كرواتيا ( Croatia )
زَغْرِب عاصمة كرواتيا حيث ترتفع (على يسار الصورة) أبراج سانت إتين. |
تبلغ مساحة كرواتيا 56,538كم²، ويبلغ عدد سكانها نحو 4,433,000 نسمة، ويحدها من الشمال سلوفينيا والمجر، والصرب من الشرق، والبوسنة والهرسك من الجنوب،. والبحر الأدرياتيكي من الغرب. ومدينة زَغْرب هي العاصمة ومركز النشاط السياسي والحضاري لكرواتيا. ومن المدن الكبرى الأخرى سبليت وريجيكا وأوزييك دبروفنيك، وقد ألحق الصرب بالأخيرتين دمارًا كبيرًا أثناء القتال الأخير.
خضعت تلك البلاد بين عامي 1945 و1990م للنظام الشيوعي حتى الاستقلال، مثلها مثل الجمهوريات التي شكلت اليوغوسلافية السابقة. فاز غير الشيوعيين بأغلب مقاعد البرلمان في أول انتخابات تعددية عام 1990م.
نظام الحكم:
تبنت كرواتيا في ديسمبر 1990م، قبل استقلالها، دستورًا ديمقراطيًا يسمح بحرية التعبير والديانة والتجمع والصحافة، كما يسمح بتعدد الأحزاب وحماية الأقليات. ويرأس الدولة شخص يُنتخب لمدة خمس سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لمرة واحدة فقط. وكذلك تنتخب سلطة تشريعية (برلمان) من مجلسين لمدة أربع سنوات، ويبلغ عدد أعضاء البرلمان 199 عضواً. وتُعيِّن لجنة برلمانية خاصة أعضاء المحكمة العليا التي هي أعلى جهة قضائية في البلاد، كما يعيِّن البرلمان أحد عشر قاضيًا لمحكمة دستورية.وفي كرواتيا عدة أحزاب أهمها الاتحاد الكرواتي الديمقراطي الذي يمجد الثقافة الكرواتية ويدعو إلى ترويجها. وهناك أيضًا أربعة أحزاب أخرى من بينها الحزب الشيوعي السابق تحت اسم الحزب الاجتماعي الديمقراطي والحزب الكرواتي الديمقراطي وحزب الحقوق.
أعلى محكمة في كرواتيا هي المحكمة العليا. يشكل البرلمان لجنة خاصة تختار قضاة هذه المحكمة وتعينهم مدى الحياة. وهناك أيضًا محكمة دستورية، يعين البرلمان قضاتها الأحد عشر. يتكون جيش كرواتيا من 20,000 جندي.
السكان:
قبل الحرب الأخيرة، كان الكروات يشكلون 75% من مجموع السكان، وكان الصرب نحو 10% إلا أنه باندلاع حرب الاستقلال، فرَّ الصرب من قراهم التي دمرت، وكذلك من مدينة كنين التي كانت غالبيتها صربية في جنوب غربي كرواتيا. ويشكل الكروات الآن معظم السكان، ليس هناك سوى أعداد قليلة من الصرب بالإضافة لبعض البوسنيين الذين لجأوا إلى كرواتيا في أعقاب الحرب التي اندلعت في البوسنة والهرسك في منتصف تسعينيات القرن العشرين.يتحدث السكان اللغة الكرواتية واللغة الصربية، وكلتاهما لهجة للغة واحدة. واللغة الكرواتية تكتب بحروف رومانية. وبعد الحرب، سادت اللهجة الكرواتية، وأحيا الناس مفرداتها القديمة، وولَّدوا من أصولها مفردات جديدة. ويتحدث الكثير من الكروات، وخصوصًا الذين يقطنون على طول الساحل الأدرياتيكي، اللغتين الألمانية والإنجليزية. ويدين الكروات بالمذهب الكاثوليكي.
قبل الحرب، كان نصف سكان كرواتيا يعيشون في الريف، ولكن الكثيرين منهم هربوا خلال القتال إلى المدن خصوصًا زغرب. ويبني السكان منازلهم الريفية من الأخشاب، أما المدن فتتألف من مبان عالية تستوعب طوابقها العديد من الأسر. والروابط الأسرية قوية في كرواتيا، والسلطة فيها لرب الأسرة. وتشبه أطعمة الكرواتيين أطعمة غيرهم من أقطار وسط أوروبا، ومن أطعمتهم الشهيرة طبق لحم العجل الزغربي وطبق جبانيكا (فطيرة جُبْن).
يعرف جميع السكان تقريبًا القراءة والكتابة، فالتعليم إلزاميّ من سن 6 إلى سن 14. وفضلاً عن العديد من المعاهد العليا، تحظى كرواتيا بثلاث جامعات في ريجيكا وسبليت وزغرب. وقد اشتهر في كرواتيا عدد من الكتاب والفنانين مثل النحات إيفان مستروفيتش. وللكروات رقصاتهم الشعبية الجماعية المعروفة باسم كولو، وهم يحبون الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز، وكثيرًا ما عبَّرت الفرق الفنية عن انتقادها للنظام الشيوعي، كما عبَّرت عن تطلعات الشعب للحرية والكرامة الوطنية.
خريطة كرواتيا |
الأرض والمناخ:
تتألف كرواتيا من إقليمين هما دَلْماشيا وسهول بنونيا. أما دلماشيا فهي منطقة ساحلية بين البحر الأدرياتيكي والبوسنة والهرسك، وهذه منطقة صخرية، وتربتها قليلة الخصوبة،أما سهول البانونيا الخصبة التي تتضمن سلافونيا التاريخية فهي على حدود المجر. وتمتد جبال الألب الدينارية في وسط كرواتيا. وأشهر الأنهار في كرواتيا هما نهرا درافا وسافا، وهما رافدان لنهر الدانوب، أحد أهم شرايين الملاحة النهرية المهمة في قارة أوروبا.تتميز سهول دلماشيا بمناخها المعتدل، حيث يندر أن تهبط درجات الحرارة إلى حد التجمد شتاءً، إلا عندما تهبّ رياح البورا من المناطق الجبلية شمالي البلاد في الخريف والشتاء، ولكن الصيف مشمس وحار جاف. أما سهول بانونيا، فإنَّ البرد فيها يشتد شتاء، خصوصًا عندما تجتاحها رياح الكوشافا ببرودتها الشديدة التي تصل إلى درجة التجمد. وصيفها حار ؛ إذ غالبًا ما ترتفع درجات الحرارة إلى 38°م والربيع والخريف هما موسم الأمطار الغزيرة حيث يفيض نهر الدانوب وروافده.
الاقتصاد:
تمتعت كرواتيا باقتصاد مزدهر عندما كانت جزءًا من يوغوسلافيا، فكان دخلها من السياحة وفيرًا، فضلاً عما كان يبعث به أبناؤها العاملون في ألمانيا والنمسا من أموال. كذلك نما القطاع الزراعي، وصناعة بناء السفن. ومنذ عام 1990م، لم تعد الدولة تسيطر على وسائل الإنتاج، حيث أعطت السلطة الحرية التامة للقطاع الخاص.تحظى زغرب بالمرتبة الأولى من حيث تركز الصناعة التي من أهمها الصناعات الكيميائية والنفطية والسفن والنسيج والفولاذ. وأهم الخامات المعدنية البوكسيت والفحم الحجري. وتنتج مزارع كرواتيا الذرة وفول الصويا والبطاطس والبنجر والطباق (التبغ) والقمح، فضلاً عن أصناف متعددة من الفاكهة والزيتون، كما تربى الماشية والدواجن والأغنام.
تضيف السياحة دخلاً وفيرًا لاقتصاد كرواتيا، بفضل المنتجعات المنتشرة في ساحل البحر الأدرياتيكي وفي جزيرة ربراتش، وهفاركرك، فضلاً عن المدينة التاريخية المسوَّرة دبروفنيك التي يؤمها السياح، إلا أن الحرب تسبَّبت في تضاؤل الحركة السياحية. وتأتي غالبية السياح من النمسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا.
وقدكانت كرواتيا تتمتع بشبكة جيدة من شرايين المواصلات الحديدية والبرية، إلا أن الحرب دمرت الكثير وحالت دون اتصال كرواتيا بالبوسنة والهرسك، كما هدمت الجسور على نهر سافا. وقد بدأت كرواتيا في إعادة بناء المرافق المدمرة بعد توقيع اتفاقية السلام عام 1995م. أهم الموانئ هي: دبروفنيك، وريجيكا، وسبليت، وأهم المطارات في زغرب وبولا وريجيكا.
نبذة تاريخية:
سكنت هذه البلاد قبائل سلافية منذ القرن السابع قبل الميلاد، ثم خضعت هذه القبائل لحكم شارلمان عام 803م، وهو قائد جرماني بسط نفوذه على معظم أقطار غربي أوروبا. وقد اعتنق الكروات النصرانية، وأسسوا مملكة فيما بين عامي 900 و 1000 م. واتحدت بعد ذلك كلٌ من كرواتيا والمجر لمدة ثمانية قرون في إطار مملكة واحدة استمرت حتى هزمها العثمانيون وقاموا بضمها إلى إمبراطوريتهم عام 1526م.بعد هزيمة الأتراك والنمسا والمجر في الحرب العالمية الأولى، اتحدت كرواتيا والبوسنة والجبل الأسود والصرب وسلوفينيا في دولة واحدة كانت السيادة فيها للصرب الذين أتخذوا بلغراد عاصمة لهم، مما تسبب في عدم الاستقرار السياسي، حتى بعد أن أُعطي الكروات نوعًا من الحكم الذاتي، وقد تغير اسم الدولة عام 1929م فصارت يوغوسلافيا.
عندما نشبت الحرب العالمية الثانية، اجتاح الألمان والإيطاليون أراضي يوغوسلافيا، إلا أن هذه الهزيمة تحوَّلت إلى نصر. تولَّى تيتو والحزب الشيوعي حكم يوغوسلافيا كدولة فيدرالية، ومع ذلك ظلَّ الكروات يطالبون بمزيد من الحرية، كما رفضوا الهيمنة الصربية للحكومة الفيدرالية. وبدأ الاتحاد في دور الانحلال بوفاة تيتو. وقد تدهورت العلاقات بين الصرب والكروات أثناء الثمانينيات من القرن العشرين، وانتهى الأمر باستقلال كرواتيا وسلوفينيا وخروجهما من الاتحاد عام 1991م.
وعلى أَثر ذلك، احتدم القتال بين قوات الصرب والكروات، وتدخل الجيش اليوغوسلافي لصالح الصرب. وفي غضون أشهر قليلة، فقدت كرواتيا ثلث أراضيها ونحو 40% من مؤسساتها الصناعية ومبانيها التاريخية، فضلاً عن عشرة آلاف من الضحايا. ومع أنَّ الأمم المتحدة قد تدخلت عام 1992م بقوات حفظ السلام، فقد استمر النزاع. وفي أبريل من ذلك العام، اتحدت الصرب والجبل الأسود فكوَّنتا يوغوسلافيا الجديدة، ويبدو أن في هذا اعترافًا ضمنيًا باستقلال كرواتيا. وفي الواقع، فإنَّ الدول الأعضاء في السوق الأوروبية والولايات المتحدة قد اعترفت باستقلال الكروات.
وفي عام 1994م توصلت حكومة البوسنة والهرسك المسلمة مع الكروات الكاثوليك إلى اتفاق وصلح يقضي تكوين دولة فيدرالية وذلك بمساع من الولايات المتحدة. وهكذا أصبحت يد مسلمي البوسنة طليقة لكي يكرسوا جهدهم لاستعادة بعض أراضيهم التي سلبها الصرب. وفي نوفمبر 1994م استطاع البوسنيون طرد الصرب من ثلاثمائة كيلو متر مربع في شمالي غرب جمهورية البوسنة، واستعادوا تلك الأراضي مما أحنق عليهم الصرب الذين طلبوا العون من روسيا التي تنتمي مثلهم إلى الجنس السلافي. وفي 26 مارس 1995م، توصلت الأطراف المتنازعة إلى اتفاقية دايتون بالولايات المتحدة، واستعادت كرواتيا بموجب هذه الاتفاقية منطقة سلافونيا، وهي منطقة غنية بالنفط تقع على الحدود مع صربيا. وبحلول عام 1998م كانت كرواتيا قد وحدت كل الأراضي التابعة لها خاصة تلك التي كان يسيطر عليها الصرب الكروات.
★ تَصَفح أيضًا: زغرب ؛ سبليت ؛ مستروفيك، إيفان ؛ يوغوسلافيا.