يوبيل: اسم عبري معناه ((قرن الخروف، بوق)) ومعناها الأصلي النفخ بالبوق، لأنهم كانوا ينفخون بالأبواق يوم الكفارة في سنة اليوبيل، وهي السنة التي تلي أسبوع الأسابيع أي سنة الخمسين. وفي هذه السنة كان يعود الأشخاص والعائلات والعشائر إلى حالتهم الأصلية. فكان يحرر العبيد العبرانيو الأصل، حتى الذين كانت قد ثقبت آذانهم، وترد جميع الرهائن والأراضي إلى أصحابها الأصليين، ما عدا البيوت في المدن المسورة (لا 25: 8-17 و 23-55و 27: 17-25 و عد 36: 4). وكان اليوبيل تاج النظام السبتي. وكانت السبوت لراحة الإنسان وتنمية الأحاسيس الروحية. وكانت السنين السبتية لراحة الأرض. وكان الوبيل لراحة الجمهور. ولكنه، على الأرجح، لم يمارس بالدقة والكيفية التي ذكر فيها في سفر اللاويين (لا 25: 8-17).
هو أحد الأعياد اليهودية طويلة المدى والتي جاء الحديث عنها في سفر اللاويين أصحاح 25 " ومعنى كلمة "يوبيل" في الأصل صوت البوق أو هتاف الفرح، وتطلق مجازاً أيضاً على البوق نفسه أو قرن الكبش الذي كان يبوق فيه . وقد دُعيت السنة الخمسون "يوبيلا" لأنهم كانوا يعلنون عنها بالنفخ في الأبواق في جميع أنحاء البلاد ، وذلك في اليوم العاشر من الشهر السابع ( تشرين الأول ) أي في عيد الكفارة بعد الانتهاء من مراسيم العيد ومع أن عام اليوبيل كان يبدأ في اليوم العاشر ، إلا أن اليهود كانوا يستعدون من أول شهر تشرين لاستقبال اليوبيل . فكانوا يقضون العشرة أيام السابقة لليوبيل في فرح.
وقد ذُكر هذا العيد في عدة مواضع أخرى في الكتاب المقدس ، منها خر 34: 23، لا 27: 17 ، عدد 36: 4 ، وقد دُعى في حز46: 17 سنة العتق.
- وفي اليوبيل كان كل شئ يرد إلى أصله ، فالذين غبنوا أصحابهم في البيع والشراء كانوا يعوضونهم ، وأصحاب الديون كانوا يتركون الديون التي لهم . والعبيد كانوا يعتقون والحقول المباعة والمرهونة ترد إلى أصحابها الأصليين ، وكذلك البيوت إلا ما كان مبنياً داخل المدن التي لها أسوار . والأرض لا تزرع ولا تحصد في سنة اليوبيل (لا 25: 11).
- وبمجرد الانتهاء من مراسيم الكفارة كان الكهنة ينفخون تسع مرات في البوق من خيمة الاجتماع اعلاناً عن حلول سنة اليوبيل مساء اليوم العاشر . وفي نفس الوقت يهتف المكلفون بذلك في كل البلاد . ولأهمية العيد وشدة الفرحة بقدومه كان كل أفراد الشعب تقريباً يهتفون في الأبواق ، يهتف كل واحد تسع مرات بشارة بقدوم اليوبيل الذي يعني التحرير والإبراء ( التحرير من العبودية والإبراء من الديون) .
وكان يُعلن عنه بعد الانتهاء من مراسيم عيد الكفارة . وهو الذي تذلل فيه الشعب وأعلن عن توبته وفيه كفَّر رئيس الكهنة عنهم - وتبدأ الاحتفالات(4) ويتم الاحتفال باليوبيل كل خمسين سنة، "ثم تُعبّر بوق الهتاف في الشهر السابع، في عاشر الشهر في يوم الكفارة تُعبّرون البوق في جميع أرضكم وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها. تكون لكم يوبيلاً " (لا 25: 9-10)
أي أن اليوبيل اليهودي كان يتم كل خمسين سنة . وقد أخذت بهذا النظام الكنيسة الكاثوليكية، ثم في سنة 1300 أصدر البابا بونيفاس الثامن قراراً بأن يكون الاحتفال باليوبيل كل 100 عام . وهذه هي المناسبة الوحيدة في كل التاريخ التي كانت فيها سنة اليوبيل مرة كل مائة سنة . وبعد موت البابا بونيفاس جاء البابا كليمنت السادس وأصدر أمراً في عام 1343 أن يكون اليوبيل مرة كل 50 عاماً (5) ثم أمر البابا أريان السادس في سنة 1389 أن يُحتفل باليوبيل مرة كل ثلاث وثلاثين سنة تذكاراً لعمر المسيح. ثم جعله البابا بولس الثاني كل خمسة وعشرين سنة، وكان الاحتفال الأخير سنة 1975. إذن عندما يقول كاتب إنجيل برنابا أن اليوبيل الذي يأتي الآن - أي وقت كتابة هذا الإنجيل - كل مائة سنة فهذا يعني أنه كتب إنجيله بعد سنة 1300 م التي صدر فيها الأمر البابوي بالاحتفال باليوبيل كل 100عام.
و كثيراً ما نسمع باحتفالات تُقام هنا أو هناك من بلاد العالم بمناسبة مرورعدد سنوات معينة على إنشاء مدرسة أو مؤسسة أو شركة من الشركات، فهذه تحتفل بمرور خمس وعشرين سنة على إنشائها ويطلقون على هذه الذكرى باليوبيل الفضي وتلك بمرور خمسين سنة ويسمونها باليوبيل الذهبي وأخرى بمرور خمس وسبعين سنة يسمونها باليوبيل الماسي ، وهكذا تتجدد تلك اليوبيلات وتلك الاحتفالات بعد كل خمس وعشرين سنة . البعض منهم قد يصرح بمسمى اليوبيل والبعض الآخر يكتفي بذكر عدد السنوات . فما هو اليوبيل وما حقيقته ؟
يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : " اليوبيل عيد مأخوذ من اليهود وهو عيد نزول الوصايا العشر على موسى عليه السلام فوق جبل سيناء " عيد اليوبيل (ص : 13)
وقال رحمه الله في موضع آخر : " هذه لفظة يهودية ، جاءت في (( سفر اللاويين )) وهي تعني عندهم : الاحتفال بعد مضي خمسة وعشرين عاماً على كذا " معجم المناهي اللفظية (ص : 578)
ويقول القسيس روفائيل خوري : " كلمة : "يوبيل" آرامية الجذور وتعني قرن الكبش …. اعتاد الشعب اليهودي أن يحتفل كل (50) خمسين سنة، بطقوس دينية ذات معنى خاص … والإشارة إلى بدء الاحتفال كان النفخ في البوق المصنوع من قرن الكبش، وذلك لجمع الناس من كل صوب ولإعلامهم بأن هناك حدثاً هاماً يجب الاحتفال به.... وفي اللغة اللاتينية نجد الاصطلاحJUBILAEUM " " يعني الفرح والابتهاج في عيد " مقتبس من أحد مواقع النصارى على الشبكة.
ومع مرور الوقت انتقلت هذه العادة إلى النصارى فاستحسنوها وأدخلوها في كتابهم المقدس حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من عقيدتهم .
يقول روفائيل خوري : " للحصول على تحديد واضح لِحَدَث " اليوبيل " لا بدّ من اللجوء إلى الكتاب المقدس ( العهد القديم ) لأنه، أي العهد القديم، نّص على وجوب الاحتفال باليوبيل " المصدر السابق .
ويقول في موضع آخر : " لا غرو في أن اليوبيل هو وقفة مع الله الذي يريد الإنسان ابنا وسيّدا " المصدر السابق .
ومن موقع نصراني آخر جاء فيه ما نصه : " فاليوبيل هو وقفة في الحياة فيها يبتهج المسيحي لكونه ابن الله ولأنه ينتمي إلى عائلة كبيرة اسمها الكنيسة يعيش فيها حالة من التواصل والتداخل فيأخذ منها ويعطيها لأنه عضو من أعضائها " .
" لقد احتُفِل النصارى بأولِ بوبيل عام 1300 بأمر من البابا بونيفاس الثامن في مدينة روما، وشارك فيه الفنّان جيوتّو، وكان إقبال المؤمنين كبيراً جداً، ساد اليوبيلَ جوّ من الفرح والطمأنينة " المصدر السابق .
" ثم توالت بعد ذلك الاحتفالات حتى عام 1450 ومنه انطلقت فكرة الاحتفال باليوبيل كلّ خمسة وعشرين عاماً واستمرت هذه العادة حتى يومنا هذا " المصدر السابق
وفي ظل ما تمر به أمتنا المكلومة من ضعف وهوان وانهزامية وتبعية مقيتة سرت هذه العادة كغيرها إلى بلاد المسلمين وضربت بأطنابها؛ فلم يسلم منها بلد والله المستعان ، وصدق الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه حين قال : ( لَتتَّبعُنَّ سَنَنَ مَنْ كانَ قبلكم شبراً بشبرٍ ، وذراعاً بذراعٍ ، حتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تبعتموهُم ، قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ ، قال : فمن ) رواه البخاري ومسلم .
قال النووي رحمه الله : " والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم ، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات " شرح صحيح مسلم (9/25) نقلاً عن الموسوعة الشاملة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذا كله خرج منه-عليه الصلاة والسلام- مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله كما كان يخبر عما يفعله الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمات ، فعلم أن مشابهة هذه الأمة اليهود والنصارى وفارس والروم مما ذمه الله ورسوله " اقتضاء الصراط المستقيم (1/44) نقلاً عن الموسوعة الشاملة .
وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فَهُوَ مِنْهُم ) رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع (6149) .
قال ابن القيم رحمه الله : " والمقصود الأعظم ترك الأسباب التي تدعو إلى موافقتهم ومشابهتهم باطناً، والنبي سنّ لأمته ترك التشبه بهم بكل طريق وقال خالف هدينا هدي المشركين وعلى هذا الأصل أكثر من مئة دليل؛ حتى شرع لها في العبادات التي يحبها الله ورسوله تجنب مشابهتهم في مجرد الصورة " أحكام أهل الذمة (3/1286) نقلاً عن الموسوعة الشاملة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " قد بالغ صلى الله عليه و سلم في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وصفات الطاعات لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعاً من سائر أمورهم فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم كان أبعد لك عن أعمال أهل الجحيم " اقتضاء الصراط المستقيم (1/193) نقلاً عن الموسوعة الشاملة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤالاً هذا نصه :
" س : نسأل عن ظاهرة انتشرت في هذا الزمان ، وهي إقامة احتفال من بعض الناس على مرور خمس وعشرين سنة من ولادته ، وقد يسمى بـ : (العيد الفضي) أو (اليوبيل الفضي) ، وبعد مرور خمسين سنة كذلك ، ويسمى بالعيد الذهبي ، وبعد خمس وسبعين سنة عيد يسمى بالعيد الماسي وهكذا . ومثل هذا يقام أيضا على فتح بعض الأماكن مثل الإدارات أو الشركات أو المؤسسات لمرورها بمثل المجموعات الآنفة الذكر من السنين وهذه ظاهرة منتشرة . ونحن في هذا البلد الطاهر وفي رعاية حكومة التوحيد بصرها الله تعالى ، وعلماؤنا من أهل السنة والجماعة يحاربون البدعة تحت مظلة حكومة آل سعود . فضيلة الشيخ حفظكم الله أفتونا جزاكم خيرا ، هل هذه الاحتفالات سنة أم بدعة ؟ ونسألكم بالله الإجابة على هذا السؤال حتى نكون على بصيرة من أمرنا .
ج : لا تجوز إقامة الحفلات وتوزيع الهدايا وغيرها بمناسبة مرور سنين على ولادة الشخص ، أو فتح محل من المحلات ، أو مدرسة من المدارس ، أو أي مشروع من المشاريع ، لأن هذا من إحداث الأعياد البدعية في الإسلام ، ولأن فيه تشبها بالكفار في عمل مثل هذه الأشياء ، فالواجب ترك ذلك والتحذير منه " (الفتوى رقم :17779 جزء : 2 صفحة : 262 ) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : " الاحتفال باليوبيل على اختلاف مدده ، وعلى اختلاف أغراضه، هو احتفال بدعي في الدين، ومنازعة في أمر ربّ العالمين، وتشبه بالكافرين وتعظيم لحرماتهم " عيد اليوبيل (ص : 25) .
وختاماً أسأل الله عز وجل أن يعز دينه ويعلي كلمته وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
ومضة :
( حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه قال الوليد : وحدثني ثور ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير قال : لما فتحت قبرس وفرّق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض رأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي فقلت : يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله ؟ قال : ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره ؛ بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله عز وجل فصاروا إلى ما ترى ) أخرجه الإمام أحمد في كتابه الزهد (2/294) نقلاً عن الموسوعة الشاملة .
اليوبيل بمعناه العام هو ذكرى مرور عدد معين من السنوات علي حدث معين و يستخدم للاحتفال بمرور عدد من السنوات على ذكرى زواج او حدث وطني مهم او تأسيس نقابة و ينقسم اليوبيل من حيث عدد السنوات إلى عدة أنواع: