الرئيسيةبحث

وكالة الأنباء الأردنية بترا


وكالة الأنباء الأردنية "بترا" وكالة حكومية بالكامل وتمول من خزينة الدولة بنسبة 100% وهي المصدر الرسمي لأخبار ونشاطات وتصريحات المسؤولين. ومع أن "بترا" يفترض فيها أن تقوم بدور "ناطق" باسم الحكومة على أكمل وجه، وهي تفعل كل ما من شأنه يتبع...الترويج أو "الدعاية" للحكومة ومسوؤليها، إلا أنها من النادر أن تحصل من الحكومة على الأخبار الحقيقية البعيدة عن البرتوكول، إذ يفضل المسؤول الأردني منح هذه الأخبار لوكالات أو وسائل إعلام أجنبية. منذ مطلع العام الحالي ومع بدء الحديث عن قانون الصحافة والنشر 2004 الذي تضمن فقرة تنص على أن "تنظم شؤون وكالات الأنباء الأردنية الخاصة ووكالات الأنباء غير الأردنية بمقتضى أنظمة توضع لهذه الغاية"، يجري الحديث عن تطوير الوكالة. وبناء عليه أقر مجلس الوزراء نظام وكالة الأنباء الأردنية رقم (94) لسنة 2004، والذي بموجبه أصبحت الوكالة مرتبطة برئيس الوزراء كما استحدث مجلس وكالة الأنباء. تشريعات وأنظمة من أبرز ما تضمنه النظام بند ب من المادة الرابعة والذي ينص على "الإسهام في تعزيز المهنية الإعلامية والصحفية في المملكة ومتابعة تطويرها"، وبند ج: "مواكبة التطورات والمتغيرات المهنية والتقنية في مجال الاتصال والمعلومات". وتلخصت آلية تنفيذ ذلك في بند و: "تأهيل العاملين في الوكالة وتدريبهم"، وبند ز: "العمل على تعزيز الموارد المالية للوكالة وتنميتها من خلال تقديم وتسويق الخدمات الإخبارية والمصورة والفنية". مفاجأة النظام الجديد كانت في المادة الخامسة التي تنص على أن "تتمتع الوكالة في قيامها بمهامها بالاستقلالية في تقرير سياستها التحريرية وتضع لهذه الغاية وضمن القواعد المهنية، أسس ومعايير جمع الأخبار وتحريرها وتحليلها والتعليق عليها وبثها"، كذلك "تلتزم الوكالة في تقديمها لخدماتها الإخبارية والصحفية بالدقة والتوازن والمهنية واحترام التعددية وعرض مختلف الآراء والأفكار والتيارات والالتزام بحرية الرأي والتعبير، وعليها اتخاذ الإجراءات التي تكفل الالتزام بأخلاقيات المهنة والتقيد بميثاق الشرف الصحفي". مدير عام الوكالة فيصل الشبول يقول أن الوكالة ليست حكومية بل وطنية. "تمويل الحكومة لا يعني أنها تسيطر على الوكالة، لا يوجد أي تدخل حكومي أو غيره في عمل الوكالة". وهو ما يؤكده رئيس مجلس الوكالة سمير مطاوع، موضحا أن الوكالة جهاز حكومي يغطي نشاطات الحكومة ويوجهها إلى الأجهزة الإعلامية التي تبثها أو تنشرها. "لكنها ليست بهذا المعنى مقيدة، لا تنشر أو تبحث في أي شيء ليس له علاقة بالحكومة. فهي تغطي كافة الجهود والنشاطات التي تتم على أرض الأردن، السياسية والثقافية والعلمية والاقتصادية، أي حدث يستحق التغطية". "أعتقد أن النظام الخاص بالوكالة أعطاها استقلالية جيدة، يقول مطاوع، لكن ليست استقلالية كاملة. لا زالت الوكالة جزء من الأجهزة الحكومية، سواء على صعيد التوجيه، الموازنة، السياسة العامة للدولة، إلخ". فما الذي حققته "بترا" بعد شهور من بدء تنفيذ خطط التحديث والتطوير التجاري والمهني باتجاه استقلالها الإداري والمالي، كما نصت عليه القوانين والأنظمة؟ خطط ومشاريع تطوير البداية كانت بإنشاء مديرية الخدمات الإخبارية الخاصة والتسويق، التي تتولى بيع أخبار ومقابلات وصور خاصة بناء على طلب مسبق من قبل وسائل إعلام أخرى، في الغالب أجنبية ليس لها مراسلين في الأردن، كما توضح إيناس صويص من مديرية الخدمات. وتتضمن المديرية وحدة أفلام تلفزيونية (مخرجون، مصورون، منتجون،...) لإنتاج تقارير تلفزيونية وأفلام لا تتجاوز خمس دقائق. كذلك عقدت الوكالة عددا من دورات التدريب للعاملين فيها ضمن خطط "إعادة التأهيل"، في مجالي "الصحافة التحقيقية واستطلاعات الرأي"، إضافة إلى تطوير التغطية المتخصصة لدى الصحفيين في موضوعات مختلفة، سياسية وثقافية واقتصادية وغيرها. "هناك بحث شامل من الإدارات المختلفة للوكالة لتوسعة شبكة التسويق التي تشمل صحافة منفتحة"، يوضح مطاوع، "ليس من ناحية الحرية وإنما من ناحية استيعاب كافة التفاصيل التي تنتج عن قيام الصحفي بالبحث والاستقصاء". "الهدف من هذا التوسع والانفتاح أن نصل إلى مرحلة في المستقبل تغطي، على الأقل، الجانب الأكبر من نفقات الوكالة. نهدف إلى الوصول للخارج وتسويق الوكالة وجهدها وإنتاجها إلى مؤسسات أكثر من المؤسسات التقليدية التي تلتقطها الآن". يقول رئيس قسم الأخبار الخاصة في مديرية التسويق والخدمات الإخبارية، محمد الملكاوي: "انفتحنا على كافة الأطياف السياسية والاجتماعية في الأردن. لم يعد هناك خطوط حمراء أو ممنوعات، وبدأنا نتحرك باتجاه الأقاليم ونقل هموم المواطنين بأسلوب متزن نراعي فيه كافة الاعتبارات، وننقل الحقيقة كما هي حتى لو كان فيها نقد للحكومة". "لكننا نركز الآن على نوعية الأخبار وعلى طريقة صياغتها، بحيث نتمكن في المستقبل من بيعها في نشرة خاصة تقدمها الوكالة للمشتركين. سنبتعد الآن عن الأسلوب الرسمي أو البروتوكولي في التعامل مع الأخبار. سنتعامل بأسلوب وكالات الأنباء العالمية". في محاولة لرصد التغيير الذي أحدثته خطط ومشروعات الوكالة الطموحة على منتجها الإعلامي، قمنا بتتبع أخبار وتقارير الوكالة على مدار الأسبوع الماضي. بدا هناك نوع من التغيير على الأسلوب المعتاد لتقارير "بترا"، خصوصا في التحقيقات التي لاقت اهتماما أكبر من حيث النوع والكم. فمن التقارير الملفتة التي نشرتها "بترا" خلال الأسبوع تقرير حول المهربين وأساليب التهريب عبر الحدود الجنوبية، وآخر حول ظاهرة الأطفال المتسولين، وتقرير حول واقع مؤسسة الأيتام، إضافة إلى تقارير غطت أيام عمان المسرحية. امتازت هذه التقارير بأسلوب قصصي بعيد عن أسلوب الوكالة التقليدي الرسمي. إلا أن الطابع البروتوكولي الذي اتسمت به "بترا" لسنوات طويلة ما زال يغلب على الأخبار المحلية، وما زال هناك تركيز كبير على تصريحات ونشاطات المسؤولين الحكوميين. تغطية "بترا" لإطلاق تقرير التنمية البشرية العربية الثالث من عمان، كان مثالا واضحا على استمرار عمل الوكالة الدعائي غير الموضوعي. تضمن بضع سطور عن الخبر وما صرح به نائب رئيس الوزراء مروان المعشر، وبعض ما صرحت به الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومديرة المكتب الإقليمي للدول العربية، ريما خلف. في حين لم تتطرق الوكالة إلى أية معلومة وردت في تقرير التنمية حول واقع الحريات في الأردن. من تتبعنا لأخبار وكالة "بترا" خلال الأسبوع الفائت، وهو أسبوع حافل في الأردن، بدا جليا عدم قدرة الوكالة على اللحاق بمستوى الوكالات الأجنبية من حيث السرعة في التقاط الخبر وبثه أو من حيث الجرأة في نقل الحقائق كاملة كما هي. "الحرية لا تعني الانفلات، يقول رئيس مجلس الوكالة، "أي أن أذهب إلى حد الشطط في تغطية أي شيء حتى لو كان ذلك على حساب سمعة الناس، صورة جهاز أو مؤسسة، مكانة فريق من الناس. حدنا هو التزامنا بمسؤولية الكلمة لأن المسؤولية شيء مهم جدا. من هذا المنطلق لا أعتبر أننا مقيدون". ويشير المدير العام إلى أن الوكالة تتمتع بسقف حرية أعلى من بعض الصحف. "هناك بعض التقارير التي أعدتها الوكالة وقامت بعض الصحف باجتزاء بعضها، أي أنهم مارسوا رقابة على موادنا". لكن هل ستتمكن الوكالة من تخطي العقلية الإعلامية السائدة والعراقيل الحكومية التي تحدد عمل وسائل الإعلام المحلية؟ رئيس مجلس الوكالة يرى أن هذه الممارسات ليست نابعة من أية حكومة وإنما من أطراف أو أشخاص في هذه الحكومة. "يمكن أن أكون وزيرا في هذه الحكومة وأتخذ موقفا محافظا أو ليبراليا من الصحافة، هذا ينبع من موقفي الشخصي. لكن هذا لا يعني أن الحكومة اتخذت موقفا محافظا أو ليبراليا".