أنتاركتيكا هي القارة التي تغطي القطب الجنوبي، وهي تحاذي كلاً من المحيط الأطلسي الجنوبي والمحيط الهندي والمحيط الهادئ. |
تتبع أنتاركتيكا في الأصل للكتلة الأرضية التي تشمل إفريقيا وأستراليا والهند وأمريكا الجنوبية. ومنذ نحو 140 مليون سنة بدأ انكسار الأرض وتباعدها. وانجرفت الكتل المختلفة شيئًا فشيئًا لأماكنها الحالية. ومن ثمَّ أصبحت هذه القارة قارةً منفصلة.
ومنذ عدة ملايين من السنين، كانت أنتاركتيكا خالية من الثلج. ولقد عثر العلماء على أحافير لأشجار وديناصورات وثدييات صغيرة عاشت فيها. وبدأت تتكون أنهار الجليد منذ نحو 30 مليون سنة، ثم أخذت تتقدم ببطء على أجزاء من الأرض في مرحلة العصر الجليدي. ومع أن العصر الجليدي انتهى منذ نحو 10,000 سنة، إلا أن طبقات الجليد مازالت تغطي أنتاركتيكا وجرينلاند.
جبل إريبوس أنشط براكين أنتاركتيكا |
شرقي أنتاركتيكا، وتواجه المحيطين الأطلسي والهندي، وتُغطي أكثر من نصف القارة. وتتكون المنطقة من صخور يبلغ عمرها أكثر من 570 مليون سنة.
غربي أنتاركتيكا. وهي تحد المحيط الهادئ، ولا تحتوي في الغالب على أي من صخور شرقي أنتاركتيكا القديمة. فقد تكونت منطقة غربي أنتاركتيكا فيما بعدكجزء من الحلقة النارية، وهي سلسلة من البراكين تطوق المحيط الهادئ.
أما شبه جزيرة أنتاركتيكا فهي منطقة جبلية تمثل امتدادًا لسلسلة جبال الأنديز بأمريكا الجنوبية.
المناطق الخالية من الثلوج يطلق عليها الأودية الجافة، وتظهر حيث تنحسر المثالج، وتحول الرياح دون تجمع الجليد. يرقد حوالي 98 % من القارة تحت الثلوج والجليد. |
تطفو كتل عريضة مسطحة من الغطاء الجليدي فوق العديد من خلجان أنتاركتيكا وقنواتها. وحينما تتكسر الأطراف الخارجية للغطاء الجليدي في الصيف، تتكوّن جبال جليدية مسطحة وغاطسة. ولقد قدّر العلماء سطح الجبال الجليدية الغاطسة بنحو 13,000كم².
الحياة على أنتركتيكا |
يمتد شتاء أنتاركتيكا من مايو إلى أغسطس، بينما يمتد فصل الصيف من ديسمبر إلى فبراير. وتتراوح درجة الحرارة في يوليو ما بين -40°م و -70°م بالداخل، وما بين -15° و -30°م على ساحل شبه الجزيرة. وتتراوح درجة الحرارة في يناير ما بين -15°م و -35°م بالداخل و10°م على الساحل. وقد تبلغ الحرارة بالجزر الشمالية 10°م أيضًا. ويبلغ متوسط سرعة الرياح نحو 70كم/ساعة. وتصل العواصف إلى الساحل بسرعة تبلغ نحو 190كم/ساعة.
الحياة الحيوانية في أنتاركتيكا: تعج سواحل أنتاركتيكا بحيوانات كثيرة، إلا أن الجزء الداخلي القاسي من القارة لا يمكن لغير الحيوانات الدقيقة العيش فيه. توجد طيور وفقمات على السواحل وفي الجزر القريبة منها وتهاجر إليها الحيتان في موسم الصيف. ولكثير من هذه الحيوانات طبقات إضافية من الشحوم لكي تحافظ على دفئها في الجو البارد الجليدي. |
ويهاجر العديد من أنواع الحيتان إلى أنتاركتيكا مثل الحوت الأزرق، والحوت المزعنف، والحوت الأحدب في فصل الصيف. ويُعدّ الحوت الأزرق أضخم حيوان في الكرة الأرضية. وتعيش في أنتاركتيكا أنواع عديدة من الفقمات. وهي تقضي معظم أوقاتها في الماء، وتتخذ مأواها على السواحل.
وقد قام الصيادون، خلال القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشـرين بصيـد الحيتـان وفقمـات الفـراء بأعـداد كبيرة. أما اليـوم، فإنّ القوانـين الدوليـة الخاصـة بحماية الحياة الفـطرية تحظـر أو تحدّ من قتل تـلك الحيوانات.
تُعدّ طيور البطريق أكثر الحيوانات ارتباطًا بأنتاركتيكا. فهي لا تستطيع الطيران، ولكنها تستطيع السباحة بمهارة في مياه المحيط.
ويقضي أكثر من 40 من أنواع الطيور القادرة على الطيران الصيف في أنتاركتيكا. ويبني العديد من تلك الأنواع الأعشاش على الأرض، ولكنها تقضي معظم الوقت في الغوص في المياه بحثًا عن الطعام.
توجد أغلب المعادن في أنتاركتيكا بكميات قليلة جدًا لدرجة يصعب معها استخراجها بكفاءة. وتعوق جبال الجليد الغاطسة، والأمواج العاتية، والرياح القوية أعمال الحفر في البحر. وتجرى الأبحاث للاستفادة من الغطاء الجليدي كمصدر للمياه العذبة. فقد يأتي يوم تُسحب فيه الجبال الجليدية إلى الأراضي الصحراوية.
السباق المثير نحو القطب الجنوبي |
وصول المستكشفين اللى القطب الجنوبي |
بدأ البحار الإنجليزي جيمس كوك سنة 1772م، رحلته بحثًا عن القارة الجنوبية. وفي يناير 1773م، عبر الدائرة القطبية الجنوبية عند دائرة عرض 66° جنوبًا. وبعد مرور عام، وصل كوك إلى أقصى الجنوب عند دائرة عرض 71° جنوبًا تقريبًا. وفي عام 1819م اكتشف البريطاني وليم سميث جزر شتلاند الجنوبية. وفي عام 1823م أبحر البريطاني جيمس وديل جنوبًا بحثًا عن الصيد، حتى وصل إلى دائرة عرض 74° جنوبًا.
في عام 1831م، أعتُبر أحد صائدي الحيتان الإنجليز ويدعى جون بيسكوي أول من وطئت قدماه شرقي أنتاركتيكا.
تم أول اكتشاف لأراضي أنتاركتيكا الداخلية في الفترة ما بين عامي 1901م إلى 1904م. ففي عام 1902م قاد روبرت فالكون سكوت (من البحرية البريطانية) فريقًا من المكتشفين والعلماء إلى بحر روس.
وفي عامي 1946م و 1947م تولى بيرد قيادة أكبر عملية كشف للبحرية الأمريكية لاكتشاف أنتاركتيكا تقوم بها دولة واحدة. وقد أرسلت فرقة تتكون من 4700رجل، و13سفينة و 23 طائرة وطائرة مروحيّة إلى أنتاركتيكا. وقد اكتشف أعضاء البعثة الكشفية أراضي جديدة تتضمن 26 جزيرة، والتقطوا صورًا لنحو 2300كم لسواحل لم تكن مكتشفة.
وفي العام نفسه قاد فين رون حملة اكتشافية جوية أمريكية خاصة إلى غربي أنتاركتيكا إلى أن اكتشف مساحات من بحر وِديل.
اكتشاف أنتاركتيكا توضح الخريطة خط سير البعثات الاستكشافية الرئيسية في مناطق أنتاركتيكا. وقد شوهدت القارة لأول مرة سنة 1820م، وبدأت الاكتشافات الداخلية للقارة خلال القرن العشرين. |
في العام الدولي للجيوفيزياء أقامت 12 دولة أكثر من 50 محطة علمية في أنتاركتيكا والجزر المحيطة بها. فأقامت الولايات المتحدة محطة عند القطب الجنوبي، بالإضافة إلى خمس محطات ساحلية ومحطة أخرى داخلية. وأقام الاتحاد السوفييتي (سابقًا) محطة تقع بعيدًا عن كل السواحل.
تناولت أبحاث العام الدولي للجيوفيزياء بعض الموضوعات مثل الزلازل والجاذبية والمغنطيسية والمحيطات والنشاط الشمسي. وحدد علماء الأرصاد الجوية الضغط الجوي والرطوبة ودرجة الحرارة واتجاه الريح، وأعدّوا الخرائط الجوية الأولى لأنتاركتيكا.
المطالبات الاقليمية لأنتاركتيكا. تطالب سبع دول بمناطق واقعة في أنتاركتيكا. تبين الخريطة حدود تلك المناطق التي يتشابك بعضها مع البعض الآخر، وتعيّن الخريطة كذلك مراكز الأبحاث الرئيسية الواقعة على القارة مع أسماء البلدان التي تقوم بإجراء تلك الأبحاث. |
وفي العام الدولي للجيوفيزياء، ترأس الجيولوجي البريطاني فيفيان فوتشس أول عبور لأراضي القارة. وعمل الاتحاد الدولي على تنظيم الحملة التي غطت 3,473 كم.
وفي عام 1959م وقّعت 12 دولة معاهدة القطب الجنوبي. وتحثُّ هذه المعاهدة ـ التي بدأ سريانها عام 1961م ـ الناس ليستخدموا أنتاركتيكا للأغراض السلمية فقط، مثل الكشوف والأبحاث. ويتحتم على العلماء تبادل المعرفة التي يتوصلون إليها نتيجة هذه الأبحاث. كما تحظر المعاهدة القوات العسكرية من الدخول في أنتاركتيكا، عدا تلك القوات التي تساعد الحملات العلمية. كما أنها تمنع استخدام الأسلحة النووية والتخلص من النفايات المشعة في أنتاركتيكا.
ومنذ سريان هذه المعاهدة، جهزت عدة دول أخرى برامج علمية في أنتاركتيكا وألحقت بالمعاهدة. كما أضاف الأعضاء قوانين لحماية نباتات وحيوانات تلك القارة.
محطة ماكموردو قاعدة أبحاث تابعة للولايات المتحدة على جزيرة روس، بها أكبر مجمّع في أنتاركتيكا. يعيش نحو 1,000 شخص هناك في الشهور الدافئة. وتحتفظ بعض الدول الأخرى بمراكز أبحاث في أنتاركتيكا. |
باحث عند القطب الجنوبي يتفحص المعلومات القادمة من المقراب (التلسكوب). ويمكِّن جو أنتاركتيكا غير الملوث العلماء من الحصول على صورة واضحة للسماء. تظهر قبة محطة أموندسن- سكوت في القطب الجنوبي في خلفية الصورة. |
ويُوجد في محطة ماكموردو أكبر تجمع للعلماء الأمريكيين في أنتاركتيكا، ويعيش هناك 1000 من العلماء، والطيارين وآخرين من الاختصاصيين في كل صيف. ويبقى فيها أقل من 200 شخص في الشتاء. وتُجمِّع محطة مائية مياه البحر في مضيق ماكموردو وتقوم بتحليتها. وتشق سفن قوية تُسمّى كاسحات الجليد طريقها وهي تحمل الناس والإمدادات. وللمحطة أيضًا ممرات هبوط للطائرات، ومهبط للمروحيات.
تتعدد الأنشطة الصيفية في أنتاركتيكا حيث يجمع الجيولوجيون الصخور من الوديان الجافة الخالية من الجليد من جبال ترانسأنتاركتيكا. وتراقب الأبحاث سلوك الحيوانات، في البحر وعلى السواحل. ويحّد الشتاء من الأنشطة باستثناء تسجيل أحوال المناخ ودراسة الزلازل والإشعاع الشمسي. وتتناول الأبحاث المهمة طبقة الأوزون المكون من الأكسجين. وأكثر ما يتركز الأوزون في الطبقة الجوية التي يتراوح ارتفاعها ما بين 22 و 30 كم. وتقوم هذه الطبقة بحماية الكائنات الحية من بعض أشعة الشمس الضارة. وفي أواسط الثمانينيات من القرن العشرين، اكتشف العلماء أن طبقة الأوزون فوق قطب القارة الجنوبي يقل سُمكها. وتُعد المركّبات الصناعية التي تُسمّى الكربون الفلوري السبب الرئيسي في ثقب الأوزون. ★ تَصَفح: الأوزون.
ويعتقد العديد من العلماء أن الأبحاث في قطب القارة الجنوبي تستطيع الإجابة عن أسئلة مهمة حول الأرض وحاضرها ومستقبلها. ويوافق كثير من الدول على أنّ معاهدة القطب الجنوبي مثال طيب للتعاون والسلام الدوليين. ولقد أعدّت مسودة للمعاهدة في عام 1991م، استهدفت وقف التعدين في السنوات الخمسين القادمة هناك.