ميناء جدة الإسلامي يقع في مدينة جدة في منتصف ساحل البحر الأحمر. أكبر ميناء في المملكة العربية السعودية. أنشئ ميناء جدة في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان سنة 26هـ / 646 م ليحل محل ميناء الشعيبة (الناصر 1980:155). ويرى البعض أن جدة ميناء قديم يعود تاريخه إلى الفترة السابقة للإسلام ( الأنصاري ، عبد القدوس 1982: 77 - 88 ). ازدهرت جدة وازدادت عمارتها لتصبح الميناء الرئيس لمكة المكرمة ، مما اهلها لأن تصبح أعظم موانئ الحجاز ، فضلا عن قربها من الموانئ اللجنوبية لشبة الجزيرة العربية لا سيما عدن ، وتوسطها بين الموانئ الحجازية ، وكذا قربها من ميناء سواكن وعيذاب .و لقد تضافرت كل هذه العوامل لتجعل ميناء جدة يستقطب تجارة البحر الأحمر لقرون عدة (باقاسي 1980 :65 ). يصف المقدسي جدة في القرن الرابع الهجري بأنها مدينة على البحر محصنة عامرة آهلة (المقدسي 1408 : 81 ) .أما في عهد ناصر خسرو الذي وفد إليها حاجاً في منتصف القرن الخامس الهجري فقد كانت كثيرة الخيرات ، مزدهر بالتجاة ، باسقة العمران . و وصف أسواقها بأنها نظيفة وجيدة ، وقدر عدد سكانها بنحو خمسة آلاف نسمة ( خسرو 1403 :135 ) . وفي القرن السادس تبدل الحال في جدة ، إذ يصفها الرحالة ابن جبير بأن أهلها يعيشون في شظف من العيش ، فبعد التجارة المزدهرة والنعيم المقيم رضوا بأن يستخدموا أنفسهم في كل مهنة لتحصيل لقمة العيش. وكان ذلك أمراً طبيعياً للحالة العامة التي يعيشها العالم الإسلامي في ظل الحروب الصليبية ، واضطراب الحكم بين السلاجقة والأيوبيين . وبعد قرن من الزمان تقريباً يخبرنا مؤرخ عربي آخر وهو ابن المجاور بأن شيئاً من الازدهار قد صادف جدة في عهده. ( الأنصاري, عبدالقدوس 1982 : 77 - 88 ). وفي العصر المملوكي بسط المماليك نفوذهم على جدة لتأمين طرق التجارة والحج ، وحماية الحرمين ، وعين السلطان المملوكي حاكماً عاماً لجدة أطلق عليه ((نائب جدة » يطل مقر إقامته على الميناء ليشرف على حركته. ( المعبدي 1993 :60 ). ورغبة من السلاطين المماليك في تشجيع التجار على استخدام ميناء جدة اتخذوا إجراءات عدة ، منها : تخفيض الرسوم الجمركية ، ومنع تجار مصر والشام من النزول في ميناء عدن ، ومضاعفة الرسوم الجمركية على التجار الذين يمرون على عدن قبل قدومهم إلى ميناء جدة ( المعبدي 1993 : 70 ). وفي القرن التاسع للهجرة داهم العالم الإسلامي خطر جديد وهو الغزو البرتغالي. وكانت جدة بطبيعة الحال هدفاً لطموح البرتغال بوصفها أحد مراكز العالم الإسلامي التجارية المرموقة ، مما دفع السلطان قانصوه الغوري حاكم مصر والشام والحجاز ، إلى المبادرة بإقامة سور محصن على جدة زوده بالقلاع والأبراج والموانع الضادة للسفن الحربية ، واستعدت جدة ومعها مكة للدفاع عن ثغر الحجاز الأول ، لكن الغزو المنتظر تأخر ثلث قرن من الزمان ؛ إذ تم بناء السور عام 915هـ وحصل الغزو عام 948هـ في عهد العثمانين ، حينما دفع البرتغاليون بحملتهم البحرية من الهند صوب جدة ، وأدى السور مهمته في الدفاع عنها ( الأنصاري, عبدالقدوس 1982 : 88-89 ).