== مقدمة == : إن التحدث عن هذه النظريات لايدل على الأنبهار أو الأيمان بها, لكنه يدل على عظمة الفكر المصري القديم, الذي كان له دور في إخراج أولى الفلسفات الدينية, حيث أنعكس تأثيره بعد ذلك بقرون على الفكر الغربي القديم, بدئا من الأغريق ثم الرومان و هكذا.
فهرس |
تبدأ النظرية الأولى بمدينة أون (هليوبوليس), معقل عبادة رع إله الشمس, حيث نجد في البدء "نون" او الخواء كما يترجمه البعض, و هو كتلة لم تتشكل بعد و بداخله بذور الحياة الكامنة, يولد من "نون" الشمس "رع" بطريقة مجهولة, الذي يعلن نفسه حاكم الكون, لكن "نون" لا يتوقف دوره عند هذا الحد, لكنه يتوارى عند حدود العالم الحي مكوناً طاقة سلبية هائلة تهدد بإجتياح العالم, و تكون مقرأً دائماً للنفوس الضالة المعذبة, و الموتى الذين لم يحظوا بطقوس دينية مناسبة, أو الأطفال الذين ولدوا موتى.
عودة إلى عالم الأحياء فبعد تولي "رع" حكم الكون, يرسل أشعته الذهبية إلى الأرض, لتبدأ الأمواج التي تغطيها في الأنحسار, و تنزل الأشعة على أول تل من الرمال يظهر على سطح الأرض, لتتخذ الأشعة أبعاداً مادية مكونة حجر مرتفع عرف بأسم "بن بن" في مدينة أون, أصبح بعد ذلك محل تبجيل في مصر كلها لأنها مهد الخليقة, كانت تلك الأشعة تحمل المادة الألهية لرع التي أتحدت جنسياَ مع نفسها لتنجب الجيل الثاني من الألهة.
محمود عزب
كان الجيل الثاني مكوناً من زوجين من الألهة, هما الإله "شو" رب الجفاف أو الهواء في بعض الأراء و الألهة "تفنوت" ربة الرطوبة, و من اتحاد الجفاف و الرطوبة نتج عنه الجيل الثالث, زوجان أخران هما الإله "جب" رب الأرض و الألهة "نوت" ربة السماء, رزقت السماء و الأرض بأربعة أولاد مكونين الجيل الرابع وهم على التوالي "أوزوريس","إيزيس","ست"و"نفتيس".
مع بداية الجيل الرابع من الألهة, نجد أن الشر بدأ في الظهور على الأرض, بغيرة "ست" من أخيه "أوزوريس" و خاصا بعد إعلان الأخير ملكاً على مصر, يتم إغتياله بيد "ست" و تمزيق جسده و تفريق أشلائه على جميع مقاطعات مصر, لتبدأ "أيزيس" بمساعدة أختها "نفتيس" في رحلة تجميع أشلاء زوجها الحبيب "أوزوريس", التي وصلت رحلتها في البحث إلى بيبلوس في لبنان, بعد تجميع كافة الأشلاء يساعدها "أنوبيس" رب التحنيط و حارس العالم الأخر (الذي يقال أنه أبن غير شرعي "لأوزوريس" و "نفتيس") في تحنيط زوجها, و يعيد "رع" الحياة "لأوزوريس" لمدة يوم واحد لتنجب منه "أيزيس" ولدها "حورس", الذي تخبئه في مستنقعات الدلتا تحت رعاية الألهة "حتحور" البقرة المرضعة, ليشب بعدها و تبدأ الحرب بينه و بين عمه "ست" و ينتصر "حورس" الصقر, تتم محاكمة عادلة برئاسة جده الأله "جب", يحصل حورس على ملك مصر أما "أوزوريس" فينصب حاكماً لعالم الموتى.
أما عن خلق البشر فأن ال تقول بأن الأله "رع" فقد إحدى عينيه, و أرسل ولديه "شو"و"تفنوت" للبحث عنها, لما طال غيابهما أتخذ لنفسه واحدة أخرى, لكن العين الغائبة تعود لتجد ما حدث من تغيير, فتذرف الدموع "رموت" من شدة الغيظ فينتج عنها البشر "رمث", و لكن "رع" يقوم بترضية عينه تلك بتسليمها إلى الأله "تحوت" الإله الكاتب, ليرفعها للسماء لتضيء الليل ليكن بذلك مولد القمر, لكن عندما فقد "حورس عينه اليسرى في حربه مع عمه "ست" منحه "تحوت" تلك العين لتصبح النموذج الاسمى للتكامل البدني, لذلك أقتدى به بعد ذلك الفراعنة بوضع تمائم وقلادات و رسومات لتلك العين في الحياة و الموت.
بعد سنين تقوم ثورة للبشر ضد خالقهم "رع", الذي يقرر محوهم من على الارض فيرسل إليهم "حتحور" في صورة وحش هائل, وفي يوم واحد إفترست جزء كبير من البشر, لكن "رع" يشفق عليهم و يقرر أن يسكب الجعة خلال الليل على الارض التي أختلطت بماء النيل لتصبح كالدماء, أخذت "حتحور" تلعق هذا الشراب حتى ثملت و نامت, بذلك نجت البشرية لكن بعد أن خاب ظن "رع" فيها, حيث قرر الانسحاب إلى السماء فاستقر فوق بقرته السماوية التي يرفعها الأله "شو", و سلم إدارة الأرض للأله "تحوت" و الرموز الملكية إلى الأله "جب", وتم الفصل نهائيا بين البشر والألهة, و بدأ من هنا حكم الفراعنة الذين تختارهم الألهة ممثلين عنها في الأرض و شركاء في السماء, و مع الجزء الثاني قريبا في نظرية الأشمونين و منف.
نظرية إله النهر
لعل جفاف النهر او انهماره ورهبان المعابد كلاهما ساعدا بتكوين اسطورة خرافية تسمى بـ(إله النهر)، في زمن طغا فيه الخيال على العلم الصرف، حتى وصل إلى تزويج (إله النهر)بأجمل فتاة بكر.. تزين وتعد طوال حياتها لهذا المصير، وهي راضيه مقتنعة بأنها المحظوظة التى غمرها (إله النهر) بهذه البركة. وهذه الفتاة تظل بقاربها المزين بالنقوش والورود.. والقارب يبتعد بها عن اليابسة إلى وسط النهر فلا ترى الجموع التي كانت تودعها،لكن الواقع الذي تكتشفه لاحقًا أنها لن تكون زوجة لإله بل هي اختيرت لاحد الكهنة الذى يستقبلها هو واعوانة على الطرف الاخر من النهر لتكون حظية.. أو ربما تغرق قبل أن تصل اليهم.
كتاب تاريخ مصر القديمة بقلم نيقولا جريمال ترجمة ماهر جويجاتي