الطائرة المقاتلة هي طائرة حربية لديها القدرة على الاشتباك القريب - بعيد المدى واعتراض طائرات العدو على ارتفاعات متفاوتة وفي ظروف متفاوتة، كذلك أيضاً من أهدافها اعتراض وإسقاط القاذفات المعادية المصممة للهجوم الأرضي.
يجب توفر شروط عسكرية بحد ذاتها في الطائرة لكي تصنف على انها مقاتلة منها خفة الوزن النسبية إضافة للسرعة العالية في الإنطلاق والتسلق كذلك التسلح بأسلحة مختلفة للإشتباك الجوي.
فهرس |
يعود تأريخ إبتكار المقاتلات إلى أوائل الحرب العالمية الأولى (1914-1918) حيث كانت المقاتلة مصنوعة من بدن خشبي خفيف ومجهزة برشاش خفيف ايضاً وكانت المعارك الجوية تجري على نطاق قريب وخفيف إذا جاز التعبير.
بعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها إنتبه القادة العسكريون إلى الدور المتنامي للمقاتلة وبات من الضروري تواجدها لدى أي قوة جوية حيث جرى العمل المضني والمتوالي عند القوى الصناعية العالمية التي كانت قد دخلت عصر المنافسة الصناعية وبدات تركز على التسلح وتطوير القدرات العسكرية كدول مثل الولايات المتدة - ألمانيا - بريطانيا - أيطاليا - اليابان - فرنسا - روسيا وغيرهم.
كانت الطائرات المقاتلة من الجيل التالي أكثر صلابة من ناحية تصميم البدن وأقوى تسليحاً وحلت محل المحركات الخفيفة المستخدمة في الحرب العالمية الأولى محركات مكبسية أكثر قوة وتطوراً وقدرة على الإرتفاع والمناورة بالطائرة والتسارع في الجو. تأريخياً يصنف العسكريون (او المؤرخون العسكريون) المقاتلات إلى أجيال معينة وسنة إعداد هذا المقال (2006) صنفت المقاتلة الامريكية F-35 Lighting البرق - صنفت على أنها من الجيل الخامس للمقاتلات.
بالعودة إلى تأريخ الصناعات العسكرية شهدت الحرب العالمية الثانية التي دارت رحاها على المسرح الأوربي نقلة نوعية في سلاح المقاتلات التي ألقيت عليها أعباء كبيرة وتحملت جزءاً كبيراً من الصراع الجوي بين القوى المتحاربة, فقد بنى الألمان مقاتلات متفوقة للغاية ورائعة الأداء كانت تكيل ضربات موجعة لقوات الحلفاء من قبيل (دورنير Dornier Do 17- فوك Focke-هنكل Heinkel)وكذلك المقاتلة الألمانية الشهيرة مسرشمت.
بينما انتج الحفاء بدورهم طائرات سلسلة طائرات مقاتلة منها الكورسير عند الولايات المتحدة وال سبتفاير عند بريطانيا.
واليوم تعد المقاتلة من العناصر الهامة والتي لا غنى للقوة الجوية الحديثة في العالم لتحقيق التفوق الجوي في ميدان الحرب. حيث أن التفوق الجوي (الذي توفره المقاتلات) كان ولا يزال عنصراً حاسماً في تحقيق النصر في أكثر الصراعات (التقليدية) بين الجيوش النظامية من فترة إنتهاء الحرب العالمية القانية ولغاية اليوم.
كان القتال الجوي الذي يجري بين مقاتلتين في حقبة الحرب العالمية الأولى عبارة عن اشتباكات خفيفة وقريبة المدى بين طائرتين من ذوات الجناح المزدوج المصنوعة من الخشب والورق المقوى والمزودة بمدفع رشاش مركب على احدى الجوانب أو بالقرب من كابينة الطيار أو المدفعي (في حالة الطائرة ذات المقدين) حيث كان يجري التعرف البصري من قبل الطيار او الطيار المساعد على الأهداف المعادية من القاتلات وطائرات الإستطلاع أوالقاذفات المعادية ومن ثم يجري الدخول في اشتباك بالمدفع الرشاش ويعتمد الأمر كله على مكر الطيار قائد الطائرة وعلى دهائه وخفه تنفيذه للحركات البهلوانية من أجل الإطباق على الطائرة المعادية وتوجيه سبطانة المدفع الرشاش اليها لإصابتها وإخراجها من المعركة.
وأحياناً كان الطيار يصيب بإطلاقاته ريش مروحة محرك طائرته لدى إشتداد القتال والإشتباك الجوي وفقدان القدرة على التركيز احياناً. وبما ان التعرّف إلى الأهداف كان بالنظر المجرد فقد دعت الحاجة في وقت لاحق إلى وسيلة ما لتميز الطائرات الصديقة عن تلك المعادية حيث لجأ الطيارون أول الأمر إلى دهن مقاتلاتهم بألوان مختلفة لتميزها عن العدو (انظر البارون الأحمر الطيار الألماني) ولاحقاً بدأت القوات الجوية في وضع علامة مميزة لها على جوانب بدن المقاتلة وعلى سطح الأجنحة حيث كانت البداية لرمز القوات الجوية (Airfoce Mark) التي تميّز القوات الجوية اليوم عن بعضها.
شهدت الفترة الفاصلة بين الحربين العالميتين تطورا بوتيرة بطيئة للطائرات المقاتلة حيث يمكن حصر أبرز نقاط التطور في تخلص المقاتلات من البدن الخشبي المقوى بالقماش حيث حلّ محلها هيكل من المعدن أكثر قوة وصلابة وتحسينات عامة على القوة الدافعة لمحركاتها وظهرت انطمة مبتكرة على المقاتلات من قبيل نظام تبريد درجة حرارة المحرك (الذي سوف يجد طريقه إلى طائرات الجيل التالي التي شاركت في الحرب العالمية الثانية) مما زاد من قدرة تحمل المحركات.
شكّل القتال الجوي (حرب المقاتلات) جزءاً هاماً من النزاع المسلح العالمي الذي نشب بين الفرقاء الأوربيين المتصارعين في عموم اوربا والمحيط الهادي.
توفر القدرة على الإستطلاع, إرهاق العدو بتوالي الغارات, وحرمان القوات الأرضية من التمتع بالحرية في بلوغ اهدافها كان من مباديء العقيدة العسكرية الألمانية. عدم تمكن الألمان من تحقيق التفوق الجوي بواسطة سلاح المقاتلات كان له أثر كبير في عدم التحمس الألماني في البدء لإجتياح بري للجزر البريطانية, أنظر عملية أسد البحر.
يمكن تلمس تأثير القوة الجوية وسلاح مقاتلات في الجملة التي كتبها في يومياته القائد الألماني رومل حيث كتب : "كل من يواجه القتال, حتى مع أكثر الأسلحة تطوراًضد عدو يتمتع بالتفوق الجوي, يشبه من يقاتل على طريقة الوحشيين ضد قوة نظامية, حتى بوجود نفس العوائق ونفس فرض النجاع.
الطائرات المقاتلة التي صنعت تأريخ الحرب العالمية الثانية كانت تجسّد حقبة التطور التقني في الثلاثينات من القرن العشرين, المحرّكات المكبسية تتابع عليها أعمال التطوير والتحسين بشكل مستمر حتى وصلت الصناعة الجوية في مجال المقاتلات إلى إنتاج المقاتلة الألمانية الشهير مسرشميت م 262 Messerschmitt Me 262 التي قاربت سرعتها 400 ميل/ساعة (600 كم/ساعة) التي قاربت فيما بعد سرعاتها كي تلامس سرعة الصوت في اواخر الحرب. بدت عقبات تخطي سرعة الصوت والتي كانت تتمثل بإنهيار بدن الطائرة وتمزيقها تحت وطأة الضغط الشديد بدت أقل شيئاً فشيئاً بسب التطور الثابت التي كانت تشهده المقاتلات.
بدء إنتاج الجيل الأول للمقاتلات التي تطير بواسطة محركات نفاثة فعلياً مع حلول أواخر الحرب العالمية الثانية والتي سبقت فيها ألمانيا النازية دول الحلفاء في هذا المضمار, وبمقاتلتها الشهيرة Messerschmitt (مسر شميدت) التي خرجت إلى الساحات القتال الجوي في فترة كانت ألمانيا تستكمل فصول انهيارها العسكري وبدأت تفقد أراضيها أمام جحافل قوات الحلفاء, أدهشت المسر شميدت صاحبة البدن الرفيع والمحركين النفاثين المثبتين أسفل جناحيها طياري الحلفاء الذين لم يكن بوسعهم الهروب أمام إنقضاضها المفاجيء على طائراتهم بسرعات مضاعفة من تلك التي كانت عليها طائراتهم المزودة بمحركات مكبسية, بالطبع كانت للمسر شكيدت عيوبها الكثيرة كطائرة كانت أول درجة من سلم المقاتلات النفاثة لكنها كانت تمثل نقطة تأريخ للمقاتلات النفاثة الأسرع من الصوت, استمر العمل والتطوير شيئاً فشيئاً خلال الحقبة التي نتحدث عنها والتي تنحصر بين الأعوام 1944 لغاية 1953.
كان الجيل الأول من المقاتلات النفاثة بعيدة للغاية عن الكمال والمثالية, حيث كان عمرها التشغيلي يقاس أحياناً بالساعات فقط ! وكانت المحركات صاحبة الضوضاء والصخب المرتفع في الأداء تتميز بضخامتها وثقلها وهشاشة بنيتها وكان التحكم بالسرعات وزيادتها وخفضها يجري بصورة بطيئة وغير امينة احياناً. هناك نقاط بحد ذاتها تميز التطور التقني للمقاتلات في هذه الحقبة ومنها إدخال تصميم الأجنحة القابلة للإزالة بسرعة من المقاتلة, إدخال نظام كرسي القذف للطيار المقاتل حينما يوشك على فقدان طائرته في القتال أو بسبب عطل فني.