نجيب ميخائيل محفوظ، من أبناء المنصورة، ولد في الخامس من يناير عام 1882 م ليلتحق بمدرسة قصر العيني الطبية في عام 1898 م حيث تلقى تعليمه وتدريبه على أيدي الأساتذة الأوروبيون، وفي شهر يونيو من عام 1902 م - وهو وقت التخرج المنتظر لنجيب محفوظ من قصر العيني – كانت مصر على موعد مع وباء الكوليرا القاتل وهو ما أجل موعد تخرج نجيب محفوظ والذي كان على موعد هو الآخر مع أولى بطولاته الطبية !
تم تجنيد طلبة الطب المصريين للمساهمة في مكافحة الوباء وكان الدور الموكل لنجيب محفوظ هو الكشف عن الحالات الواردة إلى القاهرة من خلال محطة السكة الحديد الرئيسية، ولكن نجيب محفوظ طلب نقل خدمته إلى أشد مناطق الوباء وهي قرية ( موشا ) الواقعة بجوار أسيوط وتمت الموافقة على طلبه ليسافر محفوظ إلى موشا وينجح فيما فشل فيه أساطين الصحة العامة الإنجليز بعد أن قام بتعقب حالات الكوليرا واكتشاف المصدر الرئيس وهو بئر ملوث داخل منزل أحد الفلاحين
ويتخرج نجيب محفوظ من مدرسة قصر العيني الطبية في العام 1902 م لينهي فترة تكليفه في أحد مستشفيات السويس في العام 1904 م ويتم تعيينه كطبيب تخدير في قصر العيني
ولكن نجيب محفوظ يقوم بتدشين عيادة خارجية لأمراض النساء والولادة وسرعان ما تحقق العيادة نجاحاً مذهلاً فيتم إضافة عنبرين كاملين إليها ويشرف نجيب محفوظ على إجراء الولادات المتعسرة في العيادة وفي منازل المواطنين ويصل عدد حالات الولادة المتعسرة التي أجراها في منازل المواطنين إلى ما يفوق الألفي حالة والجدير بالذكر أن نجيب محفوظ خلال فترة الدراسة بالكلية لم يحضر سوى عملية ولادة واحدة انتهت بوفاة الأم والجنين معاً، والجدير أيضاً بالذكر هو أن أحد الولادات المتعسرة التي أجراها نجيب محفوظ في العام 1911 م أسفرت عن ولادة طفل حمل نفس اسم الطبيب وهو أديبنا العالمي الراحل ( نجيب محفوظ ) !
ويستمر مشوار النجاح لنجيب محفوظ الذي ترقى لدرجة أستاذ أمراض النساء والولادة في العام 1929 م وظل يشغل هذا المنصب حتى بلوغه سن التقاعد عام 1942 م ويتم مد خدمته لخمس سنوات إضافية بناءاً على طلب زملاءه وتلاميذه بالقسم وخلال مشواره يحقق نجيب محفوظ شهرة عالمية في جراحات إصلاح الناسور المهبلي بأنواعه المختلفة ليتم عرض عملياته في مستشفيات لندن وأكسفورد وإدنبره وجنوا ولوزان ويفد إلى قصر العيني جراحو أوروبا لمشاهدة هذا النوع من العمليات
ويقوم نجيب باشا محفوظ بتأسيس وحدة صحة الأم لأول مرة في مصر وكذلك وحدة رعاية الحوامل ووحدة صحة الطفل، ويقوم بتأسيس مدرسة متكاملة للقابلات وإصدار كتابين ظلا مرجعاً أساسياً للقابلات واللائي قد تخرج منهن ما يفوق الألف في خلال فترة 30 سنة قام فيها نجيب محفوظ بالتدريس لهن وإعدادهن لإجراء الولادات في المنازل
ولا ينسى نجيب محفوظ طلاب العلم فيقوم في العام 1930 م بتأسيس متحف نجيب محفوظ لعينات النساء والولادة والذي حوى أكثر من 3000 عينة قيمة تم جمعها من عمليات محفوظ . ويقوم بإصدار أطلس ومجموعة من الكتب على مستوى عالمي وبعدة لغات .
وليس من المستغرب ان يحصل نجيب محفوظ على عدد كبير من الأوسمة وأن يتم تكريمه في العديد من المحافل ونذكر في هذا المجال ما يلي :
1919 : حصل على وسام النيل
1935 : تم اختياره عضواً شرفياً في الكلية الملكية لأطباء النساء والولادة بانجلترا ليكون واحداً من خمسة حظوا بهذا الشرف على مستوى العالم
1937 : اختير عضواً شرفياً في الكلية الملكية للأطباء بانجلترا وفي الأكاديمية الطبية بنيويورك كما حصل على لقب ( باشا ) من مصر
1943 : تم اختياره عضواً شرفياً بالكلية الملكية للجراحين بانجلترا ونظراً لظروف الحرب العالمية الثانية تم تحويل اللقب إلى نجيب باشا في مصر لعدم توفر المواصلات إلى لندن، والجدير بالذكر أن نفس الشرف تم منحه في نفس الوقت للسير ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا والشخصية الصينية البارزة شيانج كاي شك
1947 : تم اختياره عضواً شرفياً في الجمعية الملكية الطبية بانجلترا والتي قامت أيضاً بمنح ميداليتها الذهبية لمكتشف الإنسولين السير ألكسندر فلمنج وفي نفس العام حصل محفوظ على العضوية الشرفية للجمعية الملكية لأطباء النساء والتوليد بإدنبره
1951 : جائزة الملك فاروق للعلوم الطبية
1956 : قامت الكلية الملكية لأطباء النساء والولادة بانجلترا بدعوة محفوظ لإلقاء محاضرة ( فلتشر شاو ) التذكارية وهو شرف لم يمنح إلا لأعضاء الكلية الذين قدموا إسهامات بحثية نوعية في مجال طب النساء والولادة ونظراً للإقبال الهائل مع السعة المحدودة للقاعة تم نقل المحاضرة إلى الجمعية الملكية الطبية في لندن !
1960 : قام الرئيس جمال عبد الناصر بإهداء محفوظ وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بالإضافة إلى جائزة الدولة التقديرية في العلوم
وتم أيضاً تكريم محفوظ في عهد الرئيس أنور السادات
وقد رزق الله محفوظ أربعة بنات وولد واحد أنجبتهم زوجته السيدة فايقة عزمي التي تزوجها في عام 1911 م ، وتوفى نجيب باشا في الخامس والعشرين من يوليو عام 1974 عن عمر يناهز الإثنين وتسعين عاماً
المصادر : موقع الرازي الطبي (قسم أعلام الطب)