منذ ان وصل يلتسين الي السلطة في روسيا، تعطلت رموز الدولة السوفياتية السابقة. وبقت الدولة الروسية بلا رموز، اي بلا علم ولا نشيد وطني ولا شعار. حتي ان الرياضيين الروس لم يحملوا تلك الرموز في المباريات الدولية. ومنذ رحيل يلتسين شرع بوتين بالبحث مع قادة الكتل البرلمانية بغية حل معضلة رموز الدولة الروسية وتم الاتفاق علي صناعة هذه الرموز من جديد. واستقر الرأي علي ان العلم الروسي سيكون نفس علم روسيا القيصرية. وان الشعار الروسي سيكون نفس شعار روسيا القيصرية. اما النشيد الوطني فقد اعيدت صياغته من جديد وتمت مساومة عليها بين الاطراف، كما بقت موسيقي اليكسندروف لهذا النشيد كما كانت في العهد السوفياتي. واتفق الجميع علي ان يكون علم الجيش الروسي هو علم الانتصار علي الفاشية، اي العلم السوفياتي. بينما اقر جعل علم الاسطول البحري الحربي الروسي في العهد القيصري علما للاسطول الحالي.
غير ان المهم هو كلمات النشيد الوطني الجديد. فقد اختفت منه كلمات حزب لينين يقودنا الي النصر وظهرت فيه لاول مرة كلمة الله وهو عموما معتدل وقد وافق عليه الجميع، وهذا مهم، واما اعتراض اليمين واليمين اليهودي فلم تكن مهمة في الميزان. وقد جاء في المقطع الاول من النشيد الوطني الروسي الجديد والذي صاغه الشاعر سيرغي ميخالكوف المشارك في وضع النشيد الوطني السوفياتي والذي تخطي التسعين من العمر وتزوج قبل سنتين، جاء في المقطع الاول;
روسيا ــ دولتنا المقدسة روسيا ــ بلادنا الحبيبة تملكين ارادة جبارة وقوة عظمي مدي الازمان
لكن هل توجد دولة مقدسة؟ راجعنا قاموس الموسوعي الروسي المعروف اوجيغوف عن الدولة فجاء فيه: ان كلمة ديرجافا تعني الدولة. وتعني ايضا كرة ذهبية فوقها صليب ومثبتة بعصا مطلية بالذهب يمسكها القيصر كمن يمسك زمام الامور . غير ان المقصود هو الدولة وليس الكرة الذهبية وتعني الدولة في روسيا ــ الكيان ككل، اي كينونة روسيا، ويعتز الروس بدولتهم ويعتبرونها رمزا وطنيا وقوميا وتاريخيا هاما وليست اداة قمع بايدي الحكام والاغنياء كما كانوا يقولون في الحقبة السوفياتية. واحتفظ النشيد الجديد بمقطع سوفياتي وهو يردد بعد قراءة كل مقطع من المقاطع الجديدة وهو:
مجدا لوطن الآباء الحر صداقة الشعوب حصن منيع كلمة الشعب الباقية تقودنا من نصر لنصر
واذ يصف النشيد الجديد روسيا يقول باعتزاز:
تمتد غاباتنا وحقولنا من بحار الجنوب الي ناحية القطب انت الوحيدة في المعمورة، هكذا انت يا ارضنا العزيزة يحميك الله
بعد ذلك يتحدث النشيد عن الامال والاحلام والمستقبل فيقول:
الاعوام القادمة تكشف امامنا آفاق الحلم والحياة الواسعة ايماننا بوطن الاباء يمنحنا القوة هكذا كنا وهكذا نحن وهكذا الي الابد
وبذلك تكون روسيا قد امتلكت نشيدها وعلمها وشعارها بعد غياب دام عشرة اعوام. ووافق الحزب الشيوعي الروسي المعارض علي هذا النشيد وغيره من رموز الدولة الروسية. وهكذا فقد جمعت هذه الرموز بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتغنت بابعاد الماضي والحاضر المعيش والمستقبل وآفاق الحلم والحياة. ومهما يكن فان الرموز قد اكتملت لكن معظم الناس ينشد الخبز والعمل والحياة الآمنة الخالية من المآسي والفوضي والاجرام والبطالة والغلاء.