الرئيسيةبحث

منظور لوني

المنظور اللوني هو تمثيل الأجسام المرئية على سطح منبسط (اللوحة)، لا كما هي في الواقع ولكن كما تبدو لعين الناظر في وضع معين وعلى بعد معين من خلال زوايا رؤية مختلفة.

إن المنظور كما تراه عين الإنسان هو ظاهرة بصرية تدخل في تعريفها عوامل فيزيولوجية وضوئية فعندما ينظر الإنسان إلى جسم ما تتكون لديه صورتان لهذا الجسم تتطابقان لتعطيان صورة واحدة فيها ذلك الإحساس الذي يساعد على تقدير العمق.

وقالو في الفن :"هو تلك الدهشة التي تعتريك وتسيطر عليك عند رؤيتك منظرا طبيعيا أخاذا تراه لأول مرة". فعندما تستيقظ في الصباح الباكر وتنظر إلى شروق الشمس ترى الألوان وقد تداخلت مع بعضها وكأنها رسمت بألوان مائية ابتدعتها ريشة فنان، إلا ان هذه اللوحة الجميلة هي من صنع الخالق سبحانه وتعالى. وعندما تنظر إلى أشعة الشمس تخترق الجبال والأشجار ترى كلما اقتربت من هذه اللوحة أنها تبدأ بالوضوح وتكثر التفاصيل فالشجر البعيد على سبيل المثال ألوانة متداخلة وليس فيه تفاصيل لكن الشجر القريب إلى نظرك تشاهد تفاصيله ودقة الوانه. من هنا ندرك أهمية أشعة الشمس في تحليل الألوان وذالك من خلال تحليل حزمة ضوئية بواسطة منشور زجاجي حيث ينتج منه ألوان الطيف السبعة، وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. فإذا خلطنا جميع هذه الألوان فينتج لنا اللون الابيض وغياب الضوء يعني اللون الأسود، فالجسم الأبيض يعكس جميع الألوان للعين والجسم الأسود يمتص جميع الألوان. وتقسم الألوان إلى قسمين:

  1. الألوان الدافئة، وهي التي تشعرك بالدفء عند النظر إليها، مثل الأحمر ومشتقاته، والأصفر ومشتقاته.
  2. الألوان الباردة، وهي التي توحي للبرودة والارتياح، وهي الأزرق ودرجاته، والأخضر ودرجاته.

لتقسيم الألوان دور من حيث الإيحاء بالدفء أو البرودة أثر كبير في المنظور اللوني، فالألوان لها دور في الإحساس بالعمق ولها دلالة على الإحساس بالبعد الثالث في العمل الفني على الرغم من أنها تعدو ان تكون مسطحا ذا بعدين. تقع العين على الألوان الدافئة قبل الألوان الباردة، إذ أن الألوان الحارة موجتها أطول من الألوان الباردة، وهي تبدو متقدمة والألوان الباردة تبدو متأخرة.

وحتى عندما تنظر إلى الطبيعة وخاصة في فصل الربيع، فإننا نرى الزهور الحمراء والصفراء تقع في مقدمة الصورة والألوان الزرقاء والخضراء تشكل أرضية للألوان الحارة مما يساعد على تأكيد العمق .

وعندما نوزع مجموعة من الألوان في مساحة ما نستطيع تمييز اللون في البعد القريب، فاللون الأصفر تحسه العين ويظهر على بعده الحقيقي، في حين أن ألوان الأخضر والأزرق تظهر مبتعدة، أي تظهر وكأنها متراجعة إلى الوراء، أما الأحمر فيبدو أقرب إلى النظر من المسافة الحقيقية وهذا ما يعرف بـالتأثير المنظوريِ للألوان.

المنظور اللوني من حيث شدة اللون

إن شدة اللون هي درجة تشعبه ولها الأثر الكبير في عملية المنظور اللوني وعلاقته بالأحاسيس بمدى بعد أو قرب هذا اللون عن المشاهد، فعند النظر إلى الطبيعة ذات المدى البعيد نجد أن طبقات الجو تتكاثف وتؤدي دورًا في عمل ضبابية بين الأشكال والألوان والعين وتصبح درجة تشبع هذه الألوان قليلة كلما ابتعدت تلك الألوان عن العين واقتربت من اللون الرمادي المزرق الذي يشبه لون السماء. والنتيجة أن الألوان التي تكون مشبعة تبدو واضحة وتظهر قريبة من المشاهد العين عكس الألوان التي تكون أكثر شحوبا من الأشياء القريبة، واللون الأخضر المختلط مع اللون الرمادي يظهر على الأشجار البعيدة جدا وتبدو التفاصيل غير واضحة نتيجة وجود الضبابية الجوية المكونة من الضباب والغبار.

المنظور اللوني والخداع البصري

الخداع البصري
الخداع البصري

لقد عالج الفنان الأشكال الهندسية المجردة والمنظمة بطريقة تجعل العين تشعر بأن هذه الأشكال غير مستقرة في مكانها وتتحرك فعلاً وهذا يرجع إلى النظرية العلمية التي تتصل بالإدراك البصري أو الخداع البصري وهذا الشيء لا يتحقق إلا بتشابه صفات الأشكال الأرضية من حيث قوة اللون والتباين الشديد بأن تكون المساحات متساوية فيحدث للإدراك نوع من التذبذب أو الحركة وتشعر العين بأن الأشكال تتحرك، أي تخدع بالقريب والبعيد. وللون دور كبير في خداع البصر، وهذا التصرف اللوني قد بدأ مع الفنان (فكتور فاز ريلي) وأصبح أسلوبا خاصا به، ثم شاع أسلوبًا فنيًا.