستوى ذاكراتهم بما يكتسبونه من خبرة مع استخدام الأساليب الذَاكِرِيَّة والسجع وغيرها من الأساليب الأخرى.

الأساليب الذاكِريَّة:

يُعتبر الأسلوب الذاكري والسجع من العوامل المهمة في تحسين الذاكرة. ومن أبسط الأساليب أن توضع المعلومات في قالب شعريّ ؛ فكثير من الناس يتذكرون عدد أيام كل شهر بذكر مقطعٍ شعريّ يبدأ بعبارة (ثلاثون يوماً في سبتمبر). كما يمكن أيضاً تذكر أسماء الأشخاص بوضع تصور معيَّن لهم، فعندما تقابل شخصاً لأول مرة فإنك تستطيع أن تلتقط مظهره وشكله العام وتنسبها لاسمه. وعلى سبيل المثال، إذا قابلت شخصاً طويل القامة اسمه ¸كوخي· فيمكن أن تتصور أن رأسه قد يصطدم بسقف الكوخ إذا ما دخل فيه. وعلى ذلك، فإن هذا التصور يساعدك على تذكر اسمه في المستقبل عندما تراه أو تسمع عنه. ولاشك أنَّ استخدام الأساليب الذاكرية يُحتاج إلى تعلمها أو تأليفها حتى يمكن الاستعانة بها في أيّ وقت.

الطرق الأخرى لتحسين الذاكرة:

تعتمد الطريقة المثلى لتثبيت المعلومات على قيامك بإعادة تعلُّمها بعد أن تكون قد أتقنت تعلمها وتُسمَّى هذه الطريقة بأسلوب التَعَلُّم المُفرِط. ذلك لأنك كلما تعلمت شيئاً وأفرطت في تعلمه، فإنه يثبت في ذاكرتك تبعاً لذلك. وهناك وسيلة أخرى تعتمد على استعادة تذكر الأشياء ؛ بمقارنتها بما يحيط بك من أشياء أخرى مشابهة لها. وتطبيقاً لذلك، نجد أنَّ المدرب الرياضي لكرة القدم مثلاً يفرض على اللاعبين التدريب تحت ظروف مماثلة للمباريات تحت الظروف الواقعية. كما أن الطلبة أيضاً يفضلون تلقي العلم في نفس المكان الذي سيتم امتحانهم فيه. وتركز طريقة أخرى على التنظيم. حاولْ أن تنظم المعلومات عن طريق ربط شيء تريد تذكره بشيء تعرفه مسبقًا، فلو أنك مثلاً أردت تثبيت معلومة عن تاريخ بداية استخدام البنسلين وهو عام 1941م، فإنه يمكنك تذكره بأنه كان خلال السنة الثانية من الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945).

الحالات النادرة للذاكرة

الذاكرة الجيدة اللامألُوفة:

قد نسمع أحياناً أنَّ بعض الأفراد يمتازون بذاكرة فوتوغرافية كآلة التصوير عندما تلتقط صورةً فوتوغرافية معيَّنة. هؤلاء الأشخاص يكونون قادرين على التقاط صورة سريعة لإحدى صفحات الكتب مثلاً وفي نفس الوقت يستطيعون وصف هذه الصفحة بدقة عن طريق إعادة تذكرها ؛ إلا أنَّ هؤلاء الأفراد غير موجودين حقيقةً. وعمومًا يوجد بعض الأفراد عندهم ذاكرة قريبة من ذلك تُسمَّى ذاكرة الصورة الذهنية الطيْفِيَّة وهي ذاكرة تستمر الصورة فيها لعدة ثوان. وهذا النوع من الذاكرة يعتبر بصفة عامة قليل الوجود حيث تتراوح نسبته بين 5% و10% عند الأطفال الذين يفقدونها بتقدم العمر.

فقْدان الذاكرة:

قد يكون سبب حدوث فقدان الذاكرة نتيجة لمرض أو إصابة بدنية أوصدمة انفعالية إلا أنَّ حالات فقدان الذاكرة، حتى الشديد منها، تكون مؤقتة ويمكن للفرد أن يسترد ذاكرته مرة أخرى. فعند حدوث إصابة في الدماغ، فإنَّ الفرد لايستطيع تذكر أحداث الماضي ويسمى فقدان الذاكرة في هذه الحالة فقدان الذاكرة الرجعي، وأبسط مثال لذلك هو فقدان الذاكرة لعدة ثوان لأحد أفراد رياضة الملاكمة عندما يتلقى ضربةً قويةً في رأسه، وعموماً فإنَّ مدة فقدان الذاكرة في هذه الحالة تزداد بزيادة شدة الإصابة. أما في حالات الإصابات الشديدة في الدماغ، كما في الأفراد الذين يصابون بإصابات ناتجة عن حوادث السيارات، فإن المصابين يكونون عرضةً لفقدان الذاكرة لعدةِ أشهر أو سنوات. غير أنَّ هناك أيضاً بعض حالات الإصابات البدنية للدماغ التي ينتج عنها الفقدان الحاضر للذاكرة يُسمى بفقدان الذاكرة الأمامي ويتميز بعدم تذكر الأحداث التي تقع أيضاً بعد الإصابة. ويلاحظ أنَّ كلا النوعين من فقدان الذاكرة يمكن حدوثه نتيجة الصدمات الانفعالية.

★ تَصَفح أيضًا: ألزهايمر، مرض ؛ فقدان الذاكرة ؛ الدماغ ؛ القصور التعليمي ؛ التعلم ؛ الخرف.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية