الرئيسيةبحث

إيرفنج، واشنطن ( Irving, Washington )



واشنطن إيرفنج
إيرفنج، واشنطن (1783- 1859م). من أوائل المؤلفين الأمريكيين الذين أحرزوا اعترافًا بمكانتهم الأدبية في أوروبا وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد صار مشهورًا بفضل قصصه الهزلية ومقالاته الساخرة التي سخرت من مجتمع نيويورك الراقي. وقد اشتغل إيرفنج في بعض الأوقات بالمحاماة والأعمال التجارية وممثلاً دبلوماسيًا للولايات المتحدة في إنجلترا وأسبانيا. وتضم أشهر مؤلفاته قصتين قصيرتين هما ريب فان وينكل ؛ أسطورة الجائع الناعس. وفي قصة ريب فان وينكل، تظل الشخصية الرئيسية نائمة طوال عشرين عامًا ثم تستيقظ لتجد كل شيء قد تغير. وتحكي قصة أسطورة الجائع الناعس حكاية لقاء ناظر مدرسة هو إيشابود كرين بفارس لا رأس له.

وكانت الولايات المتحدة أيام إيرفنج قد بدأت تكشف عن ثقافة فنية خاصة بها. وقد أثرت إنجازاته الأدبية على كُتاب أمريكيين آخرين، وساعدت على كسب احترام للأدب الأمريكي في بلاد أخرى.

باكورة أعماله:

ولد إيرفنج بمدينة نيويورك، وواظب على الذهاب إلى المدرسة حتى بلغ الخامسة عشرة من عمره. ومضى فيما بعد للعمل في مكتب للمحاماة كي يدرس القانون. وظهرت بواكير أعماله المنشورة عام 1802 و1803م. وكانت في صورة رسائل لصحيفة المورننج كرونيكل، وهي صحيفة تصدر في مدينة نيويورك ويحررها أخوه بيتر. وقد سخرت الرسائل من مجتمع نيويورك، وجعلت إيرفنج معروفًا في أوساط سكان نيويورك. وفي عامي 1807م و1808م ساعد أخاه وليم، وجيمس ك. بودلينج، شقيق زوجة وليم، على كتابة مقالات ساخرة لمجلتهما سلماجوندي. صار إيرفنج محاميًا في نهاية المطاف إلا أنه استسلم لحبه للكتابة وهجر ممارسة القانون في عام 1809م، ونشر له أول كتاب في العام نفسه. وكان يُسمى تاريخ نيويورك منذ بداية العالم حتى نهاية الأسرة المالكة الهولندية. وقد كتب إيرفنج هذا الكتاب تحت اسم دييدرتش نيكربويكر، وهو رجل غريب الأطوار أصبح فيما بعد من أهم شخصياته المحبوبة.

سنوات في أوروبا:

في عام 1810م، انضم إيرفنج لشركة الأدوات المنزلية التي كانت تمتلكها أسرته. وفي عام 1815م، انتقل للمساعدة في إدارة الفرع الإنجليزي للشركة. وبعد فشل الشركة في عام 1818م، كرس نفسه تمامًا للأدب. وأثناء وجود إيرفنج في إنجلترا وضع كتابه بعنوان الكتاب القصصي لجفري كرايون (1819- 1820م) ويتألف هذا الكتاب من سلسلة من المقالات والقصص وغيرها من المقطوعات القصيرة عن الولايات المتحدة وإنجلترا. وقد كسب كتاب صور وصفية احترام النقاد الأوروبيين.

ويضم الكتاب أهم مؤلفين كتبهما إيرفنج وهما ريب فان وينكل وأسطورة الجائع الناعس. وبهاتين الحكايتين بلغ ايرفنج ذروة إنجازه في مجال الكتابة الفكاهية، كما كانتا علامتين على تقبل القصة القصيرة كشكل أدبي مهم في أمريكا. وكانت قصة رواق بريسير يدج (1822م) التي أعقبت صدور كتابه صور وصفية أقل نجاحًا.

مكث إيرفنج في أوروبا حتى عام 1832م، وتأثر بالتقاليد الأوروبية والكتاب الأوروبيين وعلى الأخص السير وولتر سكوت. ويتضح مدى تأثره في كثير مما احتواه كتابه صور وصفية وبعض كتاباته اللاحقة. فعلى سبيل المثال، يبدو الرواة في هذه المؤلفات أكثر أدبًا وتهذيبًا من أولئك الذين ورد ذكرهم في كتاباته المبكرة. كذلك يبدو الأسلوب في مؤلفاته الأخيرة مسرفًا في العاطفية ويفتقر إلى الأصالة والقوة التي أبداها إيرفنج في البداية. كذلك أثرت إقامة إيرفنج في أوروبا على اختياره لموضوعاته. ورغم أن ريب فان وينكل وأسطورة الجائع الناعس تجري أحداثهما في أمريكا، فقد بُنيا على أساس حكايات شعبية ألمانية. وقد ازداد اهتمام إيرفنج أثناء رحلاته بالفولكلور (التراث الشعبي) وجمع الحكايات من كل بلد زاره. وأهم ما يوضحه كتابه حكايات رحالة (1824م) موضوعات ألمانية وإيطالية.

وفي عام 1826م صار إيرفنج دبلوماسيًا لبلاده في أسبانيا وشرع في الدراسة والكتابة عن موضوعات أسبانية وإسلامية وتشمل مؤلفاته في هذه الفترة تاريخ حياة ورحلات كريستوفر كولمبوس (1828م) ؛ غزو غرناطة (1829م) ؛ الحمراء (1832م) ؛ حياة النبي محمد. وفي عام 1829م انضم إيرفنج للهيئة الدبلوماسية الأمريكية في لندن.

كتاباته الأخيرة:

عاد إيرفنج إلى نيويورك في عام 1832م وفي تلك السنة خرج في رحلة لزيارة الحدود الغربية. وقد وصف إيرفنج هذه الرحلة في كتابه جولة في المروج وهو الكتاب الأول في سلسلة أسماها منوعات كرايونية.

استقر إيرفنج بمنزله في سنيسايد الواقعة على مقربة من بلدة تاريتاون بولاية نيويورك. وتحول من الأدب والقصص إلى كتابة التاريخ والتراجم الشخصية. وفي عام 1842م، عين وزيرًا مفوضًا للولايات المتحدة بأسبانيا وعمل هناك مدة أربع سنوات، ثم عاد إلى سنيسايد حيث عاش بقية حياته. وفي عام 1859م، أكمل إيرفنج كتابه حياة جورج واشنطن وهو سيرة ذاتية مثيرة للإعجاب تتألف من خمسة أجزاء.

منزلة إيرفنج في الأدب:

كان إيرفنج في حياته موضع الإعجاب بوصفه من قائمة الكتاب الأمريكيين. أما اليوم فهو لا يعد في مكانة غيره من كبار كتاب عصره مثل جيمس كوبر وإدجار ألان بو، وناثانيل هووثورن، وهرمان ملفيل. ومع ذلك فقد أثر أسلوب إيرفنج واختياره للموضوعات كثيرًا على أولئك وعلى غيرهم من الكتاب. وكانت معالجته البارعة في التصوير للموضوعات التاريخية واستعماله للفولكلور وغيره من عناصر الحركة الرومانسية سببًا في النهوض بالحركة الأدبية الرومانسية في الولايات المتحدة وإعلاء شأنها.

وتعطي مؤلفات إيرفنج الأولى مثلاً على الكتابة الفكاهية التي أصبحت فيما بعد تحتل جزءًا مهمًا من الأدب الأمريكي. وفضلاً عن ذلك فقد ساعد إيرفنج على وضع أساس راسخ للقصة القصيرة بوصفها شكلاً أدبيًا شعبيًا في أمريكا.

★ تَصَفح أيضًا: ريب فان وينكل.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية