الرئيسيةبحث

مكتبة شخصية

حينما تنفذ الكتب إلي كل بيت عربي وتحتل مكانها في كل ركن من أركانه ستنتشر المعرفة، وتشيع روح الصداقة والألفة بين أفراد الأسرة فالكتب صداقات ممتازة وصداقات مختارة تلتقي عندها الأفكار، وتدور حولها المناقشات وإنها لنعمة كبري لهؤلاء الذين وهبوا نعمة القراءة.

والكتب أداة قيمة لإحكام الصلة بيننا وبين تيارات الفكر الحديث والقديم، وليس منا من ينكر فضل المكتبات الشخصية وأهميتها لدى مالكيها والمحيطين بهم من الأهل والأصدقاء والأقارب حيث إنها تعمل على التدعيم المهني والتخصصي لأصحابها وإثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية لهم وتعكس مدى تقدم ورقى المجتمع وميول واتجاهات القراءة في المجتمع وقد تؤول في النهاية إلى إحدى مؤسسات المجتمع مما تؤدى إلى فائدة عظيمة له حيث لا يستطيع الإنسان الاستغناء عن الكتب الموجودة بمكتبته الشخصية التي تعالج موضوعاته المحببة وتعينه على أعماله ومشروعاته وتحل له مشاكله وتثقفه.

من هنا نجد أن المكتبة الشخصية ضرورة من ضرورات هذا العالم حيث لا نستطيع إنكار أهميتها تجاه مالكيها والمحيطين بهم من الأهل والأقارب لأنها تعمل على التدعيم المهني والتخصصي لأصحابها وتعكس ميول واتجاهات القراءة في المجتمع.

وعلى الرغم من أن المكتبات الشخصية يمتلكها أفراد، فقد أدى بعضها دورا مهما في إثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية لأصحابها والمحيطين بهم فثقفت كثيرا منهم ثقافة ذاتية منظمة جعلتهم في مصاف المتخصصين وأبرز مثل لذلك هو ( المرحوم مصطفى صادق الرافعى ) الذي أصيب بالصمم فعكف على مكتبة والده حتى خرج منها وهو يقف في صفوف المتخصصين في علوم اللغة والأدب .

والمكتبة الشخصية تعتبر من أهم أنواع المكتبات لأن وجودها في المنزل يخلق جوا ثقافيا لأفراد المنزل وهى تعمل على غرس حب القراءة في أفراد المنزل ولذلك فهي تستحق منا الاهتمام الدائم لأنها من الضروريات اللازمة لكل منزل فنجد من الناس من يمتلك في منازلهم غرفا كاملة يخصصونها للكتب ومنهم أيضا من يحتفظ بالكتب في غرفة بسيطة أما الذين لا تسمح ظروفهم بتخصيص غرفة للكتب فيحاولون إيجاد مكان لها في أي زاوية من المنزل وصفوف الكتب في أي غرفة علي اختلاف ألوانها وأحجامها تثير في النفس شعورا بالارتياح و لذلك فنجد أن المنزل الذي يحوى ضمن ردهاته غرفة للمكتبة الشخصية فهو المنزل الأمثل الذي يفخر به المجتمع ويكون رمزا لتقدم الأمة ورقى المجتمع.

والمكتبة الشخصية ليست مجرد مجموعه من [أوعية المعلومات ]توضع في المنزل أو مكتب فرد ما، ولا تستخدم فتصبح مجرد ديكور بالمنزل أو شيئا مكملا لزينة المنزل أو مكتب صاحبها، وإنما أهم شيء في المكتبة الشخصية – سواء أكانت مفهرسة أو لا، منظمة بطريق من طرق الترتيب المعروفة أو منظمة بطريقة يبتدعها صاحبها – هو الاستخدام من جانب صاحب المكتبة أو من جانب أصدقائه وأقاربه .

فهرس

مفهوم المكتبات الشخصية

هناك عدة تعريفات للمكتبات الشخصية وسوف نأتي فيما يلي على أهم تلك التعريفات:

( فقد عرف هارود ) المكتبة الشخصية بأنها" المكتبة التي يمتلكها الفرد وكذلك يمتلكها فئات من الناس أو النادى أو مؤسسة أخرى حيث العامة ليس لهم الحق في الدخول إليها" .

فالتعريف السابق يبين أن المكتبة الشخصية هي التي يمتلكها الفرد وهذا ما سوف أتناوله في هذه الرسالة أما التي يمتلكها فئات من الناس مثل النادي أو المؤسسة فلا تدخل ضمن نطاق الرسالة وكذلك يؤكد التعريف على أن من صفات المكتبة الشخصية أنها غير مفتوحة للعامة وهذا ما يميزها عن المكتبات الأخرى.

وقد عرف ( سيد حسب الله، أحمد محمد الشامي ) المكتبات الشخصية بأنها "مكتبة خاصة. مكتبة يمتلكها الفرد. تطلق كذلك على المكتبة التي تملكها جمعية أو نادى والتي لا يستخدمها غير الأعضاء ولا تموّل بأموال عامة" .وهذا التعريف مترجم من تعريف "هارود" للمكتبات الشخصية ولكن زادا عليه بان المكتبة الشخصية تمول بأموال خاصة أي بأموال صاحبها حيث أنه يقوم بتزويدها بالكتب عن طريق الشراء .

أما تعريف الدكتور شعبان خليفة للمكتبات الشخصية بأنها "مكتبة الفرد ، يقيمها في منزله أو مكتبه أو صالونه ، وتتلون عادة بلون اهتماماته ورغباته وظروفه الشخصيـة " .وهذا التعريف يركز على أن المكتبة الشخصية توجد في منزل الشخص أو مكتبه أو صالونه وإن مجموعات المكتبة الشخصية لفرد ما تتغير على حسب تخصص الشخص وميوله واهتماماته .

ومن تلك التعريفات تخلص الباحثة إلى التعريف الإجرائي التالي الخاص بالمكتبات الشخصية موضوع الدراسة :" إن المكتبة الشخصية هي التي ينشئها الأفراد في منازلهم أو مكاتبهم لخدمة أغراضهم الشخصية ولخدمة المحيطين بهم من الأهل والأصدقاء وتظل في حوزتهم في مكان إقامتهم أو مكاتبهم ولا تؤول بعد وفاة أصحابها إلى أي مكتبة رسمية وإنما تؤول إلى الورثة ومجموعاتها تدور في نطاق تخصص أصحابها واحتياجاتهم واهتماماتهم الشخصية ".

المقصود بصاحب المكتبة الشخصية

وطالما أن المكتبة الشخصية هي مكتبة تخص فردا ما يطلق عليه اسم صاحب المكتبة الشخصية فقد لزم تعريفه وهناك تعريفات كثيرة له، ولكننا سوف نذكر أهم تلك التعريفات:

فقد عرفه ( هارود، وسيد حسب الله، احمد محمد الشامي ) هو "الشخص الذي يشترى الكتب بانتظام في مجال معين من مجالات المعرفة أو في فرع من فروع الببليوجرافيا التاريخية " . وترى الباحثة أن ( صاحب المكتبة الشخصية) هو " الشخص الذي يشترى ويجمع الكتب بطرق مختلفة بانتظام في مجال تخصصه أو في موضوعات اهتمامه لخدمة أغراضه الشخصية ولخدمة عمله ولخدمة المحيطين به من الأهل والأصدقاء ".

وأصحاب المكتبات الشخصية أي الذين يجمعون الكتب في مكتباتهم الشخصية على ثلاثة مستويات :

الجامع العادي:[book collector] ، الجامع عاشق الكتب[bibliophile ]، الجامع مجنون الكتب :[bibliomaniac ].

والجامع العادي : book collector : هو الشخص الذي يشترى ويجمع الكتب بانتظام في مجال معين أي في مجال تخصصه أو في موضوعات اهتمامه وكذلك يُهدى من هذه الكتب .

وأما الجامع عاشق الكتب : bibliophile : فهو الشخص الذي يحب الكتب يشترى ويجمع ويهدى ويستهدى الكتب وكذلك يعرف كيف يميز بين الجيد و الرديء منها وسبب جمعه للكتب هو الحب المخلص لها.

وأما الجامع مجنون الكتب : bibliomaniac : فهو الشخص الذي يشترى ويجمع ويسرق ويبيع كل ما لديه من أجل الكتب أي يجمع الكتب بأي طريقه ممكنة مهما كانت لا يهمه الوسيلة التي يجمع بها الكتب وإنما يهمه الكتب لديه سواء كانت جيدة أم رديئة حتى إنه من الممكن أن يحرم نفسه من أدنى (أهم )الضروريات في سبيل شراء كتاب يسد به حاجته الفكرية وقد يكون جمعه لهذه الكتب بغرض التباهي أو المنافسة أو بغرض الحب الشديد للكتب أو للقراءة وقد يستخدم بعض من الببليومانيين الكتب كقطع للأثاث المنزلي أو كأدوات تنفع في صنع أي شئ أو حتى للمضغ والأكل والالتهام ، ولا ينبغي أن يوصم كل محب للكتب بأنه ببليومانى فالكثيرون منهم يدفعهم الولاء للعمل والمعرفة إلى اقتناء وحب الكتب . ولكن علينا ألا ننسى أنه مهما كانت الأسباب والدوافع ومهما بلغ انتقاد الناس لهم، تظل هناك حقيقة ثابتة هي أن أولئك المنحرفين قد أسهموا بقسط وافر في ازدهار المعرفة، فقد خرج من بين صفوفهم بعض علماء الكتب، كما تعلمنا منهم العناية بالكتب وأساليب صيانتها. ولا ريب في أنهم أفادوا أجيالا عديدة من المشتغلين بالمكتبات في ابتكار الوسائل المختلفة للحصول على الكتب والأهم من ذلك كله أن أولئك الذين وهبوا أحاسيسهم وأفكارهم وأموالهم وجهودهم للكتب قد أعطوا للقراءة قيمة ومعنى باعتبارها الوظيفة الأولى للإنسان المتحضر

أهمية المكتبات الشخصية

تبرز أهمية المكتبات الشخصية تجاه مالكيها والمحيطين بهم من الأهل والأصدقاء في التدعيم المهني والتخصصي لأصحابها وإثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية لهم وكذلك تعكس مدى تقدم ورقى المجتمع وتوضح ميول واتجاهات القراءة في المجتمع.

وتبرز أهميتها كذلك في أن ( صاحبها ) يحاول أن يبنى مجموعة متوازنة من أوعية المعلومات حول موضوعات اهتمامه وتخصصه وذلك بطريقة أفضل مما تقوم به أي مكتبة رسمية أخرى ولأن هذا النوع من المكتبات لا يخدم الجمهور العام ولكنه يخدم صاحبه فقط فإن مجموعات المكتبة الشخصية يمكن أن تبنى إلى درجة الكمال في مجالات معينة وتتم صيانتها والعناية الفائقة بها عن المجموعات الموجودة في أي مكتبة رسمية أخرى ، كما أن المكتبة الشخصية عادة ما تكون بعيدة عن التخريب والتدمير الذي تتعرض له مجموعات المكتبات الرسمية كما أنها بمنأى عن سوء الاستخدام الذي تتعرض له مجموعات المكتبات الرسمية .

وللمكتبة الشخصية أهمية عظيمة حيث أنها قد تؤول في النهاية إلى المجتمع إما عن طريق صاحب المكتبة نفسه عندما يهبها لمكتبة معينة أو للمجتمع أو بعد وفاته يقوم الورثة ببيعها أو إهدائها لمكتبة معينة أو للمجتمع ، وكذلك قد نجد أن بعض المكتبات الرسمية الكبرى قد أقيمت على أساس من المكتبات الشخصية .

إن الشخص يترك مدرسته أو معهده أو كليته في يوم من الأيام فينقطع عن مدرسته كما ينقطع عن مكتبة معهده أو مدرسته أو كليته ، لابد من توفير وسيلة الاتصال بموضوعات تخصصه والاتصال بالوسائل التي تبنى الثقافة ، والمكتبة الشخصية تؤدى دورا عظيما في تحقيق هذا الاتصال .

مشكلات خاصة بوجود المكتبات الشخصية

القراءة هي مفتاح المعرفة لأنها الطريق الذي يمدنا بالمعلومات عما يقع في الكون من أحداث وما يدور في البيئة من وقائع وما وصلت إليه العقول من خبرات، وهى إلى جانب ذلك متعة تعين على ملء أوقات الفراغ بنشاط مثمر رشيد ولا شك انه لا يوجد بين أغراض التربية غرض أبعد أثرا وأكثر فائدة من توجيه الأطفال إلى الكتب حتى ينشأ بينهم وبين الكتب منذ حداثتهم جو من الصداقة والألفة السعيدة، ومعظم أبنائنا سواء في أثناء حياتهم المدرسية أو حياتهم المهنية لا يحبون القراءة ولا يرغبون في البحث والإطلاع وذلك لقلة العناية بغرس عادة القراءة فيهم منذ الصغر وتركيز الاهتمام في المدارس على الكتب المدرسية، ويضاف إلى ذلك حقيقة أخرى وهى قلة عناية البيت المصري بالقراءة فقلما نرى بيتا يعنى بتخصيص ميزانية لتكوين مكتبة منزلية، وقلما نرى والدا أو والدة يخصص وقتا للقراءة، وفى هذا الوسط يشب الطفل ضيق الأفق مقطوع الصلة بالكتب، زاهدا في القراءة والإطلاع.

ومهما بلغت إرادة الإنسان أو رغبته في بناء مكتبة شخصية فلن يستطيع أن يأمل في الحصول علي كل الكتب التي يرغبها أو يحتاج إليها . ولعل العوائق الرئيسية الثلاثة في عصرنا هذا وهي ضيق المساحة وقلة المال المخصص للشراء وصعوبة الحصول علي بعض الكتب أدوا أن المنزل الحديث يبني ونادرا ما يوجد به مساحة كافية للرفوف أو الدواليب الداخلة في الجدران وتسع مكتبة شخصية من أي حجم.

إعداد

حمدان محارب ( مكتبة الجامعة- جامعة الأقصى - خان يونس)

المصادر

- للمزيد انظر : حمدان محارب.المكتبات الشخصية .- ط1.- جامعة الأقصى 2008.