الرئيسيةبحث

القصور التعليمي ( Learning disabilities )



القُصور التّعليميّ حالات اعتلال تعوق تطور المهارات الأساسية للطفل وتضر بقدرته على التعلّم. وقد يكون الذكاء لدى الأطفال المصابين بالقصور أو العجز التعليمي في مستوى متوسط أو فوق المتوسط، كما أنهم يتمتعون بقدرة عادية على السمع والرؤية. لكنهم لايستطيعون استخدام المعلومات المنقولة بوساطة الحواس إلى الدماغ استخدامًا دقيقًا، كما يفعل معظم الأطفال الآخرين. لذلك فإن أداءهم في المدرسة يكون، إما ضعيفًا أو ليس بالدرجة الجيدة التي يمكن أن يكونوا عليها.

الأسباب:

لايستطيع الأطباء دائمًا اكتشاف السبب المحدد وراء القصور التعليمي عند الطفل. لكن العلماء يعتقدون أن حالات القصور التعليمي تنتج عن تلف ثانوي في الدماغ، أو في الأعصاب الرئيسية المؤدية إلى الدماغ. فالمرض أو ضعف التغذية مثلاً لدى المرأة الحامل، يمكن أن يوقع الأذى في نسيج الدماغ والجهاز العصبي لدى جنينها. كما أن استعمال المخدرات أو التبغ أو الكحول أثناء الحمل، يمكن أن يساهم أيضًا في إحداث القصور التعليمي. ومن الممكن أن يحدث تلف الدماغ عند الولادة، إذا لم يحصُل دماغ الطفل على الأكسجين الكافي. ويمكن أن يحدث مثل هذا التلف أثناء حالات الولادة الطويلة الصعبة، أو في حال تعاطي الأم لجرعة كبيرة من عقار يقضي على الألم. كما يمكن للطفل أيضًا أن يرث القصور التعليمي.

يمكن للعديد من العوامل الأخرى أن تزيد من فرص إصابة الطفل بالقصور التعليمي. ففقد التوازن في مواد كيميائية معينة في الجسم أو نقص الأطعمة المغذية، قد يؤخر أو يسبّب ضررًا دائمًا في نمو الجهاز العصبي. ويدل البحث الطبي على أن مواد كيميائية معينة، وخاصة الرصاص المستخدم في الدهانات، يمكن أن تحدث حالات القصور التعليمي لدى بعض الأطفال.

وأولئك الأطفال الذين لا يعانون مشكلة جسدية يمكن أن ينشأ عندهم القصور التعليمي. وقد تنشأ حالات القصور أو الإعاقة من فقدان الخبرات التعليمية التي تحفّز النمو والتطور العقليين. وتشمل هذه الخبرات سماع اللغة، والتعامل مع الأشياء.

الأنواع:

توجد أنواع كثيرة من حالات القصور التعليمي. فهناك مثلاً اضطرابات الإدراك التي تعوق قدرة الدماغ على تنظيم وتفسير المشاهد والأصوات. وقد يكون الأطفال الذين يعانون اضطرابًا في الإدراك عاجزين عن تحديد، أين تنتهي كلمة ما وتبدأ كلمة أخرى في الصفحة. أو قد لا يستطيع هؤلاء الأطفال التمييز بين الكلمات التي تبدو متشابهة إلى حد ما. وتؤدي اضطرابات الإدراك إلى صعوبة تعلم النطق والقراءة.

وثمة نوع آخر من القصور التعليمي يؤثّر في الذاكرة ؛ فالأطفال الذين يعانون هذه المشكلة لا يستطيعون أن يتذكروا بسهولة الأشياء المألوفة التي تتشابه، أو الأصوات التي تحدثها الأشياء. وقد لا يقدرون على تعلّم التسلسل أو الترتيب مثل حروف الألفبائية أو رقم الهاتف.

وثمة أنواع أخرى من القصور التعليمي تعوق المقدرة على التصرف السليم وعلى التركيز. فالإعاقات التي تؤثر على تركيز الطفل تعرف باسم اضطرابات قصور الانتباه. ويكاد الأطفال مشتّتي الانتباه يداومون باستمرار على أحلام اليقظة ؛ حيث لا يستطيعون توجيه انتباههم إلى أي موضوع لأكثر من بضع دقائق. وفي المقابل لايمكن للأطفال الذين يعانون إعاقة تُسمى المواظبة أو المثابرة (استمرار الاستجابة بعد اختفاء المثير الأصلي) أن يحولوا انتباههم بسهولة من نشاط لآخر. وقد يتابعون الانشغال بمهمة ما بعد انتهائها بمدة طويلة. كذلك لا يستطيع الأطفال مفرطو النشاط أو مفرطو الحركة، أن يجلسوا هادئين ؛ بل يتكلمون، ويتصرفون باندفاع، ويميلون إلى أن يصبحوا متبرِّمين كثيري الصخب في غرفة الفصل. ويعاني الطفل المصاب بالتقلقل الانفعالي تقلبات في المزاج دون سبب ظاهر.

ويضر القصور المرتبط بالتوجيه بإحساس الطفل في الاتجاه والمسافة والفراغ. وقد يفتقد الأطفال الذين يعانون هذه المشكلة إلى إدراك أين هم، ويشعرون بالضياع حتى في البيئة المألوفة ؛ فهم لا يستطيعون تمييز اليسار من اليمين، أو الأعلى من الأسفل، ويصبحون ضعفاء في القراءة ؛ لأنهم لا يستطيعون أن يتذكروا القراءة من اليسار لليمين أو من اليمين إلى اليسار. وقد لا يعرفون الفرق بين الحروف المتشابهة مثل (ب) و (ت).

وتساهم أنواع أخرى من حالات القصور التعليميّ في إعاقة التحكم الفعّال في العضلات، وقد تسبب فقدان البراعة والتوازن. ولعل بعض هذه الإعاقات تحول دون القيام بحركات محدودة لازمة لبعض الأنشطة المحددة ؛ فعسر النطق هو عدم القدرة على تحريك الشفتين واللسان والأعضاء الأخرى المتصلة بعملية النطق. وعسر الكتابة مثلاً يمثل العجز عن تحكّم الدماغ في عضلات الأصابع الصغيرة المستعملة في الكتابة.

أما أنواع القصور التعليمي التي تعوق تطور المهارات اللغوية فتسمى الإعاقات اللغوية النفسية، وإحدى هذه الحالات، وتدعى عسر الكلام، تُعَطِّل القدرة على نطق وفهم الكلام. أما عسر القراءة، فيضر بقدرة الطفل على فهم الكلمات المطبوعة أو المكتوبة. والمشاكل التعليمية التي تعوق تقدم الطفل في مقررات دراسية مخصوصة مثل الحساب أو الهجاء هي إعاقات تعليمية محددة.

أما الاعتلالات المسمّاة الإعاقات التعليمية غير الشفوية، فإنها تعوق قدرة الطفل على فهم ملامح الوجه وإيماءات الأشخاص الآخرين ؛ حيث تضع هذه الإعاقات صعوبات أمام الطفل في الانسجام مع الآخرين، أو قد تدفع الطفل إلى التصرف غير السوي.

التشخيص والمعالجة:

القصور التعليمي ليس السبب في جميع المشاكل التعليمية والسلوكية. لذلك فعلى الآباء الذين يشتبهون في إصابة طفلهم بقصور أو إعاقة في التعلم، أن يفحصوه لدى اختصاصيين ؛ فقد تؤدّي الفحوصات التي يجريها طبيب الأطفال واختصاصي العين والأذن والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي إلى اكتشاف أسباب ممكنة أخرى وراء المشكلة. وتشمل هذه الأسباب الاضطرابات العاطفية، والتخلف العقلي، وضعف السمع والبصر. فإذا كانت نتائج الفحص طبيعية، فينبغي أن يتم فحص الطفل لدى طبيب أعصاب بحثًا عن أية أدلة على وجود تلف أو إصابة في الدماغ أو الجهاز العصبي.

وتعتمد طريقة العلاج التي يقترحها المعلّم على نوع ودرجة العجز أو القصور. فبعض الأطفال المعاقين تعليميًا، يتعلمون بشكل أفضل في صفوف خاصة مع آخرين يعانون مشاكل مماثلة. لكن بإمكان العديد من الصغار ممارسة تمرينات تساعد على تحسين مهاراتهم الضعيفة في فصول فيها أطفال غير معاقين. فقد ساعد استخدام العلاج كثيرًا من الأطفال الذين يعانون اضطرابات قصور الانتباه. ويقترح بعض خبراء التعليم معالجات مثيرة للجدل حول القصور التعليمي بما في ذلك التغذية الحيوية المرتدة، والحميات الخاصة والتمرينات. ★ تَصَفح: التغذية الحيوية المرتدة.

وغالبًا ما تكون الاستشارة الخاصة نافعة للأسر التي تضم أطفالاً يعانون قصورًا تعليميًا ؛ حيث تزيد مثل هذه الاستشارة قدرة الأسر على فهم الأطفال، وعلى مساعدتهم في التعامل مع الضغط الذي يتعرضون له في المدرسة، نتيجة اضطراباتهم.

★ تَصَفح أيضًا: عسر القراءة ؛ الطفل مفرط النشاط.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية